أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى: يجب حماية حقوق الإنسان خلال تفشي وباء فيروس كوفيد – 19

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن الحكومات في دول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى تواجه وباء كوفيد 19 بإجراءات قمعية وانتهاكات لا تفي إلى حد بعيد بالتزاماتها المتعلقة حقوق الإنسان. وأصدرت المنظمة تقريراً موجزاً جديداً (باللغة الانكليزية)يحدد مسؤوليات الحكومات في المنطقة.

وقالت قال هيذر ماكجيل، الباحثة في شؤون آسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية: “مع تفشي وباء فيروس كوفيد -19 في المنطقة، يبدو أن العديد من الحكومات مهتمة بقمع المعارضة أكثر من حماية الصحة العامة.

 “فمن إغلاق السلطات في كازاخستان لأبواب الشقق باستخدام اللحام لحبس السكان بالداخل، إلى اعتداء الشرطة الشيشانية على الأشخاص لعدم ارتداء أقنعة؛ يبدو أن الحكومات تنظر إلى الوباء باعتباره ضوءاً أخضر للدوس على حقوق الإنسان. ويجب أن تكون أي إجراءات صارمة لوقف تفشي الفيروس مؤقتة ومتناسبة ومتماشية مع معايير حقوق الإنسان”.

الاستخدام المفرط للقوة والإجراءات التقييدية

 تلجأ السلطات في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بشكل معتاد إلى الإجراءات القمعية لإسكات الأصوات المنتقدة. فمن غير المستغرب أن تتصدى بعض الحكومات لتفشي وباء   فيروس كوفيد – 19 بتجاهل حقوق الإنسان الأساسية.

  في 6 أبريل/ نيسان، في كاراكول، بقيرغيزستان، أغلقت السلطات أبواب مجمع سكني بالكامل يضم عشرات العائلات، باستخدام اللحام، بعد أن ثبُت إصابة أحد السكان بفيروس كوفيد -19. وفي كازاخستان، فرضت السلطات أيضاً الحجر الصحي على مجمع سكني بعد أن أغلقت الأبواب باستخدام اللحام، مما أدى إلى إجبار السكان على البقاء في الداخل.

إن شعوب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى يستحقون ما هو أفضل خلال هذه الأوقات العصيبة والمثيرة للتحدي.
ويجب على حكوماتهم تخصيص جميع الموارد المتاحة لإعمال الحق في الصحة، ووضع حقوق الإنسان في صميم عملية تصديهم للفيروس

هيذر ماكجيل

وفي 18 أبريل/ نيسان، أغلق الجيش الأوكراني الطريق الوحيد للوصول إلى قرية ستارومارييفكا، التي تقع في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، والمتضررة من النزاع في شرق أوكرانيا. وقد ترك ذلك سكان القرية، البالغ عددهم 150 شخصاً، في انقطاع عن العالم الخارجي، ولا توجد وسيلة للحصول على الطعام أو الخدمات الطبية أو أي مساعدة أخرى.

 في نهاية شهر مارس/آذار، في جمهورية الشيشان الروسية، تم تصوير شرطة  وهي تلحم أنابيب بلاستيكية. وتشير أدلة الفيديو إلى أن الشرطة اعتدت بدنياً على الأشخاص الذين لم يرتدوا أقنعة الوجه.

تهديدات تواجه الحق في الصحة

 في بيلاروس وطاجيكستان وتركمانستان، قلل القادة السياسيون من خطورة الوباء وروجوا لعلاج لاستخدام علاج لم تثبت فعاليته. في نهاية مارس/آذار، قال أليكساندر لوكاشينكا من بيلاروس أن جرعة من الفودكا يومياً ستقتل الفيروس، وكذلك زيارة حمامات البخار وممارسة الأنشطة الرياضية. وحتى اليوم، لم تتخذ حكومته أي إجراءات تتعلق بعملية التباعد الاجتماعي. وقد نصح نظيره التركمانستاني غوربانغولي بيردي محمدوف، ولم يكد يذكر فيروس كوفيد – 19، بحرق أوراق نبات الحرمل الشائع لدرء المرض.

 ففي جميع أنحاء المنطقة تكافح نظم الرعاية الصحية التي تعاني من نقص التمويل من أجل توفير الرعاية الكافية. وفي روسيا، أدى إصلاح نظام الرعاية الصحية العامة الذي أطلق عليه “الترشيد” خلال العقد الماضي إلى انخفاض حاد في عدد العاملين في المجال الطبي والمرافق الصحية. وقد عرّض نقص المعدات الطاقمَ الطبي للإصابة بالفيروس

تهديد حرية التعبير والوصول إلى المعلومات

 لمكافحة تفشي الفيروس، يجب على الحكومات ضمان نشر معلومات يمكن الوصول إليها، ودقيقة وقائمة على الأدلة حول فيروس كوفيد – 19، وكيف يمكن للناس حماية أنفسهم. ومع ذلك، في كثير من الأحيان، استخدمت السلطات في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى سلطات الطوارئ، التي تم العمل بها حديثاً، لمضايقة الصحفيين وغيرهم ممن حاولوا تبادل المعلومات.

وأضافت هيذر ماكجيل قائلة: “قامت حكومتا أذربيجان وروسيا بمقاضاة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيين والمهنيين الطبيين لفضح تقصيرهما في التصدي لوباء فيروس – 19. وقامت دول أخرى، مثل أوزبكستان، بفرض غرامات ثقيلة بسبب نشر “أخبار كاذبة”.

“ومن شأن هذا أن يبعث برسالة مروعة للصحفيين في جميع أنحاء المنطقة، ويظهر أن العديد من الحكومات تهتم بالهجوم على المنتقدين أكثر من حماية صحة الناس”.

 ففي أذربيجان، استخدمت السلطات تفشي وباء فيروس – 19 كذريعة لقمع المعارضة. ففي 19 مارس/آذار، أعلن الرئيس إلهام علييف عن “قواعد جديدة” طوال فترة تفشي وباء فيروس كوفيد – 19، بما في ذلك “عزل” معارضة بلاده و”التخلص منها”.  وفي وقت لاحق، ألقي القبض على الناشط المعارض توفيق يعقوبولو بتهم زائفة بارتكاب أعمال شغب، وتبعه المدافع عن حقوق الإنسان إلتشين محمد المتهم بالسرقة.

 وفي روسيا، استدعيت رئيسة نقابة “تحالف الأطباء” المستقلة ، أناستاسيا فاسيليفا ، للاستجواب بسبب نشرها “أخبار كاذبة”. وقد دعت منظمتها المهنيين الطبيين الروس لكشف عدم كفاءة السلطات في التصدي للوباء. ونتيجة لذلك، تعرض العديد من أعضاء التحالف للمضايقة والتهديدات، واحتجزت الشرطة فاسيليفا نفسها بتهمة “خرق الحجر الصحي” أثناء تزويدها بمستشفى محلي بالمعدات.
 ولم تنجُ وسائل الإعلام الروسية من الضغط. وقد أجبرت السلطات صحيفة  نوفايا غازيت Novaya Gazeta  التي تحظى باحترام كبير، على حذف مقال ينتقد سياسات الإغلاق الشامل الذي فرضته السلطات الشيشانية بعد أن هدد رئيس الجمهورية رمضان قديروف علناً كاتبتها إيلينا ميلاشينا.

واختتمت هيذر ماكجيل قائلة: “إن شعوب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى يستحقون ما هو أفضل خلال هذه الأوقات العصيبة والمثيرة للتحدي”.

“ويجب على حكوماتهم تخصيص جميع الموارد المتاحة لإعمال الحق في الصحة، ووضع حقوق الإنسان في صميم عملية تصديهم للفيروس.”