قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تأمر بإجراء تحقيق عاجل في الهجوم البشع على مركز تاجوراء لاحتجاز المهاجرين في شرق طرابلس بليبيا، والذي قتل فيه ما لا يقل عن 40 لاجئاً ومهاجرًا، وأصيب أكثر من 80 شخصًا.
وقالت ماجدالينا مغربي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: ” يجب التحقيق في هذا الهجوم الدموي الذي ضرب مركز احتجاز بشكل مستقل باعتباره جريمة حرب، حيث علق ما لا يقل عن 600 لاجئ ومهاجر في الحجز دون أي سبيل للهروب، وكان موقعهم معروفًا لجميع الأطراف المتحاربة. كما ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق على الفور في احتمال أن يكون هذا هجومًا مباشرًا على المدنيين”.
“فهذه المذبحة البشعة هي أيضًا تذكير مروع بالنتائج المميتة لسياسات الهجرة القاسية في ليبيا وأوروبا. وإن تعاونهم لوقف تدفق المهاجرين واللاجئين يعني أنه بدلاً من توفير طرق آمنة خارج البلاد، فإن آلاف الأشخاص الذين تم اعتراضهم في وسط البحر الأبيض المتوسط يتم إعادتهم إلى ليبيا حيث يتم احتجازهم بشكل تعسفي في مراكز يتعرضون فيها للتعذيب والخطر على حياتهم.”
هناك مخاوف من أن يرتفع عدد القتلى من هجوم الليلة الماضية على مركز الاحتجاز. لكن حتى عدد القتلى من المدنيين المذكور في التقرير الأولي تضاعف منذ بدء الهجوم الذي شنه الجيش الوطني الليبي، المعلن ذاتياً، للاستيلاء على طرابلس من حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، والذي بدأ في 4 أبريل/نيسان 2019، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة.
وأضافت ماجدالينا مغربي قائلة: “كان معظم ضحايا الهجوم من المهاجرين واللاجئين، الذين فر الكثير منهم من القتل أو الاضطهاد أو الفقر بحثاً عن حياة أفضل في الخارج، ليجدوا أنفسهم محتجزين إلى أجل غير مسمى في مركز احتجاز ليبي بالقرب من مناطق النزاع المستعرة”.
“يجب أن يُشعر هذا الهجوم جميع الأطراف بالخجل، لكي يتخذوا إجراءات فورية لإزالة المهاجرين واللاجئين من مناطق النزاع المستعرة، حيث تتعرض حياتهم للخطر، ووضع حد لممارساتها القاسية المتمثلة في احتجاز المهاجرين تعسفًا”.
وقد تحدثت منظمة العفو الدولية هذا الصباح إلى ثلاثة لاجئين محتجزين في تاجوراء، ونجوا من الهجوم. فقال لاجئ إريتري إن غارة جوية أولى أصابت عنبر مجاور لمركز الاحتجاز، تلتها غارة ثانية أصابت زنزانة الرجال في المركز نفسه بعد حوالي خمس دقائق. وفي أعقاب الهجوم، هناك ما يصل إلى 300 من المهاجرين واللاجئين – بعضهم أُعيدوا إلى ليبيا بعد اعتراضهم في البحر الأبيض المتوسط في الأسابيع الأخيرة – خرجوا الآن إلى شوارع تاجوراء، خائفين وينتظرون تلقي مساعدة عاجلة.
كان معظم ضحايا الهجوم من المهاجرين واللاجئين، الذين فر الكثير منهم من القتل أو الاضطهاد أو الفقر بحثاً عن حياة أفضل في الخارج، ليجدوا أنفسهم محتجزين إلى أجل غير مسمى في مركز احتجاز ليبي بالقرب من مناطق النزاع المستعرة.
ماجدالينا مغربي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية
وقامت منظمة العفو الدولية بتحليل والتحقق من لقطات فيديو وصور منشورة من موقع الهجوم، وتحديد موقعها الجغرافي في مركز احتجاز المهاجرين في تاجوراء، الذي يديره جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة الداخلية الليبية. وتُظهر صورة من زنزانة الرجال حفرة كبيرة، وسعها أمتار عديدة، تتسق مع الضرر الناجم عن قنبلة أسقطت من الجو.
في حين أنه لا يزال يتعين تحديد من يقف وراء هذا الهجوم، فقد أشارت تقارير وسائل الإعلام هذا الأسبوع إلى أن قوات الجيش الوطني الليبي تلقت مؤخراً طائرات مقاتلة من طراز إف – 16، وهذه الطائرات قادرة على تنفيذ غارة جوية ليلية مع قنابل أكبر من شأنها أن تسبب أضراراً من هذا النوع.
وقد دعت منظمة العفو الدولية مرارًا وتكرارًا الأطراف المتحاربة إلى حماية اللاجئين والمهاجرين من الهجمات وإبعادهم عن مناطق النزاع المستعرة والأهداف العسكرية.
ويشير بحث منظمة العفو الدولية إلى أن مستودعًا يستخدم لتخزين الأسلحة موجود في نفس مجمع مركز احتجاز تاجوراء. في أعقاب غارة جوية أصابت مركبة عسكرية على بعد 100 متر تقريبًا من مركز احتجاز تاجوراء في 7 مايو/ أيار، كانت منظمة العفو الدولية قد حذرت السلطات الليبية من أنها تعرض حياة اللاجئين والمهاجرين للخطر من خلال احتجازهم بشكل تعسفي بالقرب من أهداف عسكرية. كما كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد دعت إلى النقل العاجل من أجل سلامة اللاجئين والمهاجرين في مراكز الاحتجاز الواقعة في مناطق النزاع في طرابلس.
وبموجب القانون الإنساني الدولي، يجب على جميع أطراف النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل المخاطر التي يتعرض لها المدنيون، بما في ذلك عن طريق تأخير أو إلغاء هجوم؛ حتى لو كان المستودع العسكري هو الهدف المقصود للهجوم، فإن ارتفاع عدد المدنيين على مقربة من المنطقة يجعل هذا الهجوم غير مشروع. ويجب على الأطراف أيضًا اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين الخاضعين لسيطرتهم من آثار الهجمات، بما في ذلك عن طريق تجنب تحديد الأهداف العسكرية، مثل مواقع تخزين الأسلحة، في المناطق القريبة من المناطق المدنية.
كما أكد البحث الذي أجرته منظمة العفو الدولية أن بعض المحتجزين قد أُجبروا على العمل في الموقع العسكري في تاجوراء رغما عنهم – وهذا انتهاك للقانون الدولي أيضًا.
واختتمت ماجدالينا مغربي قائلة: “يجب أن يكون هذا الهجوم بمثابة صيحة تنبيه لدول الاتحاد الأوروبي من أجل وضع حد لسياساتها المشينة التي تستعين بموجبها بليبيا لمراقبة الهجرة في محاولة لتقليل عدد اللاجئين والمهاجرين الذين يصلون إلى الشواطئ الأوروبية. ولم يعد بإمكانها التغاضي عن الظروف اللاإنسانية والتعذيب والاغتصاب وغير ذلك من الانتهاكات التي يواجهها اللاجئون والمهاجرون أو عن تقاعسها عن دعم اللاجئين للوصول إلى الأمان، من خلال توفير أماكن كافية لإعادة التوطين “.
“ينبغي على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تضمن بشكل عاجل الطرق الآمنة للخروج من ليبيا للاجئين والمهاجرين العالقين في البلاد، وأن تضمن عدم إعادة اللاجئين والمهاجرين الذين تم إنقاذهم في وسط البحر المتوسط إلى ليبيا”.
حذرت منظمة العفو الدولية من أن انتهاكات حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا تؤجج الانتهاكات، بما في ذلك جرائم الحرب، في معركة الاستيلاء على طرابلس، التي اندلعت منذ 4 أبريل/ نيسان. فقد فر أكثر من 100 ألف مدني من منازلهم، وقُطع التيار الكهربائي مرارًا وتكراراً، وعرّضت الهجمات الصاروخية والمدفعية العشوائية حياة المدنيين للخطر الشديد.”