مصر: أطلقوا سراح صحفي يواجه محاكمة عسكرية لقيامه بتغطية أحداث سيناء

صرحت منظمة العفو الدولية أنه يجب أن يتم فوراً ودون شروط إخلاء سبيل صحفي مصري يواجه محاكمة عسكرية جائرة عقب قيامه بتغطية أخبار أحداث سيناء, عشية انعقاد إحدى جلسات قضيته يوم الأحد. وتعتقد المنظمة أن مقاضاة الصحفي أحمد أبو دراع البالغ من العمر 38 تجري لقيامه بالتشكيك في تفاصيل الرواية التي ينشرها الجيش حول عملياته في منطقة شمال سيناء المضطربة.  ويُذكر أن الصحفي هو والد لطفلين وسبق له الفوز بجائزة صحفية.  وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: “يسدد قرار السلطات بمحاكمة صحفي مدني أمام محكمة عسكرية ضربة قاسية للحريات الصحفية وحقوق الإنسان في مصر”؛ مضيفةً في الوقت نفسه أن “المحاكمات التي تعقدها المحاكم العسكرية المصرية معروفة بجوْرها، ناهيك عن أن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية هو أمر يخالف المعايير الدولية المرعية في هذا المجال”. ويُتهم أحمد أبو دراع الذي يعمل مراسلاً لصحيفة “المصري اليوم” بنشر معلومات كاذبة، ودخول منطقة عسكرية محظورة دون تصريح.  ولقد أُلقي القبض عليه يوم 4 سبتمبر/ أيلول الجاري في إحدى قواعد حرس الحدود الساحلية عقب توجهه إلى هناك للاستقصاء عن حالة أحد أقاربه الجرحى ممن اعتُقلوا أوائل الشهر عقب عملية قام بها الجيش في قرية المقاطعة. ويُذكر أن أحمد أبو دراع هو أحد الأصوات الصحفية المستقلة القليلة التي تغطي الأحداث في منطقة شمال سيناء التي ابتُليت بالتهديدات الأمنية وانعدام الاستقرار.  ولقد شنت القوات المسلحة المصرية عددا من العمليات العسكرية هناك منذ يوليو/ تموز 2013 ضد مَن تصفهم السلطات بالجماعات المسلحة التي تنشط في المنطقة.  وفي مؤتمر صحفي عقده في 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، أصر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة على أن القوات المسلحة تحترم حرية وسائل الإعلام.  ودفع الناطق الرسمي قائلاً بأن أحمد أبو دراع قد نشر مزاعم كاذبة تضمنت قيام الجيش بهدم المساجد وإخلاء السكان واستهداف النساء والأطفال أثناء عملياته العسكرية.  ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، تزايد عدد الهجمات التي يشنها مسلحون على نقاط التفتيش التابعة للجيش، وعناصر أجهزة الأمن، والمباني الحكومية في شمال سيناء.  وفي واحدة من أكثر تلك الهجمات دمويةً، قُتل 25 مجندا من قوات الأمن المركزي في كمين نصبه لهم مقاتلون مسلحون في 19 أغسطس/ آب الماضي على الطريق.وقبيل يوم من اعتقاله، نشر أحمد رسالة عبر موقع فيسبوك زعم فيها أن الجيش المصري قد قام بقصف قريتي المقاطعة وتومة بمنطقة الشيخ زويد شمال سيناء، مما تسبب بتدمير ستة منازل وأحد المساجد حسب ما قال.  كما أورد أحمد أن الجيش اعتقل أحد سكان المنطقة الجرحى.  وفي خبر سابق قام بنشره، شكك أحمد صراحة في رواية الجيش ووسائل الإعلام لما يحدث في شمال سيناء. وقالت حسيبة حاج صحراوي: “ينبغي إسقاط التهم المسندة إلى أحمد أبو دراع وإخلاء سبيله فوراً”.واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلةً: “إن اعتقال المراسلين أثناء قيامهم بعملهم بذريعة مكافحة الإرهاب ليشكل في حد ذاته خرقاً للالتزامات الدولية المترتبة على مصر، ويقوض من حق المصريين في الحصول على المعلومات.  ويجب أن يُتاح للصحفيين القيام بواجباتهم المهنية دون خوف من أن تستهدفهم السلطات أو مواجهة قيود تعسفية تُفرض على عملهم.  إن أفعال السلطات والقوات المسلحة المصرية وليس كلماتها سوف تكون هي الحَكَم على مدى احترامها لحرية التعبير عن الرأي”. ويواجه أحمد أبو دراع تهمة نشر معلومات كاذبة من شأنها التقويض من “الأمن العام” و”إضعاف الثقة المالية بالدولة ” و”هيبتها”.  كما يواجه أحمد تهمة أخرى منفصلة تتعلق بدخوله منطقة عسكرية محظورة دون تصريح.  ويواجه احتمال صدور حكم بالسجن خمس سنوات بحقه في حال تمت إدانته.  ووفقاً لأحكام قانون الأحكام العسكرية، تنظر المحاكم العسكرية في الجرائم المرتكبة داخل القواعد العسكرية وغيرها من المواقع التي يشغلها الجنود. وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي لنظيره الأمريكي، جون كيري، أنه لن تتم محاكمة المدنيين عسكرياً في مصر. كما يواجه صحفي آخر من الصحفيين المقيمين في سيناء، ويُدعى محمد صبري، محاكمة عسكرية عقب اعتقاله في 4 يناير/ كانون الثاني الماضي.  وأُسندت إليه تهمة دخول منطقة محظورة والتصوير فيها دون تصريح.

خلفية:المحاكمات العسكرية

منذ 3 يوليو/ تموز الماضي، لوحظ حصول زيادة مقلقة في محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، لا سيما في السويس.  فلقد أُدين عدد ممن يُزعم أنهم من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وذلك في أعقاب محاكمات جائرة أمام القضاء العسكري في السويس.  ففي 3 سبتمبر/ أيلول على سبيل المثال، أدانت محكمة السويس العسكرية 47 مدنياً وأصدرت بحقهم أحكاًما بالسجن تراوحت بين خمس سنوات والسجن المؤبد  بتهمة ارتكاب أعمال عنف، فيما برأت المحكمة ساحة أكثر من عشرة مدنيين آخرين.  واشتكى محامو المتهمين من العوائق التي واجهتهم في التواصل مع موكليهم. وثمة محاكمات عسكرية أخرى حصلت مؤخراً دون أن تكون على علاقة بالاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد.  ففي 24 يوليو/ تموز على سبيل المثال، حكمت محكمة السويس العسكرية بالسجن سنة واحدة على رجلين، هما رمضان أحمد إسماعيل محفوظ (32 عاماً) من الفيوم، ومحمد أمين محمد من أسوان، وذلك بتهمة الإساءة إلى أحد الجنود وتسديد لكمات له في إحدى نقاط التفتيش.وحوكم أكثر من 12000 مدني محاكمات جائرة أمام محاكم عسكرية إبان فترة حكم المجلس العسكري للبلاد التي امتدت حوالي 17 شهراً من فبراير/ شباط 2011 إلى يونيو/ حزيران 2012. وتعارض منظمة العفو الدولية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وهي محاكم تُعرف في مصر بأنها محاكم جائرة وتنتهك الضمانات الخاصة بالمحاكمات العادلة، وخصوصاً الحق في الحصول على محاكمة عادلة وعلنية أمام هيئة مستقلة ومحايدة ذات اختصاص ومشكلة بحكم القانون. ويُذكر أن مصر هي إحدى الدول الأطراف الموقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكفل الحق في الحصول على محاكمة عادلة. هذا، ويتيح كل من دستور عام 2012 الذي تم تعليق العمل به، والإعلان الدستوري الصادر في يوليو/ تموز 2013، محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.  وتحث مجموعة “لا للمحاكمات العسكرية” وغيرها من المنظمات المصرية غير الحكومية أعضاء “لجنة الخمسين” التي تعكف على مراجعة الدستور حالياً، على ضمان أن يحظر الدستور صراحةً محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في جميع الظروف والأحوال.