خرج المحتجون إلى الشوارع في شتى بلدان العالم العربي في عام 2011 لدفع زعماء بلدانهم إلى وضع حد لعقود من القمع.
وغمرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجة من الاحتجاجات الشعبية للمطالبة بالإصلاح. وقد بدأت في تونس، ثم امتدت في غضون أسابيع إلى مصر والبحرين واليمن وسوريا.
وتمت إزاحة زعماء مستبدين حكموا بلدانهم ردحاً طويلاً من الزمن، ومن بينهم حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس.
وقد علَّق كثيرون آمالاً على “الربيع العربي” في أن يجلب معه حكومات جديدة من شأنها تحقيق الاصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية. بيد أن الواقع يحمل معه حروباً وأعمال عنف أكثر، وقمعاً أشد للذين يتجرأون على رفع أصواتهم من أجل مجتمع أكثر عدلاً وانفتاحاً.
في مرحلة ما قررنا التوقف عن الصمت، فاندلعت ثورتنا.
حسين غرير، ناشط في مجال حقوق الإنسان، سوريا.
“الربيع العربي”: الترتيب الزمني للأحداث
ما الذي حدث بعد ذلك؟
بعد مرور خمس سنوات نرى أن حقوق الإنسان تتعرض للاعتداء في سائر المنطقة. فقد قُتل مئات الآلاف من الناس، بينهم العديد من الأطفال، في أتون النـزاعات المسلحة التي لا تزال تضطرم في سوريا وليبيا واليمن. وقد نتج عن النـزاع في سوريا أضخم أزمة لاجئين في القرن الحادي والعشرين.
وفي البحرين يقبع خلف القضبان معظم نشطاء حقوق الإنسان والزعماء السياسيين.
نبيل رجب، داعية حقوق الإنسان، البحرين.
وفي سوريا ومصر والبحرين وغيرها من البلدان، تعمد الحكومات إلى الاعتداء على حرية الكلام بحبس نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والمنتقدين، وغالباً ما يكون ذلك باسم مكافحة الإرهاب. وعلاوةً على ذلك، لم يقدَّم إلى ساحة العدالة سوى عدد قليل من الأشخاص المسؤولين على أعمال العنف والقتل والتعذيب التي وقعت أثناء الاحتجاجات في عام 2011 وبعدها.
ما الذي ندعو إليه؟
معاً يجب أن نحث البلدان على وقف الاعتداء على المدنيين أثناء النـزاعات المسلحة. كما يتعين عليها وقف حبس الأشخاص بسبب انتقادهم الحكومات ليس إلا، وتقديم الأشخاص المسؤولين عن جرائم حقوق الإنسان إلى ساحة العدالة.
النظام في مصر يشن حرباً على الشباب الذين يتجرأون على الحلم بمستقبل مشرق لأنفسهم ولبلادهم.
عائلة الناشط السياسي المعتقل علاء عبدالفتاح، يونيو/حزيران 2015
ما بعد “الربيع العربي”: بلداً بلداً
تونس
“قصة النجاح” النسبية الوحيدة، بوضع دستور جديد وتحقيق قدر من العدالة على جرائم الماضي. ولكن حقوق الإنسان لا تزال تتعرض للاعتداء، وثمة حاجة ماسة إلى الإصلاحات.
مصرلا يزال هناك نشطاء سياسيون ومنتقدون للحكومة وآخرون عديدون يقبعون في السجون. وتتفشى ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وحُكم على مئات الأشخاص بالإعدام، وجرى زج عشرات الآلاف خلف القضبان بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات أو بسبب صلاتهم المزعومة بالمعارضة السياسية.
البحرينتقوم السلطات بإسكات المعارضة واستخدام القوة غير الضرورية واعتقال وسجن المحتجين وزعماء المعارضة السياسية وتعذيب المعتقلين.
ليبيا هناك العديد من النـزاعات المسلحة التي تجتاح هذا البلد الذي تضربه الانقسامات العميقة. وقد اقترفت جميع الأطراف جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
سوريا النـزاع المسلح الأكثر دموية في المنطقة، الذي انفجر رداً على القمع الوحشي للاحتجاجات الجماهيرية من قبل حكومة الرئيس بشار الأسد. وتُرتكب جرائم فظيعة على نطاق جماعي، ونزحَ قرابة نصف عدد السكان.
اليمنأدت الضربات الجوية التي شنَّها التحالف بقيادة السعودية وعمليات القصف التي نفذتها القوات الحوثية إلى مقتل ما يزيد على 2,500 مدني. ويصل بعض تلك الهجمات إلى حد جرائم الحرب.
“الربيع العربي”: بالأرقام
سوريا منذ “الربيع العربي”: 8 حقائق رئيسية
- قمعت حكومة بشار الأسد بوحشية احتجاجات جماعية بدأت في 15 مارس/آذار 2011. قاد العنف الذي تعاملت به السلطات مع المحتجين إلى اندلاع أسوأ نزاع مسلح تشهده المنطقة، وأدى إلى مقتل أكثر من 250000 شخص، حسب الأمم المتحدة.
- ومنذ ذلك التاريخ، اضطر أكثر من 11 مليون شخص إلى النزوح عن منازلهم،, بما في ذلك نحو 7 ملايين شخص في داخل سوريا، وأكثر من 4 ملايين خارج سوريا يعيشون حاليا لاجئين، معظمهم في تركيا، ولبنان، والأردن.
- تعرضت مناطق مدنية إلى عمليات قصف وتفجير مراراً وتكراراً على يد القوات الحكومية التي استخدمت أسلحة بطريقة عشوائية، بما في ذلك البراميل المتفجرة. وقصفت أيضاً مستشفيات، واستهدفت العاملين الطبيين فيها وضربت حصاراً طويلاً على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، الأمر الذي أدى إلى حرمان السكان من الطعام، والأدوية، وباقي الضروريات.
- اعتقل نحو 65000 شخص على يد أجهزة الأمن الحكومية ولا يزالوان في عداد المفقودين في شبكة من مراكز الاعتقال غير الرسمية، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان واحتجز آخرون لأنهم ساعدوا أشخاصا أرغموا على النزوح من منازلهم بسبب القتال، أو بسبب الحديث علنا عن الوضع في سوريا.
- لا تزال أجهزة الاستخبارات وقوات حكومية أخرى تستخدم التعذيب على نطاق واسع. قتل آلاف من الناس في مراكز الاحتجاز منذ عام 2011 بسبب التعذيب وعوامل أخرى، بما في ذلك قلة الطعام ومحدودية الفرص في الحصول على المواد الطبية وتلقي العلاج.
- قصف ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية مناطق مدنية وقتل عشرات من من المدنيين والسجناء.
- هاجمت مجموعات مسلحة أخرى بما فيها جبهة النصرة مناطق مدنية، واختطفت معارضين مشتبها بهم وقتلت أسرى لديها.
- قتلت الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية دعما لحكومة الأسد مئات من المدنيين، كما استهدفت مرافق طبية وأصابتها بأضرار.
سوريا منذ 2011: بالأرقام
اليمن بعد “الربيع العربي”: نظرة عامة
اندلعت احتجاجات ضخمة في اليمن في يناير/كانون الثاني 2011 عندما حاول الرئيس علي عبد الله صالح تغيير الدستور حتى يضمن البقاء في السلطة مدى الحياة. شهد البلد على مدى شهور اضطرابات سياسية إذ قتلت قوات الأمن خلالها مئات من المحتجين.
قتل في أحد الحوادث يوم 18 مارس/آذار 2011 الذي أصبح يعرف باسم “جمعة الكرامة” نحو 50 شخصا وجرح مئات آخرون في صعناء بعدما فتح مسلحون بمن فيهم قناصة اعتلوا قمم البنايات المحيطة بمكان الاحتجاج النيران على المتظاهرين السلميين.
أُرغِم الرئيس صالح على التنحي في فبراير/شباط 2012 بموجب عملية سياسية انتعشت خلالها الآمال بإجراء إصلاحات واسعة. لكن العملية السياسية انحرفت عن مسارها في سبتمبر/أيلول 2014 عندما دخل الحوثيون، وهم مجموعة مسلحة يتبع أعضاؤها المذهب الزيدي في الإسلام، صنعاء بمساعدة القوات الموالية لصالح.
وأُجبِر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، في نهاية المطاف، على التنحي في أوائل عام 2015. وفي مارس/آذار 2015، بدأ تحالف بقيادة السعودية، تشكل من عشر دول عربية على الأقل، غارات جوية ضد الحوثيين، ثم أرسل قوات برية إلى اليمن وفرض حصاراً جوياً وبحرياً عليها.
اقرأ المزيد: “اليمن: الحرب المنسية”
ارتكبت القوات المناوئة للحوثيين جرائم حرب وانتهاكات جسيمة أخرى. نفذ التحالف الذي تقوده السعودية غارات جوية عشوائية وغير متناسبة، مستهدفة المدنيين الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 2000 شخص. وهاجمت المجموعة المسلحة المسماة بالدولة الإسلامية مساجد شيعية، مما أدى إلى مقتل مدنيين.
وارتكبت القوات الحوثية أيضاً جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت قصفاً عشوائياً ضد أهداف مدنية، وهجمات على مستشفيات وكوادر طبية تعمل فيها، واستخدموا قوة مميتة ضد محتجين. واختطفوا وعذبوا أيضاً أشخاصاً معارضين لهم.
المكتسبات الوحيدة التي حققناها خلال الثورة هي حريتنا الفردية والجماعية. وهذه الحرية يتم تدميرها الآن باسم الإرهاب.
ناشط سياسي، تونس، ديسمبر/كانون الأول 2015.
ليبيا منذ “الربيع العربي”
قبل خمس سنوات، اندلعت في ليبيا ثورة سلمية في البداية لكنها انزلقت بسرعة إلى نزاع مسلح، بتدخل عسكري غربي انتهت في نهاية المطاف إلى مقتل العقيد معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011. فشلت الحكومات المتعاقبة في منع الميليشيات الليبية التي تشكلت حديثا من مقاتلين مناوئين للقذافي من ارتكاب جرائم جسيمة والتي لم تواجه أبداً العدالة بسببها. لا يزال البلد يعاني من انقسامات عميقة، وقد دخل في نزاع مسلح مرة أخرى منذ مايو/أيار 2014. إليكم سبع طرق تتعرض من خلالها حقوق الإنسان إلى هجمات في مختلف أنحاء البلد:
- ارتكبت جميع الأطراف جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ومن ضمنها هجمات عشوائية ومباشرة على مدنيين وممتلكاتهم.
- المجموعات المسلحة خارج نطاق سيطرة الحكومة. استولى ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية على بعض المناطق حيث نفذ عمليات قتل على شاكلة إعدامات علنية، وكان أحياناً يترك جثامين الضحايا ملقية في الأماكن العامة.
- مهاجرون ولاجئون يواجهون انتهاكات جسيمة. الكثير منهم يتعرضون للتعذيب، والاستغلال والاعتداء الجنسي سواء خلال تهريبهم من ليبيا باتجاه أوروبا أو في داخل ليبيا. حاول الآلاف مغادرة ليبيا وعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه أوروبا في مراكب غير صالحة للإبحار.
- يدفع المدنيون تكلفة النزاع والعنف الذي يعصف بالبلد. نحو 2.5 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات بما في ذلك الماء النقي، والصرف الصحي، والمواد الغذائية.
- حرية التعبير تحت الهجوم. تعرض صحفيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان وعاملون في منظمات غير حكومية إلى التهديد، والاختطاف، والاغتيال من قبل مجموعات مسلحة مختلفة. تعرضت محطات تلفزيون إلى التخريب، وإضرام النيران فيها وهجمات بقذائف هاون.
- تراجع في حقوق النساء. تعرضت ناشطات نسويات إلى الترهيب والتهديد.
- النظام القضائي لا يكاد يعمل. أغلقت المحاكم في بعض المدن أبوابها بسبب المخاطر المحيطة بعملها إذ تعرض قضاة ومحامون لهجمات واختطافات. آلاف من الناس الذين اتهموا بالولاء لنظام القذافي احتجزوا لسنوات بدون أن توجه إليهم تهم رسمية أو يحاكموا.
ليبيا بعد “الربيع العربي”: بالأرقام
البحرين بعد “الربيع العربي”
عندما اندلعت احتاجاجات واسعة النطاق في البحرين في 14 فبراير/شباط 2011 للمطالبة بالإصلاحات، تعاملت معها قوات الأمن بالعنف. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح البلد يعاني بشكل متزايد استقطاباً سياسياً، كما أن السلطات لجأت إلى معاقبة أولئك الذين تجرأوا على المجاهرة بآرائهم بشأن وضع حقوق الإنسان المأساوي الذي يشهده البلد.
لكن بعد مرور خمس سنوات، لا يزال شعب البحرين ينتظر تحقيق العدالة سواء بالنسبة إلى الانتهاكات الماضية أو الانتهاكات الحالية. يتصرف أفراد الأمن بدون أدنى خوف من التعرض للمساءلة عما يقومون به.
Amnesty International
وفي أعقاب هذه الاحتجاجات، أمر ملك البحرين بإنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي يرأسها خبراء دوليون مستقلون للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن. والتزم الملك على الملأ بتطبيق توصياتها، والتي تشمل الحاجة إلى مقاضاة أفراد الأمن المتورطين في التعذيب والانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان. لكن بعد مرور خمس سنوات، لا يزال شعب البحرين ينتظر تحقيق العدالة سواء بالنسبة إلى الانتهاكات الماضية أو الانتهاكات الحالية. يتصرف أفراد الأمن بدون أدنى خوف من التعرض للمساءلة عما يقومون به.
واصلت السلطات البحرينية قمع المعارضين، إذ تستهدف بشكل متزايد الأشخاص الذين يلجأون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد الحكومة. تتعامل قوات الأمن مع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش، بينما يتعرض آخرون للضرب أو الاعتقال أو السجن نتيجة لمحاكمات غير عادلة في الغالب. يتعرض الأشخاص الذين يواجهون محاكمات إلى التعذيب، كما يتعرض قادة المعارضة السياسية وهم من الأغلبية الشيعية إلى السجن.
المظالم في البحرين: أحكام منتقاة “من أجل جرائم” مختلفة
*منذ عام 2011، رفعت السلطات البحرينية قضايا ضد عدد من أفراد الأمن بسبب إطلاق النار على محتجين وإردائهم قتلى. في بعض القضايا، أُغلِقت التحقيقات من دون أن يتم مقاضاة أي شخص. بُرئ عدة أفراد من الأمن على أساس أنهم تصرفوا بدافع من “الدفاع عن النفس”، وعدد قليل منهم حُكِم عليهم بما يصل إلى عشرة سنوات. لكن هذه الأحكام خُفِّضت إلى ثلاث سنوات أو إلى ستة أشهر في مرحلة الاستئناف.
هل يمكننا الحديث عن الديمقراطية في بلد يُزج فيه الشخص في السجن لفترة طويلة بناء على أحكام مشددة لمجرد التعبير عن معتقداته؟
المدونة التونسية لينا بن مهني، التي تعرضت للتهديد والترهيب.
مصر بعد “الربيع العربي”: 7 حقائق رئيسية
1.عندما اندلعت “ثورة 25 يناير” في عام 2011، تعاملت معها قوات الأمن المصرية، بما فيها قوات مكافحة الشغب، وقناصة الأمن، وضباط أمن الدولة الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية، فضلا عن “البلطجية” الذين كانوا يعملون لصالح أنصار الرئيس السابق حسني مبارك، بالعنف. قتل 840 محتجاً على الأقل وجرح أكثر من 6000 آخر خلال 18 يوماً.
2. في يوليو/تموز 2013، دعم الجيش الانقلاب على محمد مرسي، أول رئيس منتخب في مصر، بعد نحو سنة من توليه منصبه. وشن حملة وحشية ضد منتقديه، بمن فيهم أنصار مرسي وأعضاء الإخوان المسلمين- وهي جماعة سياسية واجتماعية انتخب أنصارها في الرئاسة والبرلمان المصريين في عامي 2011 و2012. استمر القمع تحت سلطة اللواء عبد الفتاح السيسي. انتخب السيسي رئيسا لمصر في مايو/أيار 2014.
3. قتل نحو 1000 شخص يوم 14 أغسطس/آب 2013 في احتجاجات بميدان رابعة العدوية وفي مناطق أخرى من مصر، حسب الحكومة المصرية. يعتقد الكثير من الناس أن أعداد القتلى مرتفعة بكثير عن هذه الأرقام. لم تقم السلطات بالشيء الكافي للتحقيق في مقتل مئات من الأشخاص على يد قوات الأمن منذ عام 2013.
[الرئيس السيسي] امتدح الشباب في مصر، لكن الكثيرين منهم يقبعون في السجن.
أخ طالب معتقل يسمى محمود حسين قضى أكثر من 700 يوم في الاحتجاز بدون توجيه تهم له أو تقديمه إلى المحاكمة.
4. احتجزت قوات الأمن عشرات الآلاف من أنصار مرسي، وأعضاء الإخوان المسلمين، ومنتقدين آخرين للحكومة، والكثير منهم حتجزوا في مراكز اعتقال ضيقة وظروف قاسية. حكم على المئات من المعتقلين بعقوبة الإعدام، بمن فيهم الرئيس السابق، مرسي، أو بعقوبات طويلة في السجن إثر محاكمات جماعية غير عادلة.
5. تواصل السلطات قمعها لأنصار حرية التعبير والحق في الاجتماع والتجمع بطريقة سلمية. قُبِض على صحفيين ومنتقدين للحكومة عبر الإنترنت، ووضعوا في السجن. كما تعرضت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان للمضايقات.
6. سنت الحكومة المصرية قوانين قمعية جديدة، بما فيها قانون يمنع عمليا الاحتجاج. وهناك أيضاً قانون جديد لمكافحة الإرهاب يخول الرئيس صلاحيات على غرار قوانين الطوارئ “لاتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان النظام العام والأمن”، فضلاً عن فرض غرامات باهظة على الصحفيين الذين يغطون أحداث “الإرهاب” على نحو يخالف الرواية الرسمية للحكومة.
7. انتشر العنف في مختلف أرجاء البلد. في أكتوبر/تشرين الأول 2015، قتل أكثر من 200 مسافر بسبب انفجار طائرة روسية فوق أجواء سيناء؛ وقال الكثيرون إنها أسقطت نتيجة تفجير قنبلة زرعت فيها. قتل أيضاً في القاهرة النائب العام في مصر وقضاة في شمالي سيناء في هجمات تبنتها مجموعات مسلحة، الأمر الذي يهدد استقلال القضاء.
مصر بعد “ثورة 25 يناير”: بالأرقام
“الربيع العربي” في تونس: الجوانب الحسنة…
منذ انتفاضة عام 2011، المعروفة باسم “ثورة الياسمين”، يُنظر إلى التجربة التونسية على نطاق واسع على أنها تمثل قصة النجاح الوحيدة لاحتججات “الربيع العربي”، واتُخذ فيها عدد من الخطوات الرئيسية لدعم حقوق الإنسان.
فقد اعتمد التونسيون دستوراً جديداً يوفر الحماية للعديد من الحقوق الإنسانية المهمة، من قبيل حرية الكلام والاجتماع، ويحظر التعذيب. كما انتخبوا برلماناً ورئيساً جديدين. وازدهرت منظمات النشطاء والمنظمات غير الحكومية.
وحوكم بعض المسؤولين السابقين وسجُنوا بسبب أدوارهم في ردود الأفعال العنيفة على الاحتجاجات. كما أُنشات “لجنة الحقيقة والكرامة” للتصدي للجرائم التي اُرتكبت في ظل النظام السابق.
…والجوانب السيئة
على الرغم من التقدم المتواضع الذي تم إحرازه، فإن الأوضاع لا تزال هشة، فقد قُبض على مئات الأشخاص في أعقاب الهجمات المميتة التي أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عنها. ويخشى العديد من الأشخاص أن تكون السلطات قد أساءت استخدام تدابير الطوارىء.
أقرَّت الحكومة قانوناً قمعياً لمكافحة الإرهاب، يمكن بموجبه اعتقال الأشخاص بدون تُهم أو السماح لهم بتوكيل محامين أو بالاتصال بالعالم الخارجي، الأمر الذي يجعلهم عرضة لخطر التعذيب أكثر من ذي قبل.
لقد شهدنا حالة “يوفوريا ثورية” لبضعة أشهر… ولكنها لم تدمْ طويلاً.
المدوِّنة التونسية لينا بن مهني
وعلاوةً على ذلك، لم تُتخذ إجراءات تُذكر من أجل إصلاح قوات الأمن التي لا تزال تستخدم التعذيب والقوة المفرطة ضد الأشخاص خلال الاحتجاجات. ولم يخضع للمساءلة سوى عدد قليل جداً من المسؤولين عن تلك الأفعال.
كما أن حرية الكلام عرضة للخطر. فقد قامت السلطات بملاحقة منتقديها قضائياً، وخاصة أولئك الذين يتجرأون على انتقاد قوات الأمن. ويتعرض نشطاء حقوق الإنسان والمحامون والصحفيون للانتقاد على نحو متزايد بسبب تجرؤهم على رفع أصواتهم.
وفي سائر أنحاء البلاد تتبخر بسرعة مشاعر التفاؤل المبكرة “لثورة الياسمين”. ويجب ألا تستخدم الحكومة التونسية محاربة الإرهاب كذريعة للاعتداء على حقوق الإنسان الأساسية.