الصين 2024
واصلت الحكومة فرض قوانين وسياسات قمعية تقيِّد الحق في حرية التعبير وغيره من حقوق الإنسان. وقُبض على عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، وحُوكموا وصدرت ضدهم أحكام بالسجن لمدد طويلة. وتعرَّض نشطاء يعيشون خارج البلاد للتهديد والترهيب. وفُرضت قيود جديدة على الحرية الدينية في منطقة شينجيانغ أويغور ذات الحكم الذاتي، كما استمرت محاكمات عدد من المثقفين والفنانين وغيرهم من الشخصيات الثقافية الأيغورية. واشتدت حدة قمع السلطات الصينية للثقافة واللغات التبتيَّة. وتم توسيع القدرة على توليد الطاقة المُتجدِّدة، ولكن الصين ظلَّت تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الفحم. وأدى قانون جديد للأمن القومي إلى فرض مزيد من القيود على الحيِّز المدني في هونغ كونغ، حيث حُكم على عشرات من النشطاء المؤيدين للديمقراطية بالسجن لمدد طويلة.
خلفية
وسط بواعث قلق متزايدة بشأن التباطؤ الاقتصادي، وانخفاض معدل المواليد، وارتفاع نسبة كبار السن بين السكان، كثَّفت الحكومة تركيزها على ضمان “الاستقرار”، مما أدى إلى تزايد القيود على حقوق الإنسان. وتجلَّى تشديد قبضة السلطات الصينية واستمرار الافتقار إلى الشفافية في فصل مسؤولين من الحزب الشيوعي الصيني بسبب الاطلاع على مطبوعات “ممنوعة”، وكذلك في فرض قيود على سفر موظفين حكوميين والرقابة على النشر فيما يخص فضائح تتعلق بحقوق المستهلكين.
وبالرغم من نفي الحكومة، استُخدمت أسلحة ومعدات عسكرية أخرى مُصنَّعة في الصين على أيدي أطراف النزاع المسلح في السودان. وفي النزاع في ميانمار، استمر ظهور أدلة على ضلوع جهات حكومية وغير حكومية في توريد وقود الطائرات إلى الجيش في ميانمار، مما أتاح شنَّ ضربات جوية على أعيانٍ مدنية وارتكاب جرائم حرب أخرى.
واستمر التباطؤ في اقتصاد هونغ كونغ، حيث أُغلقت متاجر ومطاعم عديدة. واستمر العجز المالي، وانخفضت الاحتياطات المالية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2010. وأدى استمرار حملة القمع ضد المعارضين السياسيين إلى عرقلة جهود السلطات لإعادة رسم صورة الصين باعتبارها مركزًا دوليًا للاستثمارات الأجنبية والسياحة.
حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
كان عدد من الفنانين وغيرهم ضمن الذين تعرَّضوا للمقاضاة بموجب قوانين مُقيِّدة. ففي 5 يناير/كانون الثاني، قبضت السلطات على تشن بينلين، وهو مخرج فيلم وثائقي عن حركة الورقة البيضاء، وهي حركة احتجاجٍ سلمي على سياسات القيود المُشدَّدة المتعلقة بجائحة كوفيد-19 وعلى تفشي الرقابة والمراقبة ظهرت عام 2022. وقد وُجِّهت إليه تهمة “افتعال مشاجرات وإثارة متاعب”، وكان لا يزال مُحتجزًا في انتظار المحاكمة بحلول نهاية العام.1 وفي سبتمبر/أيلول، اعتُقل غاو تشن، وهو فنان شهير تضمنت أعماله تصويرًا نقديًا لقضايا اجتماعية، بسبب الاشتباه في إقدامه على “إهانة الأبطال والشهداء الثوريين”. وكان غاو تشن، الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، في زيارة لأقاربه في الصين وقت القبض عليه. وكان لا يزال في انتظار المحاكمة بحلول نهاية العام.2
وفي أبريل/نيسان، أصدرت وزارة أمن الدولة لائحة تنظيمية جديدة تمنح موظفي إنفاذ القانون صلاحيات إضافية لفحص الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك تلك التي يحملها الزوار الأجانب القادمون إلى الصين. ووسَّعت اللائحة التنظيمية الجديدة، التي بدأ سريانها في يوليو/تموز، نطاق القوانين القائمة لمكافحة التجسس لتشمل مسائل “الأمن القومي”، بينما أضعفت أيضًا ضماناتها الإجرائية.
وفي استجابة نادرة لضغوط الرأي العام، سحبت الحكومة المركزية، في يونيو/حزيران، مشروع تعديل على قانون الخاص بالعقوبات الإدارية لدواعي الأمن العام. وكان التعديل يشمل تهمًا مُصاغة بشكل مُبهم لمعاقبة السلوك الذي ينطوي على “الإضرار بالروح الوطنية” للأمة و”إيذاء مشاعر” الشعب. ومع ذلك، اتُخذت خطوات أخرى لزيادة توسيع الإطار القانوني والتنظيمي الذي يقيِّد الحق في حرية التعبير.
ففي 11 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين عن إجراءات جديدة لفرض قيود على استخدام “تعبيرات غامضة” عبر الإنترنت، مستهدفةً بذلك التعبيرات الدارجة التي يلجأ إليها مستخدمو الإنترنت للتحايل على الرقابة عبر الإنترنت. وكذلك في أكتوبر/تشرين الأول، أفادت الأنباء بأن السلطات المحلية في شانغهاي قبضت على ستة أشخاص على الأقل كانوا يرتدون ملابس تنكرية بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين (الهالوين).
وواصلت الحكومة حملتها لإسكات المعارضة من جانب مواطنين يعيشون في الخارج. فقد خضع طلاب من البر الرئيسي الصيني وهونغ كونغ، ممن يدرسون في جامعات في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية، للمراقبة وللرقابة على شبكة الإنترنت وخارجها، بما في ذلك على أيدي جهات تابعة للدولة. وتعرَّض هؤلاء الطلاب وبعض أفراد عائلاتهم في البر الرئيسي الصيني للمضايقة والترهيب لمنعهم من الاشتراك في أنشطة تتصل بقضايا سياسية أو بقضايا أخرى “حساسة”.3
المدافعون عن حقوق الإنسان
ظلَّ المدافعون عن حقوق الإنسان، بمن فيهم النشطاء، والمحامون، والصحافيون في صحافة المواطن، يواجهون الترهيب، والمضايقة، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، لدفاعهم عن حقوق الإنسان وممارستهم لحقهم في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وكثيرًا ما كان قمع هؤلاء ممكنًا باللجوء إلى قوانين الأمن القومي ذات الصياغات الفضفاضة والمُبهمة. وفي بعض الحالات، امتدت المضايقة والترهيب إلى أفراد عائلاتهم.
وفي 14 فبراير/شباط، بعثت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين برسالة إلى الحكومة للتعبير عن بواعث القلق بشأن القيود الإدارية على عمل المحامين، وتجريم هذا العمل، وغير ذلك من أنماط التدخل فيه. وذكرت المقررة الخاصة أن المحامين المعنيين بحقوق الإنسان الذين يتولون قضايا حساسة يتعرضون للاستهداف على وجه الخصوص.
وفي أعقاب محاكمة الناشطة في مجالي حقوق العمال وحقوق المرأة لي كياوشو في ديسمبر/كانون الأول 2023، أُدينت في فبراير/شباط بتهمة “التحريض على تقويض سلطة الدولة”. وحُكم عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر.4 وقد أُفرج عنها في أغسطس/آب، حيث كانت قد قضت بالفعل مدة العقوبة.
كما أُفرج عن ثلاثة آخرين من المدافعين عن حقوق الإنسان، وهم المحامية لي يوهان والمحامي تشانغ ويبنغ والناشط في مجال مناهضة التمييز تشينغ يوان. وظلَّ الثلاثة يواجهون قيودًا على حريتهم في التنقل، كما حُرموا من “الحقوق السياسية” عقب الإفراج عنهم.
وفي يونيو/حزيران، حكمت محكمة غوانزو المتوسطة على الناشطة صوفيا هوانغ خويتشين والناشط وانغ جيانبنغ بالسجن لمدة خمس سنوات وثلاث سنوات ونصف، على الترتيب، بتهمة “التحريض على تقويض سلطة الدولة”. وكان الناشطان البارزان في حركة #أنا_أيضًا #MeToo وفي مجال حقوق العمال رهن الاحتجاز منذ القبض عليهما في سبتمبر/أيلول 2021، بسبب مشاركتهما في التدريب على الاحتجاج غير العنيف واشتراكهما في مناقشات بشأن تقلص الحيز المتاح للمجتمع المدني.5
وفي أغسطس/آب، احتُجزت الصحفية في صحافة المواطن تشانغ زان بعدما شاركت في أنشطة لكسب التأييد لحقوق الإنسان. وكانت قد خضعت للمراقبة منذ الإفراج عنها في مايو/أيار 2024.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، حُكم على المدافعة عن حقوق المرأة والحقوق الصحية، والمُحتجزة حاليًا، هي فانغمي بالسجن لمدة خمس سنوات وستة آشهر، فيما يتصل بحملتها من أجل لقاحات آمنة. وكانت هي فانغمي قد وضعت طفلة ثانية أثناء احتجازها؛ وفي وقت ما، اقتاد مسؤولون محليون الطفلتين ووضعوهما في مستشفى للأمراض النفسية. في أبريل/نيسان، نُقلت الطفلتان، بعمر الثلاث والثماني سنوات، من المستشفى، بحسب ما ورد، ولكن مكانهما كان مجهولًا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قُبض على لو سيوي، وهو محام معني بحقوق الإنسان اشتهر بتولي الدفاع في قضايا سياسية حساسة، ووُجهت إليه تهمة “عبور الحدود بشكل غير قانوني”. وكان لو سيوي قد اعتُقل من قبل على أيدي الشرطة في لاوس، في يوليو/تموز 2023، وأُعيد قسرًا إلى الصين.
واستمرت بواعث القلق بشأن ظروف الاحتجاز والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي يتعرَّض لها بعض المدافعين عن حقوق الإنسان. ففي أكتوبر/تشرين الأول، ذكرت الأنباء أن أستاذ القانون والناشط شو زيونغ، الذي يقضي حكمًا بالسجن لمدة 14 سنة بتهمة “تقويض سلطة الدولة”، قد دخل إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على سوء معاملته على أيدي حراس السجن.
وأفادت الأنباء بأن صحة شو يان، التي قُبض عليها في أبريل/نيسان 2023 مع زوجها يو ون شنغ، قد تدهورت أثناء احتجازها بسبب سوء التغذية. وكان الناشطان قد حُكم عليهما، في 29 أكتوبر/تشرين الأول بالسجن لمدة سنة وتسعة أشهر، وثلاث سنوات، على التوالي، بتهمة “التحريض على تقويض سلطة الدولة”.6
وفي مارس/آذار، ندَّد 14 من خبراء الأمم المتحدة باستمرار تقاعس السلطات الصينية عن التحقيق في الملابسات المحيطة بوفاة المدافعة عن حقوق الإنسان كاو شون لي في الحجز عام 2014. وكانت قد احتُجزت في عام 2013، بينما كانت تُعد للمشاركة في عملية الاستعراض الدوري الشامل لسجل الصين، ولكن صحتها تدهورت بسبب التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، حسبما زُعم، بما في ذلك حرمانها من الحصول على الرعاية الطبية.
مناطق الأقليات العِرقية ذات الحكم الذاتي
واصلت السلطات فرض سياسات قمعية في مناطق الأقليات العِرقية ذات الحكم الذاتي، ولاسيما منطقة شينجيانغ أويغور ذات الحكم الذاتي والتبت، مما أدى إلى حرمان سكانها من بعض الحقوق، بما فيها الحق في التعبير الثقافي وفي الحق في حرية الدين والمعتقد. وكان قمع السكان من الجماعات العِرقية والأقليات يُنفَّذ تحت ذريعة الأمن القومي ومكافحة الإرهاب.
منطقة شينجيانغ أويغور ذات الحكم الذاتي
في يناير/كانون الثاني، نشرت الحكومة كتابًا أبيض بعنوان “الإطار القانوني وتدابير مكافحة الإرهاب”، وصفت فيه الجهود التي تهدف في ظاهرها إلى “حماية” حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، استمر استخدام قوانين قمعية، بما في ذلك قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2015 واللائحة التنظيمية لمنطقة شينجيانغ بشأن القضاء على التطرُّف الصادرة عام 2017، في إلقاء القبض تعسفيًا على أفراد من جماعتي الأويغور والكازاخ وغيرهما من الجماعات العِرقية ذات الأغلبية المُسلمة، وكذلك في فرض قيود على الممارسات الثقافية والدينية. وفي أغسطس/آب، كرَّرت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان دعوتها إلى السلطات الصينية لمراجعة وتعديل الإطار القانوني الذي ينظِّم أمور الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، ولتعزيز حماية الأقليات من التمييز المُجحف.
وفي فبراير/شباط، بدأ سريان التعديلات على اللائحة التنظيمية للشؤون الدينية، والتي زادت من تقييد حرية الدين والمعتقد. وشدَّدت التعديلات على اللائحة التنظيمية للشؤون الدينية في شينجيانغ، وكذلك تصريحات الأمين العام للحزب الشيوعي في شينجيانغ، على ضرورة “إضفاء الطابع الصيني” على الإسلام. ويُعد هذا تكرارًا لتصريحات سابقة لقادة صينيين، تؤكد على “الولاء… قبل أي شيء آخر” للحزب الشيوعي الصيني.
واستمر احتجاز عدد من الشخصيات الثقافية من الأويغور. ومن بين الذين حُوكموا خلال العام المخرج السينمائي إكرام نورمهمت. وقد أُدين في يناير/كانون الثاني بتهمة “المشاركة في أنشطة إرهابية”، لأنه كان قد سافر إلى تركيا. وذكرت تقارير إعلامية أن إكرام نورمهمت تعرَّض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لإجباره على “الاعتراف” بجرائم لم يرتكبها. وفي يونيو/حزيران، حُكم على مؤلف الأغاني ياشار شُهرت بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة “الترويج للتطرف” و”حيازة مواد متطرفة بشكل غير قانوني”. وجاء الحكم بسبب تعبيره عن هويته الثقافية من خلال الموسيقى وحيازته لمواد من الأدب الأويغوري.
وظلَّ باحثون وفنانون آخرون بارزون من الأويغور يقضون أحكامًا بالسجن لمدد طويلة، وحُرموا من التواصل مع أفراد عائلاتهم. ومن بين هؤلاء المفكر الأويغوري الشهير إلهام توهتي الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في عام 2014 بتهمة تبني “النزعة الانفصالية”.7 ولم تكن هناك أي معلومات عن وضع أو مكان عالمة الأعراق رحيل داوت، التي ورد أنها حُكم عليها بالسجن مدى الحياة في عام 2023 بتهمة “تعريض أمن الدولة للخطر”.
التبت
أُطلق سراح الراهب التبتي رينشن تسولتريم في 1 فبراير/شباط، بعدما أمضى مدة الحكم الصادر ضده بالسجن أربع سنوات. وكان قد سُجن بتهمة “التحريض على الانفصال”، فيما يتصل بمنشوراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي يوليو/تموز، بعث 13 من خبراء الأمم المتحدة برسالة إلى الحكومة الصينية للتعبير عن بواعث القلق بشأن الأنباء عن تعرُّض مئاتٍ من أهالي التبت المدنيين وكذلك الرهبان للضرب والاعتقال التعسفي خلال احتجاجاتٍ على بناء محطة للطاقة الكهرومائية على نهر دريشو في محافظة سيشوان. ووفقًا لما جاء في الرسالة، فإن المحطة، التي تبنيها شركة مملوكة للدولة، قد تؤدي إلى تشريد قسري وإعادة توطين لأعداد من السكان المحليين، وإلى تدمير مواقع ثقافية ودينية مهمة، فضلًا عن أضرار بيئية.
واستمر إغلاق المدارس التي تعلِّم باللغة التبتية وغيرها من اللغات غير اللغة المندرينية، وذلك في إطار حملة السلطات من أجل الحدِّ من الثقافة واللغة التبتيَّيْن. ففي يوليو/تموز، أغلقت السلطات مدرسة جيغمي غيالتسن المهنية، وهي مدرسة خاصة في محافظة غانسو تقدم صفوف باللغات التبتية، ومعظم طلابها من الصبية التبتيين. كما استمرت بواعث القلق بشأن نظام المدارس الداخلية، الذي يُفرَض بالإكراه على الأطفال التبتيين. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وردت أنباء عن احتجاز الناشط في مجال تعليم اللغة التبتية تاشي وانغتشوك لمدة 15 يومًا بتهمة “الإخلال بالنظام الاجتماعي”. وكان وانغتشوك قد قضى في السابق عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة “التحريض على الانفصال”.
حقوق أفراد مجتمع الميم
في مايو/أيار، أقر حكم صادر عن المحكمة الشعبية الجزئية لمنطقة فينغتاي في بكين، في نزاع بشأن حضانة طفلة، بحق شريكة مثلية في زيارات شهرية لابنتها. ومثَّل الحكم تطورًا مهمًا في نظام لا يعترف بالعلاقات المثلية ولا يوفر لها الحماية. ومع ذلك، استمر قمع أنشطة مجتمع الميم، حيث كان النشطاء عُرضة لمخاطر، من بينها الاحتجاز والاستجواب بشكل تعسفي، والرقابة على الموضوعات التي تخصُّ مجتمع الميم.
عقوبة الإعدام
يُعتقد أن عقوبة الإعدام استُخدمت بصورة مكثفة، لكن لم يُعرف عدد عمليات الإعدام التي نُفِّذت، لأن مثل هذه المعلومات ظلت مصنَّفة على أنها سر من أسرار الدولة.
وفُرض مزيد من القيود التي تحد من سُبل الحصول على معلومات بشأن أسرار الدولة، بما في ذلك استخدام عقوبة الإعدام، عن طريق تعديلات أُدخلت على قانون حماية أسرار الدولة، في فبراير/شباط، وعلى لائحته التنفيذية، في يوليو/تموز. ووسَّعت التعديلات نطاق المعلومات التي تُصنَّف بأنها سرية، وشدَّدت سيطرة الحكومة على الكشف عنها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أوردت وسائل إعلام محلية ودولية قضية موظف حكومي حُكم عليه بالإعدام لمخالفته قانون حماية أسرار الدولة.
وفي 21 يونيو/حزيران، أصدرت المحكمة الشعبية الصينية العليا، والنيابة الشعبية العامة العليا، ووزارات الأمن العام وأمن الدولة والعدل، بصورة مشتركة، “آراء بشأن معاقبة المتشددين بشأن ’استقلال تايوان‘ على القيام بأنشطة انفصالية أو التحريض على الانفصال، وفقًا للقانون”. وشملت الآراء توجيهات لمحاكمة الأفراد الذين يدعون لاستقلال تايوان أو يقومون بأنشطة تأييدًا لاستقلالها، وفرض عقوبات قاسية عليهم، بما في ذلك عقوبة الإعدام.
الحق في بيئة صحية
تحقَّق تقدم كبير نحو التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة، مع تحقيق المستهدف الحكومي لعام 2030 في مجال توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قبل ذلك الموعد بست سنوات. ونتيجةً لذلك، تجاوزت قدرة الصين على توليد الطاقة من المصادر غير الأحفورية قدرتها على توليدها من الوقود الأحفوري، وذلك للمرة الأولى.
ومع ذلك، اعتمد استهلاك الطاقة أساسًا على أنواع الوقود الأحفوري التي ظلت أكبر مساهم في انبعاثات غازات الدفيئة في الصين. ووفقًا لمنظمة غرينبيس (Greenpeace) غير الحكومية، انخفض عدد التصاريح الجديدة التي تصدرها الحكومة لإنشاء محطات كهرباء تعمل بالفحم لإمداد المنازل بنسبة 79.5% خلال النصف الأول من العام. إلا إن معدل بناء المحطات التي تعمل بالفحم ظل مرتفعًا بسبب المشروعات التي أُقرَّت في السنوات السابقة.
وبرغم التعهدات التي سبق أن قدمتها الحكومة، استمر إنشاء محطات كهرباء جديدة تعمل بالفحم في الخارج، وكان عدد المحطات القائمة التي أُوقِفت عن العمل في عام 2024 أقل من عدد المحطات التي أُوقِفت في السنتين السابقتين.
وفي مارس/آذار، ذكرت منصة المعلومات التابعة لشركة أي كيو إير (IQAir) أن تحسين جودة الهواء، الذي استمر كاتجاه عام في الصين على مدى خمس سنوات، قد تراجع في عام 2023 مع عودة الضباب الدخاني الكثيف إلى عدة مدن ومحافظات، فيما يرجع في معظمه إلى حرق الفحم.
منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة
حرية التعبير
تزايد تقلُّص الحيز المتاح لحرية التعبير، التي تخضع لقيود شديدة بالفعل بموجب قانون الأمن القومي وغيره من القوانين القمعية.
وفي مارس/آذار، وبعد مشاورات عامة غير كافية، أقرَّ المجلس التشريعي لهونغ كونغ بالإجماع قانون حماية الأمن القومي. واستحدث هذا القانون المحلي جرائم جديدة تتعلق بالأمن القومي، وزاد العقوبات على الجرائم القائمة. كما رسَّخ القانون الصلاحيات الواسعة الممنوحة للحكومة المحلية في مجال إنفاذ القانون. وأخذ القانون بتعريفات البر الرئيسي الصيني الفِضفاضة والمُبهمة لمصطلحات “الأمن القومي” و”أسرار الدولة”، والتي قد تشمل تقريبًا جميع أنواع السلوك والمعلومات. وحلّ قانون حماية الأمن القومي محلّ قانون إثارة الفتنة من الحقبة الاستعمارية، الذي كان يستخدم على نطاق واسع، لكنه وسّع من نطاق أحكام تعاقب على نية إثارة “الكراهية أو العداء بين سكان مناطق الصين المختلفة”، ويشمل ذلك بشكل واضح الأفعال أو الأقوال التي لا تحرِّض على العنف.8 وقد رُفع الحد الأقصى لعقوبة إثارة الفتنة من السجن سنتين إلى السجن سبع سنوات، وتزيد العقوبة إلى 10 سنوات إذا شملت الإدانة التواطؤ مع قوى خارجية.
بعد اعتماد قانون حماية الأمن القومي، قُبض على 15 شخصًا بموجب أحكامه المتعلقة بإثارة الفتنة. ووُجهت تهم إلى أربعة منهم في وقت لاحق. وفي سبتمبر/أيلول، أُدين ثلاثة منهم في محاكمات منفصلة بسبب ارتداء قميصٍ وقناعٍ طُبعت عليهما شعارات احتجاج؛ والتعبير عن تعليقات سياسية مناهضة للحكومة على منصات على الإنترنت؛ وكتابة شعارات احتجاج على مقاعد الحافلات. وحُكم عليهم بالسجن لمددٍ تتراوح بين 10 شهور و14 شهرًا.
وفي يونيو/حزيران وديسمبر/كانون الأول، استخدمت السلطات الصلاحيات الجديدة بموجب قانون حماية الأمن القومي لإلغاء جوازات سفر ستة ثم سبعة من نشطاء هونغ كونغ المقيمين في الخارج، كانت قد صدرت لهم مذكرات اعتقال في عام 2023. وأُدرج ستة نشطاء آخرين يعيشون في الخارج ضمن قائمة الأشخاص المطلوب القبض عليهم، مع عرض مكافأة قدرها مليون دولار هونغ كونغ (حوالي 128,500 دولار أمريكي) لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليهم.
وفي مايو/أيار، قضت محكمة الاستئناف بمنح الحكومة إذنًا قضائيًا مؤقتًا لحظر أغنية الاحتجاج المؤيدة للديمقراطية “المجد لهونغ كونغ”.9 ويحظر القرار، الذي ألغى حكم محكمة أدنى، على الأفراد إذاعة الأغنية، أو أدائها، أو توزيعها، أو نشرها، أو عرضها، أو إعادة إنتاجها بنيةٍ مناهضةٍ للأمن القومي، مثل نية إثارة الفتنة أو التحريض على الدعوة إلى الانفصال. ويمكن أن يُحاسب أي شخص يخالف الأمر المؤقت بتهمة ازدراء المحكمة، وأن يتعرَّض للسجن. وعقب صدور القرار، منعت منصة يوتيوب المستخدمين في هونغ كونغ من الوصول إلى 32 تسجيلًا مصورًا يعرض الأغنية.
وقي قضية كبرى شملت 47 من النشطاء المؤيدين للديمقراطية، خلصت المحكمة العليا، في مايو/أيار أيضًا، إلى أن 14 شخصًا مذنبون بتهمة “التآمر لارتكاب أعمال تخريب” بموجب قانون الأمن القومي، لقيامهم بتنظيم انتخابات تمهيدية غير رسمية لانتخابات المجلس التشريعي لعام 2020، والتي تم تأجيلها في النهاية. وكان 31 متهمًا آخر قد أقروا في وقت سابق بأنهم مذنبون بالتهمة نفسها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، حكمت المحكمة على 45 متهمًا بالسجن مُددًا تتراوح بين أربع سنوات وثلاثة أشهر وعشر سنوات. وقضت المحكمة ببراءة اثنين آخرَيْن من المتهمين، ولكن وزارة العدل استأنفت الحكم ضد أحد حكمَيْ التبرئة.
واستمرت محاكمة جيمي لاي، البالغ من العمر 77 عامًا، وهو مؤسس صحيفة أبل ديلي المؤيدة للديمقراطية، بتهمة “التواطؤ مع قوى خارجية” بموجب قانون الأمن القومي، وكانت لا تزال جارية بحلول نهاية العام. وثارت مخاوف بشأن صحة جيمي لاي المتدهورة بعدما غاب عن إحدى الجلسات في يونيو/حزيران. ومُنع مراقب للمحاكمة، من منظمة مراسلون بلا حدود، من دخول هونغ كونغ في يونيو/حزيران.
وفي أغسطس/آب، رفضت محكمة الاستئناف النهائي دعاوى استئناف من جيمي لاي وستة نشطاء آخرين للطعن في قرار إدانة سابقة بتهمة المشاركة في تجمع غير مصرح به خلال احتجاجات عام 2019 والتي حُكم على جيمي لاي بموجبها بالسجن تسعة أشهر.
ووُجِّهت إلى عدة أشخاص تهمة “إهانة” النشيد الوطني الصيني. ففي يونيو/حزيران، قُبض على ثلاثة أشخاص بموجب قانون النشيد الوطني لقيامهم بإدارة ظهورهم أثناء عزف النشيد الوطني في مباراة لكرة القدم.10 وفي أغسطس/آب، حُكم على شخص آخر بالسجن ثمانية أسابيع لقيامه بسدِّ أذنيه وأداء أغنية ترتبط بالحركة المؤيدة للديمقراطية أثناء عزف النشيد الوطني في مباراة للكرة الطائرة في عام 2023.
وفي أغسطس/آب، أُدين محرران سابقان للموقع الإعلامي المغلق ستاند نيوز (Stand News)، وهما تشونغ بوي كوين وباتريك لام بتهمة “التآمر لنشر منشورات مثيرة للفتنة”. وفي سبتمبر/أيلول، حُكم عليهما بالسجن لمدة 21 شهرًا و11 شهرًا، على التوالي. وفي أكتوبر/تشرين الأول، تقدم باترك لام باستئناف للطعن في قرار إدانته.
حرية التجمع
واصلت السلطات منع إحياء ذكرى قمع الاحتجاجات في ساحة تيانانمن في عام 1989. وفي 4 يونيو/حزيران، الذي وافق ذكرى مرور 35 عامًا على القمع، أفادت الأنباء بتواجد الشرطة بشكل مُكثَّف في حديقة فيكتوريا وحولها، حيث كانت تُقام تجمعات لحاملي الشموع على مدى 30 عامًا قبل حظرها في عام 2020. وقُبض رسميًا على أربعة أشخاص بينما “أُحضر” خمسة أشخاص آخرين “إلى مراكز الشرطة”. ويُعد إحضار أشخاص إلى مراكز الشرطة أسلوبًا للترهيب، حيث يُجيز للشرطة إبعاد شخصٍ ما من الموقع بدون القبض عليه رسميًا.
وفي يناير/كانون الثاني، أعادت محكمة الاستئناف النهائي تأييد قرار إدانة تشاو هانغ-تونغ بتهمة “تحريض آخرين على المشاركة في تجمع غير مُصرح به” في عام 2021، في ذكرى القمع في ساحة تيانانمن.
وتأجلت عدة مرات محاكمة تشاو هانغ-تونغ في قضية منفصلة بتهمة “التحريض على التخريب”، بموجب قانون الأمن القومي. وكانت لا تزال رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لدورها في جماعة كانت تقيم تجمعات لحاملي الشموع في حديقة فيكتوريا في الذكرى السنوية لأحداث ساحة تيانانمن.
وفي أواخر مايو/أيار، شرعت الشرطة في اتخاذ إجراءات قضائية إضافية بموجب قانون حماية الأمن القومي ضد تشاو هانغ-تونغ، فقبضت على أمها بالإضافة إلى خمسة من أصدقائها بتهمة “استغلال تاريخ قادم يتسم بالحساسية لنشر تعليقات متكررة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي بنيَّة إثارة الفتنة”.
حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
في يوليو/تموز، أقر المجلس التشريعي قانونًا يجعل الأعضاء الذين تُعيِّنهم الحكومة أغلبية في مجلس تسجيل الأخصائيين الاجتماعيين، وهو الهيئة التي تمنح تراخيص للأخصائيين الاجتماعيين. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب انتقاد وجَّهه مسؤول حكومي للمجلس لرفضه منع الأشخاص المُدانين بجرائم تتعلق بالأمن القومي من العمل كأخصائيين اجتماعيين.
وفي يوليو/تموز أيضًا، أعلن المعهد المسيحي في هونغ كونغ أنه سيُحل بسبب “المناخ الاجتماعي” وعدم قدرته على القيام برسالته بحرية. وكان المعهد قد دعم الحركة المؤيدة للديمقراطية في عام 2014 ومظاهرات عام 2019 احتجاجًا على مشروع قانون كان من شأنه السماح بعمليات تسليم أشخاصٍ إلى البر الرئيسي الصيني.
وفي سبتمبر/أيلول، أصدرت المحكمة العليا حكمًا لصالح ادعاء الحكومة بأن الاتحاد العام لمعالجي مشاكل النطق، والذي أُلغي تسجيله في عام 2021، قد استخدم أموالًا لتهديد الأمن القومي. وقضت المحكمة بمنح الحكومة أمرًا بالمصادرة للاستيلاء على 116,000 دولار هونغ كونغ (حوالي 14,900 دولار أمريكي) من الاتحاد المؤيد للديمقراطية.
حقوق أفراد مجتمع الميم
تقاعست حكومة هونغ كونغ عن تقديم تحديثات مُجدية بشأن مدى التقدم في تنفيذ حكمٍ صادر عن محكمة الاستئناف النهائي في عام 2023 يلزمها بتوفير إطار قانوني بديل للاعتراف بالشراكات المثلية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، رفضت محكمة الاستئناف النهائي دعوى الاستئناف المُقدمة من الحكومة للطعن في قرارٍ لمحكمة أدنى يمنح الشركاء المثليين الذين تزوجوا في الخارج نفس الحقوق في الميراث وفي السكن العام التي يتمتع بها الشركاء المتزوجون الغيريون.
وأفادت تقارير إعلامية بأن حكومة هونغ كونغ خفَّضت التمويل لما لا يقل عن ثلاث من مجموعات مجتمع الميم، كما فرضت إجراءات إدارية لعرقلة أنشطة جمع التبرعات والترويج لإحدى هذه الجماعات.
- “China: Chinese director arrested for protest film: Chen Pinlin”, 30 April ↩︎
- “China: Prominent artist arrested for his work: Gao Zhen”, 5 December ↩︎
- China: “On my campus, I am afraid”: China’s Targeting of Overseas Students Stifles Rights, 13 May ↩︎
- “China: Activist Li Qiaochu unjustly convicted ‘for speaking out about torture’”, 5 February ↩︎
- “China: ‘Malicious’ conviction of #MeToo and labour activists shows Beijing’s growing fear of dissent”, 14 June ↩︎
- “China: Activists approaching one year in detention: Yu Wensheng and Xu Yan”, 22 March ↩︎
- “يجب على الصين أن تضع حدًا لعقدٍ من الظلم”، 18 سبتمبر/أيلول ↩︎
- “What is Hong Kong’s Article 23 law? 10 things you need to know”, 22 March ↩︎
- “Hong Kong: Protest song ban a ‘worrying sign’ of shrinking freedoms”, 8 May ↩︎
- “Hong Kong: National anthem football arrests are an attack on freedom of expression”, 7 June ↩︎