قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات الإثيوبية الكف عن هجمتها المستمرة على المعارضة. جاء ذلك بعد القبض خلال الأسبوع الحالي على أربعة آخرين من أعضاء أحزاب المعارضة، والذين يُعتقد أنهم عرضة لخطر التعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة.
وقد قُبض على الأربعة يوم 8 يوليو/تموز 2014 في العاصمة أديس أبابا وفي مدينة ميكيلي الواقعة في شمال البلاد، وذلك بتهمة “الإرهاب”، وهي تهمة عادةً ما تُستخدم كذريعة لوضع المعارضين وراء قضبان السجون في إثيوبيا.
وقالت كلير بيستون، الباحثة المعنية بإثيوبيا في منظمة العفو الدولية، “إن الاعتقالات الأخيرة تضيف إلى العدد المتزايد من الصحفيين وأعضاء أحزاب المعارضة والنشطاء وغيرهم من الأصوات المعارضة الذين يقبعون في السجون بتهمة “المعارضة” المزعومة”.
ومضت كلير بيستون تقول: “مع الاستعداد للانتخابات العامة التي ستُجرى في إثيوبيا في العام القادم، فإن ثمة مخاوف من أن يستمر ذلك العدد في التزايد مع استمرار الحكومة في هجمتها على المعارضة. ولذلك، ينبغي الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن كل من قُبض عليهم بسبب تعبيرهم سلمياً عن آراء معارضة، أو بسبب أنشطتهم من خلال المدونات على شبكة الإنترنت، أو انتمائهم إلى أحد الأحزاب السياسية المعارضة المُسجلة قانوناً، أو مشاركتهم في مظاهرات سلمية”.
الاعتقالات الأخيرة والمخاوف بشأن التعذيبالأربعة الذين قُبض عليهم يوم 8 يوليو/تموز 2014 هم: أبراها ديستا، عضو حزب “أرينا تيغراي” وهو أيضاً محاضر في جامعة ميكيلي؛ وهابتامو أيالو ودانييل شيبيشي، وهما من أعضاء حزب “الوحدة من أجل الديمقراطية والعدالة”؛ ويشيواس أسيفا، من “حزب الزُرق”.
ويُعتقد أن أبراها ديستا محتجز في مدينة ميكيلي في منطقة تيغراي بشمال البلاد، بينما اقتيد الثلاثة الباقون إلى مركز احتجاز مايكيلاوي التابع للشرطة الاتحادية في أديس أبابا.
وذكر أعضاء في “حزب الزُرق” وحزب “الوحدة من أجل الديمقراطية والعدالة” إنهم حاولوا زيارة المعتقلين في مركز مايكيلاوي يوم 9 يوليو/تموز 2014، ولكن لم يُسمح لهم بالزيارة وقيل لهم إنهم لن يتمكنوا من الاتصال بالمعتقلين إلا بعد انتهاء تحقيقات الشرطة.
ويُذكر أن المحتجزين في مركز مايكيلاوي عادةً ما يُحرمون من الاتصال بممثلين قانونيين أو بأفراد أسرهم خلال المراحل الأولى من الاحتجاز، والتي قد تمتد لشهرين أو ثلاثة أشهر، مما يتنافى مع القانون الإثيوبي والقانون الدولي. ومن شأن هذا الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي أن يزيد كثيراً من مخاطر تعرض المعتقلين للتعذيب. وكثيراً ما يتعرض المعتقلون السياسيون في مركز ميكلاوي للتعذيب أثناء التحقيق معهم.
النقل بشكل غير قانوني من اليمنوفي يوم 8 يوليو/تموز 2014 أيضاً، أكدت قناة التليفزيون الإثيوبي التي تديرها الدولة أن الزعيم المعارض أندارغاشو تسيغي، الذي كان قد اختفى في اليمن يوم 24 يونيو/حزيران 2014، محتجزٌ في أديس أبابا. وقد نُقل أندارغاشو تسيغي، أمين عام “حركة العدالة والحرية والديمقراطية” (“غينبوت 7”) المحظورة قانوناً، من اليمن بشكل غير قانوني، ولم تفصح السلطات بعد عن المكان الذي يُحتجز فيه على وجه الدقة في العاصمة الإثيوبية. ولا يزال أندارغاشو تسيغي، الذي يحمل الجنسية البريطانية، ممنوعاً من الاتصال بممثلين قانونيين أو قنصليين أو بالأقارب.
كما عرضت قناة التليفزيون الإثيوبي (وهي القناة التليفزيونية الوحيدة في البلاد) لقطات بدا فيها أندارغاشو تسيغي شاحباً ومجهداً وهو يقول إن القبض عليه بمثابة ضارة نافعة وإنه لا يريد سوى أن يخلد للراحة. وقد قالت زوجته لمنظمة العفو الدولية إنها لا تفهم المقصود من بث تلك اللقطات والتصريحات.
وتجدر الإشارة إلى وجود سوابق عديدة لقيام السلطات بتصوير لقطات للمتهمين في قضايا الإرهاب وبثها على قناة التليفزيون الإثيوبي. ويُعد هذا في كل حالة من الحالات انتهاكاً لحق الفرد في أن يُعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته أمام محكمة قانونية. ويُذكر أن أندارغاشو تسيغي قد حُوكم غيابياً في ثلاث قضايا منفصلة، وحُكم عليه بالإعدام وبالسجن المؤبد.
وخلال العرض التليفزيوني نفسه، أُعلن أنه أُلقي القبض على آخرين من زعماء المعارضة، بسبب صلاتهم مع “حركة العدالة والحرية والديمقراطية” (“غينبوت 7”) و”قناة التليفزيون الإثيوبي الفضائية”، وهي قناة فضائية تُبث من الخارج وتصفها السلطات بأنها “وسيلة الإعلام الرسمية لحركة “غينبوت 7″”. وقد تكشفت لاحقاً تفاصيل عن عمليات القبض.
وقد سبق أن استخدمت السلطات الإثيوبية تهمة الصلات مع حركة “غينبوت 7″ و”قناة التليفزيون الإثيوبي الفضائية” كذريعة لسجن المعارضين، ومن ثم إخراس الأصوات الأخرى المعارضة، وذلك استناداً إلى مزاعم الإرهاب. وفي عام 2011، حظرت السلطات الإثيوبية حركة “غينبوت 7” واعتبرتها منظمة إرهابية.
احتجاز صحفيين ومدوِّنين بموجب “قانون مكافحة الإرهاب”يوجد أيضاً ستة مدونين من جماعة “المنطقة التاسعة” وثلاثة صحفيين ضمن المحتجزين بموجب “قانون مكافحة الإرهاب” في مركز احتجاز مايكيلاوي. ويُحتجزو التسعة جميعهم بدون توجيه تهم لهم منذ القبض عليهم يومي 25 و26 إبريل/نيسان 2014 بزعم ضلوعهم في الإرهاب. ويجيز “قانون مكافحة الإرهاب” بصياغته الفضفاضة الاحتجاز بدون تهمة لمدة تصل إلى أربعة أشهر، وهي من أطول فترات الحبس الاحتياطي في العالم.
وفي 9 يوليو/تموز 2014، سُمح لستة من أولئك المعتقلين بتلقي زيارات، وذلك للمرة الأولى منذ القبض عليهم قبل شهرين ونصف الشهر. وقد ذكر المعتقلون أنهم نُقلوا من الزنازين الموجودة في طوابق سفلية تحت الأرض في مركز مايكيلاوي، وهي الزنازين التي عادة ما يُحتجز فيها المعتقلون السياسيون خلال المراحل الأولى من احتجازهم، إلى جزء آخر من السجن، الذي يطلق عليه المعتقلون على سبيل السخرية اسم “شيراتون”.
وقال الستة جميعهم إنهم أُجبروا على التوقيع على اعترافات بالجرائم المنسوبة إليهم. وقد سبق لثلاثة منهم أن اشتكوا من تعرضهم للتعذيب، وذلك أمام المحكمة في جلسات نظر أمر الحبس الاحتياطي، إلا إن المحكمة لم تتخذ أي إجراء بخصوص هذه الادعاءات.
ولا يزال الأعضاء الآخرون في جماعة “المنطقة التاسعة” محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي، وهم أبيل وابيلا؛ وماهليت فانتاهون والصحفية إيدوم ماساي.
وقالت كلير بيستون إن “سجل الحكومة الإثيوبية في احترام حقوق المحتجزين هو سجل يبعث على القلق، وهذا أقل ما يمكن قوله”.
واختتمت كلير بيستون تصريحها قائلةً: ينبغي السماح لجميع المعتقلين بالاتصال فوراً بمحاميهم وأفراد أسرهم، وينبغي الإفراج عنهم ما لم تُوجه إليهم تهم جنائية معترف بها، كما يجب على الحكومة الإثيوبية أن تكفل عدم تعرض أي شخص على الإطلاق للتعذيب”.