هل حاول العالم “إعادة البناء بشكل أفضل” في أعقاب وباء فيروس كوفيد-19؟
من منظور حقوق الإنسان، كان عام 2021 إلى حدٍ كبير مُفعماً بالغدر والخيانة في دهاليز السلطة.
ويبيِّن التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في العالم خلال عام 2021، والصادر في مارس/آذار 2022، أن الوعود عن “إعادة البناء بشكل أفضل” بعد وباء فيروس كوفيد-19 لم تكن سوى كلمات جوفاء. فقد تلاشت الآمال في إمكان التوصل إلى تعاون عالمي أمام الاتجاه إلى تخزين كميات هائلة من اللقاحات الزائدة، وجشع الشركات.
ودأبت حكوماتٌ على قمع الأصوات المستقلة والمنتقدة، بل لجأت بعض الحكومات إلى استخدام الوباء كذريعة لمزيد من تقليص مجال المجتمع المدني. واندلعت نزاعاتٌ جديدة، بينما احتدمت نزاعاتٌ أخرى قائمة. وتعرَّض الذين أُجبروا على الفرار من ديارهم لسلسلةٍ من الانتهاكات، بما في ذلك رد اللاجئين على أعقابهم في بلدان الشمال العالمي.
ولكن الآمال ببناء عالم أفضل بعد انحسار الوباء ظلت حيَّةً بفضل بسالة أفرادٍ وحركاتٍ اجتماعية ومنظماتٍ للمجتمع المدني.
كان ينبغي أن يكون عام 2021 عاماً للتعافي واستعادة الحيوية، ولكنه بدلاً من ذلك أصبح مرتعاً لمزيد من انعدام المساواة وانتفاء الاستقرار
أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية
يسلِّط التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية الضوء على تلك الآليات على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، حيث يتناول أوضاع حقوق الإنسان في
بلداً.
نقاط الاهتمام
تُبرز الخريطة التفاعلية أدناه الموضوعات التي أُعطيت الأولوية في تمهيد التقرير السنوي وفي التحليل العالمي، وهي: الصحة وأوجه عدم المساواة، والحيز المدني، واللاجئين والمهاجرين، وذلك بعرض بيانات موجزة مختارة عن أربع بلدان من كل من المناطق الخمس التي يشملها التقرير.
طالعوا صفحات البلدان لمعرفة المزيد عن وضع حقوق الإنسان خلال عام 2021 في كل من البلدان التي يتناولها التقرير. ويمكنكم تنزيل التقرير الكامل بصيغة PDF، المتوفر لعدة لغات ما يمكنكم قراءة البيان الصحفي للمنظمة
احصلوا على نسخة من تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2021/22
إحصائيات عالمية
يُظهر رصد منظمة العفو الدولية للأوضاع في 154 بلداً خلال عام 2021 انتشاراً مقلقاً لقمع حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحرية التجمع السلمي في شتى أنحاء العالم. ويتبين هذا جزئياً من تحليل المنظمة لأعداد البلدان التي:
- صدرت فيها قوانين جديدة تُقيِّد حرية التعبير، أو حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أو حرية التجمع السلمي؛
- برزت فيها ادعاءات موثوقة عن استخدام القوة المفرطة أو غير الضرورية على أيدي قوات حكومية ضد متظاهرين أو محتجين؛
- احتُجز فيها تعسفياً مدافعون عن حقوق الإنسان.
وتُعرض هذه المعلومات بنسب مئوية في الرسوم البيانية أدناه.



التحليل العالمي
يركز التحليل العالمي للمنظمة لعام 2021 على ثلاثة موضوعات أساسية، وهي الصحة وأوجه عدم المساواة، والحيز المدني، واللاجئون والمهاجرون.

الصحة وأوجه عدم المساواة
بعثت اللقاحات بعض الأمل في أن يتم في نهاية المطاف وضع حد للوباء، التي أودت بحياة ما لا يقل عن خمسة ملايين ونصف مليون شخص بحلول نهاية عام 2021، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، وإن كانت بعض التقديرات تشير إلى أن العدد الفعلي للوفيات قد يكون ضعف أو ثلاثة أضعاف ذلك الرقم.
فقد تعهدت حكومات كثيرة بدعم توفير اللقاحات على مستوى العالم، كما قدمت مجموعة السبع ومجموعة العشرين تعهدات ملحوظة. ومع ذلك، وبالرغم من جهود بعض الحكومات في بلدان الجنوب العالمي على وجه الخصوص، أخفق التعاون الدولي إلى حد كبير.
فقد خزَّنت بعض البلدان ذات الدخل المرتفع ملايين الجرعات الزائدة عما يمكن أن تستخدمه، مما جعل بعض البلدان قادرةً على تطعيم جميع سكانها من ثلاث إلى خمس مرات إضافية.
وفي الوقت نفسه، كان أقل من ثمانية بالمئة من سكان إفريقيا، البالغ عددهم نحو 1,2 مليار نسمة، قد تلقوا التطعيم الكامل بحلول نهاية العام، وهو أدنى معدل للتطعيم في أي قارة في العالم، كما إنه أبعد ما يكون عن معدل التطعيم الذي تستهدفه منظمة الصحة العالمية بحلول نهاية عام 2021، وهو 40 بالمئة. وكان من شأن عدم المساواة عالمياً في الحصول على اللقاحات أن يزيد من ترسيخ الظلم العِرقي.
الحيز المدني
بدلاً من إفساح المجال للنقاش والحوار بشأن أفضل السُبل لمواجهة تحديات عام 2021، ظلت حكومات على نهجها المتواصل في قمع الأصوات المستقلة والمنتقدة، بل لجأت بعض الحكومات إلى استخدام الوباء كذريعة لمزيد من تقليص الحيز المدني.
وفي غضون العام، ضاعفت حكومات كثيرة جهودها لفرض و/أو تنفيذ تدابير قمعية تستهدف منتقديها، وصيغ كثير من هذه التدابير في الظاهر للحد من انتشار معلومات خاطئة عن فيروس كوفيد-19.
ففي الصين وإيران وغيرهما، اعتقلت السلطات وحاكمت أشخاصاً انتقدوا أساليب التصدي لفيروس كوفيد-19 أو شككوا فيها. ولجأت حكومات في شتى أنحاء العالم إلى منع وتفريق احتجاجات سلمية دون مبرر، واستخدمت أحياناً ذريعة القواعد الخاصة بمنع انتشار فيروس كوفيد-19.
وقامت عدة حكومات، ولاسيما في إفريقيا، والشرق الأوسط وشمال افريقيا، وآسيا، بحجب الاتصال بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أو فرض قيود شديدة عليه.


رد اللاجئين والمهاجرين على أعقابهم في بلدان الشمال العالمي
شهد عام 2021 عمليات نزوح واسعة من جراء النزاعات الناشئة والقائمة. فقد أدت الأحداث في مناطق مثل أفغانستان وإثيوبيا وميانمار إلى موجات نزوح جديدة.
وواصل الآلاف مغادرة فنزويلا، بينما أجبر النزاع الدائر في جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها حوالي مليون ونصف مليون شخص على النزوح من ديارهم في عام 2021. وعلى المستوى العالمي، استمر ملايين الأشخاص في الفرار من بلدانهم بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالنزاعات والعنف، وبسبب عدم المساواة والتغير المناخي والتدهور البيئي، وكانت الأقليات العِرقية من أكثر الفئات تضرراً.
وطبقاً لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان هناك بحلول منتصف عام 2021 حوالي 26,6 مليون لاجئ، و4,4 مليون طالب لجوء في مختلف أنحاء العالم. وتقاعس المجتمع الدولي عن تقديم الدعم الملائم للوصول إلى ملاذات آمنة، والأسوأ من ذلك أنه فرض قيوداً على الوصول لها. وكثيراً ما كان أولئك النازحون عُرضةً أيضاً لسلسلة من الانتهاكات، بينما ساد الإفلات من العقاب عن أنماط من الانتهاكات الواسعة النطاق، مثل رد اللاجئين والمهاجرين على أعقابهم والتعذيب والعنف الجنسي.
الجدول الزمني
يُبرز الجدول الزمني أحداثاً مُختارة من عام 2021 تتصل بموضوعات حقوق الإنسان الأساسية المعروضة في تمهيد التقرير السنوي وفي التحليل العالمي، وهي الصحة وأوجه عدم المساواة، والحيز المدني، والنزاعات، واللاجئون، والمهاجرون.
دراسة حالات
يغطي التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية أنماطاً واسعة الانتشار من انتهاكات حقوق الإنسان في عدد من البلدان والأقاليم، مثل القمع المميت للاحتجاجات. ولكن، وراء كل انتهاكٍ لحقوق الإنسان تكمن قصة إنسانية. ومن الأمثلة على ذلك حالة كيفن أغوديلو، الذي أُطلق عليه الرصاص وفارق الحياة خلال وقفة احتجاجية لضحايا عنف الشرطة في كولومبيا.
مناطق العالم في التقرير السنوي
يتضمن التقرير السنوي خمسة أبواب يقدم كل منها نظرة عامة على منطقة من مناطق العالم الخمس، وهي لا تقتصر على تناول الموضوعات الرئيسية ذات الأولوية في التمهيد والتحليل العالمي (والمتمثلة في: الصحة وأوجه عدم المساواة، والحيز المدني، والنزاعات، واللاجئين والمهاجرين)، بل تتناول أيضاً قضايا أخرى تتصل بكل منطقة. وفيما يلي بعض الأمثلة الرئيسية من هذه الأبواب.

الإفلات من العقاب
في جميع البلدان تقريباً، تمتع مرتكبو الجرائم المؤثَّمة بموجب القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بحصانة من العقاب.

الحق في التعليم
ظل إغلاق المدارس وغيره من مظاهر تعطل التعليم الناجمة عن الوباء أحد بواعث القلق الرئيسية في البلدان الإفريقية. ففي تشاد، انخفض معدل التحاق الفتيات بالمدارس الثانوية من 31 بالمئة عام 2017 إلى 12 بالمئة عام 2021، بسبب إغلاق المدارس وارتفاع معدلات الزواج المبكر والقسري. وفي جنوب إفريقيا، بلغ عدد الأطفال الذين تسربوا من المدارس حتى مايو/أيار حوالي 750 ألف طفل، وهو عدد يزيد على ثلاثة أضعاف نظيره قبل الوباء، والذي كان يبلغ 230 ألف طفل. وفي أوغندا، حيث فُتحت المدارس بصورة تدريجية في فبراير/شباط، ثم أغلقت مرة أخرى في يونيو/حزيران، توقَّعت هيئة التخطيط الوطني ألا يعود أكثر من 30 بالمئة من الدارسين إلى المدارس. وواجه الأطفال في البلدان المتأثرة بالنزاعات صعوبات بالغة وفريدة من نوعها في الحصول على التعليم.

الحق في السكن
بالرغم من وباء كوفيد-19، سُجلت حالات إخلاء قسري لسكانٍ في عدة بلدان، مما جعل عشرات الآلاف من السكان بلا مأوى. ومن التطورات الإيجابية ما أصدرته محاكم في كينيا وأوغندا من أحكام تؤكد الحق في السكن، وتستنكر عمليات الإخلاء القسري. فقد قضت المحكمة العليا في كينيا بأن إخلاء أهالي منطقة سيتي كارتون، وهي منطقة عشوائية في نيروبي، عام 2013 قد انتهك حقهم في السكن. وخلصت المحكمة الدستورية في أوغندا إلى أن هيئة الحياة البرية الأوغندية قد خالفت القانون بإخلاء السكان الأصليين من شعب الباتوا من أراضي أجدادهم في غابة مغاهينغا جنوب غربي البلاد.

حقوق مجتمع الميم
ظل أفراد مجتمع الميم في كثير من بلدان إفريقيا عُرضةً للمضايقة والاعتقال والمحاكمة بسبب ميولهم الجنسية الحقيقية أو المفترضة أو هويتهم القائمة على النوع الاجتماعي. ففي بنين، أرغمت مجموعة من الرجال ثلاث نساء عابراتٍ جنسياً على خلع ثيابهن، ثم انهالوا عليهن ضرباً، وسلبوا منهن أموالهن في مدينة كوتونو، وتم تصوير الاعتداء، ونُشرت المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي. كما شاعت التسجيلات المصورة للاعتداءات على أفراد مجتمع الميم في السنغال. وصدر قانون جديد في نيجيريا تضمن بنداً يفرض عقوبة السجن مدى الحياة على العابرين جنسياً.

الحقوق الجنسية والإنجابية
لم تبذل حكومات عديدة جهوداً كافية لإعطاء أولوية للصحة الجنسية والإنجابية. ولم تتوفر الخدمات الضرورية، واستمر تجريم خدمات الإجهاض الآمن في معظم الدول. وأبقت الجمهورية الدومينيكية، والسلفادور، وجامايكا، ونيكاراغوا، وهايتي، وهندوراس على الحظر التام للإجهاض.
وبرغم الخطوة البارزة التي اتخذتها الأرجنتين في نهاية عام 2020 بإضفاء الشرعية على الإجهاض وإلغاء تجريمه خلال الأسابيع الأربعة عشرة الأولى من الحمل، فإن الدول الأخرى لم تحذُ حذوها. ففي شيلي رُفض مشروع قانون لإلغاء تجريم الإجهاض خلال الأسابيع الأربعة عشرة الأولى من الحمل.

حقوق السكان الأصليين
ظل السكان الأصليون في الأمريكيتين يفتقرون إلى ما يكفي من حقهم في المياه، والصرف الصحي، والصحة، والحماية الاجتماعية، فضلاً عن الافتقار إلى أي آليات ملائمة ثقافياً لحماية حقوقهم في الصحة وكسب الرزق. وقد فاقم كل هذا من تأثير وباء كوفيد-19.

العنف ضد النساء والفتيات
كانت الإجراءات المتخذة لحماية النساء والفتيات قاصرة في شتى أنحاء المنطقة، وكثيراً ما كانت التحقيقات معيبة في حالات العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. ففي المكسيك، مثلاً، ظل العنف ضد المرأة واسع الانتشار. وسُجِّلت خلال العام 3.427 حالة قتل لنساء، من بينها 887 حالة كانت تخضع للتحقيق كجرائم قتل للنساء. وفي كولومبيا، حيث أشار المرصد الكولومبي لجرائم قتل النساء إلى وقوع 432 حالة قتل للنساء في الأشهر الثمانية الأولى من العام، دأبت قوات الأمن أيضاً على ارتكاب أفعال العنف الجنسي ضد المرأة. وأعلنت باراغواي وبورتوريكو حالة الطوارئ بسبب تزايد العنف ضد المرأة. كما شهدت بيرو وأوروغواي زيادة ملموسة في العنف ضد المرأة.

حقوق مجتمع الميم
شهدت الأمريكيتان بعض التقدم المحدود في الاعتراف بحقوق أفراد مجتمع الميم، لكن التشريعات الشاملة عُرقلت، وظل أفراد مجتمع الميم هدفاً للتمييز المجحف والعنف وعمليات القتل في عدة دول. فقد أصدرت الأرجنتين بطاقات هوية جديدة تعترف بالأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم لاثنائيو النوع، وفي يونيو/حزيران، أقرَّ الكونغرس قانوناً يعزز توظيف العابرين جنسياً. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، اتخذت إدارة بايدن خطواتٍ لإلغاء سياسات الإدارة السابقة المتسمة بالتمييز ضد أفراد مجتمع الميم. ومع ذلك، طُرحت أيضاً على مستوى الولايات مئات من مشاريع القوانين التي يمكن أن تقيِّد حقوق أفراد مجتمع الميم.

حقوق العمال
ظل العاملون الصحيون في شتى أنحاء المنطقة خاضعين لضغوط هائلة من جراء الوباء، وفي بلدان كثيرة، كانوا يعملون في ظروف لا يمكن تحملها، دون أن يتوفر لهم ما يكفي من الحماية أو المقابل المادي. ففي منغوليا، تعرض بعض العاملين الصحيين لمضايقات من السلطات ولاعتداءات بدنية من المرضى المحبطين اليائسين. وفي الهند، لم يحصل العاملون الصحيون في المجتمعات المحلية على أجور كافية أو معدات كافية للوقاية الشخصية. وفي إندونيسيا، تأجل صرف علاوات تشجيعية للعاملين الصحيين إقراراً بعملهم خلال وباء كوفيد-19. كما استمرت الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء، وما صاحبها من قيود، تؤثر بشكل غير متناسب على أولئك المهمَّشين أصلاً، بما في ذلك من يفتقرون إلى عمل مضمون ودخل منتظم.

حقوق النساء والفتيات
كانت هناك انتكاسات كبرى فيما يتعلق بحقوق النساء والفتيات في المنطقة. ففي أفغانستان، تراجع بين ليلة وضحاها التقدم الذي تحقق على مدى 20 عاماً نحو تعزيز الحماية والاحترام لحقوق المرأة. أما العنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، المترسخ بالفعل في كثير من بلدان المنطقة، فقد تفاقم في سياق تصدي الدول لوباء كوفيد-19. ولم يتحقق تقدم يُذكر بخصوص المطالبات بالمحاسبة عن حالات العنف ضد المرأة وبتوفير أشكال أقوى من الحماية للمرأة. فقد شنَّت الحكومة الصينية حملة تشهير ضد نساء يعشن في الخارج وسبق أن احتُجزن في إقليم شينجيانغ لأنهن جاهرن بالحديث عن العنف الجنسي داخل ما يُسمى “مراكز إعادة التثقيف”. وفي باكستان، أقر البرلمان مشروع قانون بشأن العنف الأسري، ولكن المعارضة من جانب أحزاب محافظة دفعت الحكومة إلى أن تطلب من هيئة دينية استشارية مراجعة المشروع، حسبما ورد.

حقوق مجتمع الميم
ظل أفراد مجتمع الميم في بلدان كثيرة في المنطقة يتعرضون للاضطهاد أو يواجهون أشكالاً أخرى من التمييز المجحف في القانون وفي الممارسة الفعلية. وظلت العلاقات الجنسية بالتراضي بين أفراد من الجنس نفسه مُجرَّمة في بعض البلدان. وشُنت حملات مناهضة لأفراد مجتمع الميم في عدة بلدان. ففي ماليزيا، وُضع ما يزيد عن 1700 شخص في معسكرات لإعادة التأهيل تديرها الحكومة وتهدف إلى تغيير “نمط الحياة” و”الميول الجنسية” لأفراد مجتمع الميم. وواصلت السلطات الصينية حملتها الرامية إلى “تنظيف” الإنترنت من المحتوى المعبر عن مجتمع الميم. ومُنع رجال لهم مظهر أنثوي من الظهور على قنوات التليفزيون، كما أُغلقت حسابات لمنظمات مجتمع الميم على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي أفغانستان، أوضحت طالبان صراحةً أنها لن تحترم حقوق مجتمع الميم. وتحقق تقدم ضئيل في الإقرار بزواج أفراد من الجنس نفسه في تايوان، ولكن أفراد مجتمع الميم ظلوا يعانون من التمييز المجحف.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
لم يتحقق سوى تقدم محدود في منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، حيث ظلت ممارسته سائدةً في عدد كبير من بلدان المنطقة. وكانت هناك خطوات في باكستان وتايلند لتجريم التعذيب، ولكن التشريع المقترح في تايلند لم يكن متسقاً تماماً مع المعايير الدولية. وفي سري لنكا، صدرت قواعد تنظيمية جديدة بموجب قانون منع الإرهاب من شأنها أن تعرِّض المحتجزين لمزيد من مخاطر التعذيب. واستمر ورود أنباء عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في تلك البلدان وغيرها.

تقلُّص استقلال القضاء
كان تقلُّص استقلال القضاء من الملامح الرئيسية لغلو الدولة في استخدام سلطاتها. فقد واصلت بولندا تحديها للمحاولات التي تبذلها منظمات أوروبية لوضع حد لتقويض استقلال القضاء في البلاد، مما وضع الاتحاد الأوروبي إزاء أكبر أزمة لسيادة القانون يواجهها حتى اليوم. وكانت الأوضاع أسوأ في بيلاروس حيث استخدمت السلطات نظام القضاء كسلاحٍ لمعاقبة ضحايا التعذيب والشهود على انتهاكات حقوق الإنسان. وفي جورجيا، ثارت بواعث قلق بشأن استقلال القضاء بسبب القبض على زعماء بارزين للمعارضة، من بينهم الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي، ومعاملتهم بصورة مُهينة في الحجز. وأشارت منظمات متعددة الأطراف إلى أن الدستور الجديد في قرغيزستان قد يمثل تعدياً على استقلال القضاء.

التمييز المجحف
أصبحت مظاهر العنصرية والتمييز المجحف ضد السود والمسلمين وأفراد طائفة الروما واليهود أكثر سفوراً في سياقات كثيرة. ففي بريطانيا، أصدرت الحكومة تقريراً ينفى بواعث القلق بشأن العنصرية المؤسسية، بينما كان مشروع قانون جديد للشرطة ينطوي على مزيد من التمييز المجحف ضد السود وطوائف الغجر والروما والرُحَّل. وحذفت السلطات الدنماركية من تشريعاتها أي إشارة لأحياء “الغيتو”، ولكنها ظلت تفرض قيوداً على الإسكان الاجتماعي للسكان من “ذوي الأصول غير الغربية”. وفي خطوات بُررت بأنها تهدف إلى مكافحة التطرف والإرهاب، شددت النمسا وفرنسا الرقابة على مجتمعات المسلمين، وداهمت مساجد و/أو أغلقت منظمات ترصد كراهية المسلمين. وفي ألمانيا، بلغ عدد الجرائم المتعلقة بمعاداة السامية وغيرها من جرائم الكراهية ضد اليهود المُبلغ عنها رسمياً 1850 حالة حتى 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وهو أكبر عدد منذ عام 2018. كما سُجل ارتفاع حاد في الحوادث المماثلة المُبلغ عنها في النمسا، وفرنسا وإيطاليا، والمملكة المتحدة.

الحقوق الجنسية والإنجابية
ظل تيسير الإجهاض الآمن والقانوني أحد قضايا حقوق الإنسان المحورية في عدة بلدان. وتراجعت الحقوق في أندورا ومالطا وبولندا وغيرها. ففي بولندا، دخل حيز التنفيذ حكم للمحكمة الدستورية يقضي بعدم دستورية الإجهاض بسبب التشوهات الجنينية الخطيرة. ويُذكر أنه في العام التالي لصدور ذلك الحكم، اتصلت 34 ألف امرأة بمنظمة إجهاض بلا حدود، وهي منظمة غير حكومية تسهِّل سفر الحوامل إلى الخارج لتلقي الرعاية بشأن الإجهاض. وفي أندورا، ظلت تهم التشهير تلاحق مدافعة عن حقوق الإنسان، كانت قد أعربت عن قلقها أمام الأمم المتحدة بشأن الحظر التام الذي تفرضه الدولة على الإجهاض. وفي تطور إيجابي، أدى اقتراع عام في سان مارينو إلى جعل الإجهاض قانونياً.

العنف ضد المرأة
ظلت المنطقة تشهد تبايناً فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة. فبينما انسحبت تركيا من معاهدة تاريخية بشأن مكافحة العنف ضد المرأة، وهي اتفاقية إسطنبول، صادقت عليها كل من مولدوفا وليشتنشتاين. كما عدَّلت سلوفينيا قانونها بشأن الاغتصاب كي يصبح تعريفه قائماً على التراضي، وكانت هناك جهود جارية لإصلاح قوانين الاغتصاب في هولندا وإسبانيا وسويسرا. إلا إن العنف ضد المرأة ظل متفشياً على نطاق واسع. وقد خلص اتحاد المنظمات غير الحكومية الروسية المعنية بحقوق المرأة إلى أن 66 بالمئة من النساء اللاتي قُتلن عمداً بين عامي 2011 و2019 كُن ضحايا للعنف الأسري. وفي أوزبكستان، رفضت وزارة الداخلية طلباً من منظمة مي مولتشي غير الحكومية بشأن ملاحقات قضائية تتعلق بالعنف ضد المرأة، بدعوى أنه “عديم الجدوى”. وفي أذربيجان، تعرَّض نشطاء في الدفاع عن حقوق المرأة وصحفيون للابتزاز وحملات تشهير قائمة على أساس النوع الاجتماعي، بينما فُضّت باستخدام العنف المسيرات النسائية التي تحتج على العنف الأسري. وفي أوكرانيا، استمرت الاعتداءات المدفوعة برهاب المثلية، وترددت أنباء عن نقص الخدمات المتاحة لضحايا العنف الأسري في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة من إقليم دونباس.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
استمر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، داخل أماكن احتجاز رسمية وغير رسمية، في 18 بلداً على الأقل، بما في ذلك خلال التحقيقات لانتزاع “اعترافات” وخلال الحبس الانفرادي إلى أجل غير مُسمى في ظروف مزرية. وتقاعست السلطات في مصر وإيران وليبيا والمملكة العربية السعودية عن التحقيق في أسباب وملابسات وفيات مُشتبه بها أثناء الاحتجاز إثر تردد أنباء عن التعذيب، بما في ذلك الحرمان المتعمَّد من الرعاية الصحية. وفي لبنان، وردت أنباء عن 26 حالة تعرض فيها لاجئون سوريون، وبينهم أربعة أطفال، ممن يُحتجزون بتهم تتعلق بالإرهاب، للتعذيب على أيدي ضباط من الاستخبارات العسكرية وغيرهم. وتقاعست السلطات عن التحقيق في ادعاءات التعذيب، حتى في الحالات التي أبلغ فيها المحتجزون هيئات المحاكم أنهم تعرضوا للتعذيب. وتُوفي المنتقد السياسي البارز نزار بنات أثناء احتجازه لدى جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، وذلك إثر قيام الجهاز بالقبض عليه وتعذيبه في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية. وتبين من تشريح الجثة وجود كسور وكدمات وجروح على جميع أجزاء الجسم.

حقوق العمال
تقاعست سلطات في أنحاء المنطقة عن حماية العمال ذوي الدخول المنخفضة من فقدان وظائفهم أو أجورهم، بما في ذلك نتيجة الاثار الاقتصادية للوباء. كما قمعت بعض الحكومات حقوق العمال في الإضراب وتقاعست عن حماية العمال الذين فُصلوا ظلماً من أعمالهم لمشاركتهم في إضرابات. ففي مصر، واصلت السلطات معاقبة العمال لتعبيرهم عن آرائهم أو لما يُزعم عن معارضتهم. وصدر قانون جديد يجيز الفصل التلقائي لعمال القطاع العام المدرجين على “قوائم الإرهاب”، بينما أيَّدت محكمةٌ فصل عامل بإحدى شركات القطاع العام دون تعويض بسبب “تعبيره علناً عن آرائه السياسية”. ومع ذلك، أُعلن عن إصلاحات لتحسين حماية العمال الأجانب في عدة بلدان، وخاصة بلدان الخليج، التي يشكل فيها العمال الأجانب نسبة كبيرة من قوة العمل.

حقوق النساء والفتيات
ظلت معظم حالات العنف ضد المرأة والفتيات دون عقاب من نظم العدالة الجنائية في أنحاء المنطقة. واستمر وقوع ما يُسمى أعمال القتل “بدافع الشرف” في الأردن والعراق والكويت وفلسطين، مع تقاعس السلطات عن اتخاذ إجراءات لمحاكمة الجناة. وتضمن قانون مقترح لمعالجة العنف ضد المرأة في إيران بعض البنود التي تستحق الترحيب، بما في ذلك ما يتعلق بإنشاء دور آمنة، ولكنه لم يتضمن تعريفاً للعنف الأسري بوصفه تهمة منفصلة، ولم يجرِّم الاغتصاب في إطار الزواج وزواج الأطفال، وفضَّل المصالحة على المحاسبة في قضايا العنف الأسري. وأدت تعديلات تشريعية إضافية في إيران إلى مزيد من تقويض الحقوق الإنجابية للمرأة، وفرض قيود شديدة على سُبل الحصول على وسائل منع الحمل، وخدمات التعقيم الطوعي والمعلومات المتصلة بها. وفي ليبيا، تقاعست السلطات عن توفير الحماية أو الإنصاف للنساء والفتيات من الاغتصاب وأشكال العنف الأخرى القائمة على النوع الاجتماعي، وكذلك من أعمال القتل والتعذيب والحرمان غير المشروع من الحرية على أيدي الميليشيات والجماعات المسلحة وجهات أخرى غير حكومية.

الأقليات الدينية والعِرقية
واجه أفراد الأقليات الدينية في أنحاء المنطقة تمييزاً راسخاً في القانون والممارسة، بما في ذلك حقهم في التعبد. وفي بعض البلدان، ومن بينها مصر وإيران، تعرَّض أفراد من أقليات دينية وأفراد وُلدوا لأباء تُعرِّفهم السلطات بأنهم مسلمون للقبض عليهم ومحاكمتهم واحتجازهم تعسفياً بسبب مجاهرتهم بما يعتنقون من عقائد دينية أو تعبيرهم عن معتقدات لا تقرها السلطات. ففي إيران، صدرت أحكام بالسجن على ثلاثة أشخاص اعتنقوا المسيحية، بناءً على تشريع جديد يفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات على من يُدان بتهم إهانة “الديانات السماوية” أو ممارسة “التبشير”. وعانت الأقليات العرقية في إيران وليبيا من التمييز المجحف، مما حدَّ من سُبل حصولهم على الوظائف والمناصب السياسية والخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، ومثّل انتهاكاً لحقوقهم اللغوية والثقافية. ففي إيران، ظل أبناء الأقليات العرقية يتأثرون بشكل غير متناسب بأحكام الإعدام التي تصدر عقاباً على تهم ذات صياغات مُبهمة، مثل “محاربة الله”.
ينبغي على الحكومات والمؤسسات، لكي تفي بوعودها، أن تكون سياساتها في التصدي لأزمة الوباء والتعافي منه مبنيةً بشكل صارم على أساسٍ من مبادئ حقوق الإنسان، ويجب عليها أن تسهِّل إجراء حوار حقيقي مع مؤسسات المجتمع المدني، باعتبارها شريكةً في التوصل إلى حلول.
ويقدم التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية عدداً من التوصيات إلى الحكومات وغيرها من الهيئات بخصوص الموضوعات ذات الأولوية في التحليل العالمي، وهي: الصحة وأوجه عدم المساواة، والحيز المدني، واللاجئين والمهاجرين، بالإضافة إلى موضوعات أخرى تناولتها أبواب نظرة عامة على كل من المناطق الإقليمية الخمس.
ويساعد التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية في توفير المعلومات لأنشطة كسب التأييد مع الحكومات في شتى أنحاء العالم على مدار العام.