تحديث: أعدم محمد سالاس على أيدي السلطات الإيرانية فجر 18 يونيو/حزيران 2018
قالت منظمة العفو الدولية رداً على إعدام محمد سالاس، وهو رجل يبلغ من العمر 51 عاماً من أحد أكبر الطريق الصوفية في إيران، وهي الأقلية الدينية غونابادي درويش:
“تدين منظمة العفو الدولية، بأقوى العبارات، إعدام محمد سالاس، الذي نُفذ على الرغم من بواعث القلق البالغة بشأن المحاكمة الجائرة”.
تدين منظمة العفو الدولية، بأقوى العبارات، إعدام محمد سالاس، الذي نُفذ على الرغم من بواعث القلق البالغة بشأن المحاكمة الجائرة
“فلدى السلطات الإيرانية سجل مؤسف عندما يتعلق الأمر باستخدام عقوبة الإعدام. فعملية الإعدام هذه بمثابة استهزاء مشين بالعدالة، ومنافية للضمير. إنها استجابة للغضب الشعبي العارم في البلاد، وأخذً بالثأر وليس تحقيقا للعدالة.
لقد واجه محمد سالاس محاكمة جائرة، وقال إنه أُجبر تحت وطأة التعذيب على تقديم “اعتراف” ضد نفسه. وقد تم بث هذا “الاعتراف”، المأخوذ بينما هو في سريره بالمستشفى، على التلفزيون الحكومي قبل أسابيع من محاكمته، واستخدم كدليل وحيد لإدانته. ولم يُسمح له، في أي وقت، بالاتصال بمحاميه الذي اختاره بنفسه، قبل أو أثناء محاكمته، كما أن مطالب محاميه المستقل المتكررة للسلطات بالسماح بتقديم أدلة حاسمة تشير إلى براءته تم رفضها تماماً.
وبعد إعدام محمد سالاس في سجن رجائي شهر فجر هذا الصباح، أخذت السلطات جثمانه لدفنه في بروجرد، محافظة لوريستان، على بعد مئات الكيلومترات من حيث يعيش أطفاله وأمه، وعلى الرغم من احتجاجاتهم كي يتم دفنه في طهران؛ قامت السلطات بدفنه في بروجرد دون حضور عائلته، وتحت حراسة قوات الأمن. كما رفضت طلب الأسرة بأن يفحص الطبيب الشرعي جثة محمد سالاس لتحديد الجروح التي تكبدها بسبب التعذيب الذي قال إنه تعرض له.
أدناه الرد الأولي من منظمة العفو الدولية على الإعدام الوشيك لمحمد سالاس
قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على السلطات الإيرانية أن توقف بشكل عاجل الإعدام الوشيك لمحمد سالاس، وهو رجل يبلغ من العمر 51 عاماً من أحد أكبر الطرق الصوفية في إيران، وهي طريقة نعمة الله غونابادي، وأن تُسقط فوراً حكم الإعدام الصادر ضده.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد ببرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “لقد تلقت منظمة العفو الدولية معلومات تشير إلى حدوث إخفاق كبير للعدالة في حالة تنفيذ السلطات الإيرانية لحكم الإعدام هذا. وإننا ندعو السلطات إلى إلغاء حكم الإعدام الصادر بحق محمد سالاس، وإصدار أمر بإعادة محاكمته محاكمة تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام”.
ففي مساء 16 يونيو/ حزيران، اتصلت سلطات السجن بعائلة محمد سالاس وطلبت منهم الذهاب إلى سجن رجائي شهر في مدينة كرج، بالقرب من طهران، لزيارته للمرة الأخيرة في الساعة الثالثة والنصف مساءً بالتوقيت المحلي في 17 يونيو/ حزيران. وهذا يشير إلى أن إعدامه قد أصبح وشيكاً، وقد ينفذ خلال أيام إن لم يكن ساعات.
في 19 مارس/آذار 2018، وإثر محاكمة بالغة الجور، حكم على محمد سالاس بالإعدام بعد أن وجد القاضي أنه مذنب بقتل ثلاثة من ضباط الشرطة خلال مظاهرة نظمتها جماعة غونابادي درويش الدينية، وهي أقلية مضطهدة في إيران.
وكان الدليل الوحيد الذي استُخدم لإدانته هو “اعتراف” قال محمد سالاس إنه تم انتزاعه بالقوة بعد أن تعرض للضرب المبرح على أيدي ضباط الشرطة. ومنذ ذلك الحين تراجع عن “اعترافه” وقال محاميه إن هناك أدلة جديدة تشير إلى براءته. ومع ذلك، رفضت المحكمة العليا طلبه بإجراء مراجعة قضائية.
وتحولت الاحتجاجات التي جرت في 19 فبراير/ شباط 2018 إلى أعمال عنف بعد لجوء قوات الأمن إلى التعدي بالضرب واستخدام الذخيرة الحية ومدافع المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وقد قتل ثلاثة من ضباط الشرطة، وهم رضا إمامي ومحمد علي بيرامي ورضا مرادي ألمدار، بعد أن دهستهم حافلة في وقت مبكر من المساء حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً. ووفقاً لمحمد سالاس والعديد من شهود العيان، فقد تم اعتقاله ما بين الساعة الثانية والنصف بعد الظهر والساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، واتُّهم بقتلهم.
وأضاف فيليب قائلاً: “بسبب استعجال السلطات لتحقيق العدالة، فقد داست على جميع حقوق هذا الرجل، من خلال عدم السماح له بالاتصال بمحام قبل وأثناء محاكمته، ورفض شهود الدفاع الرئيسيين الذين يمكنهم أن يشهدوا أنه كان رهن الاحتجاز عندما قُتل رجال الشرطة الثلاثة، ويبدو أن السلطات كانت مهتمة أكثر بأخذ الثأر بأي ثمن بدلاً من تحقيق العدالة “.
“لقد كشفت هذه الحالة عن العيوب التي يتسم بها نظام العدالة الجنائي الإيراني ليراها الجميع. وندعو المجتمع الدولي إلى بذل كل ما في وسعه لوقف إعدام محمد سالاس.
“واختتم لوثر قائلاً: “وإذا نفذت السلطات الإيرانية تنفيذ حكم الإعدام هذا بعد محاكمة بالغة الجور، حيث كان الدليل الوحيد هو” اعتراف “قسري تم انتزاعه تحت وطأة التعذيب ، فسيكون هذا فعلًا بشعاً حقًا”.
خلفية
في حوالي الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر في 19 فبراير/ شباط، ألقي القبض على محمد سالاس خارج أحد مراكز الشرطة حيث تجمع الآلاف من محتجي جماعة غونابادي درويش للاحتجاج السلمي على اضطهاد الجماعة في إيران.
وقال سالاس ، وهو سائق حافلة بحكم المهنة، إنه تعرض للضرب مراراً في مركز الشرطة حيث كان محتجزاً لعدة ساعات. وقال إنه سمع أحد رجال الشرطة يأمر الآخرين “بضربه حتى يموت”. وتم نقله في نهاية الأمر فاقد الوعي إلى المستشفى لعلاج جروحه، والتي شملت جروحاً في الرأس، تتطلب غرزاً، وأسناناً مكسورة، وكسور في الأضلاع، وكسر في الأنف، وفقدان جزئي للرؤية.
لقد استيقظ سالاس بعد ان تملكه الخوف والشعور بالارتباك والخمول بعد تعرضه للتعذيب، ليجد محقق الشرطة بجانب سريره، وأجبره على التوقيع على بيان مكتوب مسبقًا “يعترف” بجرائم القتل. ولم يتمكن سالاس من قراءة البيان لأن لديه معرفة محدودة بالقراءة والكتابة ولا يمكنه القراءة بدون نظارته. وقد تم التحقيق دون وجود محام.
ثم وضع رجل آخر، كان في الغرفة أيضاً، كاميرا وميكروفون أمام سالاس وسأله عن سبب قيامه بقتل رجال الشرطة الثلاثة. وبث فيديو “اعترافه” على وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، في 20 فبراير/شباط، في اليوم التالي لإلقاء القبض عليه.
ونُقل فيما بعد إلى مركز احتجاز شابور في طهران، الذي تديره وحدة التحقيق التابعة للشرطة الإيرانية، التي تشتهر بانتزاع “الاعترافات” تحت وطأة التعذيب، حيث كان محتجزاً في الحبس الانفرادي دون الاتصال بعائلته أو محاميه.
وفي 1 مارس/آذار 2018، أي قبل أسابيع من بدء محاكمة سالاس، قال قائد شرطة طهران و”حرس الثورة”، اللواء حسين رحيمي، في مقابلة مع المعهد الوطني للإصلاح والتعمير، إن محمد سالاس سيُعدم بسبب قتله رجال الشرطة، وبذلك فقد انتهك الحق في افتراض البراءة.
وقال سالاس إنه تعرض للضرب في مركز احتجاز أغاهي وأجبر على “الاعتراف” في المحكمة بأنه قتل رجال الشرطة. وقال إن الضرب الذي تعرض له كان شديدًا لدرجة أن أحد أصابعه قد كسر.
وفي خلال المحاكمة، بثت وكالات الأنباء الحكومية مقاطع مختارة من قاعة المحكمة، وحاولت تشويه شخصية محمد سالاس باستخدام تفاصيل حول حياته الشخصية، وأظهرت مقابلات مع أفراد عائلات رجال الشرطة الذين قتلوا يطالبون بالقصاص منه وإعدامه.
وفي جلسة المحاكمة النهائية في 18 مارس/آذار 2018، تراجع سالاس عن “اعترافه”، وقال إنه “اعترف” فقط لأنه تعرض للتعذيب والتهديد. ونفى مقتل رجال الشرطة، وقال إنه كان رهن الاعتقال والاحتجاز، مع وجود العديد من الشهود، عندما قُتلوا.
ووفقاً للمعلومات التي تلقتها منظمة العفو الدولية، فهناك العديد من الشهود، الذين قُبض على بعضهم أثناء الاحتجاج، وكانوا مستعدين لتقديم شهاداتهم لدعم ما قاله محمد سالاس. ووفقاً لمحاميه، زعم شهود جدد أيضاً أن الشخص الذي كان يقود العربة التي دارت على رجال الشرطة كان شاباً.
ولم يُسمح لمحمد سالاس في أي وقت أن يوكل محام من اختياره، رغم أن أسرته احتفظت بمحام لتمثيله. وفي المحاكمة، لم يأمر القاضي بإجراء أي تحقيقات في ادعاءاته بالتعذيب، ولم يسمح لأي من الشهود الذين يمكنهم الشهادة نيابة عن سالاس بالقيام بذلك.
وبدلاً من ذلك، ففي 19 مارس / آذار، استُخدم “الاعتراف” الذي أدلى به محمد سالاس في سريره في المستشفى، وأدانه الفرع 9 من المحكمة الجنائية في طهران سالاس بالقتل، وحكم عليه بالإعدام. وأيدت المحكمة العليا حكم الإدانة، ورفضت في وقت لاحق طلب إجراء مراجعة قضائية لقضيته. وسيقدم محاميه طلباً ثانياً لمراجعة قضائية إلى الفرع 35 من المحكمة العليا في 17 يونيو/حزيران 2018.
يعتبر جماعة غونابادي درويش في إيران أنفسهم من المسلمين الشيعة، وإنهم صوفيون لا يعتبرون الصوفية ديناً أو طائفة؛ بل هي طريقة حياة يمكن للناس – من أي دين – يعرفوا الله من خلالها. ومع ذلك، فإن المرشد الأعلى في إيران والشخصيات المؤثرة يعتبران معتقداتهم “تصوفاً خاطئاً”. ونتيجة لذلك، واجهت الجماعة التمييز والمضايقة والاعتقال التعسفي والاحتجاز والسجن وأحكام بالجلد، والاعتداءات على مواقعهم المقدسة أو المهمة.
وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات دون استثناء بغض النظرعن طبيعة الجريمة أو ظروفها؛ الشعور بالذنب أو البراءة أو خصائص أخرى للفرد؛ أو الطريقة المستخدمة من قبل الدولة لتنفيذ عملية الإعدام. تقوم المنظمة بحملات لإلغاء عقوبة الإعدام بشكل تام.