ناشطة الحقوق الرقمية، نيغات داد، تتحدث عن كيف أن النساء في باكستان يتعرضن لهجمات عبر الإنترنت، وماذا يفعلن من أجل التصدي لها.
هناك صورة نمطية شائعة في بعض المناطق القروية من باكستان، ومفادها بأن الإنترنت غير مخصص للنساء، ولاسيما عندما يشاهد رواده مواد سيئة أو يقيمون علاقات غير شرعية. ومن ثم، لا يفترض في النساء، في مجتمع مسلم محافظ، أن يطلعن على محتويات الإنترنت. تختار العديد من النساء استخدام الإنترنت في السر، حتى لا يعرف أفراد أسرهن بالأمر وخصوصاً الرجال.
لقد رأيت الابتزاز، وصوراً تم التلاعب بها عن طريق برنامج الفوتوشوب، وقرصنة الحسابات الشخصية، وتهديدات بالاغتصاب.
نيغات داد
وهذا أحد الأسباب الذي يجعل النساء لا يشعرن بالأمان في بعض المناطق عندما يطلعن على محتويات الإنترنت؛ إذ يشعرن بالتهديد ولهذا يضطررن إلى الاطلاع على بعض المحتويات بدون الاتصال بالشبكة العنكبوتية. لقد رأيت الابتزاز، وصورا تم التلاعب بها عن طريق برنامج الفوتوشوب، وقرصنة الحسابات الشخصية، وتهديدات بالاغتصاب. ناشطات في مجال حقوق المرأة ومناصرات للحركة النسوية يتلقين رسائل مسيئة في غرف الدردشة وسواها على الإنترنت على أساس “أنهن عميلات غير أخلاقيات للغرب”. نحو نصف الجرائم التي يتم التبليغ عنها على الإنترنت لها علاقة بالتحرش بالنساء على وسائل التواصل الاجتماعي.
العار والابتزاز
أكثر القضايا الصادمة التي اطلعت عليها هي عندما صور بعض الرجال بالفيديو اغتصاب مُدرِّسة في قرية نائية، ثم نشروا المقطع المصور عن طريق خدمة رسائل الوسائط المتعددة. تعامل معها المجتمع المحلي بطريقة غير لائقة إذ اتهمها ووضعها خلف القضبان. دمرت حياة المرأة تماما لأنه لم يعد بإمكانها أن تستأنف عملها في تدريس الأطفال الصغار إذ إن سكان القرية ينظرون إليها على أنها الطرف المخطئ.
الابتزاز عن طريق الإنترنت مشكلة حقيقية أيضاً.لقد كانت هناك في الفترة الأخيرة فضيحة في بيشاور حيث اخترق طالبان حسابات طالبات أخريات على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك. ثم قالا إنهما سينشران أي معلومات شخصية عنهن مثل أرقام الهواتف، والعناوين الشخصية، وتفاصيل العلاقات الحميمية، وكل ما يمكن أن يعثروا عليه في حساباتهن ما لم يحصلا على المال.
اشتكت النساء إلى إدارة الفيسبوك، وقلن إن الصفحات التي تعرضت للقرصنة لم تنتهك القواعد المرعية في المجتمع المحلي. وكانت المشكلة أن إدارة الفيسبوك لم تكن ملمة بلغة الباشتو المحلية. وفي نهاية المطاف، أزيلت هذه الصفحات من موقع الفيسبوك، واشتكت الضحايا لوكالة التحقيقات الاتحادية التي اعتقلت القرصانين.
ثم تلا ذلك تدفق سيل كبير من الرسائل المسيئة على الإنترنت، واستهدف الجزء الأسوأ منها الصحفيات الباكستانيات. إن مجتمعنا يتغير، لكن قطاعات واسعة منه لا تزال تعتبر أن أدوار النساء منحصرة في الإنجاب والطبخ وتدبير شؤون البيت. ولا يُفترض أن يكن مثقفات أو يشاركن في النقاشات السياسية. ولهذا، متى ما عبرت المرأة عن أفكارها في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن بعض الرجال يرون ذلك بمثابة تهديد لسلطتهم.
معلومات وفرص
تحتاج النساء حقاً إلى أن تكن حذرات عندما تستخدمن الإنترنت لكن الشعور بالأمان لا يتحقق فقط من خلال استخدام إجراءات أمنية معينة، وإنما بدرجة أكبر من خلال تغيير السلوك. ولهذا، أدرس الطالبات الشابات في الجامعات والكليات كيفية استخدام الإنترنت بطريقة آمنة. يتعلق الأمر في الواقع بمبادئ أساسية مثل استخدام كلمة سر قوية لمنع تعرض حسابك الشخصي للقرصنة أو ضمان استخدام متصفح ويب آمن. تتعلم الطالبات أيضا الجوانب القانونية المتعلقة بالمسألة وكيف يمكن أن يقدمن شكاية حسب الأصول المرعية بحيث تأخذها السلطات في الاعتبار.
البريق والتألق اللذان ينبعثان من أعينهن عندما أشاهدهن وهن يستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي رائعان.
نيغات داد
لكن الإنترنت يفتح آفاقاً جديدة بالنسبة إلى النساء في باكستان: إنه وسيلة عملية بالنسبة لهن للبقاء على اتصال مع أسرهن. إنه يعني أنه يمكن التحدث بكل حرية والحصول على المعلومات التي يحتجن إليها. ويعني أيضاً أنه وسيلة مثلى لكسب معيشتهن بدون الاضطرار إلى مغادرة المنزل، مثلاً من خلال إدخال البيانات أو كتابة مقالات لصالح بعض مواقع الإنترنت. ينبغي أن تكون النساء قادرات على التعامل مع الجوانب السلبية للإنترنت بحيث يكون في مقدورهن الاستفادة القصوى من الفرص التي يتيحها.
زرت عدة مرات منطقة خيبر باختونخوا التي تنحدر منها ملالا يوسف بهدف تنظيم ورش لفائدة النساء والفتيات حتى تكن قادرات على إنشاء “فضاءات آمنة على الإنترنت”. البريق والتألق اللذان ينبعثان من أعينهن عندما أشاهدهن وهن يستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي رائعان. يمكن تلخيص شعورهن في العبارات التالية “رائع! ما هذا؟” ينشئان حسابات خاصة بكل واحدة منهن على موقع تويتر ثم يرسلن تغريدات لبعضهن البعض. إنهن يحببن هذا العالم حباً جماً. بإمكاني أن أرصد في عيونهن الشعور بالحرية والتحرر من الأعراف الاجتماعية المقيدة. يكون علي أن أطردهن من المختبر حينما يأتي المساء وتنتهي الورشة!
الأفكار التي عبرت عنها الكاتبة في هذا المقال هي أفكارها الخاصة ولا تعكس بأي حال من الأحوال سياسة منظمة العفو الدولية.