سوريا: يُعتبر قطع رأس صحفي أمريكي بمثابة جريمة حرب تبرز المخاطر المروعة التي يتعرض الصحفيون لها

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن قيام جماعة الدولة الإسلامية المسلحة بإعدام صحفي أمريكي كان في عداد المفقودين داخل سوريا يشكل جريمة حرب تبرز مدى الحاجة الملحة إلى تحرك جميع الدول التي تتمتع بنفوذ في المنطقة كي تضمن الإفراج عن باقي الصحفيين المفقودين.

وفي شريط فيديو رفعه تنظيم الدولة الإسلامية (الذي كان يُعرف سابقا باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”) على شبكة الإنترنت، يظهر ما يُزعم أن الصحفي الحر جيمس فولي اثناء قطع رأسه انتقاما على ما يبدو من الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية في شمال العراق.

وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، سعيد بوميدوحة: “يُعتبر شريط الفيديو المروع هذا، إن ثبتت صحته، ضربة مدمرة لأحباء جيمس فولي، ومرعبا لعائلته وأصدقائه وزملاء غيره من الصحفيين الذين لا زالوا مفقودين في سوريا وشمال العراق، ويُخشى أنهم قد وقعوا في قبضة مقاتلي الدولة الإسلامية”.

وأردف بوميدوحة القول: “إنها جريمة حرب، ويجب أن يُجلب من نفذوها ومن أصدر الأوامر بتنفيذها للمثول أمام القضاء”.

وأضاف أيضا: “يتعين على جميع البلدان المتحاربة وغيرها ممن لها مصالح في المنطقة أن تسخر جميع الوسائل الديبلوماسية الممكنة لضمان عدم مقتل المزيد من الصحفيين الذين يؤدون واجبهم – أو غيرهم ممن يقومون بأعمال مشروعة في المنطقة”.

وفي الشريط المعنون “رسالة إلى أمريكا” يظهر رجل حُددت هويته على أنه الصحفي الأمريكي جيمس فولي يقول أنه يواجه الإعدام بسبب قيام حكومة الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف تابعة للدولة الإسلامية في العراق.

وقال مسلح مقنع قدم نفسه على أنه من عناصر الدولة الإسلامية أن الولايات المتحدة كانت “في مقدم الذين شنوا العدوان على الدولة الإسلامية” قبل أن يقوم بقطع رأس فولي على ما يظهر.

كما زعم المسلحون أنهم يحتجزون صحفيا أميركيا آخرا يُدعى ستيفن سوتلوف، وصرحوا أن حياته تعتمد على الحركة القادمة التي يأتي بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

وأضاف بوميدوحة قائلا: “إن الإيحاء في شريط الفيديو بأن الصحفيين يُستهدفون انتقاما من ضلوع حكومة الولايات المتحدة في العراق لهو أمر جدّ مقلق ويزيد من المخاوف على سلامة الرهائن الآخرين”.

واختتم بوميدوحة تعليقه قائلا: “إن الصحفيين، كغيرهم من المدنيين، هم مجرد مراقبين في النزاعات المسلحة ويجب توفير الحماية لهم من التعرض لأي أذى بدلا من أن يتم استهدافهم دون غيرهم في عمليات قتل وحشية”.

ويُذكر أن جيمس فولي (39 عاما) قد اختُطف في تفتناز بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012. وسبق له الدخول إلى سورية عدة مرات في الأشهر التي سبقت تعرضه للاختطاف من أجل تغطية أخبار النزاع فيها.

ونُشرت التقارير التي أعدها فولي في منافذ إعلامية مختلفة، بما في ذلك الموقع الإخباري الأمريكي الإلكتروني “غلوبال بوست” ووكالة الأنباء الفرنسية (AFP)

ووفق روايات شهود العيان التي نُقلت إلى عائلته، كان جيمس فولي يستقل سيارة متوجهة إلى الحدود التركية كي يغادر سوريا قبل أن يستوقفه مسلحون مجهولون في سيارة لا تحمل علامات فارقة.

وفي 21 يناير/ كانون الثاني 2013، صرحت وكالة الأنباء الفرنسية أنها سلمت وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، رسالة تطلب فيها تقديم المساعدة في العثور على جيمس فولي. وقالت الوكالة أن الوزير قد وعدها بالقيام بما هو ممكن ولكن “الظروف صعبة” في المنطقة التي فُقد فولي فيها.

ويُذكر أن الأجانب، بما في ذلك الصحفيون وموظفو المنظمات الدولية والرموز الدينية، هم ضمن طائفة واسعة من الأشخاص الذين تستهدفهم الدولة الإسلامية بالاختطاف والحجز التعسفي.

وعلى صعيد متصل، تعبر منظمة العفو الدولية عن قلقها على سلامة المحامي السوري البارز في حقوق الإنسان، عبد الله الخليل، الذي لطالما كان أحد معارف المنظمة ومصادرها، والذي يُعتقد أنه محتجز لدى الدولة الإسلامية عقب اختطافه على ما يبدو من مكتبه في مدينة الرقة شمال شرقي سورية في مايو/ أيار 2013.

كما سبق لقوات الدولة الإسلامية وأن استهدفت أشخاصا محليين يُشتبه بتنظيمهم احتجاجات ومعارضتهم لحكم الدولة الإسلامية، بما في ذلك بعض ناشطي المجتمع المحلي وأعضاء المجالس المحلية التي استُحدثت لتقديم الخدمات للسكان عقب انسحاب قوات النظام السوري.

كما استهدفت جماعة الدولة الإسلامية أشخاصا يُشتبه بارتكابهم جرائم عادية من قبيل السرقة أو القتل بالإضافة إلى آخرين متهمين بانتهاك حدود شرعية من قبيل الزنا وشرب الخمر.

ولقد ارتكبت الدولة الإسلامية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترقى إلى مصاف جرائم حرب ولربما جرائم ضد الإنسانية في سنجار والموصل وغيرهما من مناطق شمال غرب العراق منذ التقدم الذي أحرزته قواتها هناك في يونيو/ حزيران 2014.