عنف الشرطة

نظرة عامة

يقع على عاتق الشرطة واجب منع الجرائم والكشف عنها، والحفاظ على القانون والنظام، وحماية حقوق الإنسان. ومع ذلك، كثيرًا ما تسيء الشرطة استخدام صلاحياتها. فبدءًا من مقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة إلى عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء للبرازيليين من أصل أفريقي في مدن أكواخ الصفيح في البرازيل وقمع المتظاهرين في بنغلاديش وهونغ كونغ، أدى استخدام الشرطة للقوة بشكل غير مشروع إلى عواقب وخيمة.

وفي بعض الأحيان تقتل الشرطة أشخاصًا أو تصيبهم بجروح خطيرة أثناء الاعتقالات. وفي حالات أخرى لا حصر لها، يسارع أفراد الشرطة إلى استخدام القوة غير المشروعة والمراقبة المفرطة والاعتقالات التعسفية والاحتجاز لقمع الاحتجاجات السلمية. وفي بعض الأحيان تغذي العنصرية وغيرها من أشكال التمييز هذه الأفعال. ويمكن أن يؤدي الاستخدام المتهور لأسلحة إنفاذ القانون الأقل فتكًا، مثل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والهراوات والقنابل الصوتية، إلى إصابات تغير الحياة وصدمات طويلة الأمد.

وفي أسوأ الأحوال، قد يتسبب استخدام الشرطة للقوة بشكل غير مشروع في حرمان الناس من حقهم في الحياة أو تعريضهم للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة. وعلى الرغم من خطورة انتهاكات حقوق الإنسان هذه، إلا أن أفراد الشرطة الذين يرتكبون هذه الانتهاكات قلما يخضعون للمساءلة.

توثق منظمة العفو الدولية استخدام الشرطة للقوة غير المشروعة في جميع أنحاء العالم كجزء من حملتها لنحمِ التظاهر. كما تقوم المنظمة بحملة من أجل إبرام معاهدة لتنظيم تجارة أدوات التعذيب التي تستخدمها الشرطة ضد المحتجين. كذلك قامت منظمة العفو الدولية بتطوير دورة على الإنترنت لرفع مستوى الوعي حول ما هو مسموح وما هو غير مسموح به للشرطة، ولماذا تعتبر المساءلة عن تصرفات الشرطة غير المشروعة أمرًا بالغ الأهمية.

عناصر من شرطة مكافحة الشغب الروسية يغلقون أحد الشوارع خلال مسيرة داعمة لناقد الكرملين المسجون أليكسي نافالني في وسط سان بيترسبورغ في 21 أبريل/نيسان 2021.

تسجلوا في دورتنا المجانية عبر الإنترنت حول أعمال حفظ الأمن وحقوق الإنسان

ستتعرفون في هذه الدورة المجانية ذاتية التعلم على القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان في مجال حفظ الأمن.

ما هي قواعد حفظ الأمن؟

يجب على الشرطة عند ممارستها لصلاحياتها أن تمتثل لالتزامات دولها بموجب القانون الدولي باحترام حقوق الإنسان وحمايتها وإعمالها، مثل الحق في الحياة والحرية والأمان على النفس، والحق في حرية التجمع السلمي وحرية التعبير. إلا أن العديد من هذه الحقوق يتم انتهاكها من خلال استخدام الشرطة للقوة غير المشروعة وغيرها من السلوكيات غير المشروعة، والتي قد تشمل الضرب والإساءة العرقية والاستخدام المتهور للأسلحة الأقل فتكًا، بالإضافة إلى عمليات القتل غير المشروع والتعذيب.

تعتبر الشرعية والضرورة والتناسب مبادئ جوهرية في حفظ الأمن. وتحدد القوانين والمعايير الدولية التي تحكم عمل الشرطة كيف ومتى يجوز لأفراد الشرطة استخدام القوة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مبادئ الحيطة وعدم التمييز والمساءلة تحكم أيضًا ممارسة صلاحيات الشرطة، ولا سيما استخدام القوة.

شرطة إسطنبول تُفرِّق إحدى المظاهرات التي اعتادت أمهات تركيات تنظيمها، لإحياء ذكرى اختفاء أقاربهن في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وتحتجز الشرطة عشرات الأشخاص.

ما هي القوانين والممارسات القائمة لتنظيم ممارسات الشرطة؟

ترد معايير واضحة لحقوق الإنسان بشأن عمل الشرطة في الوثائق الرئيسية التالية:

  • وتعتبر المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون التي وضعتها الأمم المتحدة صكًّا دوليًّا رئيسيًّا أو مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تتناول استخدام القوة من قبل الشرطة. وهي تشترط على أفراد الشرطة استخدام وسائل غير عنيفة، إلى أبعد حد ممكن، قبل اللجوء إلى استخدام القوة والأسلحة النارية. وتنص كذلك على أنه لا يجوز لأفراد الشرطة استخدام القوة القاتلة إلا عند الضرورة القصوى لحماية أنفسهم أو الآخرين من التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة، وفقط كملاذ أخير، عندما تكون الخيارات الأخرى لتهدئة الوضع ووسائل القوة الأقل ضررًا غير كافية.
  • كما توضح مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن مسؤوليات الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون لا تقتصر على احترام القانون فحسب، بل أيضًا احترام حقوق الإنسان وحمايتها في إطار واجباتهم. وتنص كذلك على أنه لا يجوز لهم استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وفى الحدود اللازمة لأداء واجبهم.

واستنادًا إلى هاتين الوثيقتين القانونيتين، وضعت منظمة العفو الدولية مبادئ منظمة العفو الدولية التوجيهية لاستخدام القوة – وتنفيذ المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين. وهي تستند إلى القوانين واللوائح ووثائق التدريب الوطنية من 58 بلدًا لتقديم توصيات تهدف إلى مساعدة الحكومات على تنفيذ مبادئ الأمم المتحدة الأساسية وضمان فعالية أعمال حفظ الأمن بما يتوافق مع حقوق الإنسان.

وتحدد توجيهات الأمم المتحدة بشأن استخدام الأسلحة الأقل فتكًا في سياق إنفاذ القانون إرشادات بشأن تصميم الأسلحة الأقل فتكًا وإنتاجها ونقلها وشرائها واختبارها والتدريب عليها ونشرها واستخدامها على نحو مشروع ومسؤول. وتشمل هذه الأسلحة هراوات الشرطة والغاز المسيل للدموع ومدافع المياه والصواعق الكهربائية – وهي أسلحة تُباع كبديل للأسلحة التقليدية مثل الأسلحة النارية التي تقتل على الفور.

بايو بونسوفون هو ناشط بيئي يبلغ من العمر 29 عامًا أصيب بعيار ناري في عينه اليمنى من قبل أحد أفراد الشرطة. وقد اخترقت إحدى الرصاصات المطاطية مقلة عين بايو وأصابته بالعمى.

متى تكون القوة غير مشروعة؟

يجب أن تسترشد الشرطة بمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وعدم التمييز في جميع الأوقات. ويعتبر أي استخدام للقوة لا يتوافق مع هذه المبادئ غير مشروع.

ينص مبدأ المشروعية على أن اللجوء إلى استخدام القوة يجب أن يكون وفقًا للتشريعات المحلية ولغرض مشروع لإنفاذ القانون فقط على النحو المنصوص عليه في القانون.

أما الضرورة فتعني عدم استخدام القوة إلا عند الضرورة القصوى، وبالقدر المطلوب فقط لتحقيق هدف مشروع. يجب على أفراد الشرطة، وبقدر الإمكان، محاولة استخدام الوسائل غير العنيفة أولًا. فالأوامر الشفهية، أو التفاوض، أو التحذيرات، أو مجرد الحفاظ على مسافة آمنة، جميعها وسائل لتحقيق الهدف دون اللجوء إلى استخدام القوة. وعندما يحتاجون إلى اللجوء إلى القوة يجب أن يستخدموا الوسيلة الأقل ضررًا والتي من المحتمل أن تكون فعالة. ويجب أن يتوقف استخدام القوة بمجرد أن يحققوا هدفهم أو عندما يتضح لهم أنه لا يمكن تحقيق الهدف بعد ذلك.

ويعني التناسب أنه يجب أن يكون هناك توازن بين نوع ومستوى القوة المستخدمة والضرر الذي يمكن أن تسببه للفرد مع مراعاة التهديد الذي يشكله الفرد. ولا يجوز أبدًا أن يفوق الضرر الناجم عن استخدام القوة الضرر الذي يراد منعه.

عند اللجوء إلى استخدام القوة، يجب على الشرطة احترام وحماية حقوق الإنسان لكل شخص دون تمييز، ويجب ألا تستخدم القوة ضد الأفراد بتحيز أو بقصد تمييزي مباشر أو غير مباشر.

وبالتالي، فإن القوة التي تستخدمها الشرطة بطريقة تعسفية أو مسيئة لا تهدف إلى تحقيق هدف مشروع بل إلى العقاب أو التعذيب أو التنكيل، أو التي تكون غير ضرورية أو مفرطة، هي قوة غير مشروعة.

متظاهرون يركضون من الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج في داكار في 8 مارس/آذار 2021، بعد اتهام زعيم المعارضة في البلاد عثمان سونكو بالاغتصاب.

تسجلوا في دورتنا المجانية عبر الإنترنت حول أعمال حفظ الأمن وحقوق الإنسان

ستتعرفون في هذه الدورة المجانية ذاتية التعلم على القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بأعمال حفظ الأمن.

استخدام الأسلحة الأقل فتكًا

من الأرجنتين إلى زمبابوي، تستخدم الشرطة بشكل متكرر القوة غير الضرورية والمفرطة لقمع المظاهرات السلمية. وغالبًا ما يتم ذلك من خلال إساءة استخدام الأسلحة الأقل فتكًا، مثل مقذوفات التأثير الحركي، والغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية والهراوات.

ووثّق تقرير لمنظمة العفو الدولية، يستند إلى بحوث أُجريت في أكثر من 30 بلدًا، كيف شُوِّه آلاف المتظاهرين والمارة وقُتل العشرات منهم بسبب الاستخدام المتهور وغير المتناسب في كثير من الأحيان لمقذوفات التأثير الحركي من مسافة قريبة. وتشمل الإصابات المروعة التي تسببها هذه الأسلحة فقدان العين، والحروق المروعة، وكسور الجمجمة، وكسور الأضلاع، وثقب الرئتين.

متظاهر يركل قنبلة غاز مسيل للدموع باتجاه أفراد شرطة مكافحة الشغب خلال مسيرة في نانت، غرب فرنسا.

دراسة حالة: ليدي كادينا في كولومبيا

في سن الـ 22، تغيّرت حياة ليدي كادينا إلى الأبد عندما أصيبت برصاصة مطاطية أثناء احتجاجات في وسط بوغوتا، كولومبيا، في 28 أبريل/نيسان 2021. كانت طالبة العلوم السياسية قد خرجت إلى الشارع مع مئات الآخرين للاحتجاج على طريقة تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية وللمطالبة بالتغيير في البلاد.

تتذكر ليدي قائلة: “بينما كنا نتظاهر بشكل سلمي ونغني ونهتف، بدأت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع وبدأ الناس يركضون”. وبينما كانت هي وأصدقاؤها يحاولون العودة إلى المنزل، اعترضت فرقة من الشرطة طريقهم. أطلق أحد أفراد الشرطة رصاصة مطاطية على ليدي وأصابها من مسافة قريبة. ونتيجة لذلك، فقدت عينها اليمنى في الهجوم.

تقدمت ليدي لاحقًا بشكوى إلى الشرطة وتم استجوابها بشأن ما حدث 10 مرات على الأقل. أصبحت قضيتها رمزًا في جميع أنحاء كولومبيا كمثال مروع على الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة أثناء الإضراب الوطني والضرر الدائم الذي تسببه أسلحة إنفاذ القانون الأقل فتكًا. أجبرتها التهديدات التي تلقتها بعدما استنكرت الاعتداء على مغادرة البلاد.

وقالت: “إن وضع هذه الأسلحة في أيدي قوات الأمن المعتدية يعرّض الناس لخطر التعذيب والتشويه – كما حدث معي”.

التمييز وأعمال حفظ الأمن

وتظهر بحوث منظمة العفو الدولية أن انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الشرطة يمكن أن تحدث لأي شخص – المجرمين الصغار، والمتظاهرين، والناشطين الطلاب، والأشخاص الذين كانوا فقط في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب. ومع ذلك، إن الفقراء والمهمشين هم الذين يتعرضون في أغلب الأحيان للقتل أو الضرب أو الاغتصاب أو الإهانة أو الإساءة على أيدي الشرطة.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية، أدّت أعمال حفظ الأمن العنصرية إلى الوفاة المروعة لجورج فلويد، ومايكل براون، وبريونا تايلور، وإريك غارنر وغيرهم من السود العُزَّل. ويؤدي الاستخدام المتزايد لأنظمة التعرف على الوجه إلى تعريض السود لمزيد من خطر الاعتقال الخاطئ والاستخدام غير المشروع للقوة.

وفي المكسيك، تعرضت النساء اللواتي تعتقلهن الشرطة في إطار “الحرب على المخدرات” للاغتصاب والاعتداء الجنسي وأشكال أخرى من التعذيب، مثل الصعق الكهربائي للأعضاء التناسلية، كوسيلة لحملهن على “الاعتراف” بارتكاب جرائم خطيرة. وفي الفلبين، أطلق أفراد الشرطة النار على الفقراء والمعدمين المشتبه في تعاطيهم المخدرات أو بيعها في الفلبين بينما كانوا يتوسلون طلبًا للرحمة.

يتعرض أفراد مجتمع الميم حول العالم للمضايقات والانتهاكات على أيدي الشرطة بشكل اعتيادي. ففي عام 2017، مثلًا، أطلقت السلطات في جمهورية الشيشان الروسية موجة من الهجمات على الأشخاص الذين يُعتقد بأنهم مثليون أو مثليات. واختُطف عشرات الرجال المثليين في الشيشان، وتعرضوا للتعذيب على يد الشرطة. وقُتل العديد منهم في أماكن احتجاز سرية.

متظاهرة ترفع يديها وقد كتب عليهما شعار خلال مظاهرة ضد الأعمال الوحشية التي ترتكبها الشرطة في شارلوت بولاية نورث كارولينا في 21 سبتمبر/أيلول 2016.

دراسة حالة: جينا مهسا أميني

متظاهر يحمل صورة لمهسا أميني خلال مظاهرة لدعم أميني، وهي شابة إيرانية توفيت بعد اعتقالها في طهران من قبل شرطة الآداب في الجمهورية الإسلامية.

في مثال وحشي للتمييز الذي تمارسه الشرطة، أوقفت شرطة “الآداب” الإيرانية (غشت إرشاد) جينا مهسا أميني أثناء زيارتها طهران مع شقيقها في سبتمبر/أيلول 2022. وقد قامت شرطة غشت إرشاد، المعروفة بمضايقة النساء اللواتي لا يمتثلن لقوانين الحجاب الإلزامي التعسفية والتمييزية في البلاد واحتجازهن بشكل تعسفي، باعتقالها بعنف.

وقال شهود عيان إن الشرطة دفعتها إلى سيارة واعتدت عليها بالضرب، واقتادتها إلى مركز احتجاز فوزارا بطهران. كذلك تعرّض شقيقها للضرب لدى احتجاجه‎. وقال في وقت لاحق في مقابلة إعلامية إن الشرطة أخبرت جينا مهسا أميني أنها ستخضع لصف “تربوي” في فوزارا يهدف إلى “إصلاح” النساء والفتيات المخالفات لقواعد اللباس الإسلامي في البلاد.

وبحسب أنباء موثوقة فإن شرطة “الآداب” عرّضتها للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة داخل سيارة الشرطة، بما في ذلك بضربها على رأسها. ودخلت في غيبوبة ونُقلت إلى المستشفى حيث بقيت محتجزة لدى موظفي إنفاذ القانون، وهناك توفيت بعد ثلاثة أيام، في 16 سبتمبر/أيلول 2022.

لم تكُن قد تجاوزت الـ 22 عامًا‎.

وأثار موتها غضبًا عالميًا وأدى إلى انتفاضة “المرأة، الحياة، الحرية” في إيران ضد عقود من القمع المستشري والتمييز القائم على النوع الاجتماعي.

استخدام القوة غير المشروعة أثناء عمليّات الاحتجاز والاعتقال

لطالما وثّقت منظمة العفو الدولية أدلة على استخدام الشرطة للقوة غير المشروعة أثناء الاعتقالات. ويمكن أن يتعرض الأفراد للضرب بقبضات اليد، أو الضرب بالهراوات أو الركل في الوجه، حتى عندما لا يبدون أي مقاومة ولا يشكلون أي خطر على الشرطة. وكثيرًا ما تُستخدم أسلحة الصعق الكهربائي في مثل هذا السياق، بما في ذلك عندما لا يشكل الشخص أي تهديد لأي أحد، وغالبًا ما يتم ذلك بطريقة متكررة ومطولة باستخدام “وضع الصعق” المؤذي للغاية (أي استخدام السلاح في وضع التلامس المباشر مع الجسم) الذي ينبغي حظره تمامًا.

ويمكن أن يستمر استخدام القوة غير المشروعة أثناء الاحتجاز، وداخل مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة وغرف الاستجواب والسجون. وفي العديد من الحالات، يمارس أفراد الشرطة التعذيب والمعاملة السيئة كـ “عقاب” على ردّ الكلام أو عدم التعاون أو لإجبارهم على الاعتراف.

خلال انتفاضة المرأة، الحياة، الحرية في إيران في 2022، ارتكبت قوات الأمن، التي تشمل الشرطة والحرس الثوري الإسلامي، عمليات تعذيب واسعة النطاق وغيرها من ضروب المعاملة السيئة ضد المتظاهرين والمارة. وشمل ذلك الاستخدام المروع للاغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد المتظاهرين المحتجزين.

احتُجز الناشط والشاعر أرتيوم كاماردين في روسيا في سبتمبر/أيلول 2022 لمشاركته في قراءة شعرية علنية ضد الحرب الروسية في أوكرانيا. أثناء احتجازه، تعرض للتعذيب. وتم تشخيص إصابته بارتجاج في المخ وكدمات متعددة وإصابات أخرى، وفقًا لمحاميه. إلا أن السلطات رفضت نقله إلى المستشفى.

تسجلوا في دورتنا المجانية عبر الإنترنت حول أعمال حفظ الأمن وحقوق الإنسان

ستتعرفون في هذه الدورة المجانية ذاتية التعلم على القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بأعمال حفظ الأمن.

حفظ الأمن أثناء الاحتجاجات

نشهد في جميع أنحاء العالم زيادة الطابع العسكري للشرطة وإساءة استخدام القوة من قبل الشرطة لقمع الاحتجاجات. ففي العديد من الأماكن، تتصدى الشرطة للاحتجاجات بالمركبات المصفحة والطائرات العسكرية وطائرات استطلاع مسيّرة والمسدسات والأسلحة النارية والقنابل الصوتية.

يقع على عاتق الدول واجب الالتزام بضمان حق كل شخص في حرية التعبير، بما في ذلك من خلال المشاركة في الاحتجاجات. وعليها التزام باحترام الاحتجاجات السلمية وحمايتها وتيسير تنظيمها.

هناك معايير دولية واضحة لحقوق الإنسان لسلوك الشرطة أثناء الاحتجاجات لخّصتها منظمة العفو الدولية في مبادئها التوجيهية بشأن الحق في حرية التجمع السلمي:

  • الدور المنوط بالشرطة هو تيسير الاحتجاجات السلمية. وقد تكون هناك حاجة إلى درجة معينة من التسامح، بما في ذلك مع السلوك غير المشروع، لتجنب التصعيد غير الضروري وضمان الحماية الفعالة لحقوق الإنسان. وفي حال نشوء توترات، يقع على عاتق موظفي إنفاذ القانون واجب تهدئة هذه التوترات وحماية المتظاهرين وغيرهم من العنف بصورة فعالة.
  • إذا اشترك بعض المحتجين في أعمال عنف، فإن ذلك لا يحوِّل الاحتجاج السلمي إلى تجمع غير سلمي. ويجب على الشرطة أن تكفل إمكانية استمرار الأشخاص الذين يحافظون على سلميتهم في المشاركة في الاحتجاج.
  • إن أعمال العنف التي تقوم بها أقلية صغيرة لا تبرر استخدام القوة العشوائي.
  • إذا لم يكن بالإمكان تفادي استخدام القوة، يجب على الشرطة استخدام الحد الأدنى من القوة الضرورية لتحقيق هدف مشروع.
  • يجب أن يكون القرار بتفريق احتجاج هو الملجأ الأخير – ولا يجوز تنفيذه إلا عندما تكون هناك حاجة ملحة وعندما يثبت فشل جميع الوسائل الأخرى الأقل تقييدًا. ولا يبرر التفريق تلقائيًا استخدام القوة، ويجب إعطاء المتظاهرين الفرصة للمغادرة طواعية. وقبل استخدام أي أسلحة أقل فتكًا، يجب تحذير المتظاهرين وإعطاؤهم الفرصة لاتباع أوامر التفريق.
  • إن الغاز المسيل للدموع أو خراطيم المياه لها تأثير واسع النطاق ولا يجوز استخدامها إلا ردًا على ممارسة العنف على نطاق واسع، وعندما تخفق الوسائل الأكثر استهدافًا في احتواء العنف. يجب إصدار تحذير مسموع قبل استخدامها، وإعطاء المتظاهرين الوقت الكافي للتفرق طواعية. كما يجب عدم استخدام الغاز المسيل للدموع في الأماكن المغلقة، أو من الأعلى، أو بكميات مفرطة، ويجب عدم إطلاقه مباشرة على المتظاهرين. وبالمثل، يجب ألا تستخدم الشرطة خراطيم المياه في وضع الضغط العالي لاستهداف الأشخاص من مسافة قريبة أو التصويب مباشرة على رؤوسهم أو وجوههم. لا يجوز أبدًا استخدام خراطيم المياه أو تصويبها على الأفراد المقيدين أو غير القادرين على الحركة.
  • لا يجوز استخدام مقذوفات التأثير الحركي، مثل الرصاص المطاطي والبلاستيكي، إلا عند الضرورة لمنع العنف ضد الأشخاص، وبطريقة موجهة بعناية ضد الأفراد المتورطين في هذا العنف. ولا ينبغي إطلاقها أبدًا بشكل عشوائي على حشد من الناس.
  • لا تصلح الأسلحة النارية للسيطرة على الحشود ولا ينبغي استخدامها أبدًا لتفريق المظاهرات. حتى لو كان بعض المتظاهرين عنيفين، لا يجوز للشرطة استخدام السلاح الناري إلا كملاذ أخير لوقف تهديد وشيك للحياة أو إصابة خطيرة.

الإفلات من العقاب‎

وثقت منظمة العفو الدولية في العديد من البلدان إفلات أفراد الشرطة الذين يقتلون أو يصيبون أشخاصًا بشكل غير مشروع من العقاب في كثير من الأحيان. وفي بعض الأحيان لا يتم التحقيق، أو تقوم الشرطة بتهديد القضاء أو الشهود أو الناجين والضغط عليهم لإسقاط التهم. وفي حالات أخرى، تمنح القوانين حصانة للشرطة. ويخلق ذلك مناخًا من الإفلات من العقاب يمكن للشرطة فيه ارتكاب مثل هذه الأفعال دون أي خوف من العواقب السلبية.

يجب التحقيق في جميع مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الشرطة ويجب تقديم المشتبه في مسؤوليتهم عنها إلى العدالة. فالمساءلة ضرورية لضمان أن يكون عمل الشرطة مشروع وممتثل لحقوق الإنسان.

شرطة مكافحة الشغب الجورجية ترش الغاز المسيل للدموع باتجاه متظاهر أثناء تشكيلها طوقًا خلال اشتباكات مع المتظاهرين بالقرب من البرلمان الجورجي في تبليسي في 7 مارس/آذار 2023.
رجل يثبت في مكانه بينما تتقدم قوات الدرك الوطني في الشارع المجاور للكونغرس الوطني. في مجلس النواب في الكونغرس الوطني في بوينس آيرس، الأرجنتين.

ماذا تفعل منظمة العفو الدولية للمساعدة؟

توثق منظمة العفو الدولية حالات الاستخدام غير المشروع للقوة من قبل الشرطة في جميع أنحاء العالم. ويمكن أن يكون ذلك من خلال إساءة استخدام “معدات الشرطة الاعتيادية”، مثل الرصاص المطاطي وهراوات الشرطة، مما يعرض الناس لخطر الأذى غير الضروري. وتناضل منظمة العفو الدولية من أجل فرض حظر على إنتاج الأدوات المسيئة المصممة للتعذيب والاتجار بها، مثل أجهزة الصعق الكهربائي التي تستخدم بالملامسة المباشرة والهراوات المسننة، أو معدات إنفاذ القانون التي يمكن استخدامها لأغراض مشروعة ولكنها غالبًا ما تستخدم لارتكاب التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

في حملتنا الرائدة لنحمِ التظاهر، نعمل على كشف حالات انتهاك الحق في التظاهر من خلال استخدام الشرطة للقوة غير المشروعة. وقد صممنا دورة تدريبية على الإنترنت لزيادة الوعي بحقوق الإنسان فيما يتعلق بأعمال حفظ الأمن.

أثناء مشاركة صانع الخزف الأرجنتيني جويل باريديس في مظاهرة سلمية من أجل حقوق السكان الأصليين، أصيب بالعمى في عينه اليمنى بعدما أطلقت الشرطة النار على عينه. وقد برزت قضية جويل في حملة منظمة لِنكتب من أجل الحقوق لعام 2024.

تسجلوا في دورتنا المجانية عبر الإنترنت حول أعمال حفظ الأمن وحقوق الإنسان

ستتعرفون في هذه الدورة المجانية ذاتية التعلم على القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بأعمال حفظ الأمن.