آسيا والمحيط الهادئ 2021
نظرة عامة على منطقة آسيا والمحيط الهادئ
في غضون العام، سقطت عدة دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في هوة أزمة شاملة لحقوق الإنسان. ففي ميانمار، قُوبلت المعارضة الواسعة للانقلاب العسكري، الذي وقع في فبراير/شباط، برد شرس من الجيش، وقُتل أثناء ذلك مئات الأشخاص وقُبض تعسفياً على آلاف آخرين. وفي أفغانستان، صاحب استيلاء طالبان على الحكم، في أغسطس/آب، ارتكاب جرائم حرب، وفرض قيود مفاجئة على الحقوق والحريات الأساسية للنساء والفتيات، والتي حصلن عليها بعد مسيرة صعبة. وفي الصين، استمرت الجرائم ضد الإنسانية بحق المسلمين الذين يعيشون في إقليم شينجيانغ، وتدهور وضع حقوق الإنسان، وخاصة في هونغ كونغ. وكان من شأن التقاعس على مدى سنوات عدة عن ترسيخ الاحترام لحقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان أن يسهم مباشرةً في ظهور تلك الكوارث على صعيد حقوق الإنسان.
واستمرت حكومات كثيرة في استخدام وباء فيروس كوفيد-19 كذريعة لقمع الحقوق. فقد فُرضت قوانين جديدة في عدة بلدان لتجريم نشر معلومات “كاذبة” أو “زائفة” عن وباء فيروس كوفيد-19، واستُخدمت القوانين القائمة لإسكات المنتقدين ومنع الاحتجاجات وتفريقها.
وكان ذلك تعبيراً عن قدر متصاعد من عدم التسامح مع المعارضة في المنطقة. فقد شُددت السيطرة على وسائل الإعلام والإنترنت في بلدان كثيرة. وتزايد تعرض المعارضين السياسيين وغيرهم، ممن ينتقدون سياسات الحكومات أو أفعالها، لقيود وعقوبات قاسية. وكثيراً ما استُخدمت القوة المفرطة ضد متظاهرين سلميين. ولم تكتف الحكومات في شتى أنحاء المنطقة بالتقاعس عن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بل عملت بنشاط على منعهم من أداء دورهم الجوهري.
وظلت حكومات كثيرة غير مستعدة للتصدي للموجات الجديدة من الإصابات بفيروس كوفيد-19. وأدى تقاعسها عن تمويل قطاعات الصحة بشكل كافٍ، وعن التصدي للفساد، وحماية حقوق العاملين الصحيين أثناء العمل، إلى حرمان آلاف الأشخاص من سبل كافية للحصول على الرعاية الصحية، وإلى وقوع حالات وفاة كان يمكن تجنبها.
وإلى جانب أفغانستان، ساء وضع النساء والفتيات في كثير من بلدان المنطقة في سياق وباء فيروس كوفيد-19 وما يتصل به من قيود. ففي غياب الدعم الاجتماعي الكافي، كانت النساء اللاتي يعملن في القطاع غير الرسمي ضمن الفئات التي ازدادت فقراً. وظلت النساء والفتيات في شتى أنحاء المنطقة يواجهن مستويات عالية من العنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، دون أن تكون هناك محاسبة تُذكر، أو أي محاسبة على الإطلاق لمرتكبي العنف. وشُنت حملات في عدة بلدان على أفراد مجتمع الميم. وفي شتى أنحاء المنطقة، تزايدت معاناة السكان الأصليين من آثار التدهور البيئي.
وتعرض عشرات الآلاف من الأشخاص في أفغانستان وميانمار للنزوح قسراً، أو سعوا للجوء فيما وراء الحدود. إلا إن كثيرين منهم أُعيدوا بشكل غير مشروع من بلدان مجاورة إلى أوضاع كانوا فيها عُرضة لمخاطر انتهاكات حقوق الإنسان. وفي بلدان أخرى، رفضت الحكومات دخول طالبي اللجوء، واحتجزت عدداً من اللاجئين والمهاجرين وأساءت معاملتهم.
قمع المعارضة
تقلص المجال المتاح للمعارضة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فقد سعت الحكومة العسكرية الجديدة في ميانمار إلى إسكات المعارضة على انقلابها، بالقمع العنيف للاحتجاجات في عموم البلاد، وبالقبض على أعضاء في الحزب الذي كان يتولى الحكم، وعلى نشطاء مؤيدين للديمقراطية. وفور سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان، فرضت قيوداً على حرية الإعلام، واستخدمت القوة لتفريق مظاهرات تحتج على سياساتها. وفي كوريا الشمالية، كان كل من يُعتبر تهديداً لقيادة الدولة أو نظامها السياسي عُرضة للاحتجاز في سجن أو في أحد “معسكرات الإصلاح من خلال العمل”. وأقدمت السلطات في بلدان أخرى كثيرة على مضايقة واعتقال واحتجاز معارضين سياسيين وغيرهم من المنتقدين، بل وعلى قتلهم في بعض الحالات.
حرية التعبير
واصلت بعض الحكومات تبرير القوانين القمعية، وغيرها من التدابير التي تفرض قيوداً لا مبرر لها على حرية التعبير، بالقول بأنها ضرورية للحد من انتشار معلومات خاطئة عن وباء فيروس كوفيد-19. فقد أصدرت حكومة ماليزيا أمرًا يمنحها سلطات مطلقة في إسكات المنتقدين تحت ذريعة منع “الأخبار الكاذبة” عن وباء فيروس كوفيد-19. وفي بنغلاديش، والصين، وفيتنام، وفيجي، قبضت السلطات على أشخاص انتقدوا تصدي الحكومات لوباء فيروس كوفيد-19، وقاضتهم. ووجهت السلطات في سري لنكا تهديدات باتخاذ إجراءات تأديبية ضد العاملين في القطاع الصحي ممن يتحدثون إلى وسائل الإعلام عن مخاوفهم بشأن التصدي للوباء هناك.
وتعرضت وسائل الإعلام المستقلة لاعتداءات في شتى أنحاء المنطقة. ففي ميانمار، أغلقت السلطات العسكرية مطبوعات إخبارية، وألغت تراخيص بعض المنافذ الإعلامية وقبضت على عدد من الصحفيين. كما تعرض صحفيون للاحتجاز والضرب والمضايقة في أفغانستان، حيث أدت القواعد الجديدة المنظمة للإعلام، من الناحية الفعلية، إلى حظر أي انتقاد لحركة طالبان. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول، كان قد أُغلق أكثر من 200 منفذ إعلامي.
ورفعت السلطات في سنغافورة قضايا تشهير ضد عدد من المدوِّنين والصحفيين، واستُخدمت اتهامات زائفة بارتكاب مخالفات مالية من أجل إغلاق الموقع الإخباري أونلاين سيتيزن. وداهمت السلطات الهندية مقر صحيفة يومية ناطقة بالهندية في أعقاب تغطيتها لوقائع إلقاء عدد كبير من جثث ضحايا وباء فيروس كوفيد-19 في نهر الغانج. وفي الفلبين، حظي عمل الصحفية ماري ريسا بالتقدير عندما مُنحت جائزة نوبل للسلام، ولكنها ظلت عُرضة لقضاء عقود في السجن بسبب قضايا مرفوعة ضدها لانتقادها للحكومة.
وسعت حكومات كثيرة إلى تشديد سيطرتها على الوصول إلى معلومات أخرى عبر الإنترنت وعلى تبادلها. فقد سنَّت حكومة سنغافورة قانوناً جديداً يمنحها سلطات شاملة لإزالة أو حجب أي محتوى على الإنترنت يُشتبه أنه ينطوي على “تدخل أجنبي”. وصدرت تشريعات جديدة في كمبوديا تقتضي أن تمر جميع حركة البيانات عبر الإنترنت من خلال هيئة إشراف أُوكلت إليها مهمة “مراقبة” الأنشطة على الإنترنت. وفي الصين، أمرت السلطات مقدمي خدمة الإنترنت بقطع الاتصال بالمواقع الإلكترونية التي “تهدد الأمن القومي”، كما حجبت تطبيقات كانت تُناقش عبرها موضوعات مثيرة للخلاف، مثل الوضع في إقليم شينجيانغ وهونغ كونغ. وفي باكستان، سُنت تشريعات قمعية لمراقبة المحتوى على الإنترنت.
كما استخدمت السلطات في كثير من البلدان القوانين القائمة للقبض على معارضين ومحاكمتهم، ومن بينهم صحفيون ونشطاء ومعلمون. ففي إندونيسيا، استُخدم قانون المعلومات والتعاملات الإلكترونية، الذي يفرض عقوبة السجن لمدد تصل إلى ست سنوات، ضد 100 شخص على الأقل، بسبب انتقاداتهم المشروعة للسياسات أو الإجراءات الرسمية. وقبض على رئيس الفرع الهندي لمنظمة العفو الدولية، آكار باتل، ووُجهت إليه تهمة “إثارة تنافر طائفي”، وذلك بعدما نشر تغريدات على موقع تويتر عن مخاوف بشأن العداء للمسلمين من طائفة غانشي. واستخدمت نيبال قانون التعاملات الإلكترونية للقبض تعسفياً على أشخاص انتقدوا الحكومة وقادة الحزب الحاكم. وبعد توقف دام عامين، استأنفت السلطات في تايلند استخدام قوانين السب في الذات الملكية. وحُكم على مسؤولة حكومية سابقة بالسجن لمدة 87 سنة، وكانت ضمن أكثر من 116 شخصاً اتُهموا بموجب تلك القوانين.
حرية التجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
اندلعت موجات من الاحتجاجات في شتى أنحاء المنطقة، رداً على تطورات سياسية، واحتجاجاً على سوء التصدي لوباء فيروس كوفيد-19، ودفاعاً عن حقوق العمال، وغير ذلك من القضايا.
وفي بعض البلدان، استُخدمت القواعد التنظيمية الرامية لمنع انتشار فيروس كوفيد-19 في منع الاحتجاجات السلمية وتفريقها. ففي ماليزيا، استخدمت السلطات القوانين الخاصة بالسيطرة على وباء فيروس كوفيد-19 وغيرها من التشريعات لتشديد قمعها للحق في التجمع السلمي، بما في ذلك وقفات احتجاجية لضحايا وباء فيروس كوفيد-19، حيث فُرِّقت بشكل تعسفي وتعرض المشاركون فيها للمضايقة والقبض عليهم وتغريمهم. وفي المالديف، تذرَّعت السلطات أيضاً بالقواعد التنظيمية الصحية المتعلقة بوباء فيروس كوفيد-19 من أجل تفريق مظاهرات، وخاصة تلك التي نظمتها جماعات سياسية معارضة. وفي منغوليا، استُخدمت كذلك أوامر حظر المظاهرات، بموجب القيود المتعلقة بوباء فيروس كوفيد-19، لتفريق مظاهرات سلمية بشكل تعسفي، والقبض على منظميها، واحتجازهم، وتغريمهم.
واستُخدمت القوة المفرطة لتفريق متظاهرين سلميين في 10 بلدان، على الأقل، من بلدان المنطقة. فقد رد الجيش في ميانمار على المظاهرات المناهضة للانقلاب التي عمَّت البلاد بعنف مفرط باستخدام أساليب مميتة وأسلحة لا تُستخدم إلا في ساحات القتال ضد متظاهرين سلميين. وبلغ عدد المتظاهرين الذين قُتلوا ما يقرب من 1,400 شخص بحلول نهاية العام.
وفي الهند، استخدمت الشرطة الهراوات، في أغسطس/آب، لضرب مزارعين كانوا يحتجون سلمياً على قوانين خلافية تتعلق بالزراعة. واستخدمت قوات الأمن في إندونيسيا مدافع المياه والهراوات المطاطية، والطلقات الاسطوانية، لتفريق مظاهرات سلمية احتجاجاً على تجديد قانون الحكم الذاتي الخاص بمقاطعة بابوا، في يوليو/تموز.
ولجأت شرطة مكافحة الشغب في تايلند إلى استخدام العنف مراراً للرد على مظاهرات تطالب بإجراء إصلاحات سياسية، وتحسين سُبل التصدي للوباء، وذلك بإطلاق العيارات المطاطية، وعبوات الغاز المسيل للدموع، بشكل عشوائي ومن مسافة قريبة على المتظاهرين والمارة والصحفيين. وفي إحدى الحالات، أُصيب عدة أطفال وتُوفي أحدهم لاحقاً إثر استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. وفي باكستان، أدى الاستخدام المفرط للقوة من جانب هيئات إنفاذ القانون ضد المظاهرات، بما في ذلك تلك المؤيدة لحقوق جماعة البشتون، إلى إصابة عشرات الأشخاص ووفاة شخص واحد، على الأقل.
كما وُجهت ضربات جديدة للحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، حيث استخدمت حكومات في شتى أنحاء المنطقة مجموعة أوسع من التدابير ضد الأحزاب السياسية والنشطاء، وضد النقابات والمنظمات غير الحكومية.
ففي كمبوديا، أُجريت محاكمات جماعية لأعضاء حزب الإنقاذ الوطني الكمبودي، وهو حزب معارض محظور، وأُدين خلالها تسعة من كبار قادة الحزب بغيابهم وحُكم عليهم بالسجن لمدد تصل إلى 25 سنة. وفي فيتنام، قُبض على صحفي مواطن، كان قد تقدم كمرشح مستقل في انتخابات المجلس الوطني، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات.
وظهرت بجلاء خلال العام الآثار الكاملة والمريرة لأحكام قانون الأمن القومي الصادر عام 2020 في هونغ كونغ. فبموجب القانون، تم حل ما لا يقل عن 61 من منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك أكبر نقابة مهنية في هونغ كونغ. وانتهت من الناحية الفعلية أية إمكانية لتنظيم معارضة سياسية في أعقاب القبض على عشرات من أعضاء الأحزاب المعارضة، في يناير/كانون الثاني. وأعلنت منظمة العفو الدولية، في أكتوبر/تشرين الأول، عن إغلاق مكتبيها في هونغ كونغ بسبب المخاطر من الأعمال الانتقامية بموجب قانون الأمن القومي.
كما تزايدت الضغوط على المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية في الهند، حيث تعرضت عشرات المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والقضايا المتعلقة بالبيئة إلى إيقاف تراخيصها، أو إلغاء تسجيلها، أو لمطالبتها بالحصول على موافقة حكومية على أي أموال تتلقاها أو تنفقها. وفي المالديف، استمرت التحقيقات التي تجريها السلطات مع شبكة الديمقراطية في المالديف، وهي منظمة غير حكومية تحظى باحترام واسع.
المدافعون عن حقوق الإنسان
قُتل عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في عدة بلدان، من بينها أفغانستان حيث كانوا هدفاً لأعمال قتل غير مشروعة على أيدي عناصر غير تابعة للدولة. وفي أعقاب استيلاء طالبان على الحكم، فرَّ كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان إلى خارج البلاد أو اضطُروا للاختباء، ومن بينهم أعضاء وعاملون في اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان. وفي الفلبين، كان بعض المدافعين عن حقوق الإنسان والمدافعين عن البيئة من بين الذين اتُهموا بأن لهم صلات مع جماعات شيوعية، أو جماعات مُدرجة في “القوائم السوداء”، وهو الأمر الذي يجيز لقوات الأمن فعلياً أن تقتلهم.
وكثَّفت السلطات الصينية حملتها القمعية على المدافعين عن حقوق الإنسان، فاحتُجز كثيرون منهم لفترات طويلة، وكان من الشائع ورود أنباء عن تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وظل في عداد المفقودين بعض محامي ونشطاء حقوق الإنسان الذين اعتُقلوا في سنوات سابقة. وفي الوقت نفسه، صدرت أحكام بالسجن على 24 شخصاً في هونغ كونغ، لقيامهم بشكل سلمي بإحياء ذكرى ضحايا القمع في ميدان تيانانمن في عام 1989.
وفي بلدان أخرى، من بينها إندونيسيا، وبنغلاديش، وتايلند، وسري لنكا، وسنغافورة، وفيتنام، وكمبوديا، وماليزيا، ومنغوليا، ونيبال، والهند، تعرض مدافعون عن حقوق الإنسان للمضايقة والتهديد والاحتجاز والمحاكمة و/أو السجن. ففي إندونيسيا، وردت على مدار العام أنباء عن اعتداءات بدنية وهجمات رقمية وتهديدات وغيرها من أشكال الاعتداءات تعرض لها ما يزيد عن 357 من المدافعين عن حقوق الإنسان. وكان بعض المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء ضمن مئات الأشخاص الذين سُجنوا في بنغلاديش بموجب قانون الأمن الرقمي. وفي نيبال، احتجزت الشرطة في أكتوبر/تشرين الأول 13 من النشطاء كانوا يطالبون سلمياً بإجراء تحقيقات محايدة في وفاة امرأة واختفاء أخرى في مقاطعة بانكي.
كما اتضح بشكل متزايد مدى الرقابة التي تفرضها بعض الحكومات على المدافعين عن حقوق الإنسان. ففي الهند، حيث يُوصم كثير من نشطاء حقوق الإنسان رسمياً بأنهم “أعداء للدولة”، كُشف النقاب عن عملية مراقبة مكثَّفة وغير مشروعة استهدفت مدافعين عن حقوق الإنسان. وفي فيتنام، كشف تحقيق لمنظمة العفو الدولية عن حملة مراقبة غير مشروعة تستهدف مدافعين عن حقوق الإنسان داخل البلاد وخارجها.
وفي تطور إيجابي، اعتمدت منغوليا قانوناً يعزز الحماية القانونية للمدافعين عن حقوق الإنسان. إلا إن بعض النشطاء الحقوقيين، ومن بينهم رعاة معنيون بقضايا البيئة وقضايا حقوق الأرض، ظلوا يتعرضون للتهديدات والترهيب وللمحاكمة بسبب أنشطتهم المشروعة.
الحق في الصحة
كان من شأن تدني التمويل والفساد أن يسهما في استمرار عجز قطاعات الصحة العامة في المنطقة عن التصدي بشكل ملائم لوباء فيروس كوفيد-19. وفي بعض البلدان، لم يتمكن المصابون بفيروس كوفيد-19 من الحصول على رعاية صحية كافية بسبب النقص الشديد في العاملين الصحيين وفي الأسرَّة والمعدات. وأدى ذلك إلى وقوع آلاف الوفيات التي كان يمكن تجنبها، في بلدان من بينها الهند ونيبال، اللتان شهدتا ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات خلال العام. وكانت هناك مخاوف في الهند، وكذلك في الفلبين، بشأن عدم الشفافية أو وقوع مخالفات في التصرف في الأموال الحكومية المخصصة للتصدي للوباء.
وأدت الاضطرابات السياسية في أفغانستان وميانمار إلى وصول نظم الرعاية الصحية، الهشة أصلاً، إلى حافة الانهيار. ففي أفغانستان، أُغلق ما لا يقل عن 3,000 منشأة للرعاية الصحية، من بينها مستشفيات لحالات الإصابة بفيروس كوفيد-19، بسبب إيقاف المعونات المقدمة للقطاع الصحي في أفغانستان من جهات دولية مانحة. وفي ميانمار، عُرقلت سُبل الحصول على الرعاية الصحية من جراء الهجمات المتعددة على المنشآت الصحية والعاملين فيها.
وكان الحصول على اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19 أمراً إشكالياً في بعض البلدان. فقد نفت سلطات كوريا الشمالية وجود فيروس كوفيد-19 في البلاد، ورفضت عروضاً بتلقي ملايين الجرعات من اللقاحات من خلال مبادرة كوفاكس. ولم تتلق نيبال الإمدادات المتوقعة من اللقاحات، وتعيَّن على حوالي 1.4 مليون شخص أن ينتظروا شهوراً لتلقي الجرعة الثانية.
كما ساهمت المعلومات الخاطئة بتدني معدلات التطعيم في بعض البلدان. ففي بابوا غينيا الجديدة، على سبيل المثال، حيث لم يكن قد تلقى التطعيم بحلول نهاية العام سوى ثلاثة بالمئة من السكان، تقاعست الحكومة عن تقديم معلومات سهلة المنال في الوقت المناسب عن الفيروس وبرنامج التطعيم.
وواصلت السلطات في بعض البلدان تجاهل الدعوات إلى تخفيض أعداد المحتجزين في السجون للحد من انتشار فيروس كوفيد-19. فقد سُجلت حوالي 87 ألف حالة إصابة بين المحتجزين في سجون تايلند، التي تتسم بالاكتظاظ وتفتقر إلى الشروط الصحية. وفي باكستان، أُعطيت الأولوية في التطعيم للسجناء، حسبما ورد، وأُفرج عن بعض السجناء في إقليم السند كإجراء وقائي، إلا إن سلطات السجون في أقاليم أخرى توقفت عن الإبلاغ عن معدلات الإصابة بين المحتجزين.
كما أدت إجراءات الإغلاق القاسية إلى تقويض الحق في الصحة وفي تلقي الغذاء الكافي في بعض البلدان. ففي فيتنام، لم يُسمح للسكان في مدينة هوشى منه بمغادرة منازلهم لأسابيع متتالية، مما جعل الكثيرين يعانون من الجوع، ومن انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد. وفرضت السلطات الكمبودية إجراءات مماثلة في عدة مدن، مما أثر بشدة على سُبل حصول السكان على المواد الغذائية والرعاية الصحية، وغير ذلك من السلع والخدمات الأساسية.
حقوق العاملين
ظل العاملون الصحيون في شتى أنحاء المنطقة خاضعين لضغوط هائلة من جراء الوباء، وفي بلدان كثيرة، كانوا يعملون في ظروف لا يمكن تحملها، دون أن يتوفر لهم ما يكفي من الحماية أو المقابل المادي. ففي منغوليا، تعرض بعض العاملين الصحيين لمضايقات من السلطات ولاعتداءات بدنية من المرضى المحبطين اليائسين. وفي الهند، لم يحصل العاملون الصحيون في المجتمعات المحلية على أجور كافية أو معدات كافية للوقاية الشخصية. وفي إندونيسيا، تأخر صرف علاوات تشجيعية للعاملين الصحيين إقراراً بعملهم خلال وباء فيروس كوفيد-19.
كما استمرت الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء، وما صاحبها من قيود، تؤثر بشكل غير متناسب على أولئك المهمَّشين أصلاً، بما في ذلك من يفتقرون إلى عمل مضمون ودخل منتظم. ففي نيبال، على سبيل المثال، تضرر أبناء الداليت ومن يعيشون في فقر، بما في ذلك من يعملون باليومية، من الوضع الاقتصادي المتدهور هناك. وفي فيتنام، عانت العاملات الأجنبيات، بما في ذلك البائعات المتجولات، من آثار شديدة بصفة خاصة، حيث أفادت كثيرات منهن بافتقارهن إلى الأمن الغذائي، وعجزهن عن تدبير احتياجات أخرى أساسية.
حقوق اللاجئين والمهاجرين
أدت الأحداث في أفغانستان وميانمار إلى موجات نزوح جديدة في المنطقة. ففي أعقاب عمليات الإخلاء من مطار كابول، والتي اتسمت بالفوضى، في أغسطس/آب، فر كثيرون براً إلى إيران وباكستان، ولكن طالبان فرضت قيوداً على المغادرة، وأدت عمليات إغلاق الحدود إلى الإضرار بحقوق الفارين في طلب اللجوء في بلدان أخرى. وبحلول نهاية العام، كان أكثر من مليون أفغاني ممن لا يحملون وثائق قد أُعيدوا من إيران وباكستان، وأُعيد معظمهم بشكل غير طوعي.
كما تعرض مهاجرون وطالبو لجوء من ميانمار للإعادة القسرية من بلدان أخرى في المنطقة أو لمنعهم من دخول هذه البلدان. فقد رد حرس الحدود في تايلند حوالي2,000 قرويًا من الكارين، كانوا يحاولون الفرار من الغارات الجوية التي شنها الجيش. وقامت السلطات في ماليزيا بإعادة ما يزيد عن 1,000 شخص إلى ميانمار، بالرغم من وجود مخاطر جسيمة بتعرضهم للاضطهاد، وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان.
وكان من شأن وضع حقوق الإنسان في ميانمار أيضاً أن يجعل من المستحيل إعادة الروهينغيا اللاجئين في بنغلاديش بصورة طوعية. ومع ذلك، استمر تقييد حقوقهم في بنغلاديش، حيث كانوا أيضاً عُرضة للعنف. وقد نُقل ما يزيد عن 19,000 شخص إلى جزيرة باسان تشار النائية، حيث حُرموا من حقهم في حرية التنقل.
وفي عدة بلدان أخرى، تعرض لاجئون ومهاجرون للاحتجاز لفترات طويلة ولمعاملة سيئة. ففي اليابان، وُضع بعض طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين رهن الاحتجاز إلى أجل غير مُسمى. وخلص تحقيق في وفاة امرأة من سري لنكا في أحد مراكز احتجاز المهاجرين هناك إلى أنها لم تحصل على رعاية طبية كافية. وواصلت السلطات الأسترالية احتجاز اللاجئين وطالبي اللجوء تعسفياً إلى أجل غير مُسمى داخل البلاد وخارجها. وتعرض بعض طالبي اللجوء المحتجزين في نيوزيلندا لمعاملة سيئة، وإن كانت الحكومة قد أعلنت، في خطوة إيجابية، عن إجراء مراجعة مستقلة لأسلوب احتجاز طالبي اللجوء في منشآت الاحتجاز الجنائية لأسباب تتعلق بالهجرة فقط.
وفي عدة بلدان، من بينها تايوان وسنغافورة وفيتنام وكوريا الجنوبية وماليزيا، كانت الإجراءات الوقائية من فيروس كوفيد-19 تنطوي على التمييز بشكل جائر ضد العمال الأجانب.
حقوق النساء والفتيات
كانت هناك انتكاسات كبرى فيما يتعلق بحقوق النساء والفتيات في المنطقة. ففي أفغانستان، تراجع بين ليلة وضحاها التقدم الذي تحقق على مدى 20 عاماً نحو تعزيز الحماية والاحترام لحقوق المرأة. فقد أُقصيت النساء من التمثيل في الإدارة الجديدة بقيادة طالبان، كما مُنعن من العمل في قطاعات كثيرة. وفُرضت قيود شديدة تحد من فرص حصول الفتيات على التعليم، وتعرضت المدافعات عن حقوق الإنسان، والصحفيات، والقاضيات، والمدعيات للتهديد والترهيب. وقُوبلت المظاهرات المؤيدة لحقوق المرأة بالعنف من جانب طالبان.
أما العنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، المترسخ بالفعل في كثير من بلدان المنطقة، فقد تفاقم في سياق تصدي الدول لوباء فيروس كوفيد-19. ووردت أنباء عن تزايد معدلات العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في بابوا غينيا الجديدة، وبنغلاديش، وسري لنكا، وفيجي على سبيل المثال.
ولم يتحقق تقدم يُذكر بخصوص المطالبات بالمحاسبة عن حوادث العنف ضد المرأة وبتوفير أشكال أقوى من الحماية للمرأة. فقد شنَّت الحكومة الصينية حملة تشهير ضد نساء منفيات يعشن في الخارج وسبق أن احتُجزن في إقليم شينجيانغ لأنهن جاهرن بالحديث عن العنف الجنسي داخل ما يُسمى “مراكز إعادة التثقيف”. وفي باكستان، أقر البرلمان مشروع قانون بشأن العنف الأسري، ولكن المعارضة من جانب أحزاب محافظة دفعت الحكومة إلى أن تطلب من هيئة دينية استشارية مراجعة المشروع، حسبما ورد. وفي الوقت نفسه، استمر هناك شيوع عدم المحاسبة عن حوادث العنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. وفي نيبال، لم يتحقق أي تقدم نحو تعديل البنود الدستورية التي تحرم المرأة من المساواة في حقوق الجنسية، أو في إلغاء البنود التي تتسم بالتقييد الشديد والمتعلقة بالتقادم في قضايا الاغتصاب.
حقوق أفراد مجتمع الميم
ظل أفراد مجتمع الميم في بلدان كثيرة في المنطقة يتعرضون للاضطهاد أو يواجهون أشكالاً أخرى من التمييز المجحف في القانون وفي الممارسة الفعلية. وظلت العلاقات الجنسية بالتراضي بين أفراد من الجنس نفسه مُجرَّمة في بعض البلدان.
وشُنت حملات مناهضة لأفراد مجتمع الميم في عدة بلدان. ففي ماليزيا، وُضع ما يزيد عن1,700 شخص في معسكرات لإعادة التأهيل تديرها الحكومة وتهدف إلى تغيير “نمط الحياة” و”الميول الجنسية” لأفراد مجتمع الميم. وواصلت السلطات الصينية حملتها الرامية إلى “تنظيف” الإنترنت من المحتوى المعبر عن مجتمع الميم. ومُنع رجال لهم مظهر أنثوي من الظهور على قنوات التليفزيون، كما أُغلقت حسابات لمنظمات مجتمع الميم على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي أفغانستان، أوضحت طالبان صراحةً أنها لن تحترم حقوق مجتمع الميم.
وتحقق تقدم ضئيل في الإقرار بزواج أفراد من الجنس نفسه في تايوان، ولكن أفراد مجتمع الميم ظلوا يعانون من التمييز المجحف.
حقوق السكان الأصليين
تزايدت التعديات على تقاليد وسُبل معيشة السكان الأصليين في المنطقة من جراء المصالح التجارية والتدهور البيئي، كما خُفضت الحماية القانونية لهم في بلد واحد على الأقل. ففي بنغلاديش، عانى السكان الأصليون من شُح الموارد بسبب تزايد عمليات إزالة الغابات والاستيلاء على الأراضي. واحتج السكان الأصليون في بابوا غينيا الجديدة على الآثار السلبية لأعمال التنقيب عن المعادن في أعماق البحار على سُبل معيشتهم وثقافتهم. ورفعت إحدى جماعات السكان الأصليين في ماليزيا دعوى مراجعة قضائية ضد حكومة ولاية سلانغور للطعن في خطط الحكومة لإخلاء الجماعة من أراضيها من أجل إقامة مشروع سياحي. وفي تايلند ونيبال، لم يُسمح للسكان الأصليين الذين أُخلوا قسراً من أراضيهم في سنوات سابقة بالعودة إلى أراضيهم، ولم تُوفر لهم أراض أو سُبل عيش بديلة.
وفي فيجي، أقر البرلمان تعديلات على قانون إدارة أراضي السكان الأصليين (إيتوكي) لإلغاء شرط الحصول على موافقة المالك في حالات أوامر الرهن والإيجار التي تصدر بخصوص أراضٍ يمتلكها السكان الأصليون، مما أدى إلى احتجاجات قُبض خلالها على أكثر من 10 أشخاص. واتخذت المحاكم في تايوان بعض الخطوات لإقرار حقوق السكان الأصليين في أراضيهم وأساليبهم التقليدية في الصيد، ولكن القانون القائم ظل يفتقر إلى ما يكفي من ضمانات الحماية.
وفي كمبوديا، حُرم السكان الأصليون، والمدافعون عن الغابات، من الوصول إلى أراضيهم التقليدية لممارسة أنشطة حفظ الغابات. وفي هذا البلد وغيره، كانت جهود السكان الأصليين لحماية أراضيهم تُقابل بالعنف، وبحملات القبض. ففي إندونيسيا، تعرض السكان الأصليون في مقاطعتي سومطرة ورياو لاعتداءات عنيفة على أيدي حراس أمنيين خصوصيين توظفهم شركات الورق، وذلك لدى سعي هؤلاء السكان لوقف زراعة أشجار الكافور على أراضيهم.
وفي الفلبين، تعرض أفراد من السكان الأصليين والنشطاء المدافعين عن حقوق السكان الأصليين للاعتقال والقتل. فقد أردى مهاجمون مجهولون بالرصاص عمدة إحدى القرى، وتُدعى جولي كاتامين، والتي كانت شاهدة في قضية تتعلق بمداهمة شنتها الشرطة في ديسمبر/كانون الأول 2020، وقُبض خلالها على عدد من زعماء جماعة توماندوك من السكان الأصليين كما قُتل آخرون. وفي الهند، ظلت النساء من الداليت والأديفاسي (من السكان الأصليين) عُرضةً لخطر العنف الجنسي على أيدي رجال من الطبقات المهيمنة.
الجرائم بموجب القانون الدولي
جمعت منظمة العفو الدولية أدلةً قاطعة على أن الحكومة الصينية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك السجن أو غيره من صور الحرمان الشديد من الحرية الجسدية، والتعذيب والاضطهاد ضد الجماعات العرقية، المسلمة في أغلبها، التي تعيش في إقليم شينجيانغ. وبالرغم من ادعاءات الحكومة بعكس ذلك، فقد واصلت حملة الاعتقالات الجماعية التعسفية، المصحوبة بالعنف والترهيب، بغرض اقتلاع المعتقدات الدينية الإسلامية والممارسات العرقية الثقافية للمسلمين الناطقين بالتركية.
وارتكبت أطراف النزاع في أفغانستان انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، ومن بينها جرائم حرب. فكثيراً ما استُهدف أبناء جماعة الهزارة العِرقية، بما في ذلك خلال هجمات طالبان واستيلائها على الحكم. وتعرض ما يزيد عن 100 من أفراد قوات الأمن السابقين للاختفاء القسري أو الإعدام خارج نطاق القضاء على أيدي طالبان، وأُعدم في ولاية دايكندي وحدها تسعة جنود من الهزارة، كانوا قد استسلموا. كما وقعت عدة مذابح على أيدي طالبان راح ضحيتها مدنيون من الهزارة، بما في ذلك مذابح في ولايتي غزني ودايكندي.
وفي ميانمار، كان الجيش مسؤولاً عن هجمات عشوائية وهجمات موجَّهة ضد المدنيين. ومنع الجيش وصول الهيئات الإنسانية إلى النازحين داخلياً. وكان اثنان من موظفي الإغاثة الإنسانية من منظمة أنقذوا الأطفال ضمن من قُتلوا على أيدي الجيش في ولاية كايا شرقي البلاد، في ديسمبر/كانون الأول.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
لم يتحقق سوى تقدم محدود في منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، حيث ظلت ممارسته سائدةً في عدد كبير من بلدان المنطقة. وكانت هناك خطوات في باكستان وتايلند لتجريم التعذيب، ولكن التشريع المقترح في تايلند لم يكن متسقاً تماماً مع المعايير الدولية. وفي سري لنكا، صدرت قواعد تنظيمية جديدة بموجب قانون منع الإرهاب من شأنها أن تعرض المحتجزين لمزيد من مخاطر التعذيب.
واستمر ورود أنباء عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في تلك البلدان وغيرها. ففي ميانمار، وُثقت حالات من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة استهدفت أشخاصاً اعتُقلوا بسبب معارضتهم للانقلاب، وأسفرت عن وفيات في بعض الأحيان. وواصلت السلطات الصينية استخدام التعذيب ضد محتجزين في إقليم شينجيانغ وغيره، كما حاكمت من جاهروا بالحديث عن محنتهم. وفي نيبال، استُخدم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع في مرحلة الاحتجاز الاحتياطي بغرض انتزاع “اعترافات” وترهيب المحتجزين. ولم تصدر أي أحكام بالإدانة بموجب القانون الجنائي الصادر عام 2017، الذي يجرِّم هذه الممارسات. وفي ماليزيا، ظل من الشائع وقوع وفيات أثناء الاحتجاز أو بعد وقت قصير من الإفراج، وكان سببها، في بعض الحالات على الأقل، هو التعرض للضرب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز.
الإفلات من العقاب
ظل الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم بموجب القانون الدولي يبعث على القلق البالغ في عدد كبير من بلدان المنطقة.
وما زال ضحايا الجرائم بموجب القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي ارتُكبت خلال النزاعات المسلحة السابقة في نيبال وسري لنكا، محرومين من نيل العدالة. ففي نيبال، تقاعست آليات العدالة الانتقالية عن البت في أي قضية. وفي أعقاب التقاعس المتكرر من جانب حكومة سري لنكا عن المضي قدماً لتحقيق العدالة على المستوى المحلي، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً بإنشاء آلية لجمع الأدلة عن الجرائم الدولية التي ارتكبتها أطراف النزاع.
وفي غياب تقدم على المستوى المحلي، شرعت المحكمة الجنائية الدولية في إجراء تحقيقاتها في بلدين. إلا إن تحقيق المحكمة في الفلبين بخصوص الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في سياق “الحرب على المخدرات” توقف لحين نظر المحكمة في طلب بالتأجيل قدمته الحكومة. كما استأنفت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاتها في أفغانستان، ولكنها ركَّزت فقط على الأفعال التي ارتكبتها طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان، وتجاهلت جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الأمن التابعة للحكومة الأفغانية، وأفراد الاستخبارات والقوات العسكرية الأمريكية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعرض للخطر سمعة المحكمة وأن يزيد من ترسيخ الإفلات من العقاب. وتقاعست السلطات الأسترالية عن اتخاذ أي إجراء ضد أفراد القوات الخاصة الأسترالية الذين أُحيلوا للتحقيق في عام 2020 فيما يتصل بجرائم حرب زُعم أنها ارتُكبت في أفغانستان.
وظل الإفلات من العقاب يسهم في تسهيل ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في أماكن أخرى، بما في ذلك الهند حيث كانت حوادث الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة تُرتكب بشكل منهجي وعلى نطاق واسع. وفي باكستان، عُرض على البرلمان مشروع قانون لإدخال تعديلات على قانون العقوبات الجنائية الباكستاني لتجريم الاختفاء القسري، ولكنه لم يكن كافياً لتوفير الحماية من هذه الجريمة. وفي بنغلاديش، أنكرت الحكومة مسؤوليتها أو ادعت أن قوات الأمن كانت تتصرف في حالة “دفاع عن النفس”، بدلاً من التحقيق فيما زُعم من حالات الاختفاء وأعمال القتل غير المشروع. وواصلت قوات الأمن الإندونيسية ارتكاب أعمال قتل غير مشروعة في بابوا وبابوا الغربية دون مساءلة أو عقاب في معظم الأحيان.
توصيات
بالرغم من التطورات الإيجابية القليلة، فقد استمر الانتقاص من احترام حقوق الإنسان وحمايتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ولم يكن الوقوع المأساوي لأفغانستان وميانمار في خضم أزمات أمراً مفاجئاً في منطقة كثيراً ما يتم فيها تجاهل حقوق الإنسان، ويتزايد ميل الحكومات إلى عدم التسامح مع الانتقاد، ويسود التمييز المجحف ضد النساء والفتيات والفئات المهمَّشة، ويتفشى الإفلات من العقاب.
يتعين على الحكومات احترام وتسهيل ممارسة الحق في حرية التعبير، وفي التجمع السلمي، وفي تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وينبغي إلغاء القوانين التي تحد من هذه الحقوق، بما في ذلك القواعد التنظيمية المقيِّدة المفروضة على الإعلام وعلى الاتصال بالإنترنت وعلى المنظمات غير الحكومية. كما ينبغي إنهاء الاعتقال والاحتجاز التعسفيين لمنتقدي الحكومة. وينبغي أن يحظى العمل المشروع للمدافعين عن حقوق الإنسان بالاحترام والحماية.
ويجب على الحكومات أن تتعلم الدروس من التحديات التي واجهتها في التصدي لوباء كوفيد-19، وأن تلتزم بتوفير أعلى مستويات الاستثمار في أنظمة الرعاية الصحية وفي حماية الحق في الصحة.
وهناك حاجة لمزيد من الجهود المتسقة من جانب الحكومات في شتى أنحاء المنطقة لمعالجة الانتكاسات التي لحقت بحقوق النساء والفتيات في سياق الوباء، وللتصدي للعنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. كما ينبغي تكثيف الضغوط على حكومة طالبان في أفغانستان لحثها على التراجع عن سياستها المتمثلة في الانتقاص من حقوق وحريات النساء والفتيات.
ويجب على الحكومات في مختلف أنحاء العالم أن تكف عن إعادة أي شخص إلى أفغانستان أو ميانمار، بغض النظر عن وضعهم المتعلق بالهجرة، إلى أن تتوفر ضمانات لحماية حقوق الإنسان. ويجب إنهاء أسلوب احتجاز طالبي اللجوء دونما سبب سوى وضعهم المتعلق بالهجرة.
وينبغي على الحكومات تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الإفلات من العقاب، وذلك بإجراء تحقيقات وافية ومستقلة ونزيهة وفعالة وتتسم بالشفافية في الجرائم بموجب القانون الدولي، وبتقديم المشتبه في ارتكابهم هذه الجرائم إلى ساحة العدالة. وينبغي توسيع نطاق التعاون الكامل ليشمل إجراءات العدالة الدولية.