البحرين: مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة المئات جراء حملة القمع الحكومية العنيفة ضد المعارضة

آخر المستجدات

24 أيار/مايو: أعلنت السلطات البحرينية عن مقتل 5 رجال جراء حملة القمع العنيفة ضد المعارضة في الدراز

إن “التطورات المقلقة التي وقعت اليوم تُظهر من جديد عواقب الإفلات من العقاب الذي تتمتع به قوات الأمن. ويجب فتح تحقيق مستقل على وجه السرعة، وتقديم الأشخاص المسؤولين عن أعمال القتل غير المشروع وغيره من أشكال الاستخدام التعسفي وغير المبرر للقوة إلى ساحة العدالة. ويتعين على السلطات كبح جماح قوات الأمن، وإصدار أوامرها إليها بأن تتقيد على نحو صارم بالمعايير الدولية للمواكبة الشرطية للمظاهرات، وضمان توفير الحماية للحق في الاحتجاج السلمي.

سماح حديد، مديرة الحملات بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية

كشفت منظمة العفو الدولية النقاب اليوم عن أدلة على أن قوات الأمن البحرينية قد استخدمت القوة المفرطة في قرية الدراز ضد محتجين تظاهرت أغلبيتهم بصورة سلمية، وذلك في سياق حملة قمعية مستمرة ضد أهالي القرية، التي تخضع لحالة حصار من جانب السلطات منذ 11 شهراً.

حيث قتل شخص واحد، على الأقل، وجرح المئات عندما أطلقت قوات الأمن عيارات الخرطوش (الشوزن) والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين. وطبقاً لمصادر منظمة العفو الدولية، جرى اقتحام المنازل المحيطة بمنزل المرجع الروحي الشيعي الشيخعيسى قاسم، واعتقال من كانوا في داخلها، أثناء المصادمات العنيفة.

وتعليقاً على العنف الذي شهدته الدراز، قالت سماح حديد، مديرة الحملات بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، إن “التطورات المقلقة التي وقعت اليوم تُظهر من جديد عواقب الإفلات من العقاب الذي تتمتع به قوات الأمن. ويجب فتح تحقيق مستقل على وجه السرعة، وتقديم الأشخاص المسؤولين عن أعمال القتل غير المشروع وغيره من أشكال الاستخدام التعسفي وغير المبرر للقوة إلى ساحة العدالة. ويتعين على السلطات كبح جماح قوات الأمن، وإصدار أوامرها إليها بأن تتقيد على نحو صارم بالمعايير الدولية للمواكبة الشرطية للمظاهرات، وضمان توفير الحماية للحق في الاحتجاج السلمي.

“وتشير معلوماتنا إلى أن الشرطة هاجمت بصورة عنيفة ما بدأ كمظاهرة سلمية تماماً. وتقتضي المعايير الدولية ألّا تستخدم الجهات المكلفة بتنفيذ القانون القوة المميتة ما لم يكن هناك مفرّ من استخدامها لحماية الأشخاص من تهديد وشيك للحياة أو تهديد بالإصابة الخطيرة”.

فخلال الساعات الأولى من فجر 23 مايو/أيار، طوّقت مئات العربات المصفحة وناقلات الجنود بلدة الدراز، مقر إقامة الشيخ عيسى قاسم. وقرابة الساعة 00:30، استخدمت المساجد في المنطقة مكبرات الصوت للتوجه نحو منزل الشيخ عيسى قاسم. وكان المنزل الملتقى الذي تنعقد فيه الاعتصامات بصورة مستمرة منذ يونيو/حزيران 2016، عقب قرار الحكومة بتجريد الشيخ عيسى قاسم تعسفاً من جنسيته، وبإغلاق جميع المداخل إلى الدراز، باستثناء طريق واحدة محاصرة بحواجز التفتيش، حيث كانت قوات الأمن تعيد جميع من هم ليسوا من المقيمين في القرية من حيث أتوا.

وتحدثت شاهد عيان إلى منظمة العفو الدولية عن مشاهداتها فقالت إنها رأت المئات من المركبات الأمنية التابعة “لوزارة الداخلية”، ونحو 20 من مركبات “جهاز الأمن الوطني” تتجه نحو منزل الشيخ عيسى قاسم. وفي الساعة 7:00، خرج مئات الأشخاص في مسيرة سلمية في الدراز للاحتجاج، قبل أن تبدأ المصادمات مع قوات الأمن قريباً من الساعة 08:00. وما زالت الاشتباكات العنيفة مستمرة في المنطقة. حيث كانت قوات الأمن تطلق النار، حسبما زعم، على من يحاولون مغادرة الدراز.   

حيث فارقالحياة ما لا يقل عن رجل واحد، وهو الناشط البيئي محمد كاظم محسن زين الدين البالغ من العمر 39 سنة، متأثراً بجراحه الناجمة عن الإصابة بطلقات الشوزن. وبحسب أحد المصادر، من المحتمل أنه كان يحاول اعتراض سبيل قوات الأمن لمنعها من دخول منزل الشيخ عيسى قاسم عندما أُطلق عليه طلقات الشوزن. ونقل رجل آخر إلى المستشفى إثر تعرضه لإصابات في البطن أيضاً جراء تعرضه لطلقات الشوزن. كما لحقت بأربعة محتجين آخرين إصابات خطيرة، بينما لحقت إصابات متنوعة بمئات غيرهم. وطبقاً لمصادر على الأرض، فإن من لا تلحق بهم إصابات شديدة لا يذهبون إلى المستشفى خشية القبض عليهم، وإنما يلجؤون إلى تلقي المساعدة من متطوعي الإسعافات الأولية المدربين في صفوف المحتجين.

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى شهود قالوا إنهم شاهدوا أربع مروحيات تحلق فوق الدراز، وكانت تلقي بعبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجين. وقالت إحدى شهود العيان إنها لم تشهد من قبل إطلاقاً لقنابل الغاز المسيل للدموع مثل هذه المرة، “حتى أنك لا تستطيع فتح الشبابيك دون أن تدخل الغازات إلى عقر دارك”.

وقال شهود عيان آخرون إن المروحيات كانت تطلق عبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجين في قرية بني جمرة المجاورة، وأن بعض المتظاهرين هناك أصيبوا بجروح بطلقات الشوزن. وقد شهدت ما لا يقل عن سبع قرى أخرى احتجاجات مماثلة.

وتحققت منظمة العفو الدولية أيضاً من شريط فيديو يظهر أحد ضباط الأمن في الدراز وهو يحمل بندقية نصف أوتوماتيكية من طراز Heckler & Koch MP-5 عيار 9مم، وكذلك رجال أمن يحملون بنادق الخرطوش ، كما تحققت من شريط فيديو آخر يظهر ضابطاً آخر وهو يحمل سلاحاً نارياً أثناء مداهمة أحد المنازل في الدراز.

وفي حوالي الساعة 12:40 من بعد الظهر، تلقت منظمة العفو الدولية تقارير بأن رجال الأمن قد حاصروا منزل الشيخ عيسى قاسم والمنازل المحيطة به وأطلقوا الغاز المسيل للدموع قبل مداهمته. وأقيم حاجز من الأسلاك الشائكة حول المنزل وقُبض على 50 شخصاً، طبقاً لبيان صدر عن “وزارة الداخلية”.

والشيخ عيسى قاسم ليس حالياً بين المعتقلين، ولكن ثمة مخاوف من أن تعتقله السلطات وترحِّله من البلاد قسراً، كما فعلت مع آخرين جردتهم من جنسيتهم تعسفاً في 2015 و2016.

خلفية:

يوم الأحد، 21 مايو/أيار، حُكم على الشيخ عيسى قاسم بالسجن سنة واحدة بتهم تتعلق “بغسيل الأموال وجمع تبرعات من الجمهور دون الحصول على ترخيص”، مع وقف تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات. وتأتي هذه التهمة نتيجة جمعه “الخمس”، وهو فريضة دينية بالنسبة للشيعة، حيث يتبرع أبناء الطائفة بخمس أرباحهم السنوية للمرجع الروحي أو لممثله، الذي يقوم بدوره بتوزيعه على الفقراء. وقد ظل هذا عرفاً تمارسه الطائفة الشيعية في البحرين لقرون. والشيخ عيسى قاسم هو المرجع الروحي “لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية” المعارضة، التي جرى حلها في يوليو/حزيران 2016.

وقد صدرت نداءات إلى المحتجين كي يتوجهوا بمسيرة نحو الدراز في محاولة لكسر الطوق الذي تفرضه قوات الأمن على البلدة منذ يونيو/حزيران 2016. وما زالت الحالة قابلة للانفجار الشديد.

ومنذ انتفاضة البحرين في 2011، دأبت حكومة البحرين على قمع، وبصورة منهجية، جميع من يجرؤون على انتقادها. ولا تزال البلاد على شفير أزمة لحقوق الإنسان منذ يناير/كانون الثاني 2017، عقب إعدام ثلاثة رجال، الأمر الذي أشعل فتيل احتجاجات في أكثر من 20 قرية، بما فيها الدراز، شارك فيها المئات. وقد استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وبنادق الخرطوش التي تطلق عيارات الشوزن ضد المحتجين، واستخدمت في بعض الحالات ذخائر مكافحة الشغب الأقل فتكاً والذخيرة الحية.

وتحققت منظمة العفو الدولية من أشرطة فيديو أظهرت رجالاً ملثمون بأقنعة سوداء ويطلقون عيارات الشوزن من بنادق “بنيلي” شبه الآلية أثناء المصادمات في الدراز، في 26 يناير/كانون الثاني 2017. وصباح ذاك اليوم، أصيب مصطفى حمدان، البالغ من العمر 18 سنة، بعيار ناري حي في رأسه بالقرب من الواجهة الخلفية لمنزل الشيخ عيسى قاسم. وفارق الحياة متأثراً بجراحه في 24 مارس/آذار.