فلسطين: يجب على الحكومة الجديدة تصحيح وضع حقوق الإنسان المتدهور

قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على حكومة دولة فلسطين الجديدة اغتنام الفرصة لتصحيح وضع حقوق الإنسان المتدهور الذي نشأ في ظل الإدارة السابقة، وإثبات أنها جادة في الوفاء بالتزاماتها الدولية. ومن المتوقع أن يشكل محمد اشتية، رئيس الوزراء المعين حديثًا، الحكومة في الأيام المقبلة. 

منذ يونيو/حزيران 2014، عندما تولت حكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس الوزراء السابق رامي حمد الله السلطة، وثقت منظمة العفو الدولية تصاعد في انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية؛ على الرغم من انضمام دولة فلسطين إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان. وتشمل تلك الانتهاكات الاستخدام المفرط للقوة، والاعتقالات التعسفية، واستخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي تؤدي إلى الوفاة في الحجز، والقمع الشديد لحرية التعبير والمجتمع المدني.

 وقال صالح حجازي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “في السنوات الأخيرة، واجه النشطاء الفلسطينيون، والمدافعون عن حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني والصحفيون هجمة مروعة من قبل السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة. ويجب على الحكومة الفلسطينية الجديدة ألا تكرر أخطاء الماضي. فبدلاً من مهاجمة الأصوات الناقدة، يجب أن تضمن حماية سيادة القانون والحريات”.

 “ويجب أن تُبدي الحكومة الجديدة التزاماً صادقاً باحترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان من خلال اتخاذ خطوات فورية لضمان أن جميع القوانين والسياسات تحمي حقوق وحريات الأفراد الخاضعين لسلطتها”.

في الاستعراض السنوي لسجل حقوق الإنسان في فلسطين، سلطت منظمة العفو الدولية الضوء على بواعث القلق المتعلقة بانتهاكات الحقوق المدنية والسياسية، لا سيما من قبل قوات الأمن. وتشير التقارير الواردة من منظمات حقوق الإنسان المحلية، من بينها المؤسسة الوطنية الفلسطينية لحقوق الإنسان، وهي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، إلى أن عمليات الاعتقالات والاحتجاز بصورة تعسفية، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة وانتهاكات حرية التعبير والتجمع، على أيدي السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، بدأت تصبح مؤسساتية.

تنبع العديد من هذه الانتهاكات من القمع المتزايد للمعارضة في سياق النزاعات السياسية المستمرة بين الإدارات في الضفة الغربية وغزة منذ 2007. وقد وثقت منظمة العفو الدولية استهداف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية والمتظاهرين وغيرهم في الضفة الغربية الذين يعارضون سياسات الحكومة بقيادة فتح.

يجب ألا يتعرض الفلسطينيون، الذين يتم قمع حقوقهم بشكل اعتيادي على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، إلى الوحشية والقمع من قبل حكومتهم.

صالح حجازي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية

في 2017، أصدرت السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية قانون الجرائم الإلكترونية، وفرضت قيودًا مشددة على حرية وسائل الإعلام، وسمحت بالاحتجاز التعسفي والسجن لمدة تصل إلى 15 عامًا لأي شخص ينتقد السلطات الفلسطينية على الإنترنت، بما في ذلك الصحفيون والمبلغون عن التجاوزات. فبموجب القانون، يواجه أي شخص يُعتبر أنه يخل بـ “النظام العام” أو يضر بـ”الوحدة الوطنية” أو “السلام الاجتماعي” غرامات باهظة وما يصل إلى 15 عامًا بالسجن مع الأشغال الشاقة. وقد وثقت منظمة العفو الدولية عشرات حالات النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين الذين حوكموا بموجب هذا القانون في الضفة الغربية.

أما في غزة، فقد واصلت إدارة “حماس” بحكم الأمر الواقع حملات القمع على حرية التعبير والتجمع السلمي باستخدام القوة المفرطة لتفريق الاحتجاجات السلمية، والاعتقالات التعسفية والاحتجاز، ضد الأشخاص الذين ينتقدون حكمها. كما واصلت محاكم غزة إصدار أحكام بالإعدام عبر إجراءات لا تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

الإفلات من العقاب يؤجج الانتهاكات

يستمر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز على أيدي الشرطة الفلسطينية وقوات الأمن الأخرى في الضفة الغربية وشرطة حماس وقوات الأمن الأخرى في غزة، دون عقاب. وتقدر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عدد الضحايا بالمئات.

استخدمت السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل متزايد قانون عام 1954 الذي يسمح باحتجاز الأفراد دون تهمة أو محاكمة لأجل غير مسمى بناءً على أمر المحافظ الإقليمي. ففي 2018 وحده، وثقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان 201 حالة من حالات الاحتجاز هذه.

في الحالات النادرة التي اتخذت فيها السلطات الفلسطينية خطوات لمحاسبة الجناة داخل الشرطة وقوات الأمن على انتهاكات حقوق الإنسان، لجأوا إلى تدابير تأديبية بدلاً من المقاضاة الجنائية، حتى في الحالات التي يُتهم فيها المشتبه فيهم باستخدام القوة بشكل مسيء أو تعسفي.

اختتم صالح حجازي قائلاً: “إن الغياب شبه التام للمساءلة في ظل الحكومات السابقة قد أجج مناخ الإفلات من العقاب الذي شجع على استمرار استخدام القوة المفرطة، وغيرها من الانتهاكات، على أيدي الشرطة الفلسطينية وقوات الأمن الأخرى اليوم”.

“ويجب ألا يتعرض الفلسطينيون، الذين يتم قمع حقوقهم بشكل اعتيادي على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، إلى الوحشية والقمع من قبل حكومتهم. ويجب على الحكومة الجديدة اتخاذ إجراءات فعالة لتحسين وضع حقوق الإنسان لجميع أفراد شعبها”.

خلفية

في 29 يناير/كانون الثاني، قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقالة حكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس الوزراء رامي حمد الله، التي استمرت في السلطة منذ يونيو/حزيران 2014.

كانت حكومة الوفاق الوطني تتمتع بالسلطة الدنيا في قطاع غزة، والتي تحكمها إدارة حماس بحكم الأمر الواقع.

يتبع تشكيل الحكومة الجديدة قرار المحكمة الدستورية العليا في 12 ديسمبر/كانون الأول 2018 بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي تهيمن عليه حماس، وإجراء انتخابات تشريعية في غضون ستة أشهر.