الهجرة: من / إلى / في

قديمةٌ ظاهرة الهجرة. عُرِفَت في الغرب كما عُرِفَت في الشرق. عُرِفَت في الحرب كما عُرِفَت في السلم. واختلفت أشكالها وأسبابها باختلاف البلدان المُصَدّرة والمستقبلة والحقب التاريخية. وفي ظلّ التراجع الاقتصادي العالمي، ولا سيّما في أوائل القرن الماضي، أدّى الفقر وقلّة فرص العمل إلى جانب القمع السياسي والديني والعنصري إلى تنامي حركة الهجرة. وتوسّعت رقعة البلدان المعنيّة بهذه الظاهرة حتّى أنّ اتجاهات الهجرة تغيّرت.

من منّا لا يعرف معنى الهجرة؟ فهي نزيفٌ مستمرٌّ لعلّه طال جميع البلدان عموماً والبيوت خصوصاً. في هذا البيت أبٌ تجرّأ الهجرة وتجرّع الغربة بحثاً عن عمل أفضل، وفي ذلك البيت عائلةٌ هاجرت بحثاً عن حياة أفضل، وفي البيت المقابل عاملةٌ مهاجرةٌ من سري لانكا أو الفلبين بحثاً عن لقمة العيش.

من منّا لا يعرف قسوة الحدود الرسمية وغير الرسمية، المرسومة وغير المرئية؟ من منّا لم يشهد الطوابير الطويلة لتقديم طلبات تأشيرات الدخول؟ ومن منّا لم يسمع بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان نتيجة الهجرة وتصنيف البشر بـ”غير الشرعيين” وتجييش الرأي العام ضدّهم لأغراض انتخابيّة شعبويّة بحتة؟

لكلّ إنسان الحق في التنقّل بحرية، وهو حقّ يكفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وواجب الدول صون كرامة المهاجرين والمهاجرات وحمايتهم/نّ من كل عنف وبطش وظلم. فوجود المهاجر في وضعيّة غير قانونية لا يعني أنّ حقوقه معدومة. وبهدف صون هذه الحقوق، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمّال المهاجرين وأفراد أسرهم في 18 ديسمبر/كانون الأول 1990، ولكن لم يصادق عليها حتى الآن للأسف سوى 54 دولة من أصل 198، وتتضمّن 5 دول من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي المغرب والجزائر وليبيا ومصر وسوريا. أمّا الدول الأخرى التي يتطرّق إليها تقريرنا عن الهجرة من/إلى/في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديداً لبنان وإسرائيل والدول الخليجية، فلم تتكبّد عناء التوقيع حتى.

بات 18 ديسمبر/كانون الأول اليوم العالمي للعمّال المهاجرين. ويسلّط هذا اليوم الضوء على قضية العمّال المهاجرين، فهم ضحايا الغبن والاستغلال جرّاء نظام الكفالة في الخليج وفي قطر، وافتقار الحماية في قانون العمل في لبنان، والقبض التعسفي والطرد الجماعي في الجزائر، والتعذيب والاحتجاز والاستغلال والاغتصاب في ليبيا، والمداهمات القاسية وغير القانونية في المغرب، والترحيل القسري وغير القانوني في إسرائيل. علينا في هذا السياق المطالبة بسياسات عادلة لنا وللذين يهاجرون إلى أي بلدٍ ويعيشون فيه. علينا التحرّك حتى لا تتحوّل الهجرة من حلمٍ إلى ظلم ومن ابتداءٍ إلى عناء.

نظام الكفالة

يُعمَل بنظام الكفالة في جميع دول الخليج العربية ولبنان وغيرها من الدول في المنطقة. إنه نظام يحدّد العلاقة بين العمّال المهاجرين وأرباب عملهم، قل إنّه يربطهم بشكل أساسي بأرباب عملهم الذين يتّخذون صفة الكفيل الرسمي من تاريخ دخولهم البلد وطوال فترة عملهم.

يمنح هذا النظام أرباب العمل صلاحيات واسعة النطاق ويسهّل العمل القسري ويجعل العمّال عرضة للاستغلال وسوء المعاملة. والأمر أشبه بمنح أرباب العمل دور الحكومة في تنظيم العمّال وضمان حمايتهم.

يحتاج العمّال إلى إذن أرباب عملهم لتغيير عملهم، ولمغادرة البلاد أيضاً كما يحصل في السعودية مثلاً. يمكن اعتقالهم وترحيلهم إذا أبلغ أرباب عملهم عن “هروبهم” من عملهم، وإن كان سبب الهروب يعود إلى سوء المعاملة. بالإضافة إلى ذلك، تعدّ مصادرة جوازات السفر ممارسة سائدة، ما يصعّب قدرة العمّال المهاجرين على الهروب من ظروف العمل الاستغلالية.

وتعدّ العاملات المنزليات المجموعة الأكثر عرضةً لسوء المعاملة في ظلّ هذا النظام. ويأتي معظمهنّ من جنوب آسيا ويعملن في منازل خاصة ويوفّرن رعاية الأطفال والطبخ والتنظيف، ويعني عزلهنّ في هذه المنازل واعتمادهنّ المباشر على أرباب عملهنّ بأنهنّ أكثر عرضة للاستغلال وسوء المعاملة.

الكفالة في الدول الخليجية

في البحرين، يشكّل العمّال المهاجرون أكثر من نصف القوى العاملة ويواجهون الاستغلال وسوء المعاملة في العمل. وقد علقوا فيها بعد أن فشلت شركاتهم في دفع أجورهم. في يونيو/حزيران 2018، شاركت مجموعة من العمّال القادمين بمعظمهم من الهند وبنغلادش في احتجاجات للمطالبة بأجورهم المستحقة مع أن البحرين فرضت قيوداً مشدّدة على الحق في حرية التّجمّع.

أمّا العمّال المهاجرون في الإمارات العربية المتحدة، فيحتلّون المرتبة الخامسة من حيث عدد المهاجرين في العالم. وعلى الرغم من الإصلاحات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة على قانون العمل وإعرابها عن نيتها في تحسين حقوق العمّال، فما زال العمّال المهاجرون الذين يشكّلون أغلبية السكان ملزمين بنظام الكفالة، ما يعرّضهم لخطر سوء المعاملة في العمل.

والأمر سيّان بالنسبة إلى الكويت حيث تعدّ العاملات المنزليات الأكثر ضعفاً وعرضة للاستغلال الجسدي والجنسي والنفسي على يد أرباب عملهنّ. وبعد مقتل عاملة منزلية من الفلبين على يد رب عملها في فبراير/شباط، فرضت الفلبين حظراً على توظيف مواطنيها في الكويت وسهّلت العودة الطوعية لآلاف العمّال المهاجرين. وقد رُفِعَ الحظر لاحقاً ووقّعت كل من الكويت والفلبين اتفاقية جديدة.

كذلك، حُرِمت العاملات المنزليات المهاجرات من الحماية القانونية الفعّالة في عُمان. فهنّ مستثنيات من الحماية التي يوفّرها قانون العمل ولا يستفدن من أي حماية فعلية بموجب قانون العاملات المنزليات الحالي. وبحثت الدولة في إمكانية وضع خطة لفرض تأمين صحي إلزامي على جميع المقيمين فيها ولكنّها لم تُنَفَّذ حتى الآن.

وتضمّ السعودية 11 مليون عامل مهاجر يخضعون لنظام الكفالة، وهو أكبر عدد للمهاجرين في المنطقة والرابع في العالم. وما زالت المملكة الدولة الخليجية الوحيدة التي تفرض على جميع العمّال المهاجرين الحصول على إذن خروج لمغادرة البلاد. ونظراً إلى هذه المتطلبات المقترنة بالصعوبات التي يواجهها العمّال في تبديل أرباب عملهم، يصبح العمّال المهاجرون معتمدين على أرباب عملهم، ما يزيد من إمكانية تعرّضهم لسوء المعاملة، بما في ذلك العمل القسري. وهم أيضاً يخضعون لمحاكمات غير عادلة وأحكام بالإعدام. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2018، نفّذت السعودية حكم الإعدام على “توتي تورسيلواتي”، وهي عاملة منزلية إندونيسية وأمّ لولد واحد، ولم يتمّ إبلاغ عائلتها إلا بعد أسبوع واحد من تنفيذ الإعدام.

يبرز العمال الأجانب جوازات سفرهم فيما يتجمعون أمام مكتب الهجرة بانتظار حصولهم على إذن الخروج. وما زالت المملكة الدولة الخليجية الوحيدة التي تفرض على جميع العمّال المهاجرين الحصول على إذن خروج لمغادرة البلاد.
يبرز العمال الأجانب جوازات سفرهم فيما يتجمعون أمام مكتب الهجرة بانتظار حصولهم على إذن الخروج. وما زالت المملكة الدولة الخليجية الوحيدة التي تفرض على جميع العمّال المهاجرين الحصول على إذن خروج لمغادرة البلاد.

على الرغم من بعض الإجراءات الواعدة في قطر مؤخراً، يتعرّض أغلبيّة العمّال المهاجرين، الذين يبلغ عددهم أكثر من 1.9 مليون مهاجر، ‏لخطر الاستغلال وسوء المعاملة على يد أرباب عملهم. ويعود السبب إلى غياب الحماية في القوانين القطرية بالإضافة إلى سوء تنفيذ القوانين الموجودة.

‏وقد أقرّت الحكومة القطرية على مدار السنة الماضية إصلاحات عدة للقوانين المتعلقة بالعمّال المهاجرين. وتندرج هذه الإصلاحات في إطار تطبيق مشروع التعاون التقني مع منظمة العمل الدولية الممتدّ على ثلاث سنوات منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وتتضمّن هذه الإجراءات الإصلاحية ‏تحديد حدّ أدنى للأجور بشكل مؤقت، و‏قانون جديد للعمالة المنزلية، وإنشاء لجان جديدة لحل الخلافات، ‏بالإضافة إلى صندوق دعم وتأمين للعمال الأجانب. ومع أن الحكومة القطرية صدّقت على معاهدتين دوليتين هامتين لحقوق الإنسان، إلا أنّها أشارت بكل وضوح إلى أنّها لن تلتزم ببعض الأمور الأساسية في هاتين المعاهدتين، ‏ومنها مثلاً حق العمّال المهاجرين في تشكيل النقابات. كذلك، ألغت الحكومة القطرية إلغاءً جزئياً “مأذونية الخروج” لمعظم العمّال المهاجرين، فبات بإمكانهم مغادرة البلاد من دون الحصول على إذن من رب العمل.

وتشكّل هذه الإجراءات خطوات مهمة للسير في الاتجاه الصحيح. ‏لكنّ الظلم سيظلّ ينهش كرامة العديد من العمّال المهاجرين في قطر إلى أن يتمّ إلغاء نظام الكفالة بأكمله واستكمال مسار الإصلاح ليضمّ جميع العمّال بدون أي استثناء.

دراسة حالة: عمّال شركة ميركوري مينا

وقد استغلّت شركة “ميركوري مينا”، وهي شركة هندسية تعمل في قطر على مشاريع ذات صلة بكأس العالم لكرة القدم، نظام الكفالة في قطر لتتهرّب من دفع آلاف الدولارات من رواتب وأجور للعمال الأجانب. في 2018، وثّقت منظمة العفو الدولية معاناة 78 عاملاً أجنبياً ‏عمدت الشركة إلى الاستغناء عن خدماتهم من دون دفع رواتبهم لأشهر عديدة، فاضطرّوا للعيش في أوضاع مأساوية.

لبنان

في لبنان، تعيش أكثر من 200 ألف عاملة منزل مهاجرة من بلدان آسيوية، مثل الفلبين وسري لانكا  ونيبال، ومن بلدان أفريقية، مثل إثيوبيا ومدغشقر والكاميرون. هنّ مستثنيات من حماية قانون العمل ويخضعن لنظام الكفالة الذي يعرّضهن لسوء المعاملة والاستغلال.

في مطلع سنة 2015، شكّلت مجموعةٌ من هؤلاء النساء نقابةً عمّالية للعاملات المنزليات كانت الأولى من نوعها في المنطقة. لكن وزارة العمل اعتبرت هذه النقابة غير قانونية بدلاً من أن تعترف بها. وعوضاً عن حماية حقوق النقابيّات بالتنظيم الذاتي، عمدت أجهزة أخرى في الدولة إلى قمع نساء قياديّات فاعلات ومنعتهنّ من إطلاق مبادرة النقابة، مثل “سوجانا رانا” التي فرض عليها الأمن العام الترحيل القسري سنة 2016، وفي يومٍ صادف أنه اليوم العالمي لحقوق الإنسان!

التقينا بـ”سوجانا رانا” في نيبال بعد مرور عامين على ترحيلها، وشاركتنا قصّتها:

https://youtube.com/watch?v=NaA6x-LcN1c%3Frel%3D0

نطالب الدولة اللبنانية باحترام حقّ عاملات المنازل المهاجرات بحريّة التجمّع وحقّهن بالمفاوضة الجماعيّة،

كما نطالبها بشملهنّ ضمن قانون العمل. شاركوا/ن هذا الفيديو!

إسرائيل

تواصل إسرائيل منذ سبعة عقود منع خمسة ملايين لاجئ فلسطيني من حق العودة. ويعيش أغلبية هؤلاء اللاجئين في مخيمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في دول الجوار. واعتمدت إسرائيل، ‏في السنوات الاخيرة، سياسات قاسية وتمييزية ضد اللاجئين وطالبي اللجوء الأفارقة. ففي يناير/كانون الثاني 2018، أطلقت الحكومة خطة تقضي بإجبار عشرات الآلاف من طالبي اللجوء، وخاصة من إريتريا والسودان، على العودة إلى بلد المنشأ أو إلى “بلدان ثالثة” غير مسمّاة. أما من رفض الرحيل، فكان مصيره الاحتجاز لأجل غير محدّد. وزعمت الحكومة الإسرائيلية أن هذه الخطة من شأنها أن تسهّل “المغادرة الطّوعية” “للـمتسللين”، وهو المصطلح المعتمد في القانون الإسرائيلي لوصف المهاجرين غير الشرعيين.

لكن الحكومة الإسرائيلية أُجْبِرَت على تعليق هذه الخطة في نيسان/أبريل 2018 بعد أن فشلت في عرض الاتفاقيات المزعومة مع “الدول الثالثة” لدى المحكمة العليا. ‏بصرف النظر عن وضع هذه الاتفاقيات، فإنها غير قانونية في ظل القانون الدولي لأنها تنتهك مبدأ “حظر الإعادة القسرية”، وهو حظر نقل أي شخص إلى مكان قد يتعرض فيه لخطر الاضطهاد وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أو إلى حيث لن تتم حمايته من التعرض لمثل ذلك النقل في وقت لاحق.

رابط التقرير: ترحيل إسرائيل للاجئين الإريتريين والسودانيين إلى أوغندا

المغرب

في الأشهر الأخيرة، وسّعت السلطات المغربية نطاق حملة المداهمات القاسية وغير القانونية التي تقوم بها ضدّ المهاجرين، من أجل السيطرة على الهجرة غير الشرعية من المغرب إلى إسبانيا. في سبتمبر/أيلول 2018، وثّقت منظمة العفو الدولية الحملة الصارمة والمتواصلة التي قامت بها الشرطة المغربية، مع قوات الدرك الملكي المغربي والقوات المساعدة المغربية، ضد آلاف المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى وطالبي اللجوء واللاجئين.

وقد قامت قوات الأمن بمداهمات عنيفة، بشكل خاص، على المستوطنات العشوائية والمخيمات المؤقتة التي يقطنها المهاجرون حول طنجة والناظور، ونقطة العبور إلى جيب سبتة الإسباني. وفي بعض الحالات، التي وثقتها منظمة العفو الدولية، قامت أجهزة الأمن بإضرام النار في المخيمات، وحرق ممتلكات المهاجرين وسرقة الهواتف المحمولة.

وقال أحد المهاجرين، الذي عاش في المغرب لمدة أربع سنوات، لمنظمة العفو الدولية إن قوات الشرطة والدرك المغربيين اقتحما بعنف منزله في حي مسنانة بطنجة في الساعة الرابعة من صباح يوم 26 أغسطس/آب:

“حضر أفراد الشرطة في منتصف الليل وهم ملثمون، وكسروا بابنا، وبدأوا بالقبض على أفراد عائلتي، بما في ذلك والأطفال.”

أما المواطنون المغاربة الذين يجازفون بحياتهم في الرحلات البحرية الخطيرة إلى أوروبا بحثاً عن فرص أفضل للعمل، فيواجهون بدورهم عنفاً قاسياً من السلطات. في 25 سبتمبر/أيلول 2018، قامت القوات البحرية الملكية المغربية باعتراض قارب يحمل على متنه 15 مواطناً مغربياً على الأقل في المياه المغربية بالقرب من مدينة الفنيدق في الشمال. وقامت القوات بإطلاق النار على القارب لإيقافه، ما أدّى إلى مقتل حياة بلقاسم البالغة من العمر 19 سنة. وتحدثت منظمة العفو الدولية مع والدة حياة، خدوج حمدوني، التي أدلت بشهادتها.

على السلطات المغربية اتّباع سياسات تنظّم عملية الدخول إلى المغرب والبقاء فيها والخروج منها بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

خدوج حمدوني

“كانت ابنتي، حياة، لتكمل سنتها العشرين في نوفمبر. كانت بِكر أولادي الخمسة وأكثرهم شجاعة. كانت تمثّل العالم بأسره بالنسبة إليّ. ترك غيابها فجوةً كبيرةً في عائلتنا ولن يملأها شيئاً بعد الآن.

قبل أن تُقْتَل على أيدي القوات البحرية في المتوسط، كانت حياة تكمل سنتها الثانية في كلية الحقوق. أرادت أن تصبح محامية أو مُدَرّسة. قرّرت حياة أن تصبح “حراڨة”* كي تنضمّ إلى عمّتها التي ربّتها والتي تعيش في إسبانيا. كانت حالمة، ومفعمة بالآمال. أرادت مستقبلاً أفضل.

قتلتها السلطات. قتلتها ولم تفعل شيئاً لترينا حقيقة ما حصل. لم تفعل السلطات شيئاً سوى مراقبة منزلنا يوم دفنها. لا نعرف ما علينا فعله… لا شيء سيعيد لنا حياة، لكننا ما زلنا نريد معرفة حقيقة ما جرى.”

* “حراڨة” كلمة مغاربية مشتقّة من “الحرق” وتعني أولئك الذين يحرقون هوياتهم كي يبحثوا عن حياة أفضل في أوروبا. “الحرڨة” هي فعل “حرق الحدود والبحر”… عندما ينعدم حق حرية التنقل.

ليبيا

في ليبيا فظائع يومية يقاسيها الكثير من اللاجئين والمهاجرين، وأبرزها التعذيب والاحتجاز والاستغلال. وبدلاً من أن تضع أوروبا حداً لهذه الانتهاكات، فإنها تساعد ليبيا في محاصرة هؤلاء الأشخاص الذين يتخبّطون في الجحيم. ومن خلال تدريب خفر السواحل في ليبيا وتزويدهم بالسفن لنقل هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم، فإن القادة الأوروبيين يساهمون في معاناة يصعب وصفها.

يقبع آلاف المهاجرين واللاجئين في مراكز احتجاز ولا أحد يعرف متى سيُفرَج عنهم، هذا إن كان سيُطلَق سراحهم أصلاً. ويرزحون في ظروف منافية للإنسانية، ولا يحصلون سوى على القليل من الطعام والماء والعناية الطبية. يُعامَلون معاملة وحشية ويواجهون التعذيب والاغتصاب، بل ويتمّ المتاجرة ببيعهم.

من المهمّ دعوة القادة الليبيين والأوروبيين إلى حماية المهاجرين واللاجئين من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في ليبيا.

آلاف المهاجرين واللاجئين يرزحون في ظروف منافية للإنسانية

أوقفوا احتجاز وبيع اللاجئين والمهاجرين في ليبيا

الجزائر

على مدى العقدين الماضيين، باتت الجزائر بلد عبور أو وجهة نهائية لكثير من المهاجرين من غرب ووسط أفريقيا الذين يبحثون عن فرص عمل أفضل في قطاعات مختلفة، ولا سيما البناء والزراعة. وعلى الرغم من وجود أعداد كبيرة من العمّال المهاجرين في البلاد، فإن الجزائر تفتقر هي الأخرى إلى الأطر القانونية لحماية العمال المهاجرين، إذ إن القانون الجزائري يعامل الهجرة غير الشرعية على أنها جرم جنائي يعاقب مرتكبوه بالسجن لما يصل إلى خمس سنوات.

وقد بلغت حالات القبض القسري والطرد الجماعي في الجزائر للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء أوجها. وهي بالتالي تنافي تصديقها للاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ولاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين.

قصص الظلم ضد المهاجرين في الجزائر