بعد مرور عام على إطلاق سراح هكمادا ما الذي تغيَّر بالنسبة للنـزلاء المحكومين بالإعدام في اليابان؟

بقلم: هيروكا شوجي، الباحثة في شؤون شرق آسيا

قبل سنة واحدة بالضبط من اليوم، خرج هكمادا إيواو من مركز الاعتقال في طوكيو بعد أن قررت محكمة المقاطعة إطلاق سراحه مؤقتاً وإعادة محاكمته. وكان هكمادو- وهو السجين الذي قضى أطول مدة في السجن بين المحكومين بالإعدام في العالم أجمع- قد أمضى أكثر من نصف عمره في سجن المحكوم عليهم بالإعدام. وقد استندت إدانته إلى “اعتراف” أدلى به تحت وطأة التعذيب المتكرر وبناء على أدلة قضت المحكمة بأنها ربما تكون ملفقة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن هذه القضية الذائعة الصيت هزَّت ثقة الناس في أنظمة السجون والعدالة اليابانية، فإنه لم يحدث تغيُّر يُذكر بعد مرور عام على إطلاق سراحه. ولا يزال نظام العدالة الجنائية اليابانية مشوب بالمثالب الخطيرة، ولا تزال أوضاع المحكوم عليهم بالإعدام غير إنسانية.

بعد قضاء ما يربو على 45 عاماً في زنزانة انفرادية مساحتها خمسة أمتار مربعة، غادر هكمادا سجنه مصاباً بمرض عقلي

هيروكا شوجي، الباحثة في شؤون شرق آسيا فى منظمة العفو الدولية

الحبس الانفرادي

وعندما خرج هكمادا من غياهب السجن إلى أضواء وسائل الإعلام في 27 مارس/آذار من العام الماضي، لم تلتقط عدسات الأخبار صورة للبهجة والفرح، وإنما صورة لرجل عجوز منحني الظهر قليلاً، ولا تظهر على محياه أية تعبيرات. فبعد قضاء ما يربو على 45 عاماً في زنزانة انفرادية مساحتها خمسة أمتار مربعة، غادر هكمادا سجنه مصاباً بمرض عقلي. فهو يقول كلاماً لا معنى له، وغالباً ما يلجأ إلى الانطواء. وفي أوقات أخرى ينفجر غاضباً على نحو مفاجئ.

وكان هكمادا قد بدأ يُظهر اضطراباً في التفكير والسلوك في الثمانينيات من القرن المنصرم، عندما أيَّدت المحكمة العليا حكم الإعدام بحقه. وقال محاميه إنه كان من الصعب التواصل معه، مما جعل الاجتماعات معه غير فعالة. كما أن أحاديثه مع شقيقته هيديكو والرسائل التي كتبها لها أظهرت تفكيراً مضطرباً.

في اليابان يتم عزل السجناء المحكومين بالإعدام عن العالم الخارجي، الذي يعني، بالإضافة إلى الحبس الانفرادي، قلة الاتصال بأفراد العائلة. وقد عاش هكمادا في ظل هذه الظروف عقوداً عدة، وليس سنوات فحسب.

تنص القوانين والمعايير الدولية بوضوح على أنه لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية أو ذهنية

هيروكا شوجي

تجاهل الصحة العقلية

بيد أن هكمادا ليس النـزيل الوحيد الذي أُصيب بمرض عقلي أثناء وجوده في سجن المحكوم عليهم بالإعدام. فقد شهد ماتسوموتو كينجي، الذي يواجه الإعدام منذ عام 1993، تدهور حالته العقلية أثناء فترة احتجازه، فضلاً عن الإعاقة العقلية التي وُلدت معه.

وشأنه شأن هكمادا، بدأ ماتسوموتو يُظهر علامات أفكار غير عقلانية عقب اعتقاله. وفي عام 2008 قال أحد الداعمين له إنه تلقى منه رسالة ادعى فيها أنه حصل على جائزة مالية من رئيس الوزراء الياباني وأخرى من رئيس الولايات المتحدة، وهما حادثتان لم تقعا مطلقاً. وبسبب إعاقته العقلية قال محاموه إنه غير قادر على فهم الإجراءات القانونية المتعلقة بقضيته والمشاركة فيها، ولا يستطيع مساعدتهم في إعداد مرافعات الاستئناف دفاعاً عنه.

من غير المقبول مطلقاً أن تقْدم دولة ما على قتل مواطنيها

هكمادا إيواو

وتنص القوانين والمعايير الدولية بوضوح على أنه لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية أو ذهنية. ومع ذلك لا تتوفر في اليابان ضمانات فعالة لمنع استخدام هذه العقوبة، ولذا فإن سجناء مثل ماتسوموتو، ممن يعانون من إعاقات ذهنية أصلاً يمكن أن يُحكم عليهم بالإعدام. وظلت أوضاع السجن التي ألحقت الكثير من الأذى بالصحة العقلية لكل من هكمادا وماتسوموتو بلا أي تغيير.

الحاجة إلى التغيير

قال هكمادا في بيان عام أدلى به عقب إطلاق سراحه: “من غير المقبول مطلقاً أن تقْدم دولة ما على قتل مواطنيها.”

وتثير قضيته أسئلة قوية. فعلى سبيل المثال، هل يمكن تبرير وضع شخص ما خلف قضبان زنزانة صغيرة منفرداً لعدة عقود؟ وهل يكفل نظام العدالة الجنائية اليابانية في حالته الراهنة محاكمات عادلة ويوفر ضمانات كافية ضد الاعترافات القسرية؟ وإذا كان خطر إعدام شخص بريء موجوداً دائماً، هل ستكون هناك ضمانات كافية ضد وقوع ذلك؟ إن التجارب المستمدة من أغلبية بلدان العالم تُظهر أن الجواب هو لا.

في العام الماضي أظهر هكمادا علامات على حدوث تحسن. فقد أصبح الآن أكثر انفتاحاً على التحدث مع شقيقته هيديكو التي يعيش معها في شيزوكا باليابان. بل إن ابتسامة أخذت ترتسم على شفتيه في بعض الأحيان.

ولا تزال قضية هكمادا في أروقة المحكمة العليا بانتظار صدور حكم بشأن إعادة محاكمته. ولكنه الآن موجود في منـزله. وينبغي التأكد من إجراء إصلاحات في نظام العدالة وإدخال تحسينات على أوضاع المحكومين بالإعدام، بيد أن التغيير النهائي يجب أن يتمثل في وضع حد لعقوبة الإعدام. ويحدوني الأمل في ألا تأتي الإصلاحات في اليابان بعد فوات الأوان بالنسبة ماتسوموتو وغيره ممن لا يزالون محكومين بالإعدام.

يمكن الاطلاع على أرقام منظمة العفو الدولية بشأن عقوبة الإعدام لعام 2014 في 1 أبريل/نيسان. كما يمكن الاطلاع على المزيد من عمل المنظمة في مجال عقوبة الإعدام.