مصر: قمع أنصار مرسي يُنذر بارتكاب انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان 

تحذر منظمة العفو الدولية من قمع أنصار محمد مرسي، وذلك في أعقاب توثيق حصول موجة جديدة من الاعتقالات في صفوف قادة جماعة الإخوان المسلمين، ومداهمة مقار وسائل الإعلام، ومقتل أحد المحتجين بالذخير الحية من قبل الجيش. فمنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي يوم 3 يوليو الجاري، تحدثت منظمة العفو الدولية مع شهود عيان تعرضوا لإطلاق نار من طرف الجيش في أحد الشوارع القريبة من ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر في القاهرة مساء نفس اليوم.   واستُخدمت الذخيرة الحية ضد المشاركين في احتجاج مؤيد لمرسي، وقُتل أحد المتظاهرين على الأقل. وفي معرض تعليقها على هذه التطورات، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: “نخشى أن ينتشر العنف الذي شهدته الأيام القليلة الماضية ويتوسع ليتخذ شكل موجة جديدة من انتهاكات حقوق الإنسان”.   وفي ظل التقارير التي تحدثت عن تعرض المحتجين من أنصار مرسي لإطلاق النار عليهم لدى سيرهم باتجاه مقر الحرس الجمهوري في القاهرة اليوم، أضافت حاج صحراوي قائلةً: “تعيد  أعمال العنف هذه إلى الأذهان السجل الرديء الذي يمتلكه الجيش في مجال حقوق الإنسان”.  وفي بيان له نُشر عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صرح الجيش اليوم أنه سوف لن يُقدم على قمع  أي فصيل أو تيار سياسي ، وسيعمل على احترام حق المصريين كافة في  التظاهر السلمي  وحرية التعبير عن الرأي.  وأضافت حاج صحراوي القول أنه “من الصعوبة بمكان العثور على أدلة تثبت احترام السلطات المصرية لحرية التجمع والتعبير عن الرأي، خاصة عندما نرى الجنود يطلقون النار على رأس أحد المحتجين ولو أنه لم يكن يشكل خطراً عليهم”. وبعد دقائق فقط من إعلان الجيش عزل الرئيس، تشاجر محتجون غاضبون من مؤيدي مرسي في ميدان رابعة العدوية مع الجنود الذين يحرسون مداخل الميدان، وكذلك بوابة أحد مجمعات الجيش القريبة من المكان. وبعد اندلاع أعمال العنف على إثر المشاجرة، أطلق الجنود الذخيرة الحية في الهواء وعلى المحتجين.  ولقد تحققت منظمة العفو الدولية من وفاة أحد المحتجين البالغ من العمر 20 عاماً عقب إصابته برصاصة في الرأس، فيما جُرح ثلاثة آخرين على الأقل.   وكانت آثار الدماء لا تزال واضحة على الأرض أمام بوابة المجمع صبيحة يوم 4 يوليو.  وتحدثت منظمة العفو الدولية مع شهود العيان في المستشفى التي أُدخلوا إليها عقب إطلاق النار عليهم. وقال الشهود إن الجيش قد شرع بإطلاق النار بشكل عشوائي من داخل المجمع الواقع على مقربة من الميدان.   وقد أُصيبأحدهم أثناء وقوفه وسط الطريق بعيداً عن البوابة؛ ووصف ذلك الشخص الأمر لمنظمة العفو الدولية قائلاً: “لقد رأيت الجنود خلف البوابة وهم يطلقون النار باتجاهي”.   كما ذكر أنه قد شاهد أيضاً أحدهم وقد أُصيب في رأسه على الرغم من أنه كان يقف على الجانب المقابل من الشارع. وقال شاهد عيان آخر كان متواجداً في عين المكان: “لقد رأيت قناصة على سطح أحد المباني داخل المجمع العسكري”. وتضيف حسيبة حاج صحراوي قائلةً: “يجب أن تتوقف قوات الجيش والأمن فوراً عن استخدام الذخيرة الحية ضد الذين لا يشكلون خطراً على حياة عناصرها؛ ويتعين عليها أن تلزم جانب الحياد، وأن تبذل قصارى جهدها كي تحول دون إراقة الدماء لا أن تتسبب هي بإراقتها، كما عليها أن تحترم حق الجميع دون تمييز في الاحتجاج السلمي”.وبمقتضى المعايير الدولية لحقوق الإنسان، فلا يجوز لموظفي أجهزة إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية إلا في الحالات التي يواجهون فيها خطراً محدقاً بالتعرض للقتل أو الإصابة الخطيرة، وعلى أن يكون ذلك الإجراء بمثابة إجراء الملاذ الأخير فقط.   وينبغي أن يقتصر الاستخدام المقصود للقوة المميتة على الحالات التي تنعدم فيها الوسيلة لحماية أرواح عناصر قوات الأمن. وأخبر شهود عيان منظمة العفو الدولية أن الجيش قد حاول في عصر يوم 3 يوليو تفريق الاحتجاجات من خلال إطلاق النار في الهواء، وإرسال عربات نقل جنود مصفحة باتجاه أحد الاحتجاجات، لكنهم توقفوا جراء اعتراض طريقهم من طرف المحتجين. كما قال الشهود إن الجيش قد سد مداخل الميدان ومخارجه مدة ثلاث ساعات عصر ذلك اليوم.   وذكر أحد الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معهم أن ساقيه كُسرتا عقب مشاجرة مع أحد ضباط الجيش سقط خلالهامن أعلى المركبة العسكرية، ولم يتمكن من التوجه إلى المستشفى إلا بعد ساعتين جراء إغلاق الجيش للميدان. وتدعو منظمة العفو الدولية إلى فتح تحقيق مستقل ومحايد.   ويُذكر أن التحقيقات السابقة التي أشرف عليها المدعي العام، أو نظيره العسكري، للوقوف على ما ارتكبه عناصر الجيش أو قوات الأمن من انتهاكات لحقوق الإنسان قد أخفقت في تحقيق العدالة. وسُجن اثنان على الأقل من كبار قيادة جماعة الإخوان المسلمين وسط تقارير تحدثت عن وقوع المزيد من الاعتقالات شملت كل من نائب المرشد رشاد بيومي، وسعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة.   وتحث منظمة العفو الدولية السلطات على أن تُسند التهم إليهم بارتكاب جرائم معترف بها دوليا بأسرع وقت ممكن، أو أن يُصار إلى إخلاء سبيلهم. وفي 3 يوليو، داهمت قوات الشرطة استوديوهات محطة تلفزيونية متعاطفة مع جماعة الإخوان، الأمر الذي تسبب بانقطاع البث واعتقال العاملين في المحطة.  ولا يزال اثنان منهم محتجزين على الأقل حتى  الساعة.    ولقد أعلنت وزارة الصحة اليوم أن أعمال العنف السياسي التي اندلعت منذ 28 يونيو قد أوقعت 52 قتيلا و2619 جريحاً. وإبان تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة لزمام الأمور في البلاد في أعقاب “ثورة 25 يناير”، قتلت قوات الأمن والجيش أكثر من 120 محتجاً، وحوكم أكثر من 12 ألف مدنيا في محاكمات جائرة أمام المحاكم العسكرية، واعتقل الجيش المحتجات وأخضعهن عنوة لما يُعرف ” بفحوصات العذرية “. وأضافت حسيبة حاج صحراوي قائلةً: “إذا ما أُريد أن يكون لحقوق الإنسان وسيادة القانون الكلمة الأخيرة في مصر، فيتعين على الجيش أن يتحرك فوراً كي يحرص على عدم تكرار مثل تلك الانتهاكات”. واختتمت حاج صحراوي تعليقها بالقول أن “قمع أنصار مرسي يرسل بإشارات خاطئة بكل بساطة”. 




معلومات إضافية كخلفية للموضوع 
الاعتداءات بحق المحتجين

في حوالي الساعة الثالثة من عصر يوم 3 يوليو، انتشرت قوات الجيش ومكافحة الشغب (الأمن المركزي) في ميدان رابعة العدوية ، بوصفه موقع احتجاج أنصار الرئيس السابق.  ولقد تمكنت قوات الجيش والأمن المركزي من تأمين المداخل الرئيسة المؤدية إلى الميدان. وأخبر شهود عيان منظمة العفو الدولية أن الجيش لم يسمح لأي كان بدخول الميدان، وأن أفراد الجيش قد أطلقوا طلقات تحذيرية.وفي الخامسة مساءا، حاولت عربات نقل الجنود المصفحة الدخول إلى الميدان من أجل تفريق المحتجين، بيد أن هؤلاء قد أوقفوا تلك العربات من خلال الوقوف أو الاستلقاء أمامها.وأخبر أحد المحتجين الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية في المستشفى أنه صعد على إحدى العربات المصفحة، وقال للجنود أن الجيش ملك لجميع المصريين.  ودخل بعدها في جدال مع أحد ضباط الجيش الذي دفعه من فوق العربة ليسقط أرضاً وتُكسر ساقاه.  ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد مضي ساعتين، ولكن الجيش لم يسمح بنقله إلى إلا بعد مضي ساعتين أخرييْن أيضاً. وفي الدقائق التي أعقبت إعلان الجيش عزل الرئيس محمد مرسي، دخل المحتجون الغاضبون في مواجهة مع الجنود الذين كانوا يحرسون مدخل الميدان وبوابة أحد المجمعات العسكرية القريبة من المكان.ومع أنه لم يتضح كيف اندلعت أعمال العنف، فلقد قام الجيش بإطلاق الرصاص الحي في الهواء وباتجاه المحتجين.  وقُتل أحد المحتجين الذي يبلغ من العمر 20 عاماً عقب إصابته في الرأس، فيما أُصيب ثلاثة على الأقل.  وأخبر شاهد عيان منظمة العفو الدولية أنه قد لاحظ ساعة إطلاق النار وجود قناصة على سطح أحد مباني المجمع العسكري. وأُصيب أحد الأشخاص بعيار ناري في ذراعه، وقال لمنظمة العفو الدولية أنه أُصيب أثناء وقوفه وسط الطريق بعيداً عن بوابة المجمع العسكري.  وقال للمنظمة أن الجيش أخذ يطلق النار عشوائياً، وشاهد إصابة أحد الأشخاص في رأسه وهو يقف على الجانب المقابل من الشارع. وأما شاهد عيان آخر تعرض لإصابة في ساقه، فلقد أخبر منظمة العفو الدولية أن إصابته وقعت أثناء وقوفه خارج بوابة المجمع العسكري، مضيفاً أن الجيش قد شرع في إطلاق النار بشكل عشوائي من داخل المجمع، وأنه رأى الجنود داخل البوابة وهم يطلقون النار باتجاهه.ولدى زيارة ممثلي منظمة العفو الدولية الموقع صبيحة اليوم التالي، شاهدوا آثار الدماء على الشارع، وخاصة أمام بوابة المجمع العسكري.  كما شاهد ممثلو المنظمة الثقوب التي خلفتها طلقات الرش من بنادق الخرطوش التي أصابت أعمدة الإنارة في الشارع الذي تعرض فيه أولئك الأشخاص لإطلاق النار عليهم.

مداهمة مقار وسائل الإعلام

بعد لحظات من إعلان الجيش عن عزله الرئيس محمد مرسي، انقطع بث ستة فضائيات على الأقل، وبينها قنوات الحافظ والجزيرة مباشر والخليجية ومصر 25 والناس والرحمة.  وقد عُرف عن هذه القوات مساندتها جميعاً لمحمد مرسي.وبعد دقائق معدودة، شنت قوات الأمن حملة مداهمات على مقار القنوات.  وأخبر شهود عيان منظمة العفو الدولية أن الشرطة والقوات الخاصة وضباط المخابرات بزي مدني قد اعتقلوا طواقم العمل في تلك القنوات واحتجزوهم في عربات تابعة للشرطة.ومع أن قوات الأمن قد أطلقت سراح معظم العاملين في تلك المحطات، بيد إنها اقتادت 14 رجلاً معها واحتجزتهم في مديرية أمن مدينة 6 أكتوبر.  وقالت المديرية لأقاربهم الذين جاءوا لزيارتهم أنها لم تكن تحتجزهم لديها.كما زُعم تعرض بعض العاملين في قناة الناس لسوء المعاملة في الحجز.وحتى وقت كتابة هذا التقرير، فلقد أُخلي سبيل جميع العاملين خلا أولئك العاملين في اثنتين من تلك القنوات.  إذ لا يزال مدير قناة الحافظ عاطف عبد الراشد، والمدير الإداري لقناة الفتح، عبد الله عبد الله، قيد الاحتجاز، ولم تتضح طبيعة التهم المسندة إليهما بعد.هذا، ولم تقم المطابع الوطنية بإصدار أعداد صحيفة حزب الحرية والعدالة منذ الرابع من يوليو الجاري.

حملة اعتقالات طالت أعضاء جماعة الإخوان المسلمين

اُلقي القبض على اثنين من كبار قيادات الجماعة، وهما نائب المرشد رشاد بيومي ورئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني.ولا يزال الاثنان قيد الاحتجاز في سجن طره بالقاهرة.

كما يُعتقد أن محامي الجماعة، عبد المنعم عبد المقصود، قد احتُجز أيضا لدى توجهه لحضور عمليات الاستجواب في سجن طره.ولم تتضح التهم المسندة إليهم بعد؛ وبهذه المناسبة، فتحث منظمة العفو الدولية السلطات على سرعة توجيه التهم إلى المحتجزين إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم معترف بها دوليا، أو أن يُصار إلى إخلاء سبيلهم.  وينبغي السماح لجميع المحتجزين بالاتصال بعائلاتهم والمحامين، والحصول على الرعاية الطبية المطلوبة دون مزيد تأخير.وأما صحيفة الأهرام الرسمية فلقد أوردت أن السلطات قد أصدر مذكرات توقيف بحق 300 من أعضاء جماعة الإخوان، وإن كان لم يتسنّ التحقق من صحة تقرير الأهرام.  ويُعتقد أن الرئيس مرسي نفسه محتجز في عهدة الجيش.ولقد سبق وأن أشارت منظمة العفو الدولية إلى بواعث القلق الجدية لديها بشأن سجل الجيش في حقوق الإنسان، وذلك استناداً إلى فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة على مدار 17 شهراً عقب الإطاحة بحسني مبارك في فبراير 2011. فخلال اجتماعه في يونيو 2011 بالأمين العام لمنظمة العفو الدولية، تحدث الفريق عبد الفتاح السيسي عن الحاجة إلى تغيير الثقافة السائدة بين عناصر قوات الأمن كي يتوقفوا عن اللجوء إلى العنف أثناء المظاهرات، وأن يُقبلوا على حماية المحتجزين من التعرض لسوء المعاملة.ومع ذلك وخلال حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة للبلاد، أقدمت قوات الأمن بما في ذلك الجيش على قتل 120 محتجاً، وحوكم أكثر من 12 ألف مدنيا محاكمات جائرة أمام المحاكم العسكرية ، واعتقل الجيش المحتجات وأخضعهن عنوة لما يُعرف “بفحوص العذرية”.  ولقد وعد الجيش بإجراء تحقيقات ناجزة وفعالة، بيد أن واقع الممارسة العملية يُظهر أن الجيش قد آثر إجراء تحقيقات غير مستقلة وغير محايدة في الانتهاكات التي ارتكبها أفراد قواته.ولقد أدانت المحاكم العسكرية ثلاثة ضباط  فقط من الضباط صغار الرتب، وذلك بتهمة قتل المحتجين، حيث شهدت فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي امتدت 17 شهراً مقتل 120 محتجاً.