البحرين: مراجعة أوضاع حقوق الإنسان من قبل الأمم المتحدة يجب أن تحفِّز على اتخاذ إجراءات وليس قطع التعهدات الجوفاء

قالت منظمة العفو الدولية إن إجراء مراجعة جديدة لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين من قبل الأمم المتحدة سيكون بمثابة تمرين أجوف، ما لم تُتبعه هذه المملكة الخليجية باتخاذ إجراءات حقيقية لتنفيذ توصياتها.ففي يوم الأربعاء اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة نتائج الاستعراض الدوري الشامل لأوضاع البحرين، وهو تقرير يصدر كل أربع سنوات حول سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان.وقد قبلت الحكومة البحرينية بشكل كامل أكثر من 140 توصية من أصل 176 توصية انبثقت عن الاستعراض الدوري الشامل، ومن بينها تدابير تهدف إلى إطلاق سراح سجناء الرأي، وتعزيز ضمان المحاكمات العادلة والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت أثناء وبعد الاحتجاجات الجماهيرية المطالِبة بالإصلاح التي اندلعت في العام الماضي.وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لقد شهدنا تعهد البحرين بإجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان على المسرح الدولي- في أعقاب قيام لجنة التحقيق المستقلة في البحرين بنشر نتائج تحقيقاتها في العام الماضي- ولكن الواقع المحزن يبين أن مثل هذه التعهدات تبقى تعهدات جوفاء إذا لم تُتخذ إجراءات حقيقية لدعمها.”“وما لم تنفذ حكومة البحرين توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل في الممارسة العملية على المستوى الوطني، فإن ذلك سيكون مجرد تمرين بيروقراطي أجوف.”

حرية التعبير والمحاكمات العادلة

من بين توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل التي قبلتها حكومة البحرين، ثمة 16 إجراء تتصل بضمانات المحاكمات الجائرة، بما فيها إطلاق سراح المحتجزين خلف القضبان بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير.وعلى الرغم من التأكيدات المتكررة من قبل الحكومة البحرينية على احترام الحق في حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات، فإن العديد من سجناء الرأي ما زالوا خلف القضبان، كما شهدت الأسابيع الأخيرة تجدُّد حملة قمع الحريات.وفي وقت سابق من هذا الشهر، أيَّدت محكمة الاستئناف العليا في البحرين الأحكام القاسية التي صدرت بحق 13 سجين رأي. وفي أغسطس/آب قُبض على ناشطة حقوق الإنسان زينب الخواجة، وهي تواجه سلسلة من التهم – بينها تمزيق صورة الملك – في الوقت الذي حُكم على المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب بالسجن ثلاث سنوات، لا لشيء إلا بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات.

مزاعم التعذيب

قبلت الحكومة البحرينية 11 توصية بخصوص التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة التي تعرَّض لها المعتقلون عقب الاحتجاجات في عام 2011، وتقديم المسؤولين عنها إلى ساحة العدالة.وفي الوقت الذي أصدرت فيه السلطات البحرينية أحكاماً بحق ثلاثة من أفراد الشرطة بسبب ارتكابهم انتهاكات، ووجهَّت تهماً لعدد آخر في الآونة الأخيرة، فإن الأغلبية العظمى من الجناة المزعومين أفلتوا من قبضة العدالة حتى الآن.إن منظمة العفو الدولية تدعو السلطات البحرينية إلى ضمان المساءلة، حيثما وقعت انتهاكات لحقوق الإنسان، وإلى إعلان نتائج أية تحقيقات في مزاعم التعذيب والقتل على أيدي قوات الأمن على الملأ.

الإصلاحات التشريعية

قبلت الحكومة البحرينية 22 توصية من توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل المتعلقة بتغيير القوانين الوطنية، ولكنها رفضت تسعة تعديلات قانونية مقترحة، من شأنها أن تجعل القانون الوطني متوائماً مع نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.وقالت منظمة العفو الدولية إن الرفض شكَّل خطوة مؤسفة من شأنها أن تحرم ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من تحقيق العدالة. كما رفضت الحكومة التوصيات المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام.وحثت المنظمة السلطات البحرينية على حذف الأحكام المصوغة بعبارات غامضة في القانون الوطني، والتي يمكن استخدامها لتجريم الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات والتجمع.وقال فيليب لوثر: “إن السلطات البحرينية، إذ تستمر في فرض قيود واسعة على الجمعيات السياسية واعتقال عشرات الأشخاص الذين يشاركون في المظاهرات السلمية، إنما تنتهك التزاماتها الدولية بحقوق الإنسان بشكل صارخ.””وإن الأخذ بتوصيات الأمم المتحدة كما هي والقيام بتغيير حقيقي يُعتبر خطوة أولى ملحَّة لإصلاح أوضاع حقوق الإنسان المزرية في هذه المملكة الخليجية.”