المغرب والصحراء الغربية: التقاعس عن التحقيق على نحو وافٍ في ادعاءات التعذيب يشوب الحكم الصادر في المحاكمة الجماعية لنشطاء صحراويين

قالت منظمة العفو الدولية إن إحدى المحاكم المغربية أصدرت اليوم حكماً بإدانة 23 من النشطاء الصحراويين فيما يتصل بمصادمات دامية وقعت في الصحراء الغربية، وذلك بعدما تقاعست المحكمة خلال جلسات المحاكمة عن استبعاد الأدلة التي تشوبها ادعاءات بالتعرض للتعذيب.

ففي وقت سابق من صباح اليوم، أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط أحكاماً على المتهمين بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين والسجن مدى الحياة، فيما يتصل بالمصادمات التي أعقبت التفكيك العنيف لمخيم احتجاج في أكديم إزيك بالصحراء الغربية في عام 2010، مما أسفر عن مقتل 11 من أفراد قوات الأمن واثنين من المتظاهرين الصحراويين.

وقالت هبة مرايف، مديرة البحوث لشمال إفريقيا بمكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، إنه “خلال المحاكمة، أبلغ معظم المتهمين هيئة المحكمة أنهم تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على “الاعتراف” أو تجريم أنفسهم أو غيرهم. ولو كانت المحكمة جادة في توفير محاكمة عادلة لهؤلاء المتهمين، لكانت قد أجرت تحقيقات ملائمة في ادعاءات التعذيب، أو استبعدت الأدلة المشكوك فيها خلال الجلسات”.

وأضافت هبة مرايف قائلةً: “إن تقاعس السلطات القضائية، طيلة أكثر من ست سنوات، عن إجراء تحقيقات وافية في ادعاءات التعذيب في هذه القضية هو وصمة معيبة للحكم الصادر اليوم”.

ولم تعلن المحكمة بعد التعليل الكتابي للحكم، والذي يُفصِّل الحيثيات والأسانيد التي بُني عليها حكم الإدانة الصادر صباح اليوم.

وعلمت منظمة العفو الدولية من مراقبين تابعوا المحاكمة أن ثمانية من المتهمين حُكم عليهم بالسجن المؤبد، بينما حُكم على 11 متهماً بالسجن لمدد تتراوح بين 20 و30 سنة. وحُكم على أحد المتهمين بالسجن ست سنوات ونصف السنة، وعلى متهم آخر بالسجن أربع سنوات ونصف السنة، ومن المتوقع أن يُفرج عنهما اليوم حيث أمضى كل منهما بالفعل مدة الحكم الصادر ضدهما منذ القبض عليهما في عام 2010. وحُكم على متهمين آخرين بالسجن سنتين، وقد أمضيا بالفعل مدة الحكم.

وكانت محكمة عسكرية في المغرب قد أصدرت من قبل أحكاماً قاسية بالمثل على المتهمين في عام 2013، وذلك إثر محاكمة فادحة الجور. وفي يوليو/تموز 2016، قضت محكمة النقض، وهي أعلى محكمة في المغرب، بإلغاء ذلك الحكم بالإدانة، استناداً إلى عدم وجود أدلة قاطعة تثبت صلة المتهمين بأحداث العنف التي وقعت في عام 2010، وأمرت بإعادة محاكمة المتهمين أمام محكمة مدنية.

ويُذكر أنه بالرغم من بعض الإصلاحات القضائية التي أُجريت مؤخراً، فقد أصدرت المحاكم المغربية مراراً أحكاماً بإدانة متهمين استناداً إلى الأقوال التي أدلوا بها للشرطة خلال استجوابهم، دون أن تجري تحقيقات كافية في ادعاءات المتهمين بأن المحققين استخدموا التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة لإجبارهم على تجريم أنفسهم.