المملكة المتحدة: هناك حاجة لإجراءات أقوى لحماية الشهود من أجل ضمان المحاسبة عن جرائم الحرب

أعربت منظمة العفو الدولية اليوم عن خيبة أملها إزاء ترحيل أحد مواطني سري لنكا من المملكة المتحدة، وهو فيناياغامورثي موراليثاران، المعروف باسم كارونا، والذي يُزعم أنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سري لنكا. وجاء ترحيله بعد إدانته بتهم تتعلق بالهجرة.

وقالت منظمة العفو الدولية إن “ترحيل كارونا في الوقت الراهن يعني أن تحقيقات السلطات البريطانية في تلك الادعاءات قد انتهت. وإذا كان من حق كارونا أن يُعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته دون أي شك معقول من خلال محاكمة عادلة، فإن المنظمة سوف تبعث برسالة إلى سلطات سري لنكا تدعو فيها إلى البدء في إجراء تحقيق بخصوص تلك الادعاءات”.

وأضافت المنظمة قائلةً إن “المنظمة تشعر بالقلق من انهيار التحقيق لأن الحكومة البريطانية لم تخصص الموارد اللازمة له، ولم تكفل على نحو كاف سلامة الضحايا وذويهم من خلال برنامج لحماية الشهود”.

وكانت مجموعة من المنظمات غير الحكومية قد قدمت معلومات إلى قوة شرطة لندن (شرطة العاصمة) تتعلق بادعاءات خطيرة عن انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها كارونا. ومن بين هذه المعلومات أقوال لبعض الضحايا والشهود، وأسماء شهود أبدوا استعدادهم لتقديم تفاصيل بشأن ما زُعم عن مسؤولية كارونا عن حوادث تعذيب واحتجاز رهائن وتجنيد أطفال واستخدامهم كجنود في القتال في سري لنكا، أو عن ضلوعه في مثل هذه الحوادث.

كما تلقت منظمة العفو الدولية شهادات لأفراد كان من المحتمل أن ينضموا إلى الشهود، ولكنهم أحجموا عن الإدلاء بشهاداتهم أو تقديم معلومات إلى قوة شرطة لندن لخشيتهم من التعرض لأعمال انتقامية في المملكة المتحدة أو في سري لنكا. ولدى المنظمة علم بشاهد واحد على الأقل قدم معلومات إلى قوة شرطة لندن ولا يزال مقيما في سري لنكا دون أن تتوفر له أية حماية في ذلك البلد، ودون أن يُتاح له خيار نقله إلى مكان آخر. وتشعر المنظمة بالقلق من أن هذا الشاهد ربما يكون في الوقت الراهن عرضةً لأعمال انتقامية بسبب ما قدمه من معلومات لتحقيق الشرطة بشأن أعمال كارونا.

وقالت منظمة العفو الدولية “لقد أعربت المنظمة لقوة شرطة لندن عن مخاوفها من احتمال ألا يكون قد بُذل ما يكفي من جهود أثناء إجراء تحقيقات الشرطة من أجل حماية الشهود وطمأنة الأفراد الذين يمكن أن يدلوا بشهاداتهم. وتأمل المنظمة أن تتخذ السلطات البريطانية في المستقبل إجراءات جديدة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب ولحماية الشهود”.

وتدعو منظمة العفو الدولية السلطات البريطانية إلى وضع برامج فعالة لحماية الشهود في التحقيقات المتعلقة بمثل هذه الادعاءات، على أن تُصاغ هذه البرامج على غرار برامج حماية الشهود في “المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة” و”المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا” و”المحكمة الخاصة بسيراليون” و”المحكمة الجنائية الدولية”. كما تدعو المنظمة السلطات البريطانية إلى تشكيل وحدة مستقلة ومتخصصة من الشرطة والنيابة للتعامل مع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وحالات التعذيب.

خلفية كان كارونا من القادة البارزين في حركة “نمور تحرير تاميل عيلام”، وهي حركة معارضة مسلحة تقاتل من أجل إقامة وطن مستقل للتاميل في سري لنكا. وقد انشق عن حركة “نمور تحرير تاميل عيلام” وشكل جماعة أخرى هي “الحركة الشعبية لنمور تحرير تاميل عيلام”، ولها هي الأخرى جناح سياسي. ومنذ مارس/آذار 2004، بدأت هذه الجماعة تعمل على ما يبدو بدعم من جيش سري لنكا لمواجهة حركة “نمور تحرير تاميل عيلام” في شرق البلاد.

وكان كارونا مقيماً في المملكة المتحدة عندما احتجزته السلطات البريطانية ووجهت له، في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، اتهامات تتعلق بالهجرة، وفيما بعد أُدين بهذه الاتهامات.

وبالرغم من أن الادعاءات ضد كارونا تتعلق بأعمال وقعت في سري لنكا، فقد كان بوسع المحاكم البريطانية أن تمارس ولايتها القضائية على عدد من الجرائم التي زُعم أنه ارتكبها، وهي:

•    أعمال التعذيب التي ارتُكبت منذ مارس/آذار 2004 (وهو التاريخ الذي أصبح فيها كارونا متحالفاً مع القوات الحكومية)، وذلك بالمخالفة للقسم 134 من قانون القضاء الجنائي، الذي يجيز للمحاكم البريطانية محاكمة أي شخص عن جريمة التعذيب إذا كانت قد ارتُكبت على أيدي موظف رسمي، أو أي شخص يتصرف بصفة رسمية، أو برضاه أو بتواطئه، بغض النظر عن جنسية الجاني أو المكان الذي زُعم أن الجريمة قد وقعت فيها، ومن ثم فهي جريمة تندرج ضمن ما يُطلق عليه اسم “الولاية القضائية العالمية”؛ •    أعمال احتجاز الرهائن التي ارتُكبت منذ عام 1982، وذلك بالمخالفة للقسم 1 (1) من قانون احتجاز الرهائن لعام 1982، وهذه الجريمة هي الأخرى تشملها الولاية القضائية العالمية، والتي يجوز بمقتضاها للمحاكم البريطانية أن تحاكم أي شخص من أي جنسية بغض النظر عن المكان الذي ارتُكبت فيه الجريمة؛ •    جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت منذ عام 2001، وذلك بالمخالفة لقانون “المحكمة الجنائية الدولية” الصادر عام 2001. فبمقتضى القسم 51 (2)(ب) من هذا القانون، يجوز للمحاكم البريطانية أن تحاكم أي شخص عن جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية ارتُكبت خارج بريطانيا، بشرط أن يكون ذلك الشخص من مواطني بريطانيا أو المقيمين فيها أو ممن يخضعون لولايتها، من قبيل الأفراد العاملين في القوات المسلحة البريطانية. وعلى حد علم منظمة العفو الدولية، فقد كان كارونا مقيماً في بريطانيا لدى القبض عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وهو الشرط اللازم لأغراض ذلك القانون.

وقد بعثت منظمة العفو الدولية برسالة إلى قوة شرطة لندن، في 14 مايو/أيار، ثم بعثت برسالة أخرى، في 4 يونيو/حزيران، عرضت فيهما بواعث قلقها بشأن التحقيق، ولكنها لم تتلق بعد أي ردود على الرسالتين.