سورية: أنباء مثيرة للقلق عن أعمال قتل ميدانية على يد الحكومة وقوات المعارضة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن ما يرد من تقارير بأن القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة في سورية تمارسان القتل العمد وغير القانوني للأسرى يؤكد ضرورة التزام جميع الأطراف بأحكام القانون الإنساني الدولي. فقد عثر في وقت سابق من الأسبوع الحالي على جثث 19 رجلاً غير مسلح وطفل واحد في عدة أماكن من حي المزة في دمشق، عقب قتلهم – بحسب ناشطين محليين – على يد قوات حكومية اشتبهت بأنهم يقدمون العون للمتمردين في المنطقة. وقال الناشطون إن يدي بعض القتلى كانت موثقة خلف ظهورهم وظهرت علي جثثهم علامات تشير إلى أنهم قد عذبوا قبل قتلهم. ومع أن منظمة العفو الدولية لا تستطيع أن تؤكد هذه التقارير بصورة مباشرة، إلا أنها تعكس نمطاً وثقته المنظمة في أماكن أخرى من البلاد. وفي هذا السياق، قالت آن هاريسن، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “منظمة العفو الدولية قد قامت بتوثيق أعمال قتل غير مشروعة من قبل القوات الحكومية وميليشيات تابعة للحكومة في سورية لأشهر. وكشفت أبحاثنا الميدانية في شمال سورية أن عشرات من الأشخاص، معظمهم من الرجال والصبيان، وجلهم ممن لم يكونوا يشاركون في الأعمال القتالية، قتلوا دون محاكمة على يد القوات الحكومية وأفراد ميليشيا الشبيحة، عقب قصف لأحياء المدن والبلدات والقرى التي اشتبه بأنها تؤوي مقاتلي المعارضة ومؤيديها”. “كما دققنا في تقارير تفيد بأن أعضاء في جماعات المعارضة المسلحة مسؤولون عن قتل أفراد أسروهم من قوات الأمن وقاموا بأعمال قتل غير مشروعة أخرى. ويتعين على قيادات جميع الأطراف أن توضح أنها لن تسمح بمثل هذه الانتهاكات من جانب أي شخص يخضع لإمرتها.”وجاءت أخبار الوفيات في المزة عقب تصريحات نسبت إلى نائب وزير الداخلية العراقي وقال فيها لوكالة الصحافة الفرنسية إن جنوداً عراقيين شاهدوا يوم الخميس، 19 يوليو/تموز، أعضاء في “الجيش السوري الحر” وهم يقتلون 22 من منتسبي القوات المسلحة السورية عقب سيطرتهم على مركز حدودي بين البلدين وأسر هؤلاء الجنود والضباط. وإذا ما تأكدت هذه الأنباء، فإن أعمال القتل هذه تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وجرائم حرب. وقد وردت أنباء عن مئات الحالات التي قام بها أفراد تابعون لقوات الأمن الحكومية السورية وميليشيات موالية للحكومة بقتل مقاتلين قبضت عليهم ومعارضين مشتبه بهم وآخرين عمداً، بينها حالات وثقتها منظمة العفو الدولية بنفسها. وتلقت منظمة العفو الدولية قبل ذلك عدداً متزايداً من التقارير المتعلقة بانتهاكات مماثلة، وكذلك انتهاكات أخرى، ارتكبها أعضاء جماعات المعارضة المسلحة. وبين جملة مصادر للمعلومات، شاهدت المنظمة أشرطة فيديو يفترض أنها تمثل أفراداً يقتلون بإجراءات موجزة على يد أعضاء في جماعات المعارضة المسلحة السورية. ففي شريط فيديو تم تحميله في 5 يوليو/تموز 2012، يظهر رجل حُددت هويته بأنه أحمد فضل أحمد، وهو مساعد أول في استخبارات سلاح الجو السورية، وهو يجلس أمام حفرة في حقل ذكر الشريط أنه في منطقة حلب. وأطلقت على الجزء العلوي من جسمه وعلى رأسه في الشريط عدة رصاصات. ويظهر شريط فيديو آخر مقتل رجل يدعى أبو وائل رشيد، وهو يلقي من الطابق الثاني أو الثالث، من إحدى النوافذ. ويقول المعلق على الشريط – الذي يقول إن الشريط صور في النبك، في محافظة دمشق، في 15 يونيو/حزيران 2012 – إن “هذا هو مصير جميع الخونة، ومصير من يتعاونون مع الأمن والشبيحة”. ويرد في الوصف للشريط أن القتل تم على يد “كتيبة النور”، التي تعتقد منظمة العفو الدولية أنها جماعة سلفية مسلحة لا تنتسب إلى “الجيش السوري الحر”. وتشير المعلومات التي تلقتها منظمة العفو الدولية، بما فيها شهادات شفوية وأشرطة فيديو وتقارير إعلامية، أن عشرات الأفراد الذين اشتبه بأنهم يعملون لدى قوات الأمن التابعة للحكومة السورية والميليشيا الموالية للدولة، أو يساعدونها، ربما قتلوا على أيدي الجماعات المسلحة عقب أسرهم. إن المادة المشتركة 3 لاتفاقيات جنيف الأربعة، التي تنطبق على جميع الأطراف في المنازعات المسلحة غير الدولية كالنزاع الدائر حالياً في سورية، تحظر “القتل بجميع أشكاله” وكذلك “إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً”.واختتمت آن هاريسن بالقول: “إن جميع الأطراف في نزاع مسلح، بمن فيها جماعات المعارضة المسلحة، ملزمة قانوناً بقواعد القانون الإنساني الدولي. والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي هي جرائم حرب، وللمسؤولين عنها توقُّع أن يقدموا إلى ساحة العدالة في المستقبل”.