المشكلة مع الأجهزة السرية… هي سريتها

بقلم هارييت غارلند، المسؤولة الصحفية في فرع المملكة المتحدة لمنظمة العفو الدولية

ستسلط دعوى تاريخية تُنظر اليوم لتقرير ما إذا كانت المراقبة الجماعية للاتصالات قانونية، الضوء على أجهزة الاستخبارات البريطانية والوزراء المسؤولين عنها.

فبفضل ما كشفه إدوارد سنودن، المبلغِّ عن ارتكابات أجهزة الولايات المتحدة الاستخبارية، من حقائق، في سياق الرقابة الشاملة على الاتصالات، نعلم اليوم أن أجهزة الاستخبارات التابعة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة ظلت تطبق برامج واسعة النطاق للرقابة، شملت اعتراض المراسلات والاتصالات الخاصة للأشخاص وجمعها.

وستكون جلسة استماع هذا الأسبوع هي المرة الأولى التي تظهر فيها الأجهزة الحكومية في المملكة المتحدة، بما فيها هيئة “المقر الرئيسي للاتصالات الحكومية” (الهيئة) ذات السمعة الشائنة والأنشطة السرية، في جلسة علنية، منذ فضح سنودن لأنشطتها،للإجابة على مزاعم مباشرة وتحديد موقفها بشأن عمليات الرقابة الجمعية.

ومع ذلك، فستظل المشكلة في الأجهزة السرية هي سريتها.

فمن الصعب إجراء استجواب حول قانونية برنامج مراقبة ما عندما ينكر الأشخاص الذين تولوا المراقبة أن ذلك قد حدث.

إذ ظل برنامج المملكة المتحدة المسمى “تيمبورا” موضع نزاع منذ بدء هذه الإجراءات. فالهيئة ترفض الاعتراف بأن مثل هذا البرنامج موجود، رغم اعترافها بطريقة ملتوية بأنه كذلك، بدفاعها عن الأساس القانوني لوجوده.

وعلى ذلك، فإنها تكون بصدد الدفاع عن ضرورة تطبيق برنامج لمراقبة الاتصالات لا تعترف بأنها قد استخدمته. وهذا يزيد من غرابة هذا الأمر الغريب.

وهي تضعني في الحالة الذهنية نفسها من الاعتراف عبر الانكار الذي عناه بيلي بانتر عندما قال: “لم أر حلواك الوهمية المزينة بالكريما أبداً، وعندما رأيتها لم آكلها”.

وهذا لا يعني القول بأنها تنكر ذلك كلياً. بيد أنها لا تؤكده. وعلى ما يبدو، فإن القاعدة الأولى من القواعد المتعلقة “بتيمبورا” هي أنك… لا تستطيع أن تؤكد ولا أن تنفي وجود “تيمبورا”.

إن هذا الموقف تنصل درجت عليه الأجهزة الاستخبارية، التي لا تستطيع أن “تؤكد أو تنكر” الكثير الكثير أبداً. ويكاد هذا أن يصل إلى حد المهزلة.

الطريف في الأمر أنه ورد عن جلسة الاستماع الأولية، التي عقدت في فبراير/شباط، بأنها لم تخلُ من نقاش جذِل حول لفظ اسم التطبيق “تيمبورا”، وما إذا كان ينبغي التشديد على “تيم” أو على “بور”. وعندما جرى الاتصال بمستشار الحكومة كي يحل الجدل، ولسؤاله عما إذا كانت الطريقة التي يلفظ بها الاسم الرمزي للبرنامج صحيحة، لم يستطع المستشار … لا أن يؤكد ولا أو ينكر.

وبينما تسعى المحاكم إلى تعرية كل هذا في مجرى الأسبوع، فإن البرلمان، الذي “سيناقش” الثلاثاء مشروع القانون الجديد المقترح تحت أسم مشروع قانون “لطوارئ” لحفظ البيانات وسلطات التحقيق، استعجل الأمر، كما رأينا، في الأسبوع الماضي.

وأقول “يناقش”- لأن من الواضح أن مشروع القانون قد حظي بالموافقة المتفاهم عليها بين أحزاب المؤسسة السياسية. كما أقول “الطوارئ” لأنه كان أمام جميع هؤلاء الوقت الكافي للتشاور بشأن التشريع، ولكن الحكومة في عجلة من أمرها، على ما يبدو، وتفضل عقد الصفقات في الكواليس.

وهذا هو حال توقيت التشريع الجديد- الذي يتصادف وقت مناقشته مع التفحص القانوني التاريخي لمسألة المراقبة- فهل هذا مجرد مصادفة؟ الأمر ليس كذلك بالنسبة للبروفيسور هيذر بروك، المقرر أن تشارك في عضوية هيئة ستتولى مهمة “المراجعة المستقلة للرقابة”، والتي ُقرئ على مسامعها تقرير موجز بشأن ما حدث في الماضي وُطلب منها تقديم المشورة بشأن سياسات المستقبل. إذ أبلغت صحيفة “إيفنينغ ستاندارد” ما يلي: “يوم الإثنين يباشر بدعوى قانونية تطعن فيها منظمات “ليبرتي” و”الخصوصية الدولية” ومنظمة العفو الدولية في ممارسة هيئة “المقر الرئيسي للاتصالات الحكومية” اعتراض الاتصالات وجمع البيانات الجمعي من قبل الهيئة.

“وعلى ما يبدو، تشعر الحكومة بالقلق الشديد من أن ‘الهيئة المعنية بسلطات التحقيق’ قد تجد أن ما فعلته الحكومة مخالف للقانون.”

وثمة نظرية ترى البروفيسور بروك أنها تحكم دوافع حكومتنا. وهي نظرية لا أستطيع، أنا من جهتي، تأكيدها أو إنكارها.