الثاني: قضية مكافحة الزواج المبكر والقسري في مالي

في عام 2009، صاغت الجمعية الوطنية في مالي قانونًا جديدًا للأحوال الشخصية والأسرة بهدف تحديث تشريعاتها. ورغم ترحيب المدافعين عن حقوق الإنسان بهذا القانون، إلا أنه واجه معارضة شديدة من جانب المنظمات الإسلامية. وتحت هذا الضغط، وُلدت نسخة جديدة اعتمدتها الجمعية الوطنية وأصدرها رئيس الدولة عام 2011.

يسمح هذا القانون بزواج الفتيات منذ سن الـ 16والـ 15 في ظروف معينة. بالإضافة إلى ذلك، يعترف القانون بصلاحية الزيجات الدينية التي يمكن إجراؤها بدون موافقة الأشخاص المعنيين، وأحيانًا بين قاصرين، وأحيانًا بدون حضورهم مراسم الزواج.

أيضًا بموجب هذا القانون، تنطبق الشريعة الإسلامية والأعراف على مسائل الميراث، ما يعني حصول النساء على نصف الميراث الممنوح للرجال الورثة، وعدم منح الأطفال المولودين خارج إطار الزواج الميراث إلا متى يصرّح الوالدان بذلك قبل وفاتهم.

في هذا الإطار، عبّر كل من جمعية تقدم المرأة والدفاع عن حقوقها (APDF)، وهي منظمة غير حكومية في مالي، ومعهد حقوق الإنسان والتنمية في إفريقيا (IHRDA)، وهو منظمة غير حكومية إفريقية، عن مخاوفهما إزاء قانون 2011، وأخذا يبحثان عن سبل للطعن في هذا النص. ولكن ما من آليات في مالي للطعن في القوانين المعتمدة في البرلمان، حتى لو تعارضت هذه القوانين مع الدستور أو المعاهدات التي صادق عليها البلد. لذا قدمت هاتان المنظمتان شكوى مباشرة إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب للتنديد بانتهاكات حقوق المرأة والطفل الناجمة عن هذا القانون في مالي.

في حكمها الصادر في 11 مايو/أيار 2018، خلصت المحكمة الأفريقية إلى أن الحد الأدنى لسن الزواج يجب أن يكون 18 للرجال والنساء، وأن الموافقة الحرة للمعنيين يجب أن تكون إلزامية، وأنه يجب حماية حق النساء والأطفال جميعهم في الحصول على الميراث بعيدًا عن أي نوع من أنواع التمييز. من هذا المنطلق، ذكّر القضاة بأنه من خلال تصديق مالي على بروتوكول مابوتو بشأن حقوق المرأة والميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهه، وافقت على الالتزام بالقضاء على الممارسات والتقاليد التي تقوض حقوق المرأة والطفل – في حين أن هذا القانون، على العكس تمامًا، يديمها.

من هنا، أمهلت المحكمة الأفريقية مالي عامين لتعديل قانونها بشكل يتوافق مع التزاماتها الدولية، فضلًا عن اتخاذ تدابير لتعريف السكان وتثقيفهم وتوعيتهم بشأن هذه القضايا. فيمكن لحكمٍ من هذا النوع تغيير حياة الآلاف من النساء والفتيات والفتيان في مالي، حتى يتسنى للجميع التمتع بحقهم في عدم الزواج قبل بلوغهم سن الرشد، واختيار شركائهم في الحياة بحرية، والحصول على الميراث بطريقة عادلة.

[بعد صدور الحكم: لم يتم تعديل القانون بعد للأسف.]