السودان: حجب الإنترنت يهدد تقديم المساعدات الإنسانية وخدمات الطوارئ

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن انقطاع الاتصالات بشكل شبه كامل في السودان، في أعقاب حجب جميع الشبكات والإنترنت في أوائل فبراير/شباط، يشكل مخاطر جسيمة على تنسيق مساعدات الطوارئ والخدمات الإنسانية المقدمة لملايين الأشخاص المحاصرين في النزاع.

وقد أدى الحجب المستمر إلى الحد من قدرة الملايين على التواصل مع عائلاتهم، والبحث عن مناطق آمنة من القتال، والوصول إلى الضروريات المنقذة للحياة، فضلًا عن تلقي الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول.

وقالت سارة جاكسون، نائبة مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن الانقطاع المستمر للاتصالات أمر غير مقبول؛ فهو يعرض حياة الملايين للخطر. وبينما يستعد ملايين المسلمين في السودان للاحتفال ببداية شهر رمضان، تطالب منظمة العفو الدولية بإعادة تشغيل خدمات الاتصالات بشكل كامل في جميع أنحاء السودان”.

من دون الاتصالات، من المرجح أن تتوقف العمليات الإنسانية وخدمات الطوارئ تمامًا، مما يعرض حياة الملايين للخطر.

سارة جاكسون، نائبة مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية

“يؤثر هذا الانقطاع في الفئات الضعيفة أصلًا من السكان الذين اضطروا إلى تحمل النزاع منذ عام تقريبًا حتى الآن. ومن دون الاتصالات، من المرجح أن تتوقف العمليات الإنسانية وخدمات الطوارئ تمامًا، مما يعرض حياة الملايين للخطر. يجب على القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الامتناع عن حجب الإنترنت لأنه يشكل شريان حياة بالنسبة للمدنيين”.

صعوبة التواصل مع العائلات ورصد الانتهاكات

قال أكثر من 20 شخصًا ممن أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم إنهم ما زالوا يواجهون صعوبات في التواصل مع أصدقائهم وأفراد أسرهم منذ بداية انقطاع الاتصالات في أوائل فبراير/شباط. وقد خلق ذلك شعورًا بالقلق لدى المجتمعات السودانية خارج البلاد العاجزة عن التواصل مع أحبائها.

يجب على القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الامتناع عن حجب الإنترنت لأنه يشكل شريان حياة بالنسبة للمدنيين.

سارة جاكسون

وقال أحد السودانيين المقيم حاليًا في كينيا: “لم أتمكن من التواصل مع أفراد عائلتي في الخرطوم منذ أكثر من أسبوعين. أنا قلق جدًا بشأن وضعهم. ولا يسعني إلا أن أتمنى أن يكونوا بخير. أقلق كل يوم على عائلتي بسبب انقطاع الإنترنت”.

كما أن مراقبي حقوق الإنسان والمدافعين عنها الذين يراقبون الوضع في السودان غير قادرين على القيام بتوثيق مُجدٍ لانتهاكات الحقوق بسبب حجب الإنترنت. وقال أكثر من 15 مدافعًا عن حقوق الإنسان، ممن أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم في كينيا وأوغندا، إنهم يواجهون صعوبات في توثيق الانتهاكات المستمرة في معظم أنحاء السودان منذ بداية انقطاع الاتصالات.

كما وجد باحثو منظمة العفو الدولية صعوبة بالغة في التواصل مع الناس في السودان، ولا سيما في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان.

التأثير على خدمات الطوارئ

تأثر أيضًا عمل مقدمي المساعدات الإنسانية في الخطوط الأمامية بصورة شديدة. وإحدى هذه المجموعات من مقدمي الخدمات هي غرف الاستجابة للطوارئ التي أُنشأت تلقائيًا للمساعدة في تنسيق الدعم للسودانيين المتأثرين بالحرب، وتقديم الخدمات المنقذة للحياة للمجتمعات. تتكون غرف التواصل الافتراضية من السودانيين في المهجر والمتطوعين في الميدان الذين يلبون طلبات الجمهور عبر مجموعات الواتساب ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى. وتشمل هذه الطلبات الإنسانية احتياجات الإخلاء، وتحديد الطرق والمخارج الآمنة، وخيارات النقل، والحصول على الغذاء والماء والكهرباء والمأوى والاحتياجات الأساسية الأخرى. بسبب حجب الإنترنت، يوشك عمل غرف الاستجابة للطوارئ المهم على التوقف.

وقال خمسة من منسقي غرف الاستجابة الطارئة الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية إنهم يجدون صعوبة في التنسيق مع زملائهم في الميدان لتوصيل الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى إلى المجتمعات المحلية.

وقال أحد الممثلين الموجود حاليًا خارج السودان: “بسبب حجب الإنترنت، لا نستطيع التواصل مع متطوعينا، ولا نستطيع شراء الغذاء والدواء وإيصال هذه الخدمات إلى المحتاجين. معظم مطابخنا في الخرطوم الكبرى معطلة وبالتالي لا تعمل. كما أننا غير قادرين على شراء وتوصيل الأدوية والمعدات الطبية الأخرى إلى المرافق الصحية المحدودة للغاية التي لا تزال تعمل في المدينة”.

التأثير على التحويلات المالية عبر الهاتف المحمول

بسبب حجب الإنترنت، لا يتمكن السودانيون في المهجر، ومنسقو الاستجابات لحالات الطوارئ في البلاد، من إرسال أو تحويل الأموال إلى السودان وداخل السودان عبر تطبيقات الخدمات المصرفية على الهاتف المحمول، وهي إحدى الوسائل القليلة المتبقية لتحويل الأموال إلى السودان وداخله. في بعض الحالات، عندما تُحوَّل الأموال، لا يتمكن المستلمون من الحصول عليها.

وقال أحد العاملين في المجال الإنساني: “تتطلب المحافظ الإلكترونية الاتصال بالإنترنت لإتمام المعاملات. ويؤدي عدم الاتصال بالإنترنت إلى تجميد معاملات المحفظة الإلكترونية، وغياب الأموال يعني عدم تسليم معظم معاملات غرف الاستجابة للطوارئ، بما في ذلك توصيل الطعام والضروريات الأخرى.

تتطلب المحافظ الإلكترونية الاتصال بالإنترنت لإتمام المعاملات. ويؤدي عدم الاتصال بالإنترنت إلى تجميد معاملات المحفظة الإلكترونية، وغياب الأموال يعني عدم تسليم معظم معاملات غرف الاستجابة للطوارئ، بما في ذلك توصيل الطعام والضروريات الأخرى.

عامل في المجال الإنساني، السودان

وأضافت سارة جاكسون قائلةً: “لقد أثّر غياب الأمن وانتشار أعمال النهب والعوائق البيروقراطية في إيصال المساعدات الإنسانية في عدة أجزاء من البلاد، كما أدى حجب الإنترنت إلى تفاقم الوضع المتردي أصلًا”.

“ندعو جميع أطراف النزاع إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن، ودون قيد، لجميع من يحتاجون إليها. وقبل انعقاد مؤتمر التعهدات للمانحين في باريس في 15 أبريل/نيسان، تدعو منظمة العفو الدولية أيضًا المجتمع الدولي إلى زيادة وتعزيز المساعدات الإنسانية للسودان”.

خلفية

في 4 فبراير/شباط، أبلغت منظمة نيتبلوكس عن انقطاع الخدمة لدى العديد من موفري خدمة الإنترنت في السودان، حيث تضاءلت بالفعل مستويات الاتصال بشكل كبير بسبب النزاع المستمر. وفي 7 فبراير/شباط، أبلغت منظمة نيتبلوكس مجددًا عن انقطاع جديد لشبكة الإنترنت في السودان مع انقطاع اتصال شركة زين الرائدة في مجال الاتصالات إلى حد كبير. لا يزال الاتصال بالإنترنت يمثل تحديًا في العديد من المناطق السودانية على الرغم من التقارير حول الاتصال التدريجي في بعض المناطق.

منذ اندلاع النزاع في أبريل/نيسان 2023، وفقًا لموقع أكسيس ناو (Access Now)، حجبت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الإنترنت لمنع تدفق المعلومات في المناطق التي يسيطر عليها الجانب الآخر. أدى الانقطاع الأخير، في أوائل شهر فبراير/شباط، إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان الكارثيتَيْن أصلًا، واللّتين أدّتا إلى مقتل أكثر من 14,600 شخص، ونزوح ما يزيد عن تسعة ملايين داخليًا؛ ما يشكل أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم. إن استمرار استخدام عملية حجب الإنترنت كسلاح من قبل الأطراف المتحاربة في السودان يعد انتهاكًا للقانون الدولي.

وعزت التقارير الإعلامية، بالإضافة إلى خمسة خبراء سودانيين قابلتهم منظمة العفو الدولية، سبب انقطاع الاتصالات بشكل كامل في السودان في 7 فبراير/شباط إلى قوات الدعم السريع. وقال الخبراء إن قوات الدعم السريع كانت تفرض حجبًا على الاتصالات ردًا على قيام القوات المسلحة السودانية بإصدار أمر مماثل في أواخر العام الماضي في دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع إلى حد كبير.