عالميًا: تكلفة تقاعس مجموعة العشرين عن اتخاذ إجراءات بشأن المناخ وأزمات الديون “قد تكون كارثية”

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن زعماء العالم الذين سيشاركون في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي التي تبدأ غدًا يجب أن يزيدوا المساعدات الدولية زيادة كبيرة ويخففوا عبء ديون الدول الضعيفة للمساعدة على تحقيق العدالة المناخية التي ثمة حاجة ملحة إليها ولتجنب حدوث إخفاق كارثي محتمل في حماية حقوق الإنسان.

وتدعو منظمة العفو الدولية قادة مجموعة العشرين إلى الوفاء بالتعهدات المالية السابقة المتعلقة بالمناخ التي تقاعسوا عن الوفاء بها حتى الآن، وإلى تبني التزامات جديدة، من ضمنها تخفيف العبء بصورة شاملة للدول التي تعاني حالة مديونية حرجة. وتهدد أزمة الديون حقوق الناس في الحصول على ما يكفي من الطعام، والملبس، والسكن، وهي حقوق مكرّسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتشكل أزمة المناخ تهديدات شديدة للحق في بيئة نظيفة، وصحية، ومستدامة.

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية إن “قمة مجموعة العشرين تُعقد في وقت يقف فيه العالم على شفير الهاوية. وتُلحق أزمة المناخ أذىً هائلًا بالناس في حين أن العديد من الدول المعرّضة للتأثر بتغيّر المناخ تواجه في الوقت نفسه أزمة ديون. وتتعرض الحقوق الإنسانية لمليارات البشر للخطر. وستكون تكلفة التقاعس عن اتخاذ أي اجراءات كارثية”.

قمة مجموعة العشرين تُعقد في وقت يقف فيه العالم على شفير الهاوية. وتُلحق أزمة المناخ أذىً هائلًا بالناس في حين أن العديد من الدول المعرّضة للتأثر بتغيّر المناخ تواجه في الوقت نفسه أزمة ديون. وتتعرض الحقوق الإنسانية لمليارات البشر للخطر. وستكون تكلفة التقاعس عن اتخاذ أي اجراءات كارثية.

أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية

“ويشكّل الارتفاع الحاد لأسعار المواد الغذائية الأساسية، والصدمات الاقتصادية، وأزمة المناخ تحديات لا مثيل لها تجد بلدان عديدة نفسها غير مهيأة لمواجهتها، ومن ضمنها بلدان لم تفعل شيئًا يُذكر لخلق هذه التهديدات العالمية. وقد ارتفع عدد البلدان ذات الدخل المنخفض التي تعاني حالة مديونية حرجة منذ تفشي وباء فيروس كوفيد-19 إلى 42 بلدًا، ما أعاق قدرتها على حماية حقوق الأشخاص، لاسيما لأن العديد منها يواجه صدمات مناخية متكررة.

“ومن المهم للغاية أن تعترف مجموعة العشرين بضخامة هذه الأزمات وطبيعتها الملحة، وأن تتصرف على وجه السرعة لوقف تصاعد كارثتيْ المناخ والديون”.

دين تتعذر إدارته

ارتفع في 2021 عدد الأشخاص الذين يعانون فقرًا مدقعًا ويعيشون على أقل من 2,15 دولار أمريكي في اليوم لأول مرة منذ قبل بدء اجتماع مجموعة العشرين عام 1999. وتُنفق البلدان ذات الدخل المنخفض على خدمة الدين نسبة من كامل دخلها الوطني أكبر من النسبة التي أنفقتها في أي مرحلة من السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل. ومن شبه المؤكد ألا يتحقق هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030، وهو أحد أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة التي اتُفق عليها عام 2015.

وتستطيع مجموعة العشرين، التي تعمل بشكل وثيق مع المؤسسات المالية الدولية – ومن ضمنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي – المساعدة على تغيير ذلك بالحرص على أن تكون عمليات تخفيف عبء الديون عادلة، وفعالة، وسريعة بما فيه الكفاية للمعالجة الفعالة لأوضاع الدول التي تواجه أزمات متعددة.

وهذا يشمل الاستعداد للنظر في شطب مزيد من الديون كخيار. وفي كثير من الأحيان تتضمن اتفاقيات الديون التي يديرها صندوق النقد الدولي وغيره من الجهات المقرضة متعددة الأطراف شروطًا تضع أعباءً إضافية على الفقراء والضعفاء وتفتقر إلى إطار حقوق الإنسان الضروري الذي من شأنه أن يساعد على ضمان طريقة للخروج من دوامات الديون المرهقة.

ويجب أن تساند مجموعة العشرين إجراء إصلاح جذري للبنية المالية الدولية القائمة حاليًا من خلال الانتقال إلى نظام أكثر شمولًا يمثل مصالح الدول المدينة، وبشكل خاص الدول ذات الدخل المنخفض، فضلًا عن الدائنين.

وينبغي أن يضع الإصلاح في الحسبان الدمار الذي تسببه الصدمات المناخية؛ إذ إنه ليس من المقبول أن ترزح الدول تحت مزيد من الديون عندما تتعرض لظواهر جوية قصوى ومتكررة منبثقة عن تغير المناخ الذي لم تُسهم في حدوثه إلا بالقليل.

الأضرار المناخية

تدعو منظمة العفو الدولية مجموعة العشرين إلى مساندة اتخاذ إجراءات جذرية للحيلولة دون تفاقم الكوارث المناخية، لا سيما عن طريق الموافقة على التخلص التدريجي السريع من كل أنواع الوقود الأحفوري. ويرتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بسرعة، وبدون اتخاذ إجراءات طموحة الآن، يتجه إلى أن يتجاوز كثيرًا زيادة الـ 1,5 درجات مئوية عن المستويات السابقة للثورة الصناعية، وقد أشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن الإبقاء على الزيادة في حدود 1,5 درجة مئوية أمر حاسم لحماية البشرية من الآثار الأكثر دمارًا لتغير المناخ.

وقالت أنياس كالامار إن: “التخلص التدريجي السريع من كافة أنواع الوقود الأحفوري يجب أن يشكل الأولوية العالمية لتجنب وقوع كارثة مناخية ومزيد من انتهاكات حقوق الانسان؛ فالعالم يتجه نحو كارثة مناخية وإشارات الضائقة واضحة؛ إذ إن الناس يتعرضون للمعاناة مع تدمير أنظمة بيئية والتنوع الحيوي.”

التخلص التدريجي السريع من كافة أنواع الوقود الأحفوري يجب أن يشكل الأولوية العالمية لتجنب وقوع كارثة مناخية ومزيد من انتهاكات حقوق الانسان؛ فالعالم يتجه نحو كارثة مناخية وإشارات الضائقة واضحة؛ إذ إن الناس يتعرضون للمعاناة مع تدمير أنظمة بيئية والتنوع الحيوي.

أنياس كالامار

وهذا العام أصيب القرن الإفريقي بجفاف شديد، وشهد جزء كبير من آسيا درجات حرارة قياسية، واشتعلت حرائق غابات هائلة عبر مساحات شاسعة من أمريكا الشمالية وأوروبا، وكان يوليو/تموز الشهر الأشد حرارة على الأطلاق الذي يُسجل عالميًا، ووصلت درجات حرارة المحيطات إلى ارتفاعات غير مسبوقة، والأغطية الجليدية القطبية آخذة في الزوال، وقد تسبب السقوط القياسي للأمطار بفيضانات مُهلكة في أوروبا والصين.

ولا يمكن منطقيًا أن يُنتظر من الدول منخفضة الدخل أن تفي بالتزاماتها بوقف استخدام الوقود الأحفوري إذا كانت الدول الغنية تواصل التملص من وعودها وواجباتها، بينما تتقاعس عن تقديم تمويل كاف خاص بالمناخ للدول الضعيفة وعن تخفيف عبء ديونها بشكل كاف.

وينبغي على الدول الغنية أن تفي بتعهداتها بتقديم ما لا يقل عن 100 مليار دولار أمريكي سنويًا، وأن تزيد هذا المبلغ زيادة كبيرة، لمساعدة الدول على التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه. وينبغي تقديم تمويل واف لصندوق منفصل للخسائر والأضرار المتعلّقة بالمناخ اتُفق على إنشائه العام المنصرم وأن يبدأ تشغيله على نحو يتيح للجماعات الأكثر تضررًا الحصول الفعلي على موارده وغيرها من أشكال الانتصاف.

وينبغي على الهند – التي تستضيف قمة مجموعة العشرين – احترام الحقوق في حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحماية الحق في التظاهر. وفي السنوات الأخيرة صعَّدت السلطات الهندية قمع المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن ضمنهم النشطاء والصحفيون، والطلاب، والأكاديميون، ومنظمات المجمع المدني بتعريضهم لانتهاكات متعددة لحقوق الإنسان. ويتعين عليها السماح للمجتمع المدني بالعمل بحرية، وبأن يتمكّن المعارضون من إسماع أصواتهم.

لقد حدّدت الهند أزمة المناخ على أنها الأولوية الأكثر إلحاحًا لمجموعة العشرين. ويجب عليها – بوصفها الدولة التي تشمل أكبر عدد من السكان في العالم وتتسبّب بانبعاثات تزداد بسرعة – اغتنام الفرصة للاضطلاع بدور قيادي في عملية انتقال عالمية عادلة في مجال الطاقة، بينما تعالج في الوقت نفسه سجلها على صعيد الاعتماد على الوقود الأحفوري. لقد تعرضت البلاد لموجات حر شديد للغاية، وحالات جفاف، وفيضانات، علاوة على تلوث الهواء الذي يُهدد الصحة في مناطق شتى من البلاد في الأشهر والسنوات الأخيرة، وقد نجم ذلك عن إحراق الوقود الأحفوري.

خلفية

ستُعقد القمة الـ 18 لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين من 9 إلى 10 سبتمبر/أيلول في نيودلهي. وتضم 19 بلدًا والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أغلبية اقتصادات العالم الكبرى وكبار الدائنين السياديين، فضلًا عن الدول التي تؤدي أدوارًا أساسية وتتمتع بنفوذ هام لدى المنظمات المالية متعددة الأطراف.

وتقدم المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة المتعلقة بالديون الخارجية وحقوق الإنسان توجيهات محددة حول الواجبات والمسؤوليات الحقوقية المترتبة على جميع المدينين، والدائنين الحكوميين وغير الحكوميين، بما في ذلك بنوك التنمية متعددة الأطراف.

وقد أُقر عالميًا بالحق في بيئة نظيفة، وصحية، ومستدامة في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2022 ويرتبط هذا الحق بالحقوق الأخرى المكرَّسة في القانون الدولي الحالي لحقوق الإنسان، ومن بينها الحقان في الصحة والحياة.

ويأتي انعقاد قمة مجموعة العشرين هذه قبل الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة وقمة الطموح المناخي التي دعا أمين عام الأمم المتحدة إلى عقدها في فترة لاحقة من هذا الشهر، علاوة على مؤتمر المناخ كوب 28 في دبي الذي يبدأ في 30 نوفمبر/تشرين الثاني.