الرق في موريتانيا: الفجوة بين الأقوال والأفعال

بقلم أليون تاين، مدير برنامج غرب أفريقيا في منظمة لعفو الدولية

في غسطس/آب حظيتُ بلقاء بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، الناشط البارز في حركة مناهضة الرق والمرشح في الانتخابات الرئاسية الموريتانية الأخيرة. وقد تحدثنا عن حياته وعمله على مدى ىساعة. كان بودي أن أتحدث إليه لمدة أطول، ولكن ذلك لم يكن ممكناً لأن الحديث دار في باحة سجن آلاك، وهو أحد أشد السجون خطراً في موريتانيا.

وقد قضى بيرام اعبيدي أكثر من تسعة أشهر من مدة حُكمه البالغة سنتين. وكان قد قُبض عليه في نوفمبر/تشرين الثاني، مع عشرة مناضلين آخرين، خلال احتجاج سلمي للتوعية بحقوق الأشخاص المنحدرين من أرقاء في امتلاك الأرض. وقد  أيَّدت محكمة الاستئناف ذلك الحكم.

كنتُ بانتظار الحكم كواحد من كثيرين حول العالم ممن يحدوهم الأمل في إبطال حكمه وفي أن يتمكن من العودة إلى عائلته. ولكن الأخبار التي وصلتني كانت سيئة.

أليون تاين، مدير برنامج غرب أفريقيا في منظمة لعفو الدولية

كنتُ بانتظار الحكم كواحد من كثيرين حول العالم ممن يحدوهم الأمل في إبطال حكمه وفي أن يتمكن من العودة إلى عائلته. ولكن الأخبار التي وصلتني كانت سيئة، حيث تم تأييد الأحكام القاسية بحق بيرام اعبيدي واثنين من مناهضي العبودية، وهما ابراهيم بلال وجيبي صو.

وهؤلاء الرجال الثلاثة جميعاً أعضاء في منظمتين حقوقيتين لمناهضة الرق، وهما “كوتل” و”المبادرة الانبعاثية لحركة إلغاء الرق”. وما برحوا يناضلون سلمياً من أجل التوعية بانتهاكات حقوق الإنسان، ومنها إفلات مالكي الرقيق من العقاب، والتمييز والانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص المنحدرون من أصول العبيد. ففي موريتانيا يعمل العبيد وأخلافهم في الأرض بدون أية حقوق ويُرغمون على إعطاء جزء من محاصيلهم إل أسيادهم التقليديين.

ومن دواعي السخرية أنه قبل قرار محكمة الاستئناف، في 11 أغسطس/آب 2015  اعتمدت موريتانيا قانوناً يعرِّف الرق بأنه جريمة ضد الإنسانية. وكان من المؤمَّل أن يشكل ذلك علامة على اتخاذ خطوة نحو تعزيز حقوق الإنسان، بيد أن قرار الأمس بدَّد تلك الأمال.

في يوليو/تموز، عندما ترأستُ بعثة منظمة العفو الدولية إلى موريتانيا، قابلتُ بعض المسؤولين، من بينهم وزير العدل ومفوض حقوق الإنسان. كما قابلتُ مدافعين عن حقوق الإنسان وقطعتُ أكثر من 250 كيلومتراً من نواكشوط إلى آلاك لزيارة بيرام في السجن.

وقد خلق موقع السجن النائي مشكلات لأفراد عائلات الناشطين الراغبين في زيارة أقربائهم في السجن. واضطرت زوجة بيرام اعبيدي وأطفاله إلى الانتقال إلى منزل في آلاك كي يكونوا قريبين منه.

إن منظمة العفو الدولية تعتبر بيرام اعبيدي وابراهيم بلال وجيبي صو سجناء رأي. إذ أنهم جميعاً محتجزون لا لشيء إلا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم، وينبغي إطلاق سراحهم فوراً وبلا قيد أو شرط.

وفي حديثه مع وفدنا قدم بيرام اعبيدي مناشدة حارة، فقال: “إنني أدعو السلطات الموريتانية إلى إطلاق حوار بنَّاء مع النشطاء المناهضين للرق، وفتح بابها وقلبها للبدء بحل مشكلة العبودية. ونعتقد أن الاعتداءات على حرية التعبير وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان يتناقضان مع الالتزامات القانونية الدولية للبلاد. إن مكاننا ليس في السجن وإنما خارجه.”

وبعد قرار محكمة الاستئناف الذي صدر أمس أصبحت هذه الكلمات أشدَّ إيلاماً من أي وقت مضى.