تركمانستان: قمع شامل استباقاً لانتخابات لامعنى لها

بينما يستمر العد التنازلي للانتخابات العقيمة المقرر لها نهاية الأسبوع الحالي ( 15 ديسمبر/ كانون الثاني)، صرحت منظمة العفو الدولية بأن السلطات التركمانية في محاولتها لإرضاء المجتمع الدولي اكتفت بالحديث عن الإصلاح دون الأفعال.وقال جون دالهويزن مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى: ” في مناخ القمع الشامل، وإنكار حقوق الإنسان الأساسية، والخوف العام المستشري والممسك بخناق المجتمع التركماني لسنوات، تصبح هذه الانتخابات عديمة المعنى وتصير أوهام التقدم من باب الخداع”.في عام 2012، في هذه الدولة ذات الموقع الاستراتيجي والغنية بالغاز دفعت السلطات بإصلاحات ادعت بأنها سوف تؤدي إلى إنشاء حزب سياسي ثانٍ. كما سمحت السلطات، نظرياً، بإعلام مستقل.وعن ذلك قال جون دالهويزن: ” لا تعدو الإصلاحات الأخيرة كونها إشارات رمزية لتضليل المجتمع الدولي. ولاينبغي للمستثمرين الأجانب المتحمسين أن ينخدعوا بمثل هذه الحركات أو أن يستخدموها لتبرير تورط ساذج. وأضاف قائلاً: ” لا يوجد حزب معارض حقيقي بعد، ولا إعلام مستقل ولا توجد حتى منظمة واحدة لحقوق الإنسان تعمل بحرية في هذه البلاد”.إن تقرير منظمة العفو الدولية: ” تركمانستان: “عصر السعادة” أو مزيد من القمع المعتاد؟” يقدم عرضاً لانتهاكات حقوق الإنسان في هذه الدولة المغلقة والمقيدة بإحكام. ويمنع المراقبون المستقلون من دخول تركمانستان، كما يتم حجب المعلومات القادمة من داخلها بقسوة. ويمتد مناخ الخوف إلى أبعد من الحدود التركمانية.كما ذكر جون دالهويزن أن ” التحرش المنهجي بكل نوع من المعارضة أو الانشقاق، والتقاربر المستمرة عن التعذيب في أماكن الاحتجاز، والإنكار الواسع لحقوق حرية التعبير والاجتماع والتجمهر مازال متواصلاً. ويجب أن لا تعمي ثروات تركمانستان الطبيعية ولا موقعها الاستراتيجي عيون شركائها عن الوضع الحقيقي”.

مناخ الخوف

أخبرت المصادر التركمانية منظمة العفو الدولية بأن الناس يتجنبون الحياة الاجتماعية خوفاُ من التفوه بكلمة في غير موضعها. وينتظر من الأفراد أن يقدموا تقارير إلى السلطات عن أي نقد يوجه للدولة ولذلك لا تدور أي أحاديث حول السياسة بشكل علني. ويعامل الأشخاص الذين يعبرون عن آراء تختلف عن آراء الحكومة على أنهم أعداء للدولة. وهناك سيطرة شبه كاملة على الاتصالات والمعلومات. وورد أن السلطات التركمانية استثمرت استثماراُ كبيراً في مراقبة شبكة الانترنت والاتصالات الهاتفية.كما ورد أن أكثر من 37 ألف شخص – من المعارضين أعضاء الطوائف الدينية وأسرهم – قد وضعت أسماؤهم في قوائم سوداء ومنعوا من مغادرة تركمانستان حتى ولو كانت المغادرة من أجل علاج طبي ينقذ حياتهم. و منظمة العفو الدولية من بين عدد من منظمات حقوق الإنسان الممنوعة من دخول البلاد.

التعذيب والسجن

يستخدم التعذيب على نطاق واسع في تركمانستان لانتزاع الاعترافات وضمان الإدانة في المحاكمات غير العادلة. وطرق التعذيب التي وردت تقارير عنها إلى منظمة العفو الدولية تشمل: إدخال الإبر تحت أظافر الأصابع؛ الصدمات الكهربائية؛ الخنق؛ العنف الجنسي الممنهج؛ الإجبار على تعاطي عقاقير المؤثرة على المخ؛ الضرب بالعصي والهراوات وزجاجات بلاستيكية مملوءة بالماء؛ اللكمات؛ الركلات؛ الحرمان من الطعام والشراب؛ والتعريض للبرد الشديد. ولم يجرَ أي تحقيق مستقل فعال في أي من ادعاءات التعذيب.وتفيد التقارير بأن السجناء الذين يقضون أحكاما مدى الحياة يرسفون في أغلالهم أوقاتاً طويلة ويضربون بشكل منتظم. وقد بنيت الزنازين في أحد سجون تركمانستان ذات الحراسة المشددة بأسقف ارتفاعها لا يزيد عن متر ونصف بحيث لاتسمح للسجين بأن يقف منتصب القوام. والاتصال بالأسر محظور، والأشخاص القابعون خلف القضبان ” اختفوا” عن العالم الخارجي في واقع الحال.  

لا معارضة سياسية

لا يمثل قانون الأحزاب السياسية لعام 2012 أي تحدٍ حقيقي للحزب الديمقراطي الحاكم. ويجب اعتبار حزب رجال الصناعة والأعمال الجديد حليفاً للحكومة لا منافساً لها على السلطة: فقد ارتفعت صورة الرئيس بردي مخمدوف فوق الاجتماع الأول للحزب. وفي 2012  شاركت تركمانستان مع أوزبكستان احتلال المرتبة 161 على مقياس الديمقراطية لمجلة “إيكونوميست” الذي يصنف 167 دولة.

لا إعلام مستقل

لم يفسح القانون الجديد للإعلام مجالاً لإعلام مستقل استقلالاً حقيقياً. ويواجه المراسلون المستقلون القليلون الذين مازالوا يعملون في البلاد تحرشاً منتظماً.تستهدف الأجهزة الأمنية مراسلي ” راديو أوروبا الحرة”   في تركمانستان بالتحرش والسجن المتكرر. ولم يقم أي تحقيق قط حول وفاة وفاة أوغولسابر مورادوفا الصحافية بإذاعة  ” راديو أوروبا الحرة” أثناء احتجازها في عام 2006. وذكر أقاربها أنهم رأوا على جسدها علامات حول الرقبة، وكذلك رضوضاً وجروحاً بيديها. واحتلت تركمانستان المرتبة 177 من بين 179 دولة على مقياس حرية الصحافة لعام 2013 الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود. ويعلق جون دالهويزن بقوله: ” إن مراجعة انتهاكات حقوق الإنسان في تركمانستان هي قمة جبل الجليد والصورة التي ترسمها بعيدة كل البعد عن ” عصر القوة والسعادة” تحت قيادة الرئيس قربان دوغلي بردي مخمدوف حسبما أعلن عنه إعلام الدولة. والمهم أن يبقي المجتمع الدولي الحريات السياسية والمدنية والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان ثابتة بقوة على جدول اهتماماته أثناء مناقشاته مع السلطات التركمانية”.