العنف ضد المتظاهرين يلقي بظلاله على الفترة الرئاسية الجديدة في إيران

تعرض آلاف المتظاهرين لرد عنيف من السلطات، عندما خرجوا إلى شوارع إيران يوم السبت 13 يونيو/حزيران 2009 احتجاجاً على إعلان فوز الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت يوم الجمعة 12 يونيو/حزيران 2009. وقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية إلى البدء فوراً في إجراء تحقيق بخصوص تعامل قوات الأمن بشكل عنيف مع المتظاهرين.

وقد تلقت منظمة العفو الدولية أنباء من إيران تفيد بأن أفراداً من قوات الأمن في ملابس مدنية استخدموا الهراوات دون ضرورة في الاعتداء بالضرب على متظاهرين مسالمين وتفريقهم، مما أدى إلى جرح أشخاص كثيرين.

وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية إن “ثمة حاجة لإجراء تحقيق على وجه السرعة في المشاهد الصادمة التي تظهر العنف على أيدي قوات الأمن، ولتقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى ساحة العدالة”.

وأضافت حسيبة حاج صحراوي قائلةً: “إذا كانت منظمة العفو الدولية تقر بأن من واجب قوات الأمن أن تكفل حفظ النظام العام، فإنها ترى في الوقت نفسه أنه يتعين إبلاغ أهالي المعتقلين والرأي العام الإيراني والمجتمع الدولي على وجه الدقة بأسس الاتهامات الموجهة إلى هؤلاء المعتقلين وإيضاح صلتهم بأحداث العنف بشكل محدد”.

وقد أُلقي القبض على ما لا يقل عن 170 شخصاً يوم السبت، خلال مصادمات بين قوات الأمن ومئات من المتظاهرين حول مقر وزارة الداخلية وفي مناطق أخرى وسط طهران. وكان من بين المقبوض عليهم عدد من الزعماء السياسيين البارزين الذين اتهمتهم السلطات بأنهم “دبروا” القلاقل. وقد أُطلق سراح بعضهم في وقت لاحق.

ومضت حسيبة حاج صحراوي تقول: “إن منظمة العفو الدولية تهيب بالسلطات الإيرانية أن تكفل حق جميع الإيرانيين في التعبير عن أنفسهم بصورة سلمية، وحقهم في التجمع وفي تكوين جمعيات. فلا يجوز القبض على أي شخص بسبب التشكيك في نتائج الانتخابات، ويجب على السلطات الإيرانية أن تتصدى بشكل يتسم بالشفافية للمخاوف التي أثارها كثير من الإيرانيين عن حدوث تلاعب في نتائج الانتخابات.

وبالرغم من إغلاق الجامعات، فقد تلقت منظمة العفو الدولية أنباءً تفيد بأن نحو 100 من أفراد شرطة مكافحة الشغب، المزودين بالخوذات والدروع، قد اشتبكوا مع عدد من الطلاب يتراوح بين 300 و400 طالب في منطقة تابعة لجامعة طهران. كما استخدم أفراد الأمن الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لإخماد الاضطرابات، وبالأخص في أحد مساكن الطلاب في بولي غيشا بطهران وفي مسكن آخر في شيراز.

وفي حادثة أخرى، اعتدى أفراد من الشرطة يستقلون دراجات نارية على عدد من مؤيدي مرشح الرئاسة مير حسين موسوي، الذين كانوا معتصمين في ميدان فاناك بطهران احتجاجاً على نتائج الانتخابات.

وفي وقت متأخر من مساء السبت، انتشرت المتاريس المحترقة في الشوارع كما استمرت المصادمات مع قوات الأمن في مناطق شتى وسط طهران، بما في ذلك مناطق عباس أباد وسعدات أباد ومناطق حول تاجريش.

كما امتدت المظاهرات إلى مدن أخرى، من بينها رشت ومشهد وشيراز والأهواز، التي يقطنها كثير من عرب إيران؛ ومدينة زهدان في جنوب شرق إيران، والتي تتركز فيها الأقلية البلوشية؛ ومدينة أرومية، التي يشكل الأكراد وذوو الأصل الآذاري التركي أغلب سكانها.

وفي سياق الاضطرابات التي وقعت يوم السبت، حُجب الاتصال بموقعي “يو تيوب” وفيس بوك” وغيرهما من مواقع ومنتديات التعارف على شبكة الإنترنت، كما حُجب الاتصال بعدد من المواقع الإخبارية، وفرضت قيود على الرسائل القصيرة عبر الهواتف النقالة، حسبما ورد. وكانت كثير من هذه المواقع ووسائل الاتصال تتناقل أنباءً أثارت مخاوف بشأن مخالفات في العملية الانتخابية وتلاعب في النتائج.

وقالت حسيبة حاج صحراوي: “بدلاً من شن حملة على مصادر المعلومات، بما في ذلك حجب بعض المواقع الخاصة بتبادل صور الفيديو مثل “يو تيوب” و”فيس بوك” وعدد من المواقع الإخبارية، كان يتعين على السلطات أن تتصدى علناً للمخاوف والانتقادات التي عبر عنها صراحةً كثير من الإيرانيين”.

وقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات إلى أن تكفل السماح للصحف المرتبطة بمرشحي الرئاسة الآخرين بأن تنشر بيانات وتصريحات هؤلاء المرشحين.

واختتمت حسيبة حاج صحراوي تصريحها قائلةً: “إن منظمة العفو الدولية تشعر بالأسف من أن الفترة الرئاسية الجديدة قد استُهلت بانتهاكات واسعة النطاق. وترى المنظمة أن كل من يُقبض عليه دونما سبب سوى المطالبة بالشفافية والتشكيك في نتائج الانتخابات يُعتبر في عداد سجناء الرأي، ومن ثم ينبغي إطلاق سراحه فوراً ودون قيد أو شرط”.