غامبيا: قرار وقف تنفيذ عمليات الإعدام المشروط ليس كافياً

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن قرار وقف تنفيذ عمليات الإعدام المشروط الذي أعلنه الرئيس الغامبي يحي جماع بشأن السجناء المحكوم عليهم بالإعدام من شأنه أن يعرِّض 38 شخصاً لخطر الإعدام.ففي مساء يوم الجمعة الموافق 14 سبتمبر/أيلول، أعلن الرئيس جماح وقف تنفيذ علميات الإعدام، مع اقتراب الموعد النهائي المقرر لتنفيذ جميع أحكام الإعدام. وقد نصَّ بيان المكتب الرئاسي على أن “الخطوة التالية سيُمليها إما انخفاض معدلات الجرائم العنيفة، وفي هذه الحالة سيكون قرار وقف تنفيذ الإعدام غير محدد الأجل، أو زيادة معدلات الجرائم العنيفة، وفي هذه الحالة سيُرفع قرار وقف تنفيذ الإعدام بشكل تلقائي.”وقالت ليسا شيرمان- نيكولاوس، الباحثة في شؤون غامبيا في منظمة العفو الدولية: “إن إعلان الرئيس قرار وقف تنفيذ عمليات الإعدام المشروط لا يعتبر أمراً جيداً بالقدر الكافي، وإن جعله قراراً دائماً، بهدف إلغاء عقوبة الإعدام في القانون، يعتبر أمراً ضرورياً لتهدئة بعض مشاعر القلق التي تنتاب النـزلاء المحكوم عليهم بالإعدام وعائلاتهم.ولم يُسمح لأفراد عائلات النـزلاء بدخول السجن أو الاتصال بأقربائهم.وأضافت شيرمان نيكولاوس تقول: “إن البحوث تُظهر أن عقوبة الإعدام لا تشكل رادعاً للجريمة أكثر فعالية من العقوبات الأخرى. وعلاوةً على ذلك، فإننا نعرف أن نظام العدالة الجنائية الغامبي مشوب بالمثالب الفادحة. فهو لا يكفل توفير المحاكمات العادلة وحماية الحقوق الإنسانية للجميع.”كما أن جعل حياة الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام تعتمد على التطورات التي لا يدَ لهم فيها يعتبر أمراً تعسفياً ويشكل انتهاكاً لحقهم في الحياة.”وقال بيان الحكومة إن الرئيس سيتقيد بالدستور الغامبي والقوانين المحلية، ولكن منظمة العفو الدولية تشعر بالقلق لأن الحكومة لم تحترم قوانينها الخاصة حتى الآن.ومضت شيرمان-نيكولاس تقول: “لقد آن الأوان كي يقوم المجلس الوطني الغامبي بمراجعة استخدام عقوبة الإعدام في غامبيا. وإن الدستور الغامبي ينصُّ على مثل هذه المراجعة، التي مضت سنوات على استحقاقها.”لقد أُعدم اثنان على الأقل من أصل تسعة سجناء في أغسطس/آب، فقد قُتل كل من ملانغ سونكو وبوبا ياربوي من دون السماح لهما برفع دعاوى استئناف قانونية، وفقاً لمعلومات وزارة الداخلية التي أكدت إعدام الأشخاص التسعة قبل ثلاثة أسابيع، وهو ما يشكل انتهاكاً للمعايير الدولية والدستور الغامبي. ويكفل الدستور الغامبي الاستماع إلى دعاوى الاستئناف المقدَّمة من جميع النـزلاء المحكومين بالإعدام في كافة المراحل، وصولاً إلى المحكمة العليا.كما يساور منظمة العفو الدولية قلق لأن القضاء في غامبيا ليس مستقلاً عن الضغوط السياسية، وبسبب تفشي استخدام “الاعترافات” التي يتم الحصول عليها بالإكراه. كما أنه لا يجري توفير ضمانات دولية أخرى بشأن استخدام عقوبة الإعدام.وقالت شيرمان-نيكولاوس تقول: “إننا نحاول باستمرار التدقيق في المعلومات المتعلقة بالأشخاص الذين أُعدموا والذين ما زالوا تحت طائلة الإعدام، بيد أن مناخ الخوف الذي يسود البلاد يجعل من الصعب للغاية كسب تعاون المحامين وغيرهم من المهنيين القانونيين.”كما أن نظام العدالة الجنائية الغامبي المشوب بالمثالب الخطيرة والذي يتسم بالغموض ويتعذر الوصول إليه، يعني أن المحامين وأفراد عائلات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام غير متأكدين من صفة الإجراءات القانونية في الحالات الفردية.وأضافت شيرمان نيكولاوس تقول: “إن منظمة العفو الدولية تدعو إلى إجراء مراجعة شفافة لجميع قضايا عقوبة الإعدام بدون اللجوء إلى توقيع العقوبة.”إن عائلات المرأة والرجال الثمانية الذين أُعدموا في الشهر الفائت لم تتسلم بعد جثامين أحبائها للقيام بدفنهم، كما لم تُبلغ بمكان وجود الجثامين. وقالت شيرمان-نيكولاوس: “لقد مضت ثلاثة أسابيع على تنفيذ عمليات الإعدام، وإن الحكومة، بعدم السماح لعائلات المعدومين بإغلاق الملف، إنما تزيد من معاناة تلك العائلات، وهو إجراء يتسم بالقسوة واللاإنسانية .”إن منظمة العفو الدولية ترحب ببيانات اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وغيرها من الهيئات، وتحث المؤسسات الإقليمية والدولية على ضمان عدم إقدام الحكومة الغامبية على تنفيذ المزيد من عمليات الإعدام؛ إذ أن عمليات الإعدام الأخيرة تتناقض مع الاتجاه الإقليمي والعالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام.

خلفية

ذكرت الحكومة الغامبية أنه لم يتم تنفيذ أية عمليات إعدام منذ عام 1985 وحتى الشهر الماضي. وأظهرت معلومات منظمة العفو الدولية أن أخر عملية إعدام نُفذت في عام 1981، واعتبرت المنظمة غامبيا من الدول التي لا تطبق عقوبة الإعدام في الواقع الفعلي.وفي كلمة ألقاها في الشهر الماضي، أعلن الرئيس جماح أن “جميع أحكام الإعدام ستنفذ بحذافيرها بحلول أواسط سبتمبر/ أيلول.”وفي مساء يوم الخميس، الموافق 23 أغسطس/آب اقتيد ثمانية رجال وامرأة من زنزاناتهم في سجن “مايل 2” بالقرب من العاصمة بانجول، وأُعدموا رمياً بالرصاص بعد ذلك بوقت قصير. وقد نُفذت عمليات الإعدام بعد وقت قصير بدون إرسال إشعار مسبق للسجناء وعائلاتهم ومحامييهم. وأكدت الحكومة تنفيذ عمليات الإعدام تلك في بيان أصدره وزير الداخلية في 27 أغسطس/آب وبعد ممارسة ضغوط دولية كبيرة عليها.