آسيا والمحيط الهادئ

العودة. آسيا والمحيط الهادئ

آسيا والمحيط الهادئ 2023

شهد العام تحقق مكاسب متواضعة على صعيد حقوق النساء وأفراد مجتمع الميم في عدة بلدان؛ وصدر قانون جديد يجرِّم التعذيب والاختفاء القسري في تايلند؛ وألغيت عقوبة الإعدام الإلزامية في ماليزيا. ومع ذلك، فقد ظلت آفاق حقوق الإنسان ملبدة بالغيوم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

فقد حصد الصراع المسلح المتصاعد في ميانمار المزيد من أرواح المدنيين، وأدى إلى المزيد من النزوح. وفي أفغانستان، كثَّفت حكومة طالبان ما تمارسه من أعمال القمع، وخصوصًا قمعها للنساء والفتيات. وتنامت درجة عدم التسامح مع المعارضة في كثير من أنحاء المنطقة مع تشديد القيود على الحقوق في حرية التعبير، وحرية التجمع، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها في العديد من البلدان والأقاليم. وتعرض للاعتقال والاحتجاز التعسفي منتقدو سياسات الحكومات وأفعالها، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان، والنشطاء السياسيون، والصحفيون؛ وكثيرًا ما قوبلت مظاهرات الاحتجاج على الظلم بالقوة غير المشروعة، بل والمميتة أحيانًا.

واستمرت الأنماط الطويلة الأمد من التمييز ضد الأقليات الدينية والعرقية، وما يسمى الطبقات الدنيا، والنساء والفتيات، وأفراد مجتمع الميم، والشعوب الأصلية. وتضرر من هذا التمييز بنوع خاص الأشخاص الذين ينتمون لتلك الفئات المهمشة وغيرها في البلدان التي تعاني من أزمات اقتصادية؛ وكانوا هم أيضًا أول من كابد العواقب المهلكة في كثير من الأحيان للظواهر الجوية الناجمة عن تغير المناخ؛ غير أن الحكومات في شتى أنحاء المنطقة تقاعست عن اتخاذ إجراءات فعالة لكبح جماح الانبعاثات الكربونية أو إرساء التدابير الفعالة للحماية والتكيف.

حرية التعبير

ظل الحق في حرية التعبير معرضًا للخطر إذ عمدت حكومات كثيرة إلى تكثيف إجراءاتها القمعية ضد وسائل الإعلام، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأحزاب المعارضة، ومنتقدي هذه الحكومات وغيرهم.

وواصلت عدة بلدان أو شددت ما تفرضه من قيود مفرطة أصلًا؛ ففي أفغانستان، كان الصحفيون وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام ضمن من تعرضوا للمضايقات والاعتقال التعسفي، وأغلقت السلطات المزيد من وسائل الإعلام أو أجبرتها على الإغلاق. وفي ميانمار، كان الصحفيون ضمن من قدموا للقضاء، وفرضت عليهم عقوبات السجن لمدد طويلة عقب محاكمات جائرة. وفي كوريا الشمالية، لم تخفف الحكومة من سيطرتها الكاملة على حيز المجتمع المدني، واستمرت في إنزال عقوبات غليظة بكل من يتجاسر على انتقاد الحكومة أو ينخرط فيما وصف بالأيديولوجية “الرجعية”.

من جهة أخرى، اتخذت محاولات الحكومات لإخراس الأصوات التي تنتقدها أشكالًا عديدة؛ فقد دخلت حيز التنفيذ قوانين أو لوائح جديدة تقيد الحق في حرية التعبير في بابوا غينيا الجديدة، وباكستان، وبنغلاديش، وسنغافورة، والصين، والهند. وألغت الحكومة الجديدة في فيجي قانونًا يقيد حريات الإعلام، ولكن ظلت قوانين أخرى مقيدة للحريات سارية.

وفي كمبوديا، ألغت السلطات ترخيص واحدة من القلة القليلة المتبقية من سائل الإعلام المستقلة. وفي الهند، اتخذت الحكومة من الهيئات المالية والتحقيقية المركزية لمداهمة وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان وتعليق تراخيصها. أما بوتان، حيث يُمنع موظفو الخدمة المدنية من مشاركة المعلومات ذات المصلحة العامة مع وسائل الإعلام، فقد انزلقت إلى مرتبة أدنى في التصنيف العالمي لحرية الصحافة.

وتزايد استخدام تقنيات الرقابة والمراقبة في قمع المعارضين؛ ففي الصين، صدرت مبادئ توجيهية جديدة تفرض المزيد من القيود على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، في حين ألزمت مؤسسات التواصل الاجتماعي بعض المستخدمين بالكشف عن هوياتهم، مما أثار القلق بشأن الحق في الخصوصية. وفي هونغ كونغ، استخدم قانون الأمن القومي شديد الصرامة والقانون المتعلق بإثارة الفتنة الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية في فرض الرقابة على الكتب، والأغاني، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المواد المنشورة داخل أو خارج الإنترنت. وفي فيتنام، تبين لمنظمة العفو الدولية أن موظفين تابعين للدولة، أو أشخاصًا يعملون لصالحها، كانوا على الأرجح يقفون وراء حملة تستهدف العشرات من الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام برنامج بريديتور للتجسس الإلكتروني، في حين تقاعست الحكومة التايلندية عن معالجة بواعث القلق المتعلقة باستخدام برنامج بريديتور للتجسس على المدافعين عن حقوق الإنسان، والسياسيين، ونشطاء المجتمع المدني.

وبات من الشائع أيضًا استخدام المضايقات القضائية كأداة للنيل ممن يتبادلون معلومات أو يعبرون عن آراء تنتقد الحكومات، أو تعتبرها الحكومات حساسة؛ ففي فيتنام، تعرض الصحفيون والنشطاء للملاحقة القضائية أو زج بهم في السجون بتهمة “نشر دعاية مناهضة للدولة”. وفي المالديف، اعتُقل صحفيون بسبب تقاريرهم الصحفية عن المظاهرات وغيرها من الفعاليات. وفي ماليزيا، لم تنكث الحكومة وعودها بإلغاء القوانين التي تقيد الحق في حرية التعبير فحسب، بل تمادت في استخدامها للتحقيق مع مخرجي ومنتجي الأفلام ومحرري الكتب، إلى جانب آخرين. وفي تايلند، استمرت السلطات في تطبيق قوانين تقيد التواصل عبر الإنترنت بهدف الملاحقة القضائية للمنتقدين، في حين ظل منتقدو الحكومة في الفلبين يواجهون تهمًا باطلة. وظلت الدعوات السلمية لاستقلال بابوا جريمة يعاقب عليها بالسجن في إندونيسيا. وفي لاوس، استمرت الأنماط طويلة الأمد من التخويف، والاحتجاز التعسفي، والقتل غير المشروع، والإخفاء القسري للمدافعين عن حقوق الإنسان. وكذلك في باكستان، كان من بين من تعرضوا للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري الصحفيون، والمدافعون عن حقوق الإنسان، ومنتقدو الحكومة والمؤسسة العسكرية.

ولاحت مؤشرات على أن ظاهرة قمع المعارضة عبر الحدود الوطنية تزداد ترسّخًا في المنطقة؛ فقد قامت سلطات الصين وهونغ كونغ بملاحقة النشطاء، بما في ذلك المواطنون الذين فروا إلى الخارج، بإصدار أوامر بالاعتقال، وعرض مكافآت مالية، وممارسة الضغوط على البلدان الأخرى لحملها على إعادتهم إلى وطنهم. وعاد اثنان من المدافعين عن حقوق الإنسان من لاوس ثم احتُجزا في الصين. وكان للسلطات الفيتنامية ضلع في اختطاف ناشط بارز على اليوتيوب (يوتيوبر) من تايلند، في حين قُتل مدافع لاوسي عن حقوق الإنسان بطلق ناري في تايلند.

يجب على الحكومات إلغاء جميع القوانين والأنظمة التي تجرِّم التعبير المشروع أو تفرض قيودًا أخرى عليه، ووضع حد لجميع التحقيقات أو الملاحقة القضائية غير المبررة التي تتعلق بالممارسة المشروعة للحق في حرية التعبير، واحترام الحريات الإعلامية.

حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

فيما عدا فيجي، التي لاحت فيها مؤشرات على مزيد من التسامح، تمادت الحكومات في مختلف أنحاء المنطقة في تقييد الحق في التجمع السلمي.

ففي تايلند، وجهت السلطات تهمًا جنائية ضد زهاء 2,000 شخص حتى نهاية العام بسبب مشاركتهم في مظاهرات تنادي بالإصلاح السياسي والاجتماعي الذي بدأ عام 2020. وبدا من المستبعد أن يُعرف على الإطلاق عدد المحتجزين بسبب مشاركتهم في فعاليات إحياء ذكرى ضحايا الحريق الذي شب في بناية سكنية في أورومتشي بالصين عام 2022، وفي المظاهرات المتعلقة بها التي قامت احتجاجًا على القيود المفروضة أثناء جائحة كوفيد-19، ولكن ترددت أنباء تفيد باستمرار المضايقات لمن شاركوا في المظاهرات، وصدر حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات على طالبة من الأويغور لنشرها تسجيلًا مصورًا للمظاهرات على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ماليزيا ومنغوليا، استمرت السلطات في استخدام القوانين القمعية لتقييد الحق في التجمع السلمي. أما في كوريا الجنوبية، فقد ساهم المنحى الآخذ في الصرامة والتشدد الذي انتهجته السلطات ضد المظاهرات “غير القانونية” في تهيئة الأجواء لدعاوى التعويضات الباهظة التي رفعتها إحدى الشركات المملوكة للدولة على المناضلين من أجل حقوق ذوي الإعاقة. وفي ميانمار، اعتُقل العشرات من الأشخاص بسبب وضعهم الزهور على رؤوسهم احتفالًا بعيد ميلاد مستشارة الدولة السابقة المسجونة أونغ سان سوتشي.

وظل من الشائع استخدام القوة بصورة غير مشروعة مما أفضى إلى وقوع إصابات ووفيات في بعض الأحيان؛ ففي أفغانستان، ورد أن طالبان استخدمت الأسلحة النارية وخراطيم المياه ومسدسات الصعق لفض المظاهرات، بما في ذلك المظاهرات المؤيدة لحقوق النساء وغيرها. وسعت السلطات لحظر المظاهرات في كل من باكستان وسري لنكا، وكثيرًا ما لجأت لاستخدام القوة المفرطة وغيرها من أشكال القوة غير المشروعة ضد المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى كثيرين في كلا البلدين. وفي بنغلاديش، استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي، والذخيرة الحية، والغاز المسيل للدموع ضد المظاهرات التي قادتها المعارضة، مما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل؛ كما اعتقلت السلطات الآلاف من الأشخاص. وفي إندونيسيا والمالديف ونيبال أيضًا استخدمت قوات الأمن القوة غير المشروعة ضد المتظاهرين.

وتم تشديد القيود على الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها في عدة بلدان؛ ففي كمبوديا، مُنع حزب المعارضة الوحيد في البلاد من المشاركة في الانتخابات، وصدر حكم بالسجن 27 سنة على أحد قادة المعارضة السياسية. وفي الفلبين، كانت المنظمات الحقوقية والإنسانية ضمن من طالتهم تهمة الارتباط بالجماعات الشيوعية المحظورة أو الخاضعين لأسلوب “التصنيف الأحمر”، مما جعل أعضاءها نهبًا للتهم الملفقة، والقتل غير المشروع، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان. وفي كوريا الجنوبية، واجهت النقابات العمالية بيئة تتسم بالعداء المتزايد، حيث أخضع العشرات من النشطاء العماليين للتحقيق الجنائي.

يجب على الحكومات احترام وتسهيل ممارسة الحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. ولا بد من إيلاء الاحترام الواجب والحماية الكافية للعمل الذي يقوم به المدافعون عن حقوق الإنسان، وضمان إتاحة البيئة الملائمة التي تمكنهم من ممارسة عملهم.

عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية

اعتُقل مدافعون عن حقوق الإنسان، ونشطاء سياسيون وبيئيون، وغيرهم، واحتجزوا تعسفيًا بسبب اعتراضهم على سياسات وأفعال الحكومات، أو بسبب هويتهم الإثنية أو الدينية أو غير ذلك.

ففي الصين، استمرت عمليات الاحتجاز التعسفية والمحاكمات الجائرة ضد أفراد جماعة الأويغور، وغيرها من الجماعات العِرقية ذات الأغلبية المسلمة في منطقة شينجيانغ أويغور ذات الحكم الذاتي. وفي ميانمار، ظل أكثر من 20,000 شخص قيد الاحتجاز بسبب معارضتهم للانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد عام 2021، واستمرت المحاكمات التي تتسم بالجور الفادح.

وفي باكستان، استخدمت السلطات مرسوم الحفاظ على النظام العام وقانون مكافحة الإرهاب مبهم الصياغة كي تحتجز بصورة تعسفية أكثر من 4,000 شخص ممن شاركوا في مظاهرات اندلعت في أعقاب اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان في مايو/أيار. وقُدِّم 103 مدنيين آخرين للمحاكمة أمام القضاء العسكري، من بينهم زعماء سياسيون ونشطاء. وبالرغم من أن المحاكم الهندية قد وافقت على الإفراج بكفالة عن العديد من الصحفيين المحتجزين بصورة تعسفية في ولاية جمو وكشمير، أو إلغاء أوامر احتجازهم، فقد ظل المدافعون عن حقوق الإنسان محتجزين بدون محاكمة في هذه الولاية وغيرها، لسنوات في كثير من الأحيان.

وفي منغوليا، أدى غياب الضمانات الإجرائية إلى اعتقال أعداد كبيرة من الأشخاص بدون أوامر قضائية.

يجب على الحكومات إنهاء جميع عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية لمنتقديها وغيرهم، والإفراج فورًا عن أي محتجز لم يكن لاحتجازه سببٌ سوى ممارسته حقوقه في حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أو أي حق آخر من حقوق الإنسان.

الإفلات من العقاب والحق في تحقيق العدالة

ظلت ظاهرة الإفلات من العقاب متفشية على نطاق واسع في بلدان المنطقة، وبات من المعتاد أن يُحرم الضحايا من حقوقهم في تحقيق العدالة، ومعرفة الحقيقة، والحصول على التعويض.

وعلى الرغم من أن قرار المحكمة الجنائية الدولية باستئناف التحقيقات في الفلبين قد منح بصيصًا من الأمل لعائلات ما لا يعد ولا يحصى من ضحايا أعمال القتل غير المشروع التي وقعت أثناء “الحرب على المخدرات”، فقد ظل تحقيق المساءلة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان مطمحًا عزيز المنال. وفي تايلند، ساد الإفلات من العقاب عن أعمال القتل غير المشروع التي قامت بها قوات أمن الدولة. وأخفقت حكومتا سري لنكا ونيبال مرة أخرى في إحراز تقدم ذي شأن نحو تحقيق العدالة، ومعرفة الحقيقة، وتقديم التعويضات لعشرات الآلاف من ضحايا الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي وقعت إبان الصراعات المسلحة الداخلية في كلا البلدين.

يجب على الحكومات التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب بالقيام بتحقيقات شاملة ومستقلة ونزيهة بشأن الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وبتقديم المشتبه في ارتكابهم لها إلى القضاء في محاكمات عادلة. ولا بد من إبداء التعاون الكامل مع التحقيقات وإجراءات العدالة الدولية، وما يُحكم به من تعويضات عن الانتهاكات التاريخية لحقوق الإنسان.

انتهاكات القانون الدولي الإنساني

استمرت انتهاكات القانون الدولي الإنساني في ميانمار، حيث لقي أكثر من 1,000 مدني حتفهم من جراء الهجمات الجوية والبرية العشوائية والمستهدفة التي شنتها قوات الجيش والميليشيات المرتبطة بها على نطاق واسع في مختلف أنحاء البلاد. وترددت أيضًا أنباء عن هجمات شنتها جماعات المعارضة المسلحة على المدنيين المرتبطين بالسلطات العسكرية الميانمارية. وفي سياق المقاومة المسلحة لطالبان المستمرة في ولاية بنجشير، وردت أدلة جديدة عن العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات طالبان على السكان المدنيين، والإعدام خارج نطاق القضاء لمقاتلي جبهة المقاومة الوطنية الذين وقعوا في الأسر، في حين أسفرت هجمات الجماعات المسلحة، وخصوصًا تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان، عن سقوط الآلاف بين قتيل وجريح.

يجب على جميع أطراف النزاعات المسلحة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك وقف الهجمات العشوائية أو المباشرة على المدنيين أو منشآت البنية التحتية المدنية.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

ظلت عدة بلدان غارقة في أزمات اقتصادية طاحنة؛ ففي باكستان ولاوس، كانت الفئات الأكثر تعرضًا للتهميش هي الأشد تضررًا من الارتفاع الهائل لمعدلات التضخم، وما نجم عنه من استفحال غلاء المعيشة. وفي سري لنكا، حيث بات أكثر من ربع السكان مهددين بتردي مستوى معيشتهم إلى ما دون خط الفقر، أمسى الحصول على الغذاء، والرعاية الصحية، وغيرها من الاحتياجات الأساسية تحديًا يوميًا، خصوصًا العاملين المياومين وأبناء طائفة تاميل مالاياها. واشتدت وطأة الأزمة الإنسانية في أفغانستان، مما أثار المخاوف من أن تتصاعد من جديد الأعداد المرتفعة أصلًا للسكان المعتمدين على المساعدات الإنسانية؛ ومع ذلك، فقد ظلت خطة الاستجابة الإنسانية تعاني من نقص شديد في التمويل.

وفي بابوا غينيا الجديدة، أدى النقص المزمن الذي يعاني منه نظام الصحة إلى عدم تيسر الرعاية الصحية الكافية لجزء كبير من السكان. واستمر انعدام الأمن الغذائي في كوريا الشمالية، وأصبحت الرعاية الصحية، بما في ذلك الأدوية الأساسية واللقاحات، غير متوفرة في كثير من الأحيان.

ونتيجة لعمليات الإخلاء القسري وهدم المنازل صار الآلاف من الأشخاص في عداد المشردين والمعدِمين، أو معرضين لأن يصبحوا كذلك. ففي كمبوديا، استمرت عملية الإخلاء القسري لـ 10,000 عائلة من موقع أنغكور المدرج على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. وأصبح قرابة 300,000 شخص بلا مأوى في الهند في أعقاب هدم التجمعات السكنية غير الرسمية في دلهي استعدادًا لانعقاد قمة مجموعة العشرين؛ واستمرت عمليات هدم منازل المسلمين في الغالب، ومحلاتهم التجارية، وأماكن عبادتهم، عقابًا لهم على أعمال العنف المجتمعي. وفي إندونيسيا، لجأت السلطات لاستخدام القوة المفرطة ردًا على مظاهرات نظمها الأهالي احتجاجًا على عمليات الإخلاء ومشاريع تنمية البنية التحتية المزمعة في مجتمعاتهم. أما في لاوس، فقد بات الآلاف من القرويين مهددين بالنزوح بسبب مشروع بناء سد، في غياب أي ترتيبات كافية لتعويضهم.

وأدت السياسات الحكومية إلى تقويض الحقوق الثقافية واللغوية، والحق في التعليم، للأقليات الإثنية في مختلف أنحاء الصين، بما في ذلك السياسات الإدماجية التي تستهدف أطفال التبت والأويغور.

يجب على الحكومات أن تكفل حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن تضمن ألّا تؤدي سياساتها إلى تفاقم انتهاكات الحقوق في الغذاء والصحة وسبل العيش.

مساءلة الشركات

ظلت مساءلة الشركات عن انتهاكات حقوق الإنسان أمرًا صعب المنال في أكثر الأحيان. غير أن أبحاث منظمة العفو الدولية بشأن ميانمار ساهمت في تحقيق تطورات إيجابية؛ إذ قامت عدة شركات لها صلة بتوريد وقود الطائرات الذي يستخدمه جيش ميانمار في غاراته الجوية على المدنيين بوضع حد لدورها في ذلك. كما فرض كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وبلدان أخرى، عقوبات تستهدف بعض هذه الشركات.

يجب على الحكومات سن تشريعات تلزم الشركات بتوخي المراعاة الواجبة لحقوق الإنسان بحيث تضمن أن أنشطتها التجارية، وأنشطة شركائها، لا تتسبب أو تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان، وأن تتكفل بجبر أي ضرر ينجم عن أنشطتها.

حرية الدين والمعتقد

ظلت حرية الدين أو المعتقد مهددة في المنطقة، وخصوصًا في جنوب آسيا. ففي الهند، سُجلت المئات من حوادث العنف والتخويف التي تعرض لها المسلمون. كما كانت أعمال العنف ضد الأقليات الدينية واسعة الشيوع في باكستان، حيث تعرضت مقابر الطائفة الأحمدية للتدنيس، واستخدمت مزاعم التجديف لاستهداف الأقليات، ومن أمثلة ذلك اتخاذها مبررًا للاعتداءات على أكثر من 20 كنيسة في يوم واحد. وفي أفغانستان، تعرضت أقليات دينية للتمييز المفرط في ظل حكم طالبان، من بينها الشيعة، والهزارة، والسيخ، والهندوس، والمسيحيون، والأحمديون، والإسماعيليون. وحرصت حكومة طالبان أيضًا على أن يكون التعليم الديني الرسمي في البلاد قائمًا حصرًا على المذهب السني.

يتعيّن على الحكومات اتخاذ تدابير فعالة، بما في ذلك الإصلاحات القانونية والسياسية عند الاقتضاء، من أجل توفير الحماية الكاملة لحرية الدين أو المعتقد، وتعزيزها، وضمانها، بدون تمييز.

حقوق النساء والفتيات

تم تعزيز الضمانات القانونية الواقية من العنف الجنسي في اليابان، حيث أصبح تعريف الاغتصاب في القانون الجنائي يشمل الجنس بدون تراضٍ. وفي فيجي، أزيلت العقبات القانونية التي كانت تحول دون مشاركة النساء المتزوجات في الانتخابات.

غير أن واقع الكثير من النساء والفتيات في المنطقة ظل يغلب عليه التمييز الممنهج والعنف.

استمر تواتر الأنباء التي تفيد بارتفاع عدد حالات التحرش والمضايقة والعنف، بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، وخصوصًا في جنوب آسيا؛ ولم يخضع أحد للمساءلة عن هذه الأفعال إلا نادرًا. وفي الهند، كان مما أثار القلق بوجه خاص ارتفاع عدد حالات العنف الجنسي التي تعرضت لها النساء من طوائف الداليت وأديفاسي وكوكي على أيدي أفراد من الطبقات المهيمنة في المجتمع.

وتعددت أشكال التمييز المجحف؛ ففي أفغانستان، بلغت القيود المفروضة على حقوق النساء والفتيات، بتماديها المطرد في التطرف، وحجم انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضدهن، مستوى جريمة ضد الإنسانية، وهي جريمة الاضطهاد القائم على النوع الاجتماعي. وفي نيبال، استمر حرمان النساء من المساواة في حقوق المواطنة مع الرجال. وفي بوتان، وفيجي، واليابان، وغيرها من البلدان، ظل تمثيل النساء في المناصب العامة والقوى العاملة ناقصًا إلى حد كبير.

يجب على الحكومات تسريع الجهود المبذولة لإعلاء شأن حقوق النساء والفتيات وتعزيزها، ووضع حد لما تتعرض له النساء والفتيات من التمييز متعدد الجوانب أو التمييز القائم على النوع الاجتماعي، ومقاضاة مرتكبي العنف القائم على النوع الاجتماعي.

حقوق مجتمع الميم

شهدت حقوق مجتمع الميم مزيجًا من التقدم والانتكاسات خلال العام؛ ففي تايوان، اعترفت السلطات بحق معظم الشركاء المثليين من مختلف الجنسيات في الزواج، وفي 21 ديسمبر/كانون الأول، بدأ المشرعون التايلنديون إجراءات لتقنين الزيجات المثلية. وصدرت أحكام قضائية في هونغ كونغ ونيبال وكوريا الجنوبية تمنح المزيد من الاعتراف بحقوق الشركاء المثليين و/أو الأشخاص العابرين جنسيًا. ولكن في كوريا الجنوبية، أيدت المحكمة الدستورية تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي داخل الجيش الكوري. وبالإضافة إلى ذلك، دأبت الحكومات كعادتها على الطعن في الأحكام القضائية التي تؤكد على الحقوق، والمماطلة في تنفيذها.

وتجلت الأوضاع المضطربة لأفراد ومنظمات مجتمع الميم أيضًا في الصين، حيث أُجبرت منظمة مرموقة تُعنى بمجتمع الميم للإغلاق تحت وطأة الحملة الحكومية المستمرة ضد مجتمع الميم. وفي باكستان، قادت الجماعات السياسية والإسلامية حملة تضليل إعلامي تعرض ضمانات الحماية القانونية للأشخاص العابرين جنسيًا (خواجه سارا) للخطر، وأسفرت عن تصاعد التحرش وأعمال العنف ضد العابرين جنسيًا الأفراد غير معياريي النوع الاجتماعي. وفي الهند، رفضت المحكمة العليا منح اعتراف قانوني للزواج المثلي. وفي ماليزيا، حظرت السلطات الكتب وغيرها من المطبوعات التي ترى أنها تروج لأنماط حياة مجتمع الميم. وفي منغوليا، مُنعت مسيرة مؤيدة لمجتمع الميم.

يجب على الحكومات إلغاء القوانين والسياسات التي تنطوي على تمييز مجحف ضد أفراد مجتمع الميم، ومن سبل ذلك إلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي، ويتعين عليها الاعتراف بالزيجات المثلية، وتعزيز وحماية حقوق أفراد مجتمع الميم، وتمكينهم من أن ينعموا بحياة آمنة وكريمة.

التمييز المجحف القائم على العرق والطبقة وحقوق الشعوب الأصلية

ظل التمييز ضد الشعوب الأصلية، والتمييز القائم على العرق والطبقة، منتشرَيْن على نطاق واسع. ففي بلدان مثل إندونيسيا وكمبوديا وماليزيا، تم تجاهل حقوق الشعوب الأصلية في حين استمر الاستغلال التجاري لأراضيهم على نحو يهدد أرواحهم ومصادر رزقهم. وكثيرًا ما كانت المشاورات التي أجريت مع المجتمعات المتضررة، حيثما أجريت، تتسم بالسطحية، وكان نشطاء الشعوب الأصلية عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان. ففي الفلبين، تعرض اثنان من نشطاء حماية البيئة من أبناء السكان الأصليين للاختفاء القسري، ووُصم قادة المدافعين عن حقوق الشعوب الأصلية بالإرهاب.

وضاعت فرصة تاريخية لدفع حقوق شعوب الأمم الأولى في أستراليا عندما رُفض في استفتاء وطني اقتراح من شأنه أن يجعل لشعب الأمم الأولى “صوتًا” يمثلهم تمثيلًا مباشرًا في البرلمان. وفي نيوزيلندا، ظل شعب الماوري يكابد التمييز المجحف والتهميش، بما في ذلك في نظام العدالة الجنائية حيث بقي الماوري يشكلون نسبة مفرطة ممن تطالهم يد العدالة الجنائية. وفي الهند، استمر بلا هوادة التمييز المجحف القائم على الطبقة الاجتماعية.

يجب على الحكومات إتاحة سبل فعالة للعدالة أمام ضحايا التمييز المجحف القائم على العرق أو الطبقة، ووضع حد للإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الداليت، والشعوب الأصلية، وغيرهم من الفئات المعرضة لهذا الخطر، وإيلاء الأولوية للسياسات والبرامج الرامية للقضاء على التمييز الهيكلي، بما في ذلك التمييز السائد في نظام العدالة الجنائية.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

أكد تجريم التعذيب والاختفاء القسري في تايلند قدرة الحملات المتضافرة التي نظمها الضحايا والمدافعون عن حقوق الإنسان، ولكن لا يزال هناك الكثير مما ينبغي إنجازه في هذا البلد وغيره من البلدان لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وتواترت الأنباء في مختلف أنحاء المنطقة عن العديد من حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وكانت حالات الوفاة في الحجز شائعة للغاية. فخلال العام، لقي ما لا يقل عن 94 محتجزًا حتفهم في الحجز في بنغلاديش، وما لا يقل عن 13 في ماليزيا. وتقاعست السلطات النيبالية عن مساءلة أحد عن الكثير من الادعاءات الجديرة بالتصديق عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وفي أفغانستان، أفادت الأنباء الواردة بانتشار تعذيب المحتجزين على نطاق واسع، وباستخدام العقوبة البدنية على الملأ التي تصل إلى حد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وكان الجيش الإندونيسي مسؤولًا عن الاحتجاز التعسفي لمدنيين من سكان بابوا الأصليين، وتعذيبهم، ووفاتهم في الحجز، من بينهم أطفال.

يجب على الحكومات حظر وتجريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، واتخاذ تدابير فعالة لحماية الفئات المهمشة والمعرضة للخطر ووقايتها من أي انتهاكات. وحيثما تنشأ أي ادعاءات بوقوع انتهاكات، يتعين على الدول التحقيق فيها، ومحاسبة المسؤولين عنها، وإتاحة سبل الإنصاف في الوقت المناسب أمام الضحايا.

الحق في بيئة صحية

سلطت الفيضانات المدمرة، وارتفاع درجات الحرارة، والأعاصير الفتاكة الضوء على مدى قابلية تأثر هذه المنطقة بالظواهر الناجمة عن تغير المناخ. غير أن التدابير الرامية للحد من الانبعاثات الكربونية، وتدابير التأهب والتكيف، ظلت قاصرة إلى حد بعيد. وكما هو الحال دائمًا، فإن أفقر الفئات وأكثرها تهميشًا هي التي عانت من أخطر عواقب هذه الإخفاقات.

وكان ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف طائفة الروهينغيا من جراء الإعصار الذي ضرب ميانمار في مايو/أيار يُعزى في المقام الأول إلى الظروف المروعة التي ظلوا رازحين تحت وطأتها منذ إجبارهم على النزوح عام 2012. وفي الهند، سجلت نحو 200 حالة وفاة بسبب الفيضانات في منطقة الهيمالايا وموجات الحر التي اجتاحت ولايتي أوتار براديش وبيهار. وظلت باكستان تواجه موجات الحر اللافحة الناجمة عن تغير المناخ التي كانت لها أضرار بالغة على الصحة، وخصوصًا صحة الفقراء والعاملين في القطاع غير الرسمي.

وظلت جهود التخفيف، بدءًا بأهداف الانبعاثات التي حددتها دول كثيرة من بينها أكبرها إطلاقًا للانبعاثات، غير كافية لحصر الارتفاع في درجات الحرارة العالمية بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية. وكثيرًا ما كانت السياسات والأفعال غير منسجمة مع تحقيق الأهداف المنشودة التي كانت الدول قد تعهدت بها. فقد اعتمدت تايوان، على سبيل المثال، تشريعًا يلزم الحكومة بتخفيض الانبعاثات، ولكن لم يكن هناك إطار زمني للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، واستمرت أعمال التنقيب عن النفط.

ولم يكد يظهر أي مؤشر على تقليل الاعتماد على الفحم في أنظمة الطاقة بالمنطقة. بل بالعكس، استمرت الحكومات في إصدار تراخيص لإنشاء مصانع جديدة تدار بالفحم وتدشين مشاريع لتعدين الفحم في أستراليا والصين وإندونيسيا وكوريا الجنوبية، بالرغم من المعارضة الداخلية الشديدة في كثير من الأحيان. وكانت اليابان هي الدولة الصناعية الوحيدة في العالم التي لم تلتزم بالتخلص التدريجي من استخدام الفحم في إنتاج الطاقة الكهربائية.

تجاهلت الدول مرارًا وتكرارًا آثار الصناعات الاستخراجية على البيئة، وعلى الشعوب الأصلية وغيرها من المجتمعات المتضررة. ففي منغوليا، مثلًا، كانت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لا تزال قاصرة عن معالجة آثار عمليات التعدين في منطقة غوبي على صحة المجتمعات الرعوية وسبل عيشها. وفي بابوا غينيا الجديدة، أصدرت الحكومة ترخيصًا باستئناف مشروع لتعدين الذهب كان في السابق قد اقترن بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وبأضرار بيئية، مع أن الشركة المعنية لم تعالج تلك القضايا بصورة وافية.

يجب على البلدان الصناعية وغيرها من البلدان ذات الانبعاثات العالية في المنطقة أن تضطلع بدور ريادي في التخفيف من تغير المناخ، ومن سبل ذلك الإقلاع عن أي خطط للتوسع في إنتاج الوقود الأحفوري وعن تقديم أي إعانات لدعمه، والتحقق من أن سياساتها المناخية تتوافق مع هدف حصر الاحترار العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية. ويتعين على الحكومات زيادة استثمارها في مجال التأهب لمواجهة الكوارث والتكيف مع تغير المناخ، وإيلاء الأولوية لحماية الفئات المهمشة وغيرها من الفئات الأشد تضررًا من تغير المناخ.

حقوق اللاجئين والمهاجرين والاتجار بالبشر

حكم القضاء في كل من أستراليا وكوريا الجنوبية بعدم دستورية احتجاز اللاجئين وطالبي اللجوء لأجل غير مسمى، ولكن ظلت ضمانات حماية اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين غير كافية في شتى بلدان المنطقة، وكانت حقوقهم الإنسانية محل تجاهل على نطاق واسع.

وأودع الكثير من اللاجئين والمهاجرين رهن الاحتجاز التعسفي لأجل غير مسمى، ومنهم من احتُجزوا في مراكز رديئة لاحتجاز المهاجرين، أو حرموا من السكن اللائق والخدمات الأساسية ومن حرية التنقل.

وتقاعست السلطات الماليزية عن التحقيق في وفاة 150 شخصًا، من بينهم نساء وأطفال، في مراكز احتجاز المهاجرين عام 2022؛ وفي غضون ذلك، استمرت بواعث القلق بشأن الأوضاع السائدة في تلك المراكز. وفي بنغلاديش، أدى حريق شب في أحد المخيمات إلى جانب إعصار إلى تشريد الآلاف من اللاجئين من طائفة الروهينغيا مرة أخرى. وفي تايلند، أنشئت آلية جديدة لفحص اللاجئين وطالبي اللجوء، ولكن استمر احتجازهم لأجل غير محدد، وأدى سوء ظروف الاحتجاز إلى وفاة رجليْن من الأويغور. وفي اليابان، صدر قانون جديد للهجرة يجيز استمرار احتجاز اللاجئين وطالبي اللجوء لأجل غير مسمى، في حين خلت التعديلات الجديدة على قانون الهجرة في تايوان من أي ضمانات للحماية من الإعادة القسرية.

وكانت هناك مخاوف بالغة على مصير المئات من مواطني كوريا الشمالية الذين أعادتهم الحكومة الصينية إلى وطنهم قسرًا بالرغم من التحذيرات من أنهم سوف يواجهون عقابًا شديدًا على الأرجح. وبعد أن أعلنت الحكومة الباكستانية في أكتوبر/تشرين الأول أن اللاجئين الأفغان غير المسجلين يجب أن يغادروا البلاد في غضون شهر، أعيد أكثر من 490,000 شخص قسرًا إلى أفغانستان التي كان الكثيرون قد فروا منها خوفًا من اضطهاد طالبان لهم. وانتهكت ماليزيا هي الأخرى مبدأ عدم الإعادة القسرية، إذ أعادت اللاجئين قسرًا إلى ميانمار حيث تعرضوا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

ظلت الإجراءات الحكومية للتصدي للاتجار بالبشر قاصرة في تايلند وكمبوديا ولاوس وميانمار، حيث يتم توظيف العمال الأجانب بأساليب الخداع والاحتيال، وإجبارهم – تحت التهديد بالعنف في كثير من الأحيان – على العمل في عمليات الاحتيال السيبرانية وعمليات القمار غير الشرعية.

يجب على الحكومات التوقف عن احتجاز طالبي اللجوء بسب وضعهم من حيث الهجرة، والسماح لهم بالتماس الحماية الدولية. ولا يجوز تحت أي ظرف إعادة أي شخص قسرًا إلى حيث قد يتعرض للاضطهاد أو غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان. ولا بد من تعزيز ضمانات الحماية من الاتجار بالبشر، وتزويد الضحايا بالدعم القانوني وغيره من أشكال الدعم، بما في ذلك ما يسهّل إعادتهم عندما يكون ذلك آمنًا.

عقوبة الإعدام

اتخذت حكومة ماليزيا خطوة إيجابية بإلغائها عقوبة الإعدام الإلزامية بالنسبة لجميع الجرائم، وألغت هذه العقوبة بالكامل بالنسبة لسبع جرائم. ولكن استمر تطبيق عقوبة الإعدام على نطاق واسع في المنطقة، وكثيرًا ما كان هذا التطبيق ينتهك القانون الدولي ويتنافى مع المعايير الدولية. ووردت أنباء عن تنفيذ إعدامات في كل من الصين وفيتنام، ولكن استمر حجب الأرقام المتعلقة باستخدام عقوبة الإعدام باعتبارها من أسرار الدولة. وفي أفغانستان، وردت أنباء عن تنفيذ أحكام بالإعدام، بعضها نُفِّذ بأساليب مثل الرجم الذي تعده هيئات الأمم المتحدة يرقى إلى المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وفي سنغافورة، كانت امرأة من بين من أعدموا عقابًا على جرائم تتعلق بالمخدرات، في حين تعرض للمضايقات نشطاء ومحامون مناهضون لعقوبة الإعدام.

يجب على الحكومات التي تبقي على عقوبة الإعدام اتخاذ خطوات عاجلة لإلغائها.

حقوق الطفل

ظل تجريم الأطفال مبعثًا للقلق في عدة بلدان؛ ففي كل من أستراليا ونيوزيلندا، ظل بالإمكان احتجاز أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات؛ كما تبيّن أن منشآت احتجاز الشباب في كلا البلدين تشكل خطرًا على الأطفال. وفي تايلند، كان زهاء 300 طفل ضمن من وُجِّهت إليهم تهم جنائية بسبب مشاركتهم في المظاهرات التي شهدتها السنوات الأخيرة، والتي كانت سلمية في الأعم الأغلب. وكان من بين المتهمين شاب حُكم عليه بالحبس لمدة سنة مع وقف التنفيذ لمدة سنتين بسبب مشاركته في عرض أزياء وهمي عام 2020 يسخر من ملك تايلند، وكان هذا الشاب آنذاك في السادسة عشرة من عمره. وفي كوريا الشمالية، استمر تواتر الأنباء عن استخدام العمل القسري على نطاق واسع، بما في ذلك ضد أطفال.

لا يجوز للحكومات على الإطلاق اعتقال الأطفال أو احتجازهم بسبب ممارستهم حقوقهم، بما فيها حقّيْهم في حرية التجمع السلمي وحرية التعبير. ويجب على الحكومات رفع الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية إلى 14 سنة، أو أعلى من ذلك، كما عليها أن تكفل للأطفال المخالفين للقانون معاملة تتماشى مع مبادئ قضاء الأحداث، بما في ذلك التقييد الصارم لاستخدام الاحتجاز.