قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن شاباً سعودياً شيعياً، يدّعي أنه قد عذِّب حتى “اعترف” بجرائم مزعومة ارتكبت عندما كان في سن 16، يواجه الإعدام الوشيك، وذلك في آخر مثال صادم على حملة المملكة العربية السعودية القمعية الشرسة ضد معارضي الحكم.
إذ أبلغت السلطات أمس عائلة عبد الكريم الحواج، الذي يبلغ من العمر الآن 21 سنة، أن “المحكمة العليا” قد أيّدت حكم الإعدام الصادر بحقه لدوره المزعوم في الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وقد استنفد جميع فرص استئناف الحكم، ويواجه الإعدام حالما يصادق الملك سلمان عليه، الأمر الذي يمكن أن يقع في أي وقت.
وينكر الحواج، الذي حكم عليه بالإعدام في يوليو/تموز 2016 عقب محاكمة بالغة الجور، أنه قد شارك في أي من الأفعال التي نسبت إليه.
وفي هذا السياق، قالت لين معلوف، مديرة البحوث بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، إن “الحملة القمعية الشرسة التي تشنها المملكة العربية السعودية ضد من يخالفونها الرأي لا تعرف أي حدود. ويواجه آخر ضحاياها، الذي كان طفلاً في وقت ارتكاب الجرائم المزعومة، الإعدام الآن على يد نظام قمعي يوظِّف عقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة.
“فبدءاً من القبض عليه تعسفاً، إلى تعذيبه وهو محتجز لديها، وحتى محاكمته الجائرة التي انتهت بالحكم عليه بالإعدام، أثبتت السلطات السعودية أن إدانتها لعبد الكريم الحواج ليست سوى عار في وجه العدالة. ويتعين على الملك سلمان استخدام صلاحياته لإلغاء الحكم، وإصدار أمر بإعادة المحاكمة، وفقاً للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ودون اللجوء إلى فرض عقوبة الإعدام”.
الحملة القمعية الشرسة التي تشنها المملكة العربية السعودية ضد من يخالفونها الرأي لا تعرف أي حدود
لين معلوف، مديرة البحوث بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية
وبالنظر إلى السرية التي تلف الإجراءات القضائية في المملكة العربية السعودية، فمن غير الواضح ما إذا كان الملك سيصادق على حكم الإعدام. وفي العادة، لا يجري تبليغ أهالي من سيُعدمون بقرار الملك في هذا الشأن، وبتوقيت إعدام أقربائهم.
وصدر حكم الإعدام على عبد الكريم الحواج في السنة الماضية عقب إدانته بمجموعة من الجرائم المتعلقة بمزاعم تورطه في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي قامت بها الأغلبية الشيعية في المنطقة الشرقية في 2012، عندما كان عمره 16 سنة.
ولم يسمح له بالاتصال بمحام أثناء فترة توقيفه والتحقيق معه قبل بدء المحاكمة، وقال إنه كان محتجزاً رهن الحبس الانفرادي طيلة الأشهر الخمسة الأولى التي تلت القبض عليه عند نقطة تفتيش تابعة للأمن في 2012.
كما يقول إنه تعرض للضرب وهدِّد بقتل أفراد عائلته أثناء التحقيقات من قبل موظفين رسميين في “المديرية العامة للمباحث”. وفي نهاية المطاف، كتب “اعترافاً” ووقعه، وهو على ما يبدو الأساس الوحيد الذي استندت إليه المحكمة في إدانته.
ومضت لين معلوف إلى القول: “ينبغي على السلطات السعودية، عوضاً عن أن تبعث بعبد الكريم الحواج إلى الإعدام بقطع الرأس استناداً إلى أقوال ربما انتزعت منه عن طريق التعذيب، أن تحقق في ادعاءاته بأن ضباط الأمن قد قاموا بتعذيبه. “
“ويتعين على السلطات كذلك إعلان حظر فوري على تنفيذ جميع أحكام الإعدام التي صدرت، تمهيداً للإلغاء التام لعقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية”.
والمملكة العربية السعودية دولة طرف في “اتفاقية حقوق الطفل”، التي تحظر حظراً تاماً استخدام عقوبة الإعدام ضد أشخاص ارتكبوا الجرائم التي أدينوا بها قبل سن 18.
خلفية
سجّلت منظمة العفو الدولية زيادة تبعث على القلق في أحكام الإعدام الصادرة ضد المعارضين السياسيين في المملكة العربية السعودية منذ 2013، ولا سيما في أوساط الأقلية الشيعية.
وقد وثّقت المنظمة حالات ما لا يقل عن 33 من الشيعة في السعودية ممن يواجهون عقوبة الإعدام حالياً. واتهموا جميعاً بالقيام بنشاطات ارتؤي أنها تشكل خطراً على أمن الدولة. وقبض أيضاً على ثلاثة رجال آخرين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، وهم علي النمر وعبد الله الزاهر وداوود المرهون، بزعم ارتكابهم جرائم عندما كانت أعمارهم دون 18 سنة، وقالوا إنهم أخضعوا للتعذيب لإكراههم على “الاعتراف”.
والمملكة العربية السعودية هي إحدى أكثر دول العالم تطبيقاً لعقوبة الإعدام، وتستخدم العقوبة ضد طيف واسع من الجرائم، من قبيل القتل العمد والجرائم المتعلقة بالمخدرات والإرهاب. وقد نُفذ حكم الإعدام، في السعودية، فيما لا يقل عن 85 شخصاً، منذ بداية 2017، بمن فيهم 44 أعدموا خلال الشهرين الماضيين.
وفي الأسبوع الماضي، علمت عائلة رجل آخر ينتظر تنفيذ الحكم، وهو سعيد مبخوت الصيعري، الذي أدين بتهمة القتل العمد، أن الحكم سينفذ فيه في 13 سبتمبر/أيلول. وأصدرت المحكمة قرار الإعدام بحقه رغم استخلاصها بأنه ليس ثمة أدلة كافية لإدانته، حيث استندت حصراً إلى أقوال والد الضحية، الذي أقسم 50 مرة أمام هيئة المحكمة بأنه يعتقد أن سعيد مبخوت الصيعري هو المسؤول عن مقتل ابنه، رغم أنه لم يكن حاضراً في مسرح الجريمة.