لا ينبغي أن تُعزل غزة عن االعالم

بدأت السلطات المصرية صباح الجمعة جهوداً لإعادة إغلاق حدود البلاد مع غزة. وتأتي هذه التدابير بعد ثلاثة أيام من تفجير المسلحين الفسطينيين فتحات في الجدار الحدودي الذي يفصل بين مصر وقطاع غزة، ما سمح لمئات آلاف من أهالي غزة باجتياز الحدود إلى مصر وشراء الأغذية والأدوية والوقود وغيرها من الحاجيات الضرورية. وكانت حدود مصر مع غزة قد أغلقت منذ يونيو/حزيران 2007، ما أدى من الناحية الفعلية إلى ترك 1.5 مليون فلسطيني ممن يعيشون في قطاع غزة في سجن محكم. ومعظم هؤلاء يعيشون في حالة من الفقر المدقع نتيجة الإغلاق المشدَّد الذي يفرضه الإسرائيليون. ومع أن منظمة العفو الدولية تقول إن من حق مصر تأمين حدودها، إلا أن العودة إلى ما كانت عليه الأمور على الحدود بين غزة ومصر، وإغلاق الممر الوحيد لسكان غزة إلى العالم الخارجي بصورة كاملة كما كان الحال خلال الأشهر السبعة الماضية غير مقبول بأية صورة من الصور. وحول ذلك، صرح مالكولم سمارت، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، بأنه “مهما كانت طبيعة الاتفاق لإدارة الحدود الذي سيتم التوصل إليه بين حكومتي إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية وإدارة الأمر الواقع التابعة لحماس في غزة، فإن هذا الاتفاق يجب أن يحترم بالكامل الحقوق الأساسية للسكان الفلسطينيين في غزة. وعلى وجه الخصوص، ينبغي احترام حقهم في أن لا يخضعوا للعقاب الجماعي، بما في ذلك القيود التعسفية على  التنقل، كما ينبغي احترام حقهم في الصحة وفي مستوى كاف من المعيشة وفي حرية الحركة”. ودعت منظمة العفو الدولية كذلك إلى السماح للمرضى ممن هم بحاجة ماسة إلى العلاج الطبي السريع غير المتوافر في غزة بالخروج بلا عراقيل من غزة وطالبت بعدم تركهم ليلاقوا حتفهم بسبب غياب الرعاية الطبية، حيث  توفي نحو 40 مريضاً في الأشهر الأخيرة بعد أن رُفض السماح لهم بمغادرة غزة على أيدي السلطات الإسرائيلية. ومضى مالكولم سمارت إلى القول: “ينبغي أن يسمح لإهالي غزة بالمغادرة بالسبل العادية، لا أن تظل مغادرتهم رهناً بتدابير استثنائية من قبيل هدم الجدار الحدودي للعبور كخيار وحيد يضطرون إلى اللجوء إليه. وينبغي أن لا يعانوا من جديد تجربة إمكان حرمانهم من فرصة العودة إلى ديارهم إذا ما أعيد إغلاق الحدود أثناء وجودهم خارج القطاع لتلقي العلاج الذي ينقذهم من الموت في مستشفيات خارج القطاع”. وقد تم اختراق الجدار إثر تشديد السلطات الإسرائيلية في الأسبوع الماضي حصارها الذي أوقف كافة أوجه النشاط في غزة، حيث منعت عبور حتى السلع الأساسية كالوقود والمساعدات الإنسانية. وسرعان ما أخذ مخزون المواد الطبية في النفاد، واضطرت محطة توليد الكهرباء الوحيدة إلى التوقف في 20 يناير/كانون الثاني لشح الوقود.   ومع انقطاع التيار الكهربائي، لم يبق لدى المستشفيات في غزة سوى استخدام المولدات الإضافية الاحتياطية التي لديها للإبقاء على عملها، فاضطرت إلى قطع معظم خدماتها. وواجه العاملون الصحيون مشكلات في العمل نتيجة ما تسبب به شح البنزين والديزل من صعوبة في المواصلات. وإثر إغلاق محطة الكهرباء، سمحت السلطات الإسرائيلية بإدخال بعض مخزون الوقود إلى غزة يوم الثلاثاء (22 يناير/ كانون الثاني)، ما مكَّن المحطة من استئناف عملها، وإن كان بمستوى متدن من الكفاءة. إلا أن الحالة ما زالت مريعة، كما يتوقع استمرار انقطاع التيار الكهربائي. وتظل المستشفيات في حالة طوارئ دائمة نتيجة شح الوقود وما يحيط بإمكانات الحصول عليه من شكوك ونتيجة اعتمادها بصورة غير عادية على المولدات الاحتياطية في ساعات انقطاع التيار، ما أدى في كثير من الأحيان إلى تعطل هذه المولدات في وقت يتعذر فيه تماماً الحصول على قطع الغيار بسبب الحصار. ففي المستشفى الأوروبي في غزة ومستشفى ناصر في خان يونس، أدى سوء الأوضاع، بحسب منظمة الصحة العالمية، إلى تعليق جميع الخدمات العلاجية باستثناء حالات الطوارئ والعمل في وحدات العناية المركزة كلما وقع انقطاع في التيار الكهربائي. وقال مالكولم سمارت: “إن المستشفيات تحتاج إلى التزويد المستمر بالتيار الكهربائي وإلى تدابير مساندة كافية للطوارئ – وليس مجرد الحصول على الطاقة بالقطارة ووسط خشية دائمة من انقطاع التيار كإجراء انتقامي لأحداث تقع في قطاعات أخرى لا علاقة لها بعمل المستشفيات”. إن المرافق الطبية في غزة تفتقر إلى الموظفين المتخصصين وإلى التجهيزات المتقدمة اللازمة لمعالجة عدد من الأمراض كالسرطان وأمراض أوعية القلب. وتؤكد منظمة العفو الدولية مجدداً على حث السلطات الإسرائيلية على تسريع عمليات حصول المرضى ممن يحتاجون إلى المعالجة الطبية العاجلة غير المتوافرة في غزة على مثل هذه المعالجة. إن المنظمة تدعو السلطة الفلسطينية وحكومتي مصر والأردن أيضاً إلى المساعدة على تيسير حصول هؤلاء المرضى على الرعاية الصحية اللازمة، وتحث السلطات المصرية على ضمان عدم استخدام قوات أمنها التي تنشرها على الحدود مع غزة القوة المفرطة ضد أهالي قطاع غزة الذي يعبرون الحدود أو يسعون إلى ذلك.