مصر: 12 معارضاً يواجهون الإعدام بينما تفلت قوات الأمن من العقاب على مذبحة رابعة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم، عشية الذكرى الثامنة لمذبحة رابعة، إن السلطات المصرية تقاعست عن محاسبة أي من أفراد قوات الأمن على قتل ما لا يقل عن 900 شخص خلال فضهم العنيف لاعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة. ويواجه 12 رجلاً إعداماً وشيكاً، ويقضي مئات آخرين أحكاماً بالسجن لفترات طويلة بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات، مما يدل على الأولويات المشوّهة لما يسمى بنظام العدالة في مصر.

في يونيو/حزيران 2021، أيدت محكمة النقض، وهي أعلى محكمة في مصر، أحكام الإعدام بحق 12 رجلاً، من بينهم شخصيات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، أدينوا في محاكمة صورية جماعية شملت 739 شخصاً في 2018، عُرفت باسم “قضية فض رابعة”. ويمكن تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم في أي لحظة دون إخطار مسبق، حيث صادق الرئيس عبد الفتاح السيسي على أحكام الإعدام النهائية الصادرة بحقهم.

وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “على مدى السنوات الثماني الماضية، أصبح جلياً، وبشكل متزايد، أن السلطات المصرية عازمة على توفير الحماية لقوات الأمن من أي مساءلة عن دورها في مذبحة رابعة. فاختارت بدلاً من ذلك الانتقام من الناجين وأسر الضحايا، وأي شخص يجرؤ على انتقاد وضع حقوق الإنسان المزري في مصر اليوم.

“والرجال الاثنا عشر الذين يواجهون الإعدام محتجزون في ظروف قاسية وغير إنسانية وهم ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، بعد محاكمة جماعية بالغة الجور، وذات دوافع سياسية. نحث السلطات المصرية على إلغاء أحكام الإعدام والإدانة الجائرة هذه. كما يجب عليها اتخاذ خطوات، طال انتظارها كثيراً، لتقديم مرتكبي مذبحة رابعة إلى ساحة العدالة.

“وإذا استمرت ظاهرة الإفلات من العقاب هذه، فإن الأحداث المروعة التي وقعت في ذلك اليوم ستظل تلاحق مصر إلى الأبد. ونظراً إلى مناخ الإفلات من العقاب السائد، يجب على المجتمع الدولي أيضاً دعم الجهود الرامية إلى إنشاء آلية رصد لوضع حقوق الإنسان في مصر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

إذا استمرت ظاهرة الإفلات من العقاب هذه، فإن الأحداث المروعة التي وقعت في ذلك اليوم ستظل تلاحق مصر إلى الأبد. 

لين معلوف، منظمة العفو الدولية

ومنذ إلقاء القبض على الرجال، بين عامي 2013 و2015، احتُجزوا في ظروف مروعة تنتهك الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وحُرموا عمداً من الحصول على الرعاية الصحية الملائمة. ومُنع بعضهم من تلقي أي زيارات عائلية لما يزيد عن خمس سنوات.

ومن بين الذين يواجهون تنفيذ أحكام الإعدام: محمد البلتاجي، وهو برلماني سابق وشخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، الذي احتجز في الحبس الانفرادي في سجن العقرب، سيء الصيت، في القاهرة منذ القبض عليه في أغسطس/آب 2013. وقد مُنعت عائلته من زيارته منذ 2016. كما حرمت سلطات السجن، بشكل قاس، محاولات ذويه لإعطائه صورة لابنته أسماء، التي كانت تبلغ من العمر 17 عاماً عندما قُتلت في فض ميدان رابعة العدوية.

يشارك الأخوان محمد ومصطفى عبد الحي حسين الفرماوي زنزانة صغيرة مظلمة وسيئة التهوية، ليس بها مرحاض، في سجن وادي النطرون. وكان قد ألقي القبض عليهما في 15 يوليو/تموز 2013، قبل شهر من تفريق المتظاهرين في ميدان رابعة العدوية، ومع ذلك حكم عليهما بالإعدام بسبب تورطهما المزعوم.

لا تكشف السلطات المصرية عن مواعيد تنفيذ أحكام الإعدام مسبقاً، ولا تبلّغ العائلات أو تسمح لهم بزيارات نهائية، بما يتعارض مع القانون المصري، مما يثير المخاوف من إمكانية تنفيذ أحكام الإعدام بصورة وشيكة. وقد شهدت الفترة الأخيرة ارتفاع حاد مثير للقلق في عمليات الإعدام المسجّلة في مصر – ففي 2020، تضاعف عدد أحكام الإعدام المنفذة ثلاث مرات مقارنة بالسنوات السابقة. واستمرت موجة الإعدامات في 2021، مع تسجيل ما لا يقل عن 81 عملية إعدام منفذة حتى الآن.

واختتمت لين معلوف قائلاً: “يجب على السلطات المصرية وضع حد فوراً لاستخدامها عقوبة الإعدام بلا هوادة ضد المعارضين السياسيين كأداة لبث الخوف، وإحكام قبضتها الحديدية على السلطة. كما يجب على أعضاء المجتمع الدولي زيادة الضغط العلني لمطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتخفيف أحكام الإعدام هذه وإنقاذ حياة هؤلاء الرجال”.

هذا، وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات دون استثناء بغض النظر عن طبيعة الجريمة أو خصائص الجاني أو الطريقة التي تستخدمها الدولة لإعدام السجين. فعقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً للحق في الحياة، وهي أقسى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

خلفية

أدين الرجال الاثنا عشر بالمشاركة في احتجاجات غير مصرح بها، وقتل سبعة من عناصر الأمن و10 آخرين، والشروع في القتل، بالإضافة إلى تهم أخرى تتعلق بتورطهم في اعتصام ميدان رابعة العدوية، وغيرها من الاحتجاجات والاشتباكات بين أنصار ومعارضي الرئيس السابق محمد مرسي، في الفترة ما بين 21 يونيو و14 أغسطس/آب 2013.

وأدين كل المتهمين بجميع التهم الموجهة إليهم، دون إثبات المسؤولية الجنائية الفردية. وقد شابت الإجراءات انتهاكات للحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك الحق في الحصول على الدفاع الكافي؛ والحق في عدم تجريم الذات؛ والحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومحايدة ومستقلة؛ والحق في استدعاء الشهود واستجوابهم، والحق في المراجعة الصحيحة للأحكام. ولم تأمر المحاكم أيضاً بإجراء تحقيقات في بعض ادعاءات المدعى عليهم بتعرضهم للاختفاء القسري والتعذيب بعد إلقاء القبض عليهم.

منذ عزل محمد مرسي من السلطة في 2013، شنت السلطات المصرية حملة قمع لا هوادة فيها ضد جميع أشكال المعارضة. فألقت القبض على عشرات الآلاف من المنتقدين والمعارضين الفعليين أو المفترضين. ولا يزال الآلاف محتجزين تعسفياً – لمجرد ممارستهم حقوقاً يكفلها القانون الدولي، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي – أو على أساس محاكمات بالغة الجور، بما في ذلك محاكمات جماعية وعسكرية. وتم إعدام العشرات في أعقاب محاكمات بالغة الجور.

انتهى