عالميًا: يتعين على قمة باريس المالية تقديم مساعدات طارئة للدول التي تُكابد أزمتَيْ الديون والمناخ

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن قادة العالم الذين يشاركون في قمة باريس غدًا يجب أن يضمنوا التزام الدول الغنية بتخفيف أعباء الديون المترتبة على الدول متدنية الدخل بشكل شامل، بما في ذلك إلغاء القروض وزيادة المساعدات الدولية للدول الفقيرة.

إن منظمة العفو الدولية تدعو قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد (PACT) إلى ضمان احترام الدول الغنية لتعهداتها المالية السابقة التي لم تفِ بها، واعتماد تعهدات جديدة تكفل حقوق الشعوب في البلدان متدنية الدخل.

إن الحق في مستوى معيشي لائق وفي الضمان الاجتماعي منصوص عليهما في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948، بالإضافة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صدَّق عليه ما يزيد على 170 بلدًا. فالمادة 2 من العهد الدولي المذكور تُلزم الدول باتخاذ خطوات نحو مساعدة الدول الأخرى على الإيفاء بالتزاماتها بخصوص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك من خلال التعاون الدولي والمساعدات الدولية.

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “ترزح العديد من الدول الفقيرة ومتدنية الدخل تحت ثقل الصدمات الاقتصادية والديون التي تعجز عن تسديدها والآثار الضارَّة للتغير المناخي – وهي أزمة لم تُسهم تلك الدول في التسبب بها بقدر يُذكر، بينما تُكلِّف شعوبها ثمنًا باهظًا. وتشكل هذه العوامل تحديات غير مسبوقة تقتضي إعادة التفكير ببنية النظام المالي العالمي”.

لا يحصل العديد من الناس في البلدان الفقيرة على حقوقهم في الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، ولا حتى على المستوى الأساسي

أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية

“لا يحصل العديد من الناس في البلدان الفقيرة على حقوقهم في الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، ولا حتى على المستوى الأساسي. وثمة حاجة ماسَّة إلى تقديم مساعدات مالية وتقنية إلى هذه البلدان كي تتمكن من رفع مستوى برامج الحماية الاجتماعية بما يكفل حق الشعوب في مستوى معيشي لائق.

“إن مستويات الديْن غير المستدامة يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ أن تكاليف خدمة الديْن الحالية يمكن أن تؤدي إلى تحويل وُجهة التمويل الأساسي بعيدًا عن الإنفاق الاجتماعي الضروري. وبالمقابل، يمكن للعمل الدولي المنسَّق، عبر توفير إمكانية تخفيف أعباء الديون، أن يُحدث تحولًا في قدرة الحكومات على الاستثمار في أشكال الحماية الاقتصادية والاجتماعية، بما يدعم قدرتها على حماية حقوق شعوبها.

يتعيَّن على جميع الدائنين – الدول الدائنة والدائنون من القطاع الخاص والمؤسسات المالية الدولية – أن يتعاونوا لضمان تخفيف أعباء الديون عن كاهل جميع البلدان الواقعة في أزمة ديون، والبلدان المعرَّضة لخطر الوقوع فيها، وأن يأخذوا بالاعتبار جميع الخيارات، ومنها إعادة هيكلة الديون وإلغاؤها.

أنياس كالامار

“يتعيَّن على جميع الدائنين – الدول الدائنة والدائنون من القطاع الخاص والمؤسسات المالية الدولية – أن يتعاونوا لضمان تخفيف أعباء الديون عن كاهل جميع البلدان الواقعة في أزمة ديون، والبلدان المعرَّضة لخطر الوقوع فيها، وأن يأخذوا بالاعتبار جميع الخيارات، ومنها إعادة هيكلة الديون وإلغاؤها.

“كما ينبغي على الدول دعم وتمويل إنشاء صندوق عالمي للحماية الاجتماعية لمساعدة البلدان التي تكافح من أجل توفير أشكال الحماية الكافية، التي تدعو إليها منظمة العمل الدولية والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان.

“من المؤسف أنه لن يجري تمثيل العديد من الدول ومنظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية التي تمثل المجتمعات الأشد تضررًا من هذه الأزمات خلال هذه القمة. فيجب السماح للأطراف الأكثر تعرضًا لآثار التغير المناخي والمديونية الوطنية بالإسهام في المناقشات والمشاركة في الإصلاحات التي من شأنها تحقيق العدالة المناخية والأمن الاقتصادي.

ما إذا كان اجتماع باريس، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي ماكرون خارج الإطار المعتاد للمناقشات في الأمم المتحدة، يُعتبر منتدى مناسبًا للإصلاحات الأساسية المطلوبة أم لا، هو أمر موضع تساؤل.

أنياس كالامار

“غير أنه ما إذا كان اجتماع باريس، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي ماكرون خارج الإطار المعتاد للمناقشات في الأمم المتحدة، يُعتبر منتدى مناسبًا للإصلاحات الأساسية المطلوبة أم لا، هو أمر موضع تساؤل.

“وعلى الرغم من ذلك، إننا نحث المشاركين في القمة على الاعتراف بأن هذه الأزمة الجارية طارئة وعاجلة، ونشجعهم على استغلال الزخم المتنامي للتغيير. ومن المهم للغاية أن يعملوا على تمكين قمة قادة مجموعة العشرين، ومؤتمر الأطراف للمناخ، كوب 28، اللذيْن سيُعقدان في وقت لاحق من هذا العام، من إحراز مزيد من التقدم”.

تقديم التمويل لمواجهة التغير المناخي

 ليس باستطاعة البلدان متدنية الدخل، بشكل كامل، الاستغناء التدريجي عن استخدام الوقود الاحفوري، وحماية الناس من أضرار أزمة المناخ، وإيجاد سبل الإنصاف للأشخاص الأكثر تضررًا، إذا استمرت الدول الغنية في التهرب من التزاماتها بالتعاون الدولي وتقديم المساعدات الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والالتزامات التي تبنّتها بموجب اتفاق باريس للمناخ لعام 2015 واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بتوفير التمويل لمواجهة التغير المناخي للبلدان النامية.

لقد أخفقت الدول في الإيفاء بتعهُّدها المتعلق بتوفير 100 مليار دولار أمريكي سنويًا لمساعدة الدول على تخفيف وطأة التغير المناخي والتكيُّف معه. ولم يتم بعد تمويل وتشغيل صندوق منفصل لتعويض الخسائر والأضرار. كما أدَّت الخلافات التي نشبت بين البلدان الغنية والبلدان النامية بشأن توفير التمويل لمواجهة التغير المناخي إلى إعاقة إحراز أي تقدم في مؤتمر بون الذي عُقد في هذا الشهر.

وقالت أنياس كالامار: “هناك حاجة إلى الالتزام بضمان تخفيف معاناة الشعوب التي تواجه محنة الديون بصورة عاجلة وكافية، وتقديم مزيد من المِنح لمساعدة الدول التي تناضل من أجل حماية حقوق شعوبها من التأثيرات المدمرة لأزمة المناخ وغيرها من الكوارث”. “مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب التي يُتوقع أن تتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية، وهي أعلى مما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، فإن العالم يقف اليوم على شفير كارثة مناخية. وينبغي أن تتيح هذه القمة لقادة العالم فرصة حماية حقوق شعوب العالم الأكثر تهميشًا، وليس نقل العبء ووضعه على كاهل أولئك الأكثر تضرّرًا من الأزمة، ولكنهم الأقل إسهامًا في التسبب بها”.

مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب التي يُتوقع أن تتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية، وهي أعلى مما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، فإن العالم يقف اليوم على شفير كارثة مناخية.

أنياس كالامار

“With average global temperatures rising and set to far exceed the 1.5˚C increase over pre-industrial levels previously agreed to, the world is standing on the precipice of a climate disaster. This summit should offer a chance for global leaders to protect the rights of the world’s most marginalized people, not move the burden further onto those who are suffering the most but contributed the least to causing this crisis.”

الإصلاح الضريبي والمالي

لقد خذل النظام المالي العالمي الناس الأشد عرضة للمخاطر جراء مزيج غير مسبوق من الأزمات. وقد طال انتظار الإصلاح الأساسي لجعل هذا النظام أكثر شمولًا واستدامةً وعدلًا.

تشاطر منظمة العفو الدولية العديد من بواعث القلق بشأن هذه القمة، التي أعربت عنها منظمات المجتمع المدني وبعض بلدان الجنوب العالمي. ومن بين بواعث القلق غياب المناقشات المجدولة حول وضع اتفاقية الأمم المتحدة للضرائب وإنشاء هيئة الأمم المتحدة للضرائب لخلق نظام ضريبي عالمي أكثر عدلًا، وحول ضرورة نقل مسار التمويل بعيدًا عن الوقود الأحفوري وتوجيهه نحو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

خلفية

ميثاق التمويل العالمي الجديد هو فعالية تستغرق يومين، دعا إليها الرئيس الفرنسي ماكرون في العام الماضي. وستُعقد في باريس في الفترة بين 23-22 يونيو/حزيران. ويتوقع أن يشارك فيها ما يربو على 50 رئيس دولة أو حكومة.

وهذا الاجتماع مستوحى من مبادرة بريجتاون (Bridgetown Initiative)، وهي إطار تم الاتفاق عليه في باربادوس في عام 2022، ويهدف إلى إصلاح النظام المالي العالمي ومعالجة أزمات الديون والمناخ وتكاليف المعيشة.

وقدمت منظمة العفو الدولية توصياتها بشأن كيفية تمويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وتتضمن المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة المتعلقة بالديون الخارجية وحقوق الإنسان إرشادات محددة بشأن الالتزامات والمسؤوليات المتعلقة بحقوق الإنسان لجميع المدينين والدول المقرضة والمقرضين من غير الدول، بمن فيها مصارف التنمية متعددة الأطراف.