تعويضات إسرائيل إلى الأمم المتحدة تتجاهل حقوق ضحايا غزة

قالت منظمة العفو الدولية إن القلق يساورها لأن الأمم المتحدة قبلت مبلغ 10.5 مليون دولار أمريكي كتعويض من إسرائيل عن مباني الأمم المتحدة التي تضررت إبان نزاع غزة الذي اندلع في العام الماضي، من دون ضمان دفع تعويضات لضحايا الهجمات الفعليين.ففي 22 يناير/كانون الثاني، أعلنت الأمم المتحدة أنها تلقت تعويضاً من حكومة إسرائيل عقب التحقيق الذي أوعز به الأمين العام بان كي- مون في فبراير/شباط الماضي في الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية على موظفي الأمم المتحدة والمباني التابعة لها. وقالت الأمم المتحدة إن المسائل المالية المتعلقة بالهجمات التي جرى التحقيق فيها قد ” سُويت” بدفع هذا المبلغ.بيد أن تقرير هيئة التحقيق كان قد أوصى بشكل خاص بألا تقتصر الأمم المتحدة على المطالبة بالتعويضات لموظفي الأمم المتحدة والمدنيين الذين قُتلوا أو جُرحوا نتيجة للهجمات على مباني الأمم المتحدة فحسب، وإنما المطالبة بدفع تعويضات عن الضحايا المدنيين للهجمات الأخرى التي شنتها إسرائيل إبان القتال إيضاً.وفي رسالة بعث بها الأمين العام المؤقت لمنظمة العفو الدولية كلاوديو كوردوني إلى بان كي – مون يوم الاثنين قالت المنظمة: “بالتأكيد، إن قبول هذا المبلغ كتعويض عن الأضرار التي لحقت بمباني الأمم المتحدة لا يمكن أن يكون سوى خطوة أولى على طريق إصلاح الأضرار التي سببها النـزاع.”وأضاف كوردوني يقول: “ولا يجوز للأمم المتحدة أن تتجاهل عدم إنصاف مئات النساء والرجال والأطفال الذين قُتلوا أو جُرحوا أو آلاف الأشخاص الذين فقدوا ممتلكاتهم إبان نزاع غزة من جراء هجمات شكلت انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.” وخلال عملية “الرصاص المسكوب”، وهو الاسم الذي أُطلق على الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي دام 22 يوماً (من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009)، قُتل نتيجة للهجوم الإسرائيلي نحو 1400 فلسطيني، بينهم أكثر من 300 طفل، وجُرح مئات آخرون ودُمرت آلاف المنازل.كما قُتل ثلاثة عشر إسرائيلياً، بينهم ثلاثة مدنيين قُتلوا نتيجة لإطلاق صواريخ عشوائية على جنوب إسرائيل من قبل جماعات فلسطينية مسلحة.وخلال النـزاع أيضاً، استُهدف عدد من مباني الأمم المتحدة وعملياتها في ضربات عسكرية ألحقت بها أضراراً. وكان من بين تلك المباني مدارس ومركز صحي ومكتب ميداني وموكب للأمم المتحدة. وفي العديد من تلك الهجمات، قُتل أو جُرح موظفون في الأمم المتحدة ومدنيون فلسطينيون كانوا داخل تلك المباني أو بالقرب منها في ذلك الوقت.وفي 12 فبراير/شباط 2009، شكَّل بان كي – مون هيئة تحقيق، تتمتع بنطاق صلاحيات محدود، لتتولى التحقيق في الهجمات التي شُنت على موظفي الأمم المتحدة ومبانيها في غزة.وفي 21 أبريل/نيسان، قُدم التقرير الكامل لهيئة التحقيق، الذي لم يُعلن على الملأ، إلى بان كي – مون، الذي قام بنشر ملخص لنتائجه في وقت لاحق.وقد قامت هيئة التحقيق بفحص ما مجموعه تسع حوادث، منها حادثة مدرسة جباليا الإعدادية للبنين التابعة للأمم المتحدة، التي ضٌربت مراراً بمدافع الهاون الإسرائيلية في 6 يناير/كانون الثاني 2009، وأسفرت تلك الضربات مقتل ما يزيد على 30 مدنياً، وحادثة قصف مدرسة لاهيا الابتدائية التابعة للأمم المتحدة في 17 يناير/كانون الثاني 2009، حيث قُتل طفلان كانا قد لجآ إلى المدرسة.ووجدت هيئة التحقيق أن الجيش الإسرائيلي انتهك مراراً وتكراراً حرمة الأمم المتحدة، ولم يبذل جهوداً كافية لحماية موظفيها أو المدنيين الذين لجأوا إليها، وفي عدد من الحالات التي تم التحقيق فيها، كان مسؤولاً عن الأضرار التي لحقت بمباني الأمم المتحدة والإصابات والوفيات التي سببتها الهجمات الإسرائيلية.وفي إحدى الحوادث التي حققت فيها الهيئة، وجدت أن حركة حماس، أو أحد الفاعلين الفلسطينيين الآخرين، كانت مسؤولة عن الأضرار التي لحقت بمخازن برنامج الغذاء العالمي بالقرب من معبر كارني بين إسرائيل وقطاع غزة.وأكدت منظمة العفو الدولية في رسالتها على أنه لا يجوز للأمم المتحدة التنازل عن حقوق ضحايا انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الحصول على الإنصاف، بما في ذلك جبر الضرر بصورة كاملة وفعالة. وحثت منظمة العفو الدولية بان كي – مون على أن يوضح لحكومة إسرائيل أن من واجبها ضمان حصول ضحايا الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية إبان النـزاع على إنصاف فعال فوراً، بما في ذلك جبر الضرر بصورة كاملة وفعالة.وقالت المنظمة إن بان كي – مون يجب أن يدعو حركة حماس إلى تقديم تعويضات إلى ضحايا الانتهاكات التي وقعت على أيدي الجناح المسلح لها وغيره من الجماعات المسلحة الفلسطينية إبان النـزاع.