الهند: غياب المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في جمو وكشمير

في تقرير نُشر اليوم قالت منظمة العفو الدولية إنه بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على صدور قانون السلطات الخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير، لا يزال هذا القانون يؤجج دورة الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان.

ويتضمن التقرير المعنون بــ مرفوض: الإخفاقات في المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي أفراد قوات الأمن في جمو وكشمير“، توثيقاً للعقبات التي تقف في طريق العدالة في عدد من حالات انتهاكات حقوق الإنسان التي يُعتقد انها ارتُكبت على أيدي أفراد قوات الأمن في جمو وكشمير. ويركز التقرير بوجه خاص على الفصل السابع من قانون السلطات الخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير لعام 1990، الذي يمنح أفراد قوات الأمن حصانة فعلية من الملاحقة القضائية على الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان.

وقال ميتار بيمبل، كبير مديري العمليات الدولية في منظمة العفو الدولية:

“يصادف يوم 5 يوليو/تموز 2015 ذكرى مرور 25 عاماً على دخول قانون السلطات لخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير لعام 1999 حيز النفاذ. وحتى هذا اليوم لم يُقدَّم أيٌّ من أفراد القوات المسلحة الذين تم نشرهم في الولاية للمحاكمة على انتهاكات حقوق الإنسان أمام محاكم مدنية. وقد أدى غياب المساءلة إلى تسهيل وقوع انتهاكات جسيمة أخرى.”

إن رئيس الوزراء الحالي لجمو وكشمير مفتي محمد سيد كان يشغل منصب وزير الداخلية الاتحادي عندما أقرَّ البرلمان الهندي ذلك القانون في عام 1990، ولديه الآن فرصة تاريخية للعمل على إلغاء هذا القانون القمعي.

ميتار بيمبل، كبير مديري العمليات الدولية في منظمة العفو الدولية

وأضاف بيمبل يقول: “إن رئيس الوزراء الحالي لجمو وكشمير مفتي محمد سيد كان يشغل منصب وزير الداخلية الاتحادي عندما أقرَّ البرلمان الهندي ذلك القانون  في عام 1990، ولديه الآن فرصة تاريخية للعمل على إلغاء هذا القانون القمعي.”

ويستند هذا التقرير إلى بحث معمق أُجري في جمو وكشمير، اشتمل على إجراء مقابلات مع 58 شخصاً من أفراد عائلات ضحايا الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، وتطبيقات الحق في الحصول على المعلومات، وفحص سجلات الشرطة والمحاكم، ومقابلات مع عدد من منظمات لمجتمع المدني والمحامين والمسؤولين الحكوميين.

ويكشف التقرير النقاب عن أن الحكومة المركزية رفضت منح الإذن أو “السماح” بالمقاضاة بموجب الفصل السابع من قانون السلطات لخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير لعام 1999 في جميع القضايا التي رُفعت ضد أفراد الجيش أو القوات شبه العسكرية، أو لم تبتَّ في القرار لسنوات عدة في عدد قليل من الحالات. كما يوثِّق التقرير غياب الشفافية في عملية طلب الإذن.

وقالت ديفيا إيار، مديرة البحوث في فرع منظمة العفو الدولية في الهند: “لم تقمْ السلطات بإبلاغ أيٍّ من العائلات التي قابلناها بحالة أو نتيجة طلب الإذن فيما يتعلق بقضيتها الخاصة. وذكر محمد أمين مغاري، وهو عم جافيد أحمد مغاري البالغ من العمر 17 عاماً، الذي قُتل في أبريل/نيسان 2003 على أيدي أفراد قوات الأمن، لمنظمة العفو الدولية إنه “لو كان الجندي في الجيش يعرف أنه سيتم توجيه تهمة له وتقديمه إلى المحكمة ومحاكمته، فإنه كان سيفكر ألف مرة قبل أن يضغط على الزناد ويقتل شخصاً بريئاً…إن قانون السلطات لخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير لعام 1990 أشبه بإعطاء شيك على بياض أو رخصة من حكومة الهند لقتل أبرياء مثل ابن أخي.”

وذكر العديد من أفراد العائلات الذين قابلناهم أن قانون السلطات لخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير لعام 1990 يمنح الحصانة لأفراد قوات الأمن بصورة غير مباشرة.

وقالت ديفيا إيار إن “سجلات الشرطة والمحاكم المتعلقة بنحو 100 قضية من قضايا انتهاكات حقوق الإنسان التي رفعتها عائلات الضحايا في الفترة من عام 1999 إلى عام 2012 أظهرت أن شرطة جمو وكشمير غالباً ما فشلت في تسجيل الشكاوى أو اتخاذ إجراءات بشأن الشكاوى المسجلة، إلا إذا كانت مضطرة. وفي بعض الحالات تمنَّع أفراد الجيش أو رفضوا التعاون مع تحقيقات الشرطة. ورفض الجيش أكثر من 96 بالمئة من مجمل المزاعم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان ضد أفراده في جمو وكشمير واعتبرها “كاذبة ولا أساس لها من الصحة”. بيد أنه لا تتوفر أدلة معلنة على اعتبار أغلبية المزاعم كاذبة؛ إذ أن القليل من تفاصيل التحقيقات والمحاكمات العسكرية التي أجرتها قوات الأمن متاحٌ للجمهور.

وفي حالة استثنائية نادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، كشف الجيش النقاب عن أن محكمة عسكرية أدانت وحكمت على خمسة جنود بالسجن المؤبد بتهمة إطلاق النار على ثلاثة رجال وقتلهم في “مواجهة زائفة”- وهي عبارة عن إعدام مسرحي خارج نطاق القضاء- في ماشيل بولاية جمو وكشمير في عام 2015.

وعلَّقت ديفيا إيار على ذلك بالقول: “إن الأحكام التي صدرت في قضية ماشيل تعتبر إجراءً محموداً. ولكن تحقيق العدالة بشكل ثابت ومتسق يقتضي محاكمة أفراد قوات الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان أمام محاكم مدنية.”

وعلى المستوى الدولي ثمة قبول متنامٍ للمبدأ القائل بأن المحاكم العسكرية يجب ألا تتمتع بالولاية القضائية على أفراد الأمن في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان. كما أن المحاكم العسكرية في الهند تشوبها مثالب بنيوية خاصة بها وتتعلق باختصاصها واستقلالها وحيدتها.

وقال مينار بيمبل: “إن الهند، بعدم تصديها لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها أفراد قوات الأمن باسم الأمن القومي، إنما تكون قد عجزت عن احترام التزاماتها الدولية وخذلت دستورها الخاص.”

وأضاف يقول: “إن الإفلات من العقاب لا يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والتغريب، الأمر الذي يزيد من صعوبة مكافحة انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الجماعات المسلحة.”

وخلص بيمبل إلى القول: “ينبغي عدم استخدام قانون السلطات لخاصة للقوات المسلحة في جمو وكشمير لعام 1990 لتحصين الجنود من الملاحقة القضائية بعد اليوم. وإن الحكومة الهندية، بتقديمها الجناة المزعومين إلى ساحة العدالة، يمكنها إرسال إشارة واضحة مفادها أن لا أحد فوق القانون، وأنه سيتم احترام وحماية حق كل شخص في المساواة والعدالة.”

حول الفرع منظمة العفو الدولية في الهند:

فرع منظمة العفو الدولية في الهند جزء من الحركة العالمية لحقوق الإنسان. ومنظمتنا مستقلة عن أية حكومة أو أيديولوجيا سياسية أو مصالح اقتصادية أو دين. وتحصل على تمويلها من مساهمات المؤازرين الفردية. ويعمل برنامج التربية على حقوق الإنسان في الفرع الهندي للمنظمة من أجل إدماج حقوق الإنسان في المناهج والعلاقات والبيئة والقيادة المدرسية. وتتمثل رؤيتنا في أن يتمتع جميع الناس في الهند بجميع الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المعايير الدولية لحقوق الإنسان وفي دستور الهند.

للاطلاع على مزيد من المعلومات بشأن عمل فرع منظمة العفو الدولية في الهند، يرجى زيارة الموقع على الانترنت:

https://www.amnesty.org.in