قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنَّ السُلطات التونسية فتحت تحقيقات جنائية ضد ما لا يقل عن 20 من نوّاب البرلمان المنحل الذين شاركوا في جلسة عامة على الإنترنت عقدها النوّاب في 30 مارس/آذار للاحتجاج على استيلاء الرئيس قيس سعيّد على السلطة. واستدعت الشرطة التونسية ما لا يقل عن 10 نواب واستجوبت تسعة منهم على الأقل، في حين أبلغ الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس نقابة المحامين أنَّ عشرة نواب آخرين يخضعون للتحقيق.
وفُتحت التحقيقات بعد وقت قصير من خطاب الرئيس سعيّد في 30 مارس/آذار والذي وصف فيه الجلسة العامة على الإنترنت بأنها “محاولة فاشلة للانقلاب” و”تآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، مُعلنًا أنَّه ستتمّ ملاحقة النوّاب جزائيًا.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “هذه التحقيقات الجنائية ذات الدوافع السياسية ترقى إلى مستوى المضايقة القضائية وهي محاولة لخنق الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها من قبل أعضاء البرلمان الذي علّقه الرئيس سعيّد بدايةً ثم حله الآن بمرسوم. إنَّ هذه التحقيقات هي الأحدث في سلسلة من التحركات القمعية المقلقة للغاية من قبل السلطات التونسية ويجب وقفها على الفور”.
“حقيقة أنَّ التحقيقات انطلقت في اليوم نفسه الذي أملاها فيه الرئيس سعيّد هي خير تعبير عن قبضته الآخذة في تضييق الخناق على نظام العدالة الجنائية – وإساءة استخدام السلطات المتزايدة للمحاكم لاستهداف منتقدي السلطات”.
في 30 مارس/آذار 2022، اجتمع حوالي 120 نائبًا في البرلمان التونسي المؤلف من 217 عبر الإنترنت، فيما قالوا إنه اجتماع رسمي للبرلمان للتصويت على إلغاء قرارات الرئيس سعيّد المتخذة منذ 25 جويلية/تموز 2021. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، حلَّ الرئيس البرلمان، واتهم النواب بمحاولة الانقلاب والتآمر على أمن الدولة، وأعلن فتح تحقيق جنائي في أفعالهم.
وبحسب المحامي عبد الرزاق الكيلاني، منسق لجنة الدفاع عن النواب، فإن التحقيقات تستند إلى الفصل 72 من المجلة الجزائية التونسية، الذي ينص على عقوبة الإعدام بحقّ “مرتكب اعتداء مقصود منه تبديل هيئة الدولة “.
استدعت الشرطة في البداية سبعة نواب، وفي 1 أفريل/نيسان، استجوبت ستة منهم، بمَن فيهم راشد الغنوشي، رئيس البرلمان وحزب النهضة، كجزء من التحقيقات. وأمرت الشرطة النواب الستة بالمثول أمام النيابة العمومية في 5 أفريل/نيسان. ومع ذلك، أرجأت السلطات لاحقاً جلسات الاستماع إلى تاريخ لاحق لم يتم تحديده بعد.
بالإضافة إلى ذلك، أبلغ الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس فرع المحامين بتونس رسميًا أنّ التحقيق جارٍ مع عشرة نواب هم أيضاً محامين لمشاركتهم في الجلسة العامة في 30 مارس/آذار، كما أخبر رضا بلحاج، عضو في لجنة الدفاع عن النواب، منظمة العفو الدولية.
وقال بلحاج إنَّ الشرطة استجوبت في 8 أفريل/نيسان ثلاثة نواب آخرين أُمروا بالمثول للاستجواب في اليوم السابق. ولم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات.
منذ جويلية/تموز 2021، حقّقت السلطات التونسية، بما في ذلك المحاكم العسكرية، مع أشخاص لانتقادهم العلني للسلطات ولاحقتهم، بمَن فيهم ياسين العياري، النائب الذي حُكم عليه في فيفري/شباط بالسجن 10 أشهر لمجرد وصفه انتزاع سعيّد المزعوم للسلطة بـ”الانقلاب”، وعبد الرزاق الكيلاني، محامٍ احتُجز ظلمًا لمدة 19 يومًا على خلفية جدال شفهي مع الشرطة التي منعته من مقابلة موكله، وما زال يواجه المحاكمة أمام المحكمة العسكرية.
وقالت هبة مرايف: “يجب على السلطات التونسية إنهاء الملاحقة السياسية للنوّاب واحترام حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحماية هذه الحقوق وتعزيزها وإحقاقها، بما يتماشى مع التزامات البلاد الدولية في مجال حقوق الإنسان. التراجع عن صون الحقوق المدنية والسياسية الأساسية يجب أن يتوقف”.
يجب على السلطات التونسية إنهاء الملاحقة السياسية للنوّاب واحترام حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحماية هذه الحقوق وتعزيزها وإحقاقها، بما يتماشى مع التزامات البلاد الدولية في مجال حقوق .الإنسان. التراجع عن صون الحقوق المدنية والسياسية الأساسية يجب أن يتوقف
هبة مرايف، منظمة العفو الدولية
خلفية
في 25 جويلية/تموز 2021، علّق الرئيس سعيّد عمل البرلمان وعزل رئيس الوزراء هشام المشيشي، متذرّعًا بصلاحيات حالة الطوارئ، والتي قال إنها مُنحت له بموجب الدستور التونسي. ومنذ ذلك الحين، علّق أغلبية موادّ الدستور التونسي ومنح نفسه الحق الحصري في الحكم بمرسوم.
منذ تعليق عمل البرلمان، تجاوزت السلطات المحاكم بشكل متزايد وصولاً لفرض حظر السفر والإقامة الجبرية واحتجاز التونسيين، بمَن فيهم القضاة والشخصيات السياسية، بشكل تعسفي، في انتهاك للحق في الحرية وحرية التنقل.
في 12 فيفري/شباط 2022، منح الرئيس سعيّد نفسه سلطات واسعة تسمح له بالتدخل في تعيين القضاة والوكلاء العامين، وكذلك حق الشروع في إجراءات الفصل ضدهم.
وفي 30 مارس/آذار 2022، أصدر سعيّد الأمر الرئاسي عدد 309 لعام 2022، الذي حلَّ بموجبه البرلمان التونسي رسميًا.