استأثرت إيران، ومصر، والعراق، والسعودية بنسبة 88% من عمليات الإعدام المعروف يتنفيذها عالمياً في 2020.
زادت مصر عدد عمليات الإعدام السنوية ثلاثة أضعاف.
استأثرت إيران بنسبة 56% من مجموع عمليات الإعدام المنفذة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
حدث انخفاض بنسبة 85% في عمليات الإعدام المسجلة في السعودية.
استأنفت عُمان وقطر تنفيذ الإعدامات لأول مرة منذ عدة سنوات.
نُفِّذ أدنى عدد من الإعدامات عالمياً منذ عقد من الزمن للعام الثالث على التوالي.
قالت منظمة العفو الدولية اليوم في تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام في العالم إن دولاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أمعنت في تنفيذ الإعدامات بلا هوادة، ضاربةً عرض الحائط بالتحديات غير المسبوقة التي خلقها تفشي جائحة فيروس كوفيد-19، ما جعل هذه الدول من بين أكثر دول العالم المنفذة للإعدامات في 2020.
ويكشف التقرير إن أربعاً من أصل الدول الخمس الأوائل المنفذة للإعدامات في العالم هي من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ استأثرت إيران (246+)، ومصر (107+)، والعراق (45+)، والسعودية (27) بنسبة 88% من كافة عمليات الإعدام المبلّغ عنها عالمياً في 2020، من دون احتساب الصين التي يُعتقد بأنها تعدم آلاف الأشخاص كل عام، ما يجعلها الدولة الأكثر تنفيذاً للإعدامات في العالم.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية إنه “طوال عام 2020 أبدت دول من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إصراراً مروعاً لا هوادة فيه على تنفيذ خطط لإعدام أشخاص حتى خلال سنة انصبت فيها جهود معظم دول العالم على حماية حياة الناس من فيروس قاتل”.
وتشكّل دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أغلبية لمجموعة من الدول تمعن في تنفيذ الإعدامات وتعيش في عزلة متزايدة في تناقض مع سائر دول العالم، متسببةً بالأغلبية العظمى من عمليات الإعدام على صعيد العالم برغم وجود توجه عالمي واضح أظهر أن معظم الدول تبتعد عن استخدام عقوبة الإعدام
هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا
“وتشكّل دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أغلبية لمجموعة من الدول تمعن في تنفيذ الإعدامات وتعيش في عزلة متزايدة في تناقض مع سائر دول العالم، متسببةً بالأغلبية العظمى من عمليات الإعدام على صعيد العالم برغم وجود توجه عالمي واضح أظهر أن معظم الدول تبتعد عن استخدام عقوبة الإعدام”.
الانتكاسات تطغى على التراجع في عدد الإعدامات
انخفض إجمالاً عدد عمليات الإعدام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 25% ليصل إلى أدنى مستوياته في عقد من الزمن، متراجعاً من 579 عملية إعدام في 2019 إلى 437 في 2020. وتحقق هذا الانخفاض بمعظمه جراء تراجع هائل بلغ 85% في عمليات الإعدام المسجلة في المملكة العربية السعودية، وانخفاض بأكثر من النصف في عمليات الإعدام في العراق.
بيد أن الارتفاع الحاد لعدد عمليات الإعدام المسجل في مصر ألقت بظلالها على هذا الانخفاض؛ إذ ارتفع هذا العدد أكثر من ثلاثة أضعاف من 32 في 2019 إلى 107 في 2020، متجاوزاً بذلك المملكة العربية السعودية لتصبح مصر ثالث دولة أكثر تنفيذاً للإعدامات في العام المنصرم. ففي خلال ارتفاع حاد طرأ في عدد الإعدامات في شهريْ تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر أعدمت السلطات المصرية ما لا يقل عن 57 شخصاً – قرابة ضعف عدد الأشخاص الذين عُرف أنهم أُعدموا في مصر في عام 2019 ككل.
واحتفظت إيران – التي نفّذت 246 عملية إعدام على الأقل – بالمرتبة الأولى في قائمة الدول المنفذة للإعدامات في منطقة الشرق الأوسط وبالمرتبة الثانية في العالم بعد الصين. وفي خطوة إلى الوراء تبعث على القلق البالغ، نفّذت قطر أول عملية إعدام لها منذ 20 عاماً، فأعدمت أنيل تشوداري، وهو مواطن نيبالي، وأعدمت عُمان أربعة أشخاص لأول مرة منذ عام 2015.
وباستثناء الصين – حيث تُعدّ عقوبة الإعدام من أسرار الدولة – فإن 437 من أصل ما مجموعه 483 عملية إعدام مسجلة على مستوى العالم نُفّذت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي كانت أيضاً المنطقة الوحيدة التي عُرف أنها أعدمت نساءً في 2020، حيث نُفّذ حكم الإعدام في ما مجموعه 16 امرأة: مصر (4)، وإيران (9)، وعُمان (1)، والمملكة العربية السعودية (2).
وقالت هبة مرايف إنه “في حين أن إجمالي عدد الإعدامات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد انخفض مقارنةً بالأعوام السابقة، إلا أنه لا يزال يفوق بمراحل عدد الإعدامات المسجلة في سائر أنحاء العالم باستثناء الصين”.
“وينبغي على الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تفرض وقفاً رسمياً على تنفيذ عمليات الإعدام تمهيداً لوضع حد نهائي لاستخدام عقوبة الإعدام، بدلاً من تعزيز التزامها بتنفيذ عمليات إعدام قضائية”.
تنفيذ عمليات إعدام عقب محاكمات جائرة وغيرها من انتهاكات القانون الدولي
يبعث معدل الإعدامات هو حتى أكثر إثارة للقلق نظراً إلى أن عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُطبّق بانتظام عقب محاكمات لا تستوفي المعايير الدولية للمحاكمات العادلة. وظل الناس في هذه المنطقة يتعرضون للإعدام أو يواجهون أحكاماً بالإعدام في عام 2020 على أفعال لا يجوز تجريمها وغير ذلك من الجرائم التي لا تصل إلى حد ” “أشد الجرائم خطورة”، أي جرائم قتل عمد، حسبما يقتضي القانون الدولي.
وقد صدر بحق ما لا يقل عن 23 شخصاً من أصل الـ 107 أشخاص الذين أُعدموا في مصر حكماً بالإعدام في حالات تتعلق بالعنف السياسي إثر محاكمات بالغة الجور شابتها “اعترافات” قسرية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن ضمنها التعذيب، وحالات الاختفاء القسري. وقد ارتفعت عمليات الإعدام في مصر ارتفاعاً شديداً في أعقاب حادث أمني وقع في شهر أيلول/سبتمبر له صلة بسجناء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم في سجن العقرب سيئ السمعة.
وفي إيران أُعدم ثلاثة أشخاص على الأقل بسبب جرائم وقعت عندما كانوا دون سن الثامنة عشرة، وذلك في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يُحظّر استخدام عقوبة الإعدام بحق الجانحين الأحداث.
ومع أن عمليات الإعدام المسجلة في إيران – التي نفّذت وحدها ما يزيد على نصف عمليات الإعدام كافة المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – استمرت في الانخفاض عن السنوات السابقة في أعقاب تعديلات أُدخلت في 2017 على قانون مكافحة المخدرات وخفّضت العقوبات على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، إلا أن 23 شخصاً أُعدموا بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات في 2020. كذلك استخدمت السلطات على نحو متزايد عقوبة الإعدام كسلاح للقمع السياسي للمعارضين، والمحتجين، وأفراد جماعات الأقليات العرقية وذلك في انتهاك للقانون الدولي؛ ففي كانون الأول/ديسمبر أُعدم الصحفي المعارض روح الله زم بسبب قناته الإخبارية على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي المناهضة للمؤسسة الحاكمة وذلك عقب إدانته في محاكمة بالغة الجور.
وأصدرت المحاكم العسكرية في ليبيا أحكاماً بالإعدام على مدنيين في أعقاب محاكمات بالغة الجور. وقالت هبة مرايف “إن استخدام عقوبة الإعدام مروع في جميع الأحوال وإن استخدامها بكثرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبعث على القلق البالغ بسبب تواتر تطبيقها عقب إدانات شابتها العيوب واستندت إلى اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة”.
إن استخدام عقوبة الإعدام مروع في جميع الأحوال وإن استخدامها بكثرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبعث على القلق البالغ بسبب تواتر تطبيقها عقب إدانات شابتها العيوب واستندت إلى اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة
هبة مرايف
تراجع عدد الإعدامات في السعودية
شهدت عمليات الإعدام في المملكة العربية السعودية تراجعاً حاداً من 184 عملية في 2019 إلى 27 في 2020 – وهو أدنى رقم يُسجل منذ عام 2010. وقد عزت هيئة حقوق الإنسان السعودية جزءاً من التراجع إلى “وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات”. بيد أنه لم يعلن أي وقف رسمي في 2020.
وربما يعود التراجع أيضاً إلى التعطيل الذي سبّبه تفشي وباء فيروس كوفيد-19، وإلى رغبة في تجنب طغيان الانتقادات الدولية على رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين واستضافتها لقمتها؛ إذ إنه طيلة الأشهر الخمسة التي سبقت انعقاد قمة مجموعة العشرين – اعتباراً من نهاية تموز/يوليو وحتى تشرين الثاني/نوفمبر – لم تُنفّذ أي عمليات إعدام في السعودية. بيد أن هذه العمليات سرعان ما استؤنفت عقب انتهاء رئاسة البلاد لمجموعة العشرين في 30 تشرين الثاني/نوفمبر.
عدد عمليات الإعدام العالمية يهبط إلى أدنى مستوى له منذ عقد من الزمن
عُرف عالمياً أن ما لا يقل عن 483 شخصاً أُعدموا في 2020 (باستثناء الدول التي تُعدّ فيها البيانات المتعلقة بعقوبة الإعدام سراً من أسرار الدولة، أو حيث تتوفر معلومات محدودة فقط – أي الصين، وكوريا الشمالية، وسوريا، وفيتنام). وهذا أدنى عدد من عمليات الإعدام تسجله منظمة العفو الدولية في عقد من الزمن على الأقل. ويمثل انخفاضاً بنسبة 26% قياساً بعام 2019، وبنسبة 70% عن الذروة العالية التي بلغت 1,634 عملية إعدام في 2015.
وبحسب التقرير يُعزى التراجع في عدد عمليات الإعدام إلى انخفاضه في بعض الدول التي تحتفظ بعقوبة الإعدام، وبدرجة أقل إلى بعض حالات توقف تنفيذ الإعدامات التي حدثت في مواجهة تفشي الوباء.
كذلك انخفض عدد أحكام الإعدام التي عُرف أنها صدرت في العالم (1477 على الأقل) بنسبة 36% مقارنةً بعام 2019.
واعتباراً من نيسان/أبريل 2021، ألغت 108 دول عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم، وألغتها 144 دولة في القانون أو الممارسة.