قبل إصدار الحكم في قضيتهم في الأيام المقبلة، قالت منظمة العفو الدولية إن حماة الحياة البرية في إيران المتهمين بالتجسس، بعد استخدامهم كاميرات لتتبع أنواع الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض، قد يواجهون عقوبة الإعدام أو السجن أكثر من عشر سنوات.
في نهاية يناير/ كانون الثاني 2018، أُلقي القبض على العلماء الثمانية، الذين يعملون في “مؤسسة تراث الحياة البرية الفارسية”، بينما كانوا يجرون أبحاثًا حول الحيوانات المهددة بالانقراض في إيران، بما فيها الفهد الآسيوي والنمر الفارسي. وثمة أدلة على أنهم تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات طويلة من أجل انتزاع “اعترافات” قسرية منهم.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “إنه من العبث مقاضاة أولئك العلماء دون أي دليل ومعاملتهم كالمجرمين. فحماية الحياة البرية المهددة بالانقراض ليست جريمة. وهؤلاء المحافظون عليها علماء وكانوا يقومون بأبحاث مشروعة”.
” ويجب على السلطات الإيرانية إطلاق سراحهم فوراً ودون قيد أو شرط وإسقاط ما وُجه إليهم من تهم بشعة متعلقة بالتجسس”.
من العبث مقاضاة أولئك العلماء دون أي دليل ومعاملتهم كالمجرمين. فحماية الحياة البرية المهددة بالانقراض ليست جريمة. وهؤلاء المحافظون عليها علماء وكانوا يقومون بأبحاث مشروعة.
فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية
وتتهم السلطات المهتمين بالحفاظ على البيئة باستخدام المشاريع العلمية والبيئية، مثل تسجيل تحركات الفهد الآسيوي بواسطة آلات التصوير، كغطاء لجمع معلومات عسكرية سرية. على حين أن آلات التصوير أدوات معتادة يستخدمها المحافظون على البيئة في مراقبة الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.
وحماة البيئة الثمانية هم من بين تسعة علماء اعتقلهم الحرس الثوري في 24 و25 يناير/ كانون الثاني 2018. وقد توفي أحدهم، وهو کاووس سید امامی العالم والأكاديمي الكندي- الإيراني، في ظروف مثيرة للشكوك في سجن إيفين بعد أسبوعين من إلقاء القبض عليه. وزعمت السلطات أنه انتحر، ورفضت الإفراج عن جثمانه ما لم توافق عائلته على دفنه فوريا دون تشريح مستقل. وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت السلطات الإيرانية في السابق بإجراء تحقيق محايد في وفاته.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2018، تم توجيه الاتهام رسميًا إلى حماة البيئة. ووجهت إلى أربعة منهم، وهم نیلوفر بیانی وهومن جوکار ومراد طاهباز وطاهر قديريان، تهمة “الإفساد في الأرض”، وقد يُحكم عليهم بالإعدام.
كما تم توجيه تهمة التجسس كذلك إلى ثلاثة آخرين، وهم امیرحسین خالقی وسبیده کاشانی وعبدالرضا کوهپایه، وإذا أدينوا فقد يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. وعالم رابع وهو، سام رجبى، الذي وجهت إليه تهم “التعاون مع الدول المعادية للجمهورية الإسلامية” و “التآمر لارتكاب جرائم ضد الأمن القومي”. وربما يواجه ما يصل إلى 11 سنة في السجن.
إن التهم الموجهة لهؤلاء العلماء لا أساس لها أبدًا، ومردها إلى أنشطتهم السلمية في مجال المحافظة على البيئة فحسب”. وأضاف يقول: “إذا أدينوا فسيكون ذلك بمثابة استهزاء صارخ بالعدالة وضربة مدمرة للمجتمع العلمي في إيران.
فيليب لوثر
وقد ندد فيليب لوثر بذلك قائلاً: ” إن التهم الموجهة لهؤلاء العلماء لا أساس لها أبدًا، ومردها إلى أنشطتهم السلمية في مجال المحافظة على البيئة فحسب”. وأضاف يقول: “إذا أدينوا فسيكون ذلك بمثابة استهزاء صارخ بالعدالة وضربة مدمرة للمجتمع العلمي في إيران”.
“وحقيقة إن السلطات الإيرانية تضايق وترهب حماة الحياة البرية بتهم ملفقة، مثال مروع آخر على أن السلطات الإيرانية تعتبر الأنشطة السلمية ” إجرامية “. وينبغي على المجتمع الدولي أن يرفع صوته لإطلاق سراح هؤلاء العلماء على الفور.
الدليل على التعذيب وعلى جور المحاكمات
في 30 يناير/ كانون الثاني 2019، بدأت المحاكمة غير العلنية للعلماء الثمانية أمام الفرع 15 من “المحكمة الثورية” في طهران، وكانت جائرة جوراً شديداً. وعقب اعتقالهم، احتُجز المحافظون في القسم 2-A من سجن افين، تحت سيطرة “الحرس الثوري”، وذلك بمعزل عن العالم الخارجي، وبتواصل محدود للغاية مع العائلة لكن دون السماح لهم بالاتصال بمحام.
ووفقاً لمصادر موثوق بها ، أثناء إحدى الزيارات العائلية للسجن، ظهرت علامات التعذيب الجسدي على بعض الحماة، مع كسر الأسنان والكدمات الظاهرة على أجسامهم.
وطبقًا لما ذكرته مصادر مُطّلعة، فإن المحكمة اعتمدت اعتماداً شبه كامل على “اعترافات” زعم المتهمون أنها انتزعت منهم تحت التعذيب، ثم تراجعوا عنها فيما بعد، واعتمدتها المحكمة كأدلة رئيسية ضدهم.
وقالت نيلوفر بياني للمحكمة إنها لم تقم “باعتراف” إلا بعد “انهيارها” من جراء التعذيب الجسدي والنفسي وأنها تراجعت عن “اعترافها” فيما بعد. وقالت إن المحققين هددوا بضربها، وحقنها بالعقاقير المهلوسة، ونزع أظافرها واعتقال والديها. كما أظهروا لها قطعة من الورق وقالوا إنها حكم بإعدامها، وصورًا لجثة کاووس سید امامی، في تلميح أنها ستلقى مصيرًا مماثلًا.
وخلال إحدى جلسات المحاكمة، طلب منها القاضي مغادرة قاعة المحكمة لكونها “كثيرة الشغب”، بعد أن اعترضت مرارًا على أن “اعترافاتها” القسرية التي تراجعت عنها كانت تستخدم ضدها، وضد غيرها من الحماة. وأعقب ذلك عدم السماح لها بالمثول أمام المحكمة في الجلسات الثلاث الأخيرة للمحاكمة.
وليس لدى منظمة العفو الدولية علم بإجراء أي تحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وأضاف فيليب لوثر قائلاً ” إنه يجب التحقيق فوراً في هذه المزاعم الصادمة حول التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. فمن المروع أن يضطر حماة البيئة إلى مواجهة محاكمة معيبة إلى حد كبير مبنية على تهم مزيفة”.
يجب التحقيق فوراً في هذه المزاعم الصادمة حول التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. فمن المروع أن يضطر حماة البيئة إلى مواجهة محاكمة معيبة إلى حد كبير مبنية على تهم مزيفة.
فيليب لوثر
لقد حرم المحافظون من الوصول إلى محام من اختيارهم طوال فترة احتجازهم ومحاكمتهم. وحتى في أثناء المحاكمة، لم يُسمح لهم بالتحدث مع محاميهم. كما رفض القاضي طلبات سام رجبی المتكررة بأن يمثله محاميه المختار بشكل مستقل، وتركه دون تمثيل قانوني في المحكمة.
في مايو/ أيار 2018، نظرت لجنة حكومية مكونة من وزراء الاستخبارات والداخلية والعدل ونائب الرئيس القانوني في احتجاز حماة البيئة، وخلصت إلى أنه لا يوجد دليل يشير إلى أنهم جواسيس. وقد دعا عدد من كبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية، بما في ذلك من دائرة البيئة، إلى إطلاق سراح العلماء مرجعين ذلك إلى نقص الأدلة ضدهم.