قالت منظمة العفو الدولية يوم الخميس أن السلطات اليابانية تحاول تفادي رقابة الرأي العام من خلال تنفيذها أول أحكام الإعدامات هذا العام في الوقت الذي ينصب فيه جُل تركيز البلد على أمر مغاير تماماً.
فلقد نُفذ في الساعات الأولى من صبيحة يوم الخميس حكم الإعدام شنقاً بتسوكاسا كاندا (44 عاماً) في مركز الحجز بناغويا، عقب إدانته عام 2009 بتهمة ارتكاب جريمتي السرقة والقتل.
ونُفذ الحكم في الوقت الذي انصب فيه الاهتمام السياسي والإعلامي في البلاد على خطط الحكومة المثيرة للجدل بشأن توسيع نطاق الدور العسكري الذي يمكن لليابان أن تقوم به.
وبهذه المناسبة، علقت الباحثة في شؤون شرق آسيا بمنظمة العفو الدولية، هيروكا شوجي قائلةً: “مع التفات البلاد ككل إلى الناحية الأخرى، قررت السلطات اليابانية أن الفرصة سانحة سياسياً كي تستأنف تنفيذ أحكام الإعدام. ويُعد إزهاق روح إنسان بهذه الطريقة سياسةً وضيعة”.
مع التفات البلاد ككل إلى الناحية الأخرى، قررت السلطات اليابانية أن الفرصة سانحة سياسياً كي تستأنف تنفيذ أحكام الإعدام. ويُعد إزهاق روح إنسان بهذه الطريقة سياسةً وضيعة
هيروكا شوجي، علقت الباحثة في شؤون شرق آسيا بمنظمة العفو الدولية
وأضافت قائلةً: “تحرص الحكومة بذلك على تفادي الحوار الكامل والصادق بشأن تطبيق عقوبة الإعدام كونها تدرك أن ما تسوقه من حجج لن يصمد أمام النقد والتمحيص”.
وما انفكت الحكومة اليابانية تزعم بأن عقوبة الإعدام تشكل “رادعاً عاماً” ولكنها أقرت في الوقت نفسه بوجود نقص في الأدلة “العلمية” التي تعزز من زعمها هذا.
فبكل بساطة، لا تتوفر أدلة ذات مصداقية تثبت أن التلويح بالإعدام يشكل رادعاً أكبر من عقوبة السجن يحول دون ارتكاب الجرائم. ولقد أثبتت هذه الحقيقة الدراسات المتعددة التي أجرتها الأمم المتحدة وغيرها من الجهات في مختلف أنحاء العالم.
وأضافت هيروكا شوجي قائلةً: “لقد خادعت الحكومة اليايانية الرأي العام بتنفيذها حكم الإعدام مؤخراً. إذ لا يشكل القتل الذي تجيزه الدولة كعقوبة حلاً للتصدي للجريمة، بل يُعد أكبر انتهاك لحقوق الإنسان”.
وكانت اليابان إحدى 22 دولة نفذت أحكاماً بالإعدام خلال عام 2014 مقارنة بقيام 41 بلداً بتنفيذ هذه الأحكام قبل 20 سنة. ولقد قام 140 بلداً بإلغاء تطبيق عقوبة الإعدام بحكم القانون أو واقع الممارسة الفعلية. وما زالت اليابان والولايات المتحدة العضوين الوحيدين في مجموعة الثمانية اللذان ينفذان أحكاماً بالإعدام، ولكن ظهرت إشارات في الولايات المتحدة تشي بتراجع تطبيق هذه العقوبة فيها. وقالت هيروكا شوجي: “لقد أصبحت اليابان معزولة ومتأخرة عن ركب غالبية البلدان التي تخلت عن تطبيق هذه العقوبة التي تشكل أقسى أشكال العقوبة وأكثرها لاإنسانية وإهانةً”.
واختتمت هيروكا شوجي تعليقها قائلةً: “على الحكومة أن تختار بين الاستمرار بالسير باليابان في مسار رجعي، أو وقف تنفيذ أحكام الإعدام بما يبرهن على أنها تثمن حقوق الإنسان عالياً”.
ويُذكر أن هذا هو حكم الإعدام الثاني عشر الذي يُنفذ في عهد الحكومة الحالية التي وصلت إلى السلطة في عام 2012. فلقد اُعدم ثلاثة أشخاص في 2014 ولا زال هناك 129 شخصاً يقبعون خلف القضبان تحت طائلة الإعدام في عموم اليابان حالياً.
ويُحاط تنفيذ أحكام الإعدام بغلاف من السرية حيث يتم إعلام السجناء المعنيين بالأمر قبيل ساعات فقط، بل وقد لا يُصار البتة إلى إشعارهم بقرب تنفيذ الحكم بهم. وعادة ما يتم إعلام عائلات هؤلاء السجناء عقب تنفيذ الحكم بهم.
ولطالما انتقد خبراء الأمم المتحدة على نطاق واسع غياب الضمانات القانونية الملائمة المتوفرة للسجناء تحت طائلة الإعدام في اليابان. ويتضمن ذلك حرمان المتهمين من خدمات الاستشارة القانونية الملائمة وعدم النص على وجوب استئناف القضاياً حكماً في قضايا الإعدام. كما عُرف عن تنفيذ أحكام الإعدام بحق بعض السجناء ممن يعانون من إعاقات ذهنية وعقلية وثمة البعض منهم ممن هو تحت طائلة الإعدام حالياً.
ولقد صرح عدد من السجناء تحت طائلة الإعدام أنهم قد “اعترفوا” بارتكاب الجرائم المنسوبة عليهم تحت التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة أثناء فترة الاستجواب الطويلة جداً بعهدة الشرطة والتي تتم دون حضور المحامي. وفي بعض الحالات تم الاسترشاد بتلك “الاعترافات المزعومة” كدليل أثناء المحاكمة من أجل إدانة أصحابها.
هذا، وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الظروف والأحوال بصرف النظر عن طبيعة الجريمة وملابساتها أو براءة مرتكبها من عدمها أو سماته الأخرى أو الأسلوب الذي تعتمده الدولة في تنفيذ العقوبة. فهي عقوبة تنتهك الحق في الحياة وتُعد أقسى أشكال العقوبة وأكثرها لاإنسانية وإهانةً.