لبنان: قمع الاحتجاجات بأسلحة أمن فرنسية الصنع

في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 اندلعت احتجاجات جماهيرية في شتى أنحاء لبنان على نطاق غير مسبوق. وطيلة أشهر تجمع عشرات الآلاف من المحتجين السلميين في المدن، والبلدات، والقرى في كافة أنحاء البلاد، حيث عبروا للحكومة عن احتجاجهم على ارتفاع الأسعار، ومعدل البطالة المرتفع، والخدمات العامة المزرية، والفساد المستشري والممنهج.

وتواصلت الاحتجاجات حتى آذار/ مارس 2020 عندما أدى الخوف من الإصابة بفيروس كوفيد-19 والإرهاق الناجم عن الأزمة الاقتصادية إلى توقفها. لكنها استؤنفت في 8 أغسطس/آب بعد أيام من انفجار 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم الذي هز أرجاء بيروت تاركاً دماراً واسع النطاق ومُوقعاً ما يزيد على 190 قتيلاً.

وطيلة الأشهر التي جرت فيها حركة الاحتجاجات استخدمت قوات الأمن اللبنانية القوة الخطرة وغير القانونية بصورة متكررة لمحاولة السيطرة على الاحتجاجات. وفي الاحتجاج الذي جرى في الثامن من أغسطس/آب، ردت القوات الأمنية والعسكرية بإطلاق النار على المحتجين العزّل بما في ذلك باستخدام الذخيرة الحية. وفي عدد من المناسبات التي وثّقتها منظمة العفو الدولية كان استخدام القوة غير ضروري وبلا مسوّغ، واستهدف تفريق احتجاج سلمي.

وحتى في المناسبات التي ربما يكون فيها الاستخدام المحدود للقوة مبرراً فإن الطريقة التي ردت فيها قوات الأمن مثلاً على إلقاء الحجارة – والتي استُخدمت فيها الأسلحة الأقل فتكاً – كانت غير قانونية؛ إذ أطلقت الرصاص المطاطي على الحشود على مستوى الصدر، ما يشير إلى انتهاج سياسة إطلاق النار بهدف الإيذاء، واستخدمت كميات هائلة من الغاز المسيل للدموع، وضربت المحتجين بالهراوات أثناء فرارهم.

وقد نُقل على وجه السرعة أكثر من 1000 محتج إلى المستشفيات وهم مصابين بجروح مختلفة، ومن ضمن ذلك في عيونهم، ورؤوسهم، وأعناقهم، وصدورهم، في حين أُلقي القبض على المئات واحتُجزوا بصورة غير مشروعة، مع الإفراج عن معظمهم بعد بضعة أيام. وفي الأشهر التالية حققت السلطات اللبنانية مع أكثر من 70 ناشطاً شاركوا في الحركة الاحتجاجية بتهم جنائية في محاولة لترهيبهم كي يلزموا الصمت.

وتتحمل السلطات اللبنانية المسؤولية الأساسية عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قواتها الأمنية، لكن فرنسا بوصفها مورداً مهماً لمجموعة واسعة من معدات الحفاظ على الأمن ساهمت في تأجيج هذه الانتهاكات من خلال نقلها لهذه المعدات. وفي حين تقاعست قوات الأمن اللبنانية مراراً وتكراراً عن العمل بموجب المعايير الدولية بشأن استخدام القوة فإن القيود المتهاونة على الصادرات وضعت المعدات الفرنسية في أيدي المنتهكين المتسلسلين لحقوق الإنسان.

تحليلنا بالأرقام

90+
أجريت معهم مقابلات
101
مقطع فيديو تمّ تحليله
175
حالة لاستخدام الأسلحة تمّ تحديدها

وقد وثّقت منظمة العفو الدولية أدلة مرئية حافلة على إساءة قوات الأمن اللبنانية استخدام المعدات الفرنسية ضد المتظاهرين، بما في ذلك حالات الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع وإطلاق قوات الأمن العبوات الفرنسية الصنع نحو المحتجين في مسار مقذوفات بزاوية منخفضة – مُخاطرةً بحدوث إصابات جسيمة أو وفاة. وتضمنت الأسلحة التي تم التعرف عليها في مجموعة مقاطع الفيديو التي تمّ تحليلها قاذفات القنابل اليدوية، والأسلحة المركّبة على العربات، وحالات استخدام الذخيرة، فضلاً عن استخدام العربات المدرعة.

وقد جمع مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية وهيئة التحقق الرقمي في مركز حقوق الإنسان بجامعة كاليفورنيا في بيركليوجامعة إسكس 101 مقطع فيديو للاحتجاجات التي وقعت بين عامي 2015 و2020 وتحققا منها وحللاها، فتعرّفا على أسلحة فرنسية الصنع استُخدمت في الاحتجاجات وصنّفاها. وكانت منظمة العفو الدولية حاضرة على أرض الحدث في بيروت تراقب وترصد استخدام القوة من جانب قوات الأمن في الاحتجاجات اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول 2019 وحتى فبراير/شباط 2010. وأجرت المنظمة مقابلات مع أكثر من 90 محتجاً بوصفهم ضحايا جرحى أو شهود عيان وراجعت التقارير الطبية.

الغاز المسيل للدموع: “قنبلة الغاز انفجرت على رأسي”

وثّقت منظمة العفو الدولية إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع في الاحتجاجات بين أكتوبر/تشرين الأول 2019 وأغسطس/آب 2020 وكذلك في أغسطس/آب 2015، مبينةً نمطاً من الاستخدام غير القانوني. وقد شوهد ذلك في المناطق السكنية وتأثر به في أغلب الأحيان المشاركون السلميون والمارة. ويبين التحليل الذي أجرته منظمة العفو الدولية استخدام معدات الغاز المسيل للدموع المنتجة في فرنسا في هذه الحالات – من بينها عبوات من صنع شركة إس إيه إي ألستكس ونوبل سبور سكيوريته، وقاذفات القنابل اليدوية والأسلحة المُركّبة على عربات من صنع شركة إس إيه إي ألستكس.

وفي حالات عديدة كان الغرض من استخدام الغاز المسيل للدموع هو بوضوح تفريق احتجاج سلمي إلى حد كبير، بما ينتهك بالتالي الحق في حرية التجمع السلمي. وفي حالات أخرى وثّقت منظمة العفو الدولية إطلاق قوات الأمن لعبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجين مباشرة – وهذه ممارسة غير قانونية وشديدة الخطورة أسفرت عن وقوع العديد من الوفيات في أجزاء أخرى من العالم. أما في لبنان فقد أدت إلى إصابات خطرة في الرأس والجزء العلوي من الجسد.

? Daniel Carde/Getty Images
? Daniel Carde/Getty Images

 14 ديسمبر/كانون الأول 2019

تجمع في بيروت عند حوالي الساعة السادسة (بالتوقيت المحلي) من مساء السبت الموافق 14 ديسمبر/كانون الأول 2019 متظاهرون سلميون – ضموا نساءً ورجالاً ومسنين وأطفالاً – خارج مبنى مجلس النواب. وأبلغ المحتجون الذين كانوا في المقدمة منظمة العفو الدولية أنه في حوالي الساعة السابعة مساءً اقتحمت أعداد كبيرة من عناصر شرطة مكافحة الشغب بصحبة رجال بملابس مدنية صفوف الحشد السلمي – بدون أن يستفزهم أحد – وأخذوا يطاردون المحتجين ويعتدون عليهم بالضرب بواسطة الهراوات. وفي غضون دقائق بدأت الشرطة بإطلاق طلقات متعاقبة من عبوات الغاز المسيل للدموع. ولاحظ موظفو منظمة العفو الدولية كيف أُصيب العشرات من الأشخاص بجروح نتيجة عمليات الضرب، وعانى العديدون آثاراً شديدة جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع. وبعد أن تفرق المحتجون طاردتهم الشرطة مسافة كيلومترين تقريباً على الطريق السريع.

وقالت سارة إحدى المحتجات للمنظمة: “كانت عبوات الغاز المسيل للدموع تُطلق الواحدة تلو الأخرى. وفي البداية أربع عبوات دفعة واحدة في كل مرة، ثم تحولت إلى ما يُشبه الألعاب النارية التي كنا نراها عندما كنا أطفالاً. وكان بعض الأشخاص يتقيؤون وكان آخرون يقولون “اشربوا الماء، واستنشقوا البصل (أو) الخل”، ولم يعرف أحد ما كان يجري”.

ووصف ناشط آخر لمنظمة العفو الدولية كيف استفاق في اليوم التالي وكان ما زال يكح بسبب آثار الغاز المسيل للدموع. وقال: “كانت كمية الغاز المسيل للدموع لا تصدق. وكانت أشبه بإقدام شخص على إطلاق النار من مدفع رشاش. فكانت عبوات الغاز المسيل للدموع تتساقط الواحدة تلو الأخرى”.

وشهد موظفو منظمة العفو الدولية وتحققوا عبر أدلة الفيديو المستمدة من احتجاج 14 ديسمبر/كانون الأول 2019 من استخدام كميات مفرطة من الغاز المسيل للدموع على حشود المحتجين من قاذفات مركبة على عربات لاند كوغر 12 من صنع شركة إس إيه إي ألستكس – برغم عدم وجود تهديد فوري ظاهر من المحتجين. كذلك تم التعرّف على قاذفات وعبوات أخرى للغاز المسيل للدموع من صنع إس إيه إي ألستكس استُخدمت ضد المحتجين في هذا اليوم.

18 يناير/كانون الثاني 2020

كان نهاية أسبوع 18-19 يناير/كانون الثاني 2020 إحدى أكثر نهايات الأسبوع عنفاً في احتجاجات لبنان؛ فقد أُصيب ما لا يقل عن 400 من المحتجين في الصدامات التي وقعت مع قوات الأمن في بيروت. وأسفر استخدام قوات الأمن للقوة عبر إطلاق النار بقصد الإيذاء عن إصابة المحتجين بجروح خطرة في الجمجمة، والوجه، والذقن، والفم. 

أصابتني قنبلة غاز مسيل للدموع في رأسي. فأغمي علي فوراً … وأصيب رأسي بجروح وكُسر أنفي.

كارين، محتجة

كانت كارين تشارك في أحد الاحتجاجات في ساحة رياض الصلح يوم السبت في 18 يناير/كانون الثاني. وعند قرابة الساعة السادسة مساء أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع. وقالت إن المحتجين كانوا سلميين ولم يستفزوا قوات الأمن.

“كنا نحتج ونُنشد الهتافات في ساحة رياض الصلح. وبينما كنت أقول لأصدقائي إن علينا المغادرة لأننا لم نعد نستطيع التنفس، أصابتني قنبلة غاز مسيل للدموع في رأسي. ففقدت وعيي فوراً –قنبلة الغاز انفجرت على رأسي. فأصبت بجروح، وكُسر أنفي”.

وتحققت منظمة العفو الدولية من أدلة الفيديو من استخدام تشكيلة من معدات الغاز المسيل للدموع من صنع إس إيه إي ألستكس في هذا اليوم، وأظهرت مقاطع الفيديو إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع من مسافة على المحتجين من قاذفات مركبة على عربات لاند كوغر 12 من صنع إس إيه إي ألستكس. وأظهرت مقاطع فيديو أخرى استخدام كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع على نحو متواصل عقب دفع المحتجين إلى الوراء.

ترجمة التغريدة أعلاه:

اللقطات التي صوّرتها لشرطيين يطلقون الغاز المسيل للدموع على المحتجين مباشرة. #لبنان__ينتفضpic.twitter.com/tmg5D0oerS

— حسن شمعون (@HassanChamoun) 18 يناير/كانون الثاني 2020

8 أغسطس/آب 2020

في 8 أغسطس/آب 2020 نزل المحتجون إلى الشوارع في بيروت في أعقاب الانفجار الهائل الذي مزق قلب المدينة في 4 أغسطس/آب. كان جاد* في منطقة العازارية عندما أُصيب بعبوة غاز مسيل للدموع، فكُسر أنفه. وقال لمنظمة العفو الدولية: “بينما كنا نتهيأ للمغادرة، أُصبت في وجهي فوق عيني اليمنى بعبوة غاز مسيل للدموع. فكُسر أنفي وتورم وجهي بأكمله”.

كانت فاتن* أيضاً في العازارية عندما أُصيبت في كتفها اليمنى بعبوة غاز مسيل للدموع. وقالت لمنظمة العفو الدولية: “كانت المنطقة بأسرها مغطاة بسحابة من الغاز المسيل للدموع. ولم أستطع أن أرى شرطة مكافحة الشغب، لكنني شاهدت أكثر من 10 محتجين من حولي يشعرون بالاختناق ويهوون على الأرض. ثم شعرت كما لو أن ذراعي سقطت من جسدي. لقد أُصبت بعبوة غاز مسيل للدموع في كتفي الأيمن”.

وتُظهِر أدلة الفيديو قوات الأمن وهي تسيء استخدام مجموعة واسعة من المعدات الفرنسية في هذا اليوم. فإلى جانب القاذفات المركّبة على عربات لاند كوغر 12 من صنع إس إيه إي ألستكس، وقاذفات كوغر عيار 56 ملم، وقنابل الغاز المسيل للدموع من صنع ألستكس ونوبل سبور سكيوريته، حددت منظمة العفو الدولية استخدام الغاز المسيل للدموع الذي كان يُطلق من ناقلات الجند المدرعة من طراز آركوس شيريا.

ترجمة التغريدة أعلاه:

الحشود تتقدم تضامناً مع #المحتجين في الخط الأمامي، قوات الأمن في #لبنان تطلق الغاز المسيل للدموع على الحشود مباشرة مرغمة الناس على الانسحاب #لبنان_ينتفض#انفجار_المرفأ pic.twitter.com/vc0ONfUs7m

— رشا يونس (@Rasha__Younes) 8 أغسطس/آب 2020

الرصاص المطاطي

 “شعرت بضوء ليزر أحمر مُصوّب إلى وجهي ثم أُصبت في عيني اليمنى”

وثّقت منظمة العفو الدولية الاستهداف المتكرر للمحتجين السلميين بالرصاص المطاطي الذي أُطلق في بعض الحالات من مسافة قريبة وتسبّب بجروح خطرة؛ ففي يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2020 أظهرت الصور، ومقاطع الفيديو، والشهادات، والسجلات الطبية التي استعرضتها منظمة العفو الدولية أن شرطة مكافحة الشغب غالباً ما كانت تطلق الرصاص المطاطي على الحشود مباشرة على مستوى الصدر، وأن العديد من المحتجين أُصيبوا بجروح في الجزء العلوي من الجسد، وتحديداً في العيون، والوجه، والعنق، والصدر، والجزء العلوي من الذراع، والبطن. وفي بعض الحالات أطلقت الشرطة الرصاص من مسافة قريبة على المحتجين العزّل الذين كان بعضهم يُلقي الحجارة، ما يشير إلى أن أفرادها كانوا يطلقون الرصاص المطاطي بقصد الإيذاء.

? Michał Kranz
? Michał Kranz

18 – 19 يناير/كانون الثاني 2020

أبلغ ميشال رزوق – البالغ من العمر 47 عاماً – منظمة العفو الدولية أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت عليه الرصاص المطاطي من مسافة قريبة واعتدت عليه بالضرب ليلة 18 يناير/كانون الثاني.

“شعرت بشيء أصابني وقطع أنفاسي. وشعرت بأنني ضُربت بوزن يبلغ طناً ولم أدرك ما يحدث. وقد أصابني أحدهم برصاصة في بطني مباشرة، وكان يبعد مني مسافة أربعة أو خمسة أمتار. ولست متيقناً ما إذا كان أفراد الشرطة الآخرون قد أدركوا حتى أنه أطلق الرصاص علي، وبادروا إلى الاعتداء علي بالضرب. فشعرت بأنني أُصبت بالشلل ولم أستطع أن أتحرك. وفي هذه اللحظة أدركت أن الأمور ليست على ما يرام. وكانوا يقولون لي ’انهض، انهض‘، لكنني لم أستطع”.

كنا محتجين سلميين نشكّل صفاً أمام شرطة مكافحة الشغب. ولم نكن نتحرك نحوهم … شاهدت أحدهم يطلق النار ويصوّب نحو الناس مباشرة.

جان جورج برينس، محتج

أُصيب محتج آخر اسمه جان جورج برينس بجرح ناجم عن رصاصة مطاطية في 18 يناير/كانون الثاني. وأبلغ منظمة العفو الدولية أنه كان يحتج سلمياً بالقرب من فندق لوغري عندما أصابته رصاصة مطاطية في وجهه ما أدى إلى حدوث جرح عميق في شفته السفلى استلزم إجراء جراحة ترميمية.

وقال للمنظمة: “نحن متظاهرون سلميون كنا نشكّل صفاً أمام شرطة مكافحة الشغب. ولم نكن نتحرك نحوهم. وكانوا يبعدون منا أربعة أو خمسة أمتار… وقد شاهدت أحدهم يطلق الرصاص ويُصوّب مباشرة نحو الناس”.

وأخبرت محتجة – لم تُرد ذكر اسمها – منظمة العفو الدولية بأنها كانت تشارك في الاحتجاجات التي جرت في 19 يناير/كانون الثاني بالقرب من ساحة النجمة عندما شاهدت عنصراً من شرطة مكافحة الشغب يُصوّب نحوها مباشرة من مسافة قريبة. وبينما كانت تحاول الهرب أصابتها رصاصة مطاطية في أذنها.

“كنت وافقة هناك. ولم يكن بجانبي أحد. ولم يكن هناك أي محتجين آخرين يقومون بأعمال عنف، ولم يكن هناك أي خطر فوري. شاهدته (أي شرطي مكافحة الشغب) يخرج من خلف جدار. فنظر إلي في عينيّ مباشرة وصوّب بندقيته نحوي … ومرّت رصاصة مطاطية أمام أذني اليسرى مباشرة. فمزقتها، ولم أعد قادرة على السماع بها … كما أن الجزء الأيسر من وجهي متورم”.

تبين أدلة الفيديو المستمدة من يوم 18 يناير/كانون الثاني 2019 إطلاق النار من بنادق على المحتجين، أحياناً من مسافة قريبة. وقد اكتُشفت طلقات مطاطية فارغة من صنع شركة إس إيه بي إل على الأرض.

 ترجمة التغريدة أعلاه:

استُخدمت كميات هائلة من الغاز المسيل للدموع في هذه الليلة لدرجة أن الشرطة تستخدم الآن قذائف الملح الصخري لدفع المحتجين إلى الوراء. #بيروت#لبنان   pic.twitter.com/fIiYJookV9

— مايكل داوني (@mgdowney) 18 يناير/كانون الثاني 2020

8 أغسطس/آب 2020

أصابت قوات الأمن أمجد* برصاصة مطاطية في أحد أوردة عنقه ففقد كمية كبيرة من دمه قبل نقله إلى مستشفى رزق. وقال: “كنا في شارع رياض الصلح. وشاهدتُ عناصر شرطة مكافحة الشغب والجيش وهم يطلقون النار مباشرة على المحتجين من مسافة قريبة. وكانوا يبعدون حوالي 12 متراً منا، ثم شعرت بالدم يسيل من عنقي. فضغطتُ على الجرح بأصابعي ومشيت نحو سيارة الإسعاف التابعة للصليب الأحمر طلباً للمساعدة. ثم أُغمي علي، وساعدني الأشخاص الموجودون.”.

كما أُصيب محتج آخر اسمه حسن* برصاصة مطاطية في عينه بحسب المسعفين الطبيين.

قال: “كنت بالقرب من فندق لوغري عند قرابة الساعة السابعة والنصف مساءً. وكان أفراد شرطة مكافحة الشغب على بعد أمتار قليلة منا. وشعرت بضوء ليزر أحمر مصوّب إلى وجهي، ثم أُصبتُ في عيني اليمنى. فهرعت إلى مسعفي الدفاع المدني الذين أدخلوني إلى المستشفى”.

إن استخدام الرصاص المطاطي من جانب قوات الأمن اللبنانية مسيء بصورة واضحة، وهو بعيد إلى حد كبير من مستوى المعايير الدولية بشأن استخدام القوة؛ فلا يجوز إطلاق المقذوفات ذات التأثير الحركي عشوائياً على الحشود، بل يجب تسديدها حصراً نحو أشخاص يقومون بأعمال عنف ضد أشخاص آخرين، وفقط عندما تُخفق الوسائل الأخرى في وقف العنف. ويجب توجيهها صوب الجزء الأسفل من الجسم للتقليل إلى أدنى حد من خطر الإصابة البالغة. ولا يجوز بتاتاً استخدامها لترتطم بالأرض ومن ثم تعود لتصيب أهدافها.

غياب المساءلة

في ديسمبر/كانون الأول 2020 تحدثت منظمة العفو الدولية إلى ثلاثة محامين يمثلون مجموعة من المحتجين كانوا قد تعرضوا للقوة غير القانونية – وأحياناً للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة – على أيدي الجيش وقوات الأمن. وتقدم هؤلاء المحامون – بين أكتوبر/تشرين الأول 2019 وأكتوبر/تشرين الأول 2020 – بـ 40 شكوى على الأقل أمام النائب العام نيابة عن المحتجين الذين أصيبوا بجروح. وبحسب هؤلاء المحامين لم يجر بكل بساطة أي تحقيق في عدد هذه الحالات، وفي الحالات الأخرى التي فتح فيها النائب العام تحقيقاً، أُغلقت القضية أو ظلت عالقة بدون إجراء تحقيق فعال.

ونظراً لعدم اتخاذ إجراءات فإن قوات الأمن اللبنانية تعمل في أجواء الإفلات من العقاب، مستخدمةً طرائق وتكتيكات مسيئة من دون أي إشراف أو تحقيق فعال، أو عقوبة فعالة. ولا تُستخدم الأسلحة – ومن ضمنها تلك المصنوعة في فرنسا –استخداماً غير قانوني فحسب، بل إن السلطات القضائية لا تحقق في الحوادث التي تنطوي على إساءة استخدامها، ما يزيد كثيراً من خطر إساءة استخدامها في المستقبل لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

المعدات الفرنسية المستخدمة في قمع المحتجين

اكتشف مختبر أدلة الأزمات وهيئة التحقيق الرقمي في منظمة العفو الدولية مقاطع فيديو للاحتجاجات التي جرت في بيروت بين 22 أغسطس/آب 2015 و8 أكتوبر/تشرين الأول 2020 وتحققا من صحتها وحللاها. وتُبين مقاطع الفيديو هذه أن عناصر الجيش وقوات الأمن اللبنانية استخدموا مجموعة واسعة من المعدات الفرنسية لإخماد الاحتجاجات على نحو غير صحيح. وهي تشمل القاذفات المركّبة على عربات (لاند كوغر 12 من صنع ألستكس)، وقنابل الغاز المسيل للدموع (إم بي 7 من صنع نوبل سبور سكيوريته، وسي إم 4 وسي إم 6 من صنع ألستكس)، والرصاص المطاطي (طلقات غوم – كونيه Gomm-Cogne من صنع إس إيه بي إل)، وقاذفات القنابل اليدوية (شوكا وكوغر من صنع ألستكس)، وناقلات الجند المدرعة من صنع أركوس شيربا. وتظهر هذه المعدات بصورة متكررة في لقطات الاحتجاجات التي تتضمن حالات متعددة للاستخدام غير القانوني للقوة.

وتُصدّر بعض هذه المعدات – مثل قاذفات القنابل اليدوية والعربات المدرعة – كـ “معدات عسكرية”، وتُصدّر معدات أخرى – مثل قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي كـ “معدات مدنية”.

وفيما يتعلق بـ “المعدات العسكرية” فإنه بموجب معاهدة تجارة الأسلحة أو الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي بشأن صادرات الأسلحة – وكلاهما ملزمان قانونياً – ينبغي على فرنسا أن تجري تقييماً صارماً للمخاطر، وألا تُصدّر معدات تنطوي على خطر جوهري باستخدامها لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وعلى النقيض من ذلك لا تخضع “المعدات المدنية” لرقابة جيدة بموجب أنظمة التصدير الفرنسية. بيد أنه بموجب القانون الدولي تترتب على فرنسا واجبات خارج حدودها لمنع تقديم مساعدة عينية مثل معدات إنفاذ القانون إلى دولة يُعرف بأنها تستخدم هذه المعدات لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

وقد أدى انعدام الشفافية والثغرات في إنفاذ القوانين والأنظمة الحالية إلى استخدام قوات الأمن اللبنانية للمعدات الفرنسية بصورة متكررة من دون مساءلة على الأفعال التي تُشكّل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ومن ضمنها التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وأسفرت هذه الانتهاكات عن وقوع إصابات بالغة في صفوف المحتجين السلميين. ومع ذلك لم يُقدّم أي شرطي إلى العدالة بشأن الانتهاكات المتعلقة بالحفاظ على الأمن في التجمعات العامة.

ونظراً للأنماط الواضحة والمستمرة للانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن اللبنانية، ينبغي على فرنسا – وكافة الدولة المورّدة الأخرى – أن توقف فوراً توريد جميع معدات إنفاذ القانون التي ينطوي استخدامها على خطر ارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وهي تشمل العربات المدرعة، والمواد الكيماوية المهيجة مثل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي والقاذفات المتعلقة بها. وينبغي على السلطات الفرنسية أن تحيط قوات الأمن اللبنانية علماً بأنه لا يمكنها استئناف الصادرات إلا بعد أن تبرهن بأن هذه المعدات تُستخدم على نحو يتماشى مع القانون والمعايير الدولية بشأن استخدام القوة، وبأن هناك مساءلة كاملة على الانتهاكات الماضية، وسبل انتصاف وافية لضحايا الانتهاكات.

وتتحمل فرنسا مسؤولية خاصة تجاه لبنان في ضوء تاريخها والتصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس إيمانويل ماكرون؛ ففي 6 أغسطس/آب، بعد يومين من وقوع الانفجار الذي هز بيروت زارها ماكرون وأعلن دعماً سياسياً، ودعماً اقتصادياً محتملاً للبنان. ويجب أن يُوسّع هذا الدعم ليشمل تعزيز المساءلة وسيادة القانون في لبنان. ويتعين على فرنسا أن تحترم التزاماتها الدولية المتعلقة بعمليات نقل الأسلحة ومعدات الحفاظ على الأمن، وأن تحترم القانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية السكان المدنيين بصرف النظر عن مصالحها الاستراتيجية في لبنان.

وينبغي على السلطات الفرنسية أن تعزز الضوابط لضمان تصدير كل من السلع العسكرية والمدنية التي تُستخدم في إنفاذ القانون على نحو يتسم بالمسؤولية. وثمة حاجة إلى درجة أكبر بكثير من الشفافية بشأن حجم وطبيعة ووجهة مبيعات المعدات العسكرية والأمنية، ومن الإشراف البرلماني على قرارات التصدير المرتقبة. وعندها فقط تستطيع فرنسا تجنب تزويد المنتهكين المحتملين لحقوق الإنسان بمعدات فرنسية الصنع لإنفاذ القانون، والوفاء حقاً بمُثلها المعلنة دائماً حول حقوق الإنسان.

حالات استخدام الأسلحة التي تم التعرف عليها خلال احتجاجات بيروت

انقروا على مجموعة الدوائر للتقريب على الأحداث الفردية

طالبوا الرئيس الفرنسي بوقف امداد لبنان بمعدات حفظ الأمن

نظراً لإفلات قوات الأمن اللبنانية من العقاب على أنماط الانتهاكات التي ارتكبتها ضد المحتجين في لبنان، يجب على فرنسا أن توقف فوراً توريد كافة معدات إنفاذ القانون التي ينطوي استخدامها على خطر ارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 أصيب ما يزيد على 1000 محتج بجروح بسبب استخدام القوة غير القانونية من جانب قوات الأمن اللبنانية التي غالباً ما استخدمت الأسلحة الفرنسية بما فيها العربات المدرعة، والمواد الكيماوية المهيجة مثل الغاز المسيل للدموع، ورذاذ الفلفل، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي والقاذفات المتعلقة بها.

على السلطات الفرنسية إبلاغ قوات الأمن اللبنانية أنها لا تستطيع استئناف الصادرات إلا إذا جرت مساءلة كاملة على الانتهاكات الماضية، وقُدِّم سبيل انتصاف واف لضحايا الانتهاكات، وهذا بدوره سيبرهن على أن هذه المعدات تُستخدم بما يتماشى مع القانون والمعايير الدولية بشأن استخدام القوة.

بادروا يالتحرّك الآن وحثوا الرئيس إيمانويل ماكرون على أن يُعلّق فوراً كافة عمليات نقل المعدات الأمنية من فرنسا إلى لبنان.

بادروا بالتحرّك على تويتر

صيب أكثر من 1000 متظاهر في احتجاجات #لبنان – العديد منهم بسبب الأسلحة الأمنية الفرنسية. @EMMANUELMACRON أوقف امداد لبنان بأسلحة الأمن!