مصر: قانون الجمعيات الأهلية يهدد بالقضاء على منظمات حقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن القانون الجديد الذي صدَّق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يفرض قيوداً شديدة لم يسبق لها مثيل على الجمعيات الأهلية (المنظمات غير الحكومية)، ومن شأنه أن يكون بمثابة حكم بالإعدام على جماعات حقوق الإنسان في البلاد.

وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا بمكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، إن هذا القانون “يُعد ضربة كارثية لمنظمات حقوق الإنسان العاملة في مصر. فالقيود الشديدة التي يفرضها هذا القانون تهدد بالقضاء على المنظمات غير الحكومية في البلاد، في وقت تصعِّد فيه السلطات من حملتها القمعية على المعارضة، مما يجعل عمل تلك المنظمات أكثر أهمية من أي وقت مضى”.

وأضافت نجية بونعيم قائلةً: “إن هذا القانون، الذي يمنح الحكومة صلاحيات غير عادية للسيطرة على المنظمات غير الحكومية، ويفرض عقوبات وغرامات شديدة على أية مخالفة لأحكامه القمعية، هو أحدث محاولة من السلطات المصرية لإخراس جميع الأصوات المستقلة”.

ويُذكر أن منظمة العفو الدولية كانت قد دعت الرئيس المصري، بعد إقرار القانون في مجلس النواب (البرلمان) في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، إلى عدم التصديق على القانون نظراً لتعارضه مع الدستور المصري ومع التزامات مصر الدولية. إلا إن الرئيس صدَّق على القانون دون معالجة أي من بواعث القلق التي عبرت عنها منظمات مصرية ودولية معنية بحقوق الإنسان.

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، شنَّت السلطات المصرية حملة منسَّقة استهدفت منظمات حقوق الإنسان، حيث منعت 24 من العاملين في هذه المنظمات من السفر، وتحفظت على أموال سبع منظمات و10 أشخاص. ومؤخراً، استدعى قضاة التحقيق اثنين من مديري المنظمات غير الحكومية، وهما محمد زارع، من “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان”؛ ومصطفى الحسن، من “مركز هشام مبارك للقانون”. وقد أُفرج عن الاثنين بكفالة.

وخلال الأسبوع الماضي، كثَّفت السلطات من إجراءاتها القمعية ضد الأصوات المنتقدة. ففي 23 مايو/أيار 2017، قبضت السلطات المصرية على المرشح الرئاسي السابق خالد علي بتهمة “خدش الحياء العام”. وأفرجت عنه النيابة العامة بكفالة في اليوم التالي وأحالته للمحاكمة. كما حجبت السلطات مؤخراً 21 موقعاً إلكترونياً، من بينها اثنان من المواقع الإخبارية البارزة وهما “مدى مصر” و“ديلي نيوز إيجيبت”.

وقالت نجية بونعيم: “منذ وقت طويل، غض المجتمع الدولي الطرف عن الانتقاص المتواصل من حقوق الإنسان في مصر، مما شجع السلطات على تصعيد اعتداءاتها على الانتقاد السلمي دون أن تخشى المحاسبة”.

واستطردت نجية بونعيم قائلةً: “إننا نطالب المجتمع الدولي بأن يسارع بالضغط على السلطات المصرية من أجل إغلاق التحقيقات الجنائية بخصوص أنشطة جماعات حقوق الإنسان. فهذه التحقيقات، بالإضافة إلى أحكام القانون الجديد، سيكون لها عواقب مدمِّرة على حقوق الإنسان في مصر”.

خلفية

ينص القانون رقم 70 لسنة 2017 على منح الجمعيات الأهلية في مصر مهلة عام لتوفيق أوضاعها مع أحكام القانون وإلا تعرضت للحل بقرار من المحكمة المختصة.

ومن بين القيود التي يفرضها القانون حظر إجراء بحوث ميدانية أو استبيانات بدون الحصول على تصريح حكومي، وإلزام الجمعيات الأهلية بأن تجعل أنشطتها متوافقة مع أولويات الحكومة وخططها، وإلا تعرض أعضاؤها للسجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات.

كما ينص القانون على منح السلطات صلاحيات واسعة لحل الجمعيات الأهلية، وإقالة مجالس إدارتها، وتقديم أعضائها لمحاكمة جنائية استناداً إلى تهم مصاغة بعبارات مبهمة، من قبيل “الإخلال بالوحدة الوطنية… أو النظام العام”.