تركمانستان: عمليات الإخلاء القسري الجماعية تشوه الاستعدادات لتنظيم الدورة الآسيوية المقبلة للألعاب داخل الصالات والفنون القتالية

يُقدر أن نحو 50 ألف شخص، أو يزيد، قد تعرضوا للإخلاء القسري من منازلهم ضمن حملة تهدف إلى “تجميل” عاصمة تركمانستان استعداداً لاستضافة الألعاب الآسيوية داخل الصالات والفنون القتالية عام 2017، وهذا ما تسنى لمنظمة العفو الدولية كشف النقاب عنه اليوم مع نشرها صورا ملتقطة بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار الناتج عن هذه الحملة.
ويظهر التحليل الذي أجرته منظمة العفو الدولية للصور تعرّض نحو 5 آلاف منزل يؤوي كل واحدٍ منها ما معدله خمسة أشخاص للهدم في حي تشوغانلي القريب من العاصمة عشق أباد خلال الفترة ما بين مارس/ آذار 2014 وأبريل/ نيسان 2015.  كما علمت المنظمة أن الحي بأكمله بما في ذلك جميع منازله البالغ عددها أكثر من 10 آلاف منزل قد سُوي بالأرض بحلول سبتمبر/ أيلول من العام الجاري، وأن عمليات بناء جديدة تجري على قدم وساق في مناطق أخرى من العاصمة، الأمر الذي تسبب بتشريد الكثير من العائلات التي انتهى المطاف بها في الشارع.

وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال نائب مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى بمنظمة العفو الدولية، دينيس كريوشيف: “بدلآً من أن تستغل دورة الألعاب الرياضية كفرصة لتنظيف سجل تركمانستان في مجال حقوق الإنسان، لم تنجح السلطات المحلية في البلاد هناك إلا في جعل حياة سكان الحي أكثر سوءا، وهم الذين انتقلوا إلى عشق أباد قادمين من الأرياف بحثاً عن فرص العمل أو عقب إخلائهم من بيوتهم قسراً في مناطق أخرى من البلاد”.

بدلآً من أن تستغل دورة الألعاب الرياضية كفرصة لتنظيف سجل تركمانستان في مجال حقوق الإنسان، لم تنجح السلطات المحلية في البلاد هناك إلا في جعل حياة سكان الحي أكثر سوءا، وهم الذين انتقلوا إلى عشق أباد قادمين من الأرياف بحثاً عن فرص العمل أو عقب إخلائهم من بيوتهم قسراً في مناطق أخرى من البلاد.

دينيس كريوشيف، نائب مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى بمنظمة العفو الدولية

وأضاف كريوشيف قائلاً: “تشكل الطريقة القاسية التي تم إخلائهم بها انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان.  ويتعين على حكومة تركمانستان أن تبادر فوراً إلى وضع حد لعمليات الإخلاء القسري والهدم غير المشروعة التي تنفذها، وتعويض الضحايا، وتوفير مساكن بديلة لهم على وجه السرعة لا سيما مع اقتراب دخول فصل الشتاء”.

وأجرت منظمة العفو الدولية تحليلاً لصور تم التقاطها بالأقمار الصناعية، وتعطي إطلالة نادرة على واحد من أكثر المجتمعات التي يلفها الغموض على وجه البسيطة.  فلقد سار الرئيس قربان غولي بيردومحمديف على نهج سلفة الطاغية ويترأس نظاماً يحكم قبضته على سكان البلاد من خلال لف حبل الخوف حول أعناقهم.  إذ تنتشر الرقابة في تركمانستان على نطاق واسع، ونادراً ما يشهد هذا البلد معارضة من أي نوع، حيث يجازف من يرفع صوته احتجاجاً بتعريض سلامته وسلامة أقاربه للخطر.
ويُحظر على منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان دخول البلاد، ولكن تمكن باحثو المنظمة من دعم تفاصيل عمليات الإخلاء الظاهرة في الصور من خلال الحصول على إفادات وشهادات شخصية عبر الهاتف وغير ذلك من المصادر السرية.  فلقد وصف سكان حي تشوغانلي سابقاً كيف قامت السلطات ترافقها الشرطة “باقتحام المكان بآلياتها كما لو كانت دبابات” وأخلت السكان منه قسراً.

صور الأقمار الصناعية تظهر الدمار فى حى تشوغانلى. صورة مارس 2014 على اليسار تظهر 10052 هيكل بينما يظهر 5604 هيكل فقط فى صورة أبريل 2015 على اليمين.
© DigitalGlobe
صور الأقمار الصناعية تظهر الدمار فى حى تشوغانلى. صورة مارس 2014 على اليسار تظهر 10052 هيكل بينما يظهر 5604 هيكل فقط فى صورة أبريل 2015 على اليمين. © DigitalGlobe

“يتوجه الناس إلى ذلك المكان للبكاء على أطلاله فقط”.  بهذه الكلمات وصفت امرأة من سكان تشوغانلي سابقا حالهم، وتحدثت عن رفض السلطات الاعتراف بتراخيص البناء التي كانت بحوزتهم، فيما عكف بعض سكان الحي على العودة للبكاء على أطلال قطع الأراضي التي جُرفت بعد أن كانت منازلهم مقامة عليها.  كم وصفت لمنظمة العفو الدولية مشهد الفوضى الذي عاشته أسرتها عندما قامت السلطات باقتحام منزلها وأخلت قاطنيه عنوةً بما في ذلك الأطفال المصدومين.

ويشرف الرئيس بيردومحمدوف شخصياً على مشاريع تطوير العاصمة في محاولة لتحديثها قبيل استضافة دورة الألعاب التي ينظمها المجلس الأولمبي الآسيوي.  وعقب عمليات هدم المنازل في تشوغانلي وشور، ظلت عمليات الإخلاء القسري تسير على قدم وساق وتُنفذ بلا هوادة حيث تحركت السلطات في سبتمبر/ أيلول لهدم المزيد من المنازل في مناطق أخرى من العاصمة عشق أباد.

ويعتمد نظام الرئيس بيردومحمدوف على الاحتياطات الضخمة التي تمتلكها البلاد من النفط والغاز، وينظر إلى تنظيم دورة الألعاب الآسيوية داخل الصالات كفرصة لتعزيز مكانته على الساحة الدولية.  وتهيب منظمة العفو الدولية بالحكومات والشركات الأجنبية العمل على ألا يتسبب تعاونها السياسي أو الاقتصادي مع تركمانستان في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان عموماً.

بكل أسف، يُعد الترهيب والقمع من معالم الحياة اليومية في تركمانستان. ويتعين على المجتمع الدولي ومجتمع الأعمال القيام بكل ما بوسعهما للضغط على الرئيس بيردومحمدوف كي يبادر إلى وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب في بلاده.

دينيس كريفوشيف

وقال دينيس كريفوشيف: “بكل أسف، يُعد الترهيب والقمع من معالم الحياة اليومية في تركمانستان.  ويتعين على المجتمع الدولي ومجتمع الأعمال القيام بكل ما بوسعهما للضغط على الرئيس بيردومحمدوف كي يبادر إلى وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب في بلاده”.

واختتم كريوشيف تعليقه قائلاً: “لا يمكن تبرير عمليات الإخلاء القسري أبدا.  ولا بد أن تكون أي عملية من هذا النوع متسقة مع المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان.  ويشمل ذلك صون الحق في السكن، والحرص على الامتثال للضمانات القانونيةوالإجرائية المناسبة وضمان حق المتضررين في الاعتراض على عمليات الإخلاء القسري دون خوف أو خشية من تعرضهم للمضايقات”.