مصر: التحفظ المزمع على أموال النشطاء هو أحدث أدوات الحكومة للقضاء على المجتمع المدني

من المتوقع أن يصدر غداً قرارٌ تتحفظ السلطات المصرية بمقتضاه على أموال اثنين من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان وكذلك أفراد أسرتيهما، وذلك في إطار التحقيق في حصول عدد من المنظمات غير الحكومية على تمويل أجنبي. وتعليقاً على ذلك، قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن هذا الإجراء يُعد محاولةً أخرى فجة لشل المجتمع المدني في مصر، مما لا يدع مجالاً للشك في أن الحكومة تسعى إلى قمع حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.

وقد ذكرت قناة إخبارية مقربة من الحكومة أن محكمة جنايات القاهرة سوف تصدر غداً السبت، 19 مارس/آذار 2016، حكمها بشأن قرار التحفظ على أموال محامي حقوق الإنسان جمال عيد والمحقق الصحفي حسام بهجت واثنين آخرين لم يُذكر اسماهما، بالإضافة إلى أفراد أسر الأربعة، وكذلك قرار منعهم من السفر.

وقال سعيد بومدوحة، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، “إن الإجراءات ضد حسام بهجت وجمال عيد ذات طابع تعسفي وعقابي، حيث تُفرض عليهما رداً على انتقادهما للوضع المتدهور لحقوق الإنسان في مصر. ولهذا، تحثُّ منظمة العفو الدولية الحكومة المصرية على الإحجام عن فرض هذه الإجراءات، ووقف هجمتها على المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني”.

ومضى سعيد بومدوحة قائلاً: “إن السلطات المصرية تسئ استخدام النظام القضائي في إطار حملتها من أجل القضاء على آخر مظاهر المجتمع المدني، ومن أجل إخراس الأصوات المنتقدة. وينبغي على المجتمع الدولي أن ينهض لحماية حقوق المدفعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المستقلة، وللضغط على الحكومة المصرية لوقف حملتها القمعية فوراً”.

السلطات المصرية تسئ استخدام النظام القضائي في إطار حملتها من أجل القضاء على آخر مظاهر المجتمع المدني، ومن أجل إخراس الأصوات المنتقدة.

سعيد بومدوحة، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية

ويُذكر أن حسام بهجت هو مؤسس “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، وهي منظمة محلية مستقلة معنية بحقوق الإنسان، كما يكتب في موقع “مدى مصر” الإلكتروني الإخباري، حيث نشر سلسلة مقالات تتعلق بالجيش والمحاكمات العسكرية. 

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، ألقت المخابرات الحربية القبض عليه واحتجزته ثلاثة أيام، بسبب إحدى هذه المقالات، على ما يبدو.وجمال عيد هو محام لحقوق الإنسان ورئيس “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، وهي منظمة غير ربحية تدافع عن حرية التعبير في مصر والشرق الأوسط.

وقد اكتشف حسام بهجت وجمال عيد أن السلطات قد أصدرت قراراً بمنعهما من السفر للخارج، وذلك عندما حاولا السفر في رحلتين منفصلتين خلال الشهر الماضي. ولم يسبق أن أُبلغ الاثنان بالقرارين القضائيين بمنعهما من السفر، ولا بأسباب فرض هذا المنع.

وفي تصريح لمنظمة العفو الدولية، قال حسام بهجت وجمال عيد إنهما لم يتلقيا إشعاراً من محكمة الجنايات بحضور جلسة الغد، ومن ثم فقد حُرما من حق الدفاع عن نفسيهما في المحكمة.

وكانت السلطات المصرية قد شدَّدت خلال الشهور الأخيرة من القيود على المنظمات الحقوقية، كما كثَّفت خلال الأسبوع الماضي من تحقيقاتها بخصوص التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية.

وقال سعيد بومدوحة: “ينبغي على السلطات المصرية وقف التحقيقات الجارية بخصوص التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية وإغلاق القضية. كما يجب عليها صياغة قانون جديد بشأن الجمعيات الأهلية يتماشى مع المواثيق الدولية ومع الدستور المصري، مع منح المنظمات غير الحكومية مهلةً للتسجيل بموجب القانون الجديد”.

ينبغي على السلطات المصرية وقف التحقيقات الجارية بخصوص التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية وإغلاق القضية.

سعيد بومدوحة

ومن جهة أخرى، أعربت 17 منظمة مصرية غير حكومية عن قلقها بشأن وضع حقوق الإنسان في مصر، وذلك أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، يوم 10 مارس/آذار 2016. وفي اليوم نفسه، أصدر “المفوض السامي لحقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة بياناً عن مصر، ندَّد فيه بتدهور حقوق الإنسان في البلاد. وفي 10 مارس/آذار أيضاً، أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يطالب بوقف التعاون الأمني بين دول الاتحاد الأوروبي ومصر، نظراً للوضع المتردي لحقوق الإنسان في مصر ومقتل طالب إيطالي هناك.