تزايد أعمال العنف بعد الانتخابات في زمبابوي

ليس لدى أهالي زمبابوي الكثير مما يحتفلون به يوم الجمعة الذي يصادف الذكرى الثامنة والعشرين لاستقلال بلادهم. فمنذ ذهاب أهالي البلاد إلى صناديق الاقتراع في 29 مارس/آذار 2008، أي قبل نحو ثلاثة أسابيع، فإن نتائج الانتخابات الرئاسية لم تعلن بعد، كما تزايد عدد الهجمات العنيفة ضد أنصار المعارضة.

وقد تلقت منظمة العفو الدولية أنباء مؤكدة عن مقتل شخص وإصابة أكثر من 240 آخرين بجروح نتيجة لأعمال العنف التي اندلعت في زمبابوي بعد الانتخابات برعاية الدولة. ومن بين هؤلاء الجرحى لايزال هناك 18 شخصاً في المستشفى يعانون من إصابات بليغة. وازداد عدد الإصابات بشكل حاد منذ دعوة الحركة من أجل التغيير الديمقراطي المعارضة إلى إضراب عام يوم الثلاثاء، 15 أبريل/نيسان. وقد سُجلت 42 حالة لأشخاص تلقوا المعالجة في يوم 17 أبريل/نيسان وحده.

ومنذ 14 أبريل/نيسان قُبض على ما لا يقل عن 150 شخصاً، وهم معتقلون حالياً في مركز شرطة هراري وحده.

ويبدو أن العنف كان موجهاً إلى النشطاء من مؤازري الحركة من أجل التغيير الديمقراطي وأفراد عائلاتهم، ولا سيما أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية والضواحي ذات الدخل المحدود، حيث يبدو أن الحركة من أجل التغيير الديمقراطي حصلت على عدد أصوات أكبر مما حصل عليه الحزب الحاكم، وهو الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي- الجبهة الوطنية. وقد وقع الأثر الأسوأ لأعمال العنف على سكان إقليمي مشونالاند الشرقي والغربي، كما أن أعداد حوادث العنف في هراري بازدياد.

وتحدَّث الضحايا عن تلقي نهديدات بالقتل ما لم يقوموا بالتصويت “بشكل صحيح” في جولة ثانية للانتخاب إذا ما تبيَّن أنه لا يوجد فائز بشكل حاسم في الانتخابات الرئاسية.

وشهد العديد من المصابين عمليات هدم منازلهم وإتلاف احتياطي غذائهم وإبادة مواشيهم، وباتوا الآن مهجَّرين. كما وردت أنباء عن إحراق مئات المساكن والمزارع في إقليمي منيكالاند ومشوانالاند الشرقي. ومن بين مرتكبي أعمال العنف من يُسمون بـ “المحاربين القدامى” وأنصار الحزب الحاكم، بالإضافة إلى أفراد الشرطة والجيش. ويُتهم الفاعلون التابعون للدولة بالعمل جنباً إلى جنب مع أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي-الجبهة الوطنية. وقد تم اختطاف أشخاص من منازلهم على أيدي أفراد من الجيش، يرتدون بزات عسكرية وملابس مدنية، فضلاً عن مؤازري الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي-الجبهة الوطنية.

وفي 13 أبريل/نيسان ذكرت أنباء محلية أن أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي- الجبهة الوطنية قاموا بطعن أحد نشطاء الحركة من أجل التغيير الديمقراطي في مشونالاند الغربي حتى الموت خارج منـزله. وذكر شقيقه البالغ من العمر 58 عاماً، وهو عضو في الحركة نفسها من إقليم مشونالاند الغربي كذلك، أن ثلاث مجموعات تتألف من نحو 60 شخصاً من أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي – الجبهة الوطنية جاءوا إلى منـزله وبدأوا بإلقاء الحجارة عليه، وطلبوا منه الخروج لأنهم كانوا يريدون “فرزه”.

وعلى الرغم من أن تسعة من أعضاء الحركة من أجل التغيير الديمقراطي تجمعوا في منـزله وردَّوا عليهم بالحجارة، فإن عدد المهاجمين كان يفوق عددهم. وتمكّن أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي-الجبهة الوطنية من الوصول إلى المنـزل واختطاف شقيقه.
وطُعن شقيقه طعنتين بسكين، ففارق الحياة على الفور، بينما أُصيب هو بجراح خطيرة، مما استوجب إدخاله المستشفى. وقد أُبلغت الشرطة بالحادثة، ولكنها قالت إنها تخشى التدخل في القضية بحسب ما ذُكر.

في ليل 30 مارس/آذار 2008، قام أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي -الجبهة الوطنية بإيقاظ امرأة في الحادية والعشرين من العمر في هراري، وهي من نشطاء الحركة من أجل التغيير الديمقراطي، من نومها، بعد أن احتفلت بانتصار ممثلي الحركة في الانتخابات. وقد اقتادها أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي -الجبهة الوطنية من منـزلها واعتدوا عليها باستخدام القبضات الشديدة والسياط.
وفي 9 أبريل/نيسان، ذكر رجل في الثلاثين من العمر في إقليم مشونالاند الشرقي أن مجموعة من “المحاربين القدامى” أحرقوا ثلاثة منازل في حوالي الساعة 11 مساءً. وكان السكان قد تلقوا في السابق خبراً تحذيرياً مفاده أن ذلك الهجوم سيقع، فلاذوا بالفرار إلى الغابة.
وفي إحدى الحالات ، اختُطف تسعة أشخاص من منطقة سكنية في هراري أثناء مشاركتهم في تشييع جنازة على أيدي أفراد من وحدة الدعم التابعة لشرطة جمهورية زمبابوي وآخرين يُشتبه في أنهم من أفراد الجيش الوطني لزمبابوي كانوا يرتدون ملابس مدنية.
في 16 أبريل/ نيسان، اختُطف 22 شخصاً على أيدي الجنود وأنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي-الجبهة الوطنية من منازلهم في ضاحية ذات كثافة سكانية عالية خارج وسط مدينة هراري، وذلك خلال ساعات الصباح الأولى. وتعرَّض بعض الأشخاص للركل بالأقدام والضرب بالأيدي على جميع أنحاء أجسادهم.

وفي بعض الحالات فُتحت الأبواب عنوةً لتمكين أنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي – الجبهة الوطنية وأفراد الجيش من دخول منازل الضحايا. ولم يتم إبلاغ الضحايا بالتهم الموجّهة إليهم، سواء عند القبض عليهم أو بعد اقتيادهم إلى مراكز الشرطة.

وفي بيان نُشر في الصحف في نحو سبعة من بلدان أفريقيا الجنوبية حول عيد استقلال زمبابوي، ناشدت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية الرئيس روبرت موغابي بصفته رئيساً للدولة وزعيماً للحزب الحاكم، أي الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي- الجبهة الوطنية، إلى شجب جميع انتهاكات حقوق الإنسان ووضع حد لها، بما فيها الهجمات العنيفة التي يشنها الجنود وأفراد الشرطة و”المحاربون القدامى” وأنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي – الجبهة الوطنية.

كما وجهت آيرين خان مناشداتها إلى كل من المفوض العام للشرطة وقائد الجيش الوطني قي زمبابوي ورئيس “رابطة المحاربين القدامى للتحرير الوطني لزمبابوي”.

 وحثت الأمينة العامة للمنظمة زعماء بلدان أفريقيا الجنوبية على مضاعفة جهودهم الدبلوماسية من أجل تفادي حدوث المزيد من التدهور في أوضاع حقوق الإنسان على أيدي أفراد مؤسسات الأمن التابعة للدولة و”المحاربين القدامى” وأنصار الاتحاد الوطني الأفريقي في زمبابوي-الجبهة الوطنية، والإعراب عن قلقهم بشأن تلك الانتهاكات.