انتقدنا فيسبوك وغوغل لكننا لا نزال نحتاج إليهما. وهذه هي المشكلة بالضبط.

يواجه المسوقون شتى أنواع المشاكل في عملهم، ولكن ليس عادة من بين تلك المشاكل أن المنصة، التي يعتمدون عليها في ممارسة نشاطهم التسويقي، تنتهك حقوق الإنسان.

 هذا بالضبط ما حدث لصناعة تعتمد على الفيسبوك وغوغل عند نشر التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية الذي يحمل عنوان عمالقة المراقبة(بالانجليزية.) 

 يُفترض أن هذه المنصات تسمح للناس بالدخول إليها مجانا، لكن بدلا من فرض رسوم عليهم، تَطْلُب منهم التنازل عن بياناتهم الشخصية؛ ثم يتم تحليلها وتقسيم الناس إلى مجموعات، بحيث يتم التنبؤ باهتماماتهم وخصائصهم بهدف استخدام هذه المعلومات الخاصة أساسا لدر إيرادات من الإعلانات. وخلص التقرير إلى أن حجم جمع البيانات الشخصية، وجني مكاسب مالية من قبل هذه المنصات، لا يتماشى مع حق الناس في الخصوصية.

 وبالرغم من أن الدعوات الرئيسية الواردة في التقرير مُوجهة إلى الحكومات، وكيف يجب أن تُنظِّم هذه الصناعة، فإن من واجبنا جميعا أن ننظر إلى الأدوار التي نضطلع بها.

 ففي منظمة العفو الدولية، نعتمد على هذه المنصات، مثلما تعتمد عليها الشركات الكبرى، والأحزاب السياسية، وقطاع الأعمال المحلي بهدف الوصول إلى جمهورنا وإشراكهم وزيادة أعدادهم. إن النفوذ المتغلغل لهذه المنصات هي بالضبط السبب الذي جعل منظمة العفو الدولية تصدر تقريرا بشأن المنصات.

 ما هي الخيارات المتاحة أمامنا؟ لا يمكننا أن ننسحب منها. لم تَعُد هذه المنصات تعتبر مُجرد ساحة عامة. إنها تشكل الشارع الرئيسي وحي الأعمال. ويمكن أن تصبح العيادة التي يداوم فيها طبيبك كما يمكن أن تصبح المصرف الخاص بك. إنها تُمثِّل البلدة والقرية كاملتين.  

 إن انسحابنا من الفيسبوك وغوغل الآن ستكون له، بالتالي، عواقب وخيمة على حقوق الإنسان لأن من شأن ذلك إعاقة قدرتنا على نشر رسالتنا. وبكل بساطة، ليس ثمة بديل عملي آخر للوصول إلى الجمهور.

 ولهذا فإننا في الوقت الراهن، نعتبر أن الشيء الأكثر أخلاقية الذي يمكننا القيام به هو أن نكون منفتحين بشأن المأزق الذي يواجهنا، وما الذي نفعله إزاءه. وسنظل نخاطب جمهورنا بشأن هذا الأمر.

سمعت أشخاصا في صناعة الإعلانات يقولون إنه لا بديل يمكن أن يبرز عن مسألة استحواذ الفيسبوك وغوغل على السوق. الشيء الذي يتجاهله هذا القول هو أن وادي السيليكون في الولايات المتحدة قائم على رجال ونساء أعمال بدأوا مشوارهم في الكراجات الخاصة بهم. شيء آخر ربما يتم بناؤه في الشهور والسنوات المقبلة، ولاسيما إن وَفَّرت الحكومة البيئة المناسبة لذلك.

 ولابد أن يكون هذا حافزًا لشركات التكنولوجيا العملاقة حتى تتبنى الإصلاحات المطلوبة. فكانت هذه الشركات بمثابة عوامل لجلب الحرية بحيث اضطلعت بأدوار رئيسية في الإطاحة بالطغاة. لقد لعبت هذه الشركات لمدة طويلة على صفة كونها شركات ناشئة. والآن يُنظر إليها على أنها أضحت جزءا من شبكة تضم الشركات الكبرى والمصالح السياسية. وهذا سيجلب الأموال على المدى القصير، لكن هذا الأمر يتيح إمكانية دخول لاعبين جدد إلى الحلبة.

 سيكون ثمة عدة منظمات مثل منظمة العفو الدولية تحاول جاهدة فك هذا اللغز. إننا نحاول أن ننجح في المهمة الصعبة المتمثلة في الموازنة بين أداء واجبنا تجاه نشر رسالتنا بشأن حقوق الإنسان، وإنفاق المال على الشركات التي تجني أرباحا من قضايا الرقابة المثيرة للجدل. فالمخاطر المرتبطة بالسمعة تنمو مع كل فضيحة من الفضائح.

 هناك الكثير من المصالح المكتسبة من عمل شركات التكنولوجيا الكبيرة حاليا. وأخذاً في الاعتبار أنها تمارس أيضا ضغوطا واسعة على الحكومات ذاتها التي ينبغي عليها أن تتخذ إجراءات ضدها، فإن ثمة سببا وجيها يجعلنا نعتقد أنها لا تستطيع تنظيم شؤونها. ولهذا السبب أنشأنا أيضا فريق عمل يدرس الخيارات المستقبلية التي قد تُتاح لنا بغية الوصول إلى المجتمعات المحلية وإشراكها في مساعينا. نريد أن نتحدث مع الأشخاص ذوي الصلة بهذا القطاع لنُفكِّر بصوت عال وعلى نطاق واسع. يُرجى الاتصال بنا إذا اعتقدت بأنك قد تساعدنا.

 هذه مهمة صعبة إذ نقوم بذلك على مضض فيما نرفع لافتة تدعو إلى الإصلاح.

 نود أن توافونا بأفكاركم أي كيف سيكون عليه حال المشاركة العامة في السنوات القادمة؟