أفريقيا

العودة. أفريقيا

أفريقيا 2022

ظلت ويلات النزاع متأصّلة، ولم تُظهر أي بوادر على انحسارها. بيد أنه أُحرز تقدم محدود على مستوى المنطقة نحو ضمان حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، والحصول على التعويض، وإجراء المساءلة على الانتهاكات والإساءات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم بموجب القانون الدولي.

كافحت جميع دول المنطقة تقريبًا الآثار الاقتصادية المدمرة لوباء فيروس كوفيد-19. وتعرقلت جهود التعافي بفعل النزاعات والاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا، والأحوال الجوية بالغة القسوة التي تفاقمت جراء تغيّر المناخ. وبالتالي، قُوّضت حقوق ملايين الأشخاص في الغذاء والصحة والمستوى اللائق للمعيشة على نحو خطير.

استخدمت السلطات في شتى أنحاء المنطقة أساليب مختلفة لإسكات صوت المعارضة السلمية. واشتدت حدة حملات قمع الحق في حرية التجمع السلمي مع استخدام السلطات للأمن الوطني أو وباء كوفيد-19 ذريعة لحظر الاحتجاجات أو قمعها أو تفريقها بصورة عنيفة. وقد واجه المدافعون عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والصحفيون، وأعضاء المعارضة الترهيب والمضايقة، بما في ذلك الاعتقالات، والاحتجاز، والمقاضاة مع تشديد السلطات قبضتها على الحقين في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

واستمر عدد الأشخاص الذين فروا من النزاع أو أزمات المناخ في الارتفاع. ومع ذلك، فإن بسبب النقص في التمويل الدولي بالكاد كانت السلطات مهيئة لتلبية الاحتياجات الأساسية الملحة للاجئين بصورة كافية.

وقد عكس تفشي العنف ضد النساء في مختلف أرجاء المنطقة الأنماط الراسخة للتمييز المجحف القائم على النوع الاجتماعي، وغيره من أشكال عدم المساواة. وفي بعض الدول، لم يحظَ أفراد مجتمع الميم والأشخاص المصابون بالمهق بالحماية من التمييز المجحف والعنف.

واستمرت المخاطر الشديدة للتدهور البيئي أو نزوح المجتمعات المحلية الناجمة عن مشروعات التعدين أو البنية التحتية المخطط لها أو القائمة.

الهجمات وعمليات القتل غير المشروعة

استهدفت الجماعات المسلحة، والقوات الحكومية على حد سواء، المدنيين مخلّفة وراءها الموت والدمار. ففي بوركينا فاسو، هاجمت الجماعتان المسلحتان، وهما جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية في الساحل، البلدات والمدن. وفي بلدة دجيبو، تضرر ما يزيد على 300,000 من السكان عندما دمرت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين البنية التحتية للمياه. وقُتل 80 شخصًا على الأقل – معظمهم من المدنيين – عندما هاجم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل بلدة سيتنجا في يونيو/حزيران، وانتقل المهاجمون من بيت إلى بيت، وقتلوا الرجال. وفي الكاميرون، استهدفت الجماعات الانفصالية المسلحة، في منطقتي الشمال الغربي والجنوب الغربي، الأشخاص، ومرافق الرعاية الصحية، والمدارس. وبالمثل أغارت الجماعات المسلحة في منطقة الشمال الأقصى على القرى، فقتلت وخطفت عشرات المدنيين. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، قتلت الجماعات المسلحة والقوات الحكومية ما لا يقل عن 100 مدني بين فبراير/شباط ومارس/آذار. كذلك اشتدت حدة الهجمات على المدنيين في الأجزاء الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث قتلت الجماعات المسلحة ما يفوق 1,800 مدني.

وفي إثيوبيا، تضمنت الهجمات المستهدفة التي شنتها القوات الحكومية والجماعات المسلحة على المدنيين في مناطق أوروميا، وبني شنقول -قماز، وأمهرة، وتيغراي، وجامبيلا عمليات قتل جماعية. وفي مالي، أسفرت الهجمات التي شنتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين على ثلاث قرى في دائرة بنكاس، في يونيو/حزيران، عن مصرع قرابة 130 شخصًا معظمهم من المدنيين. وفي موزمبيق، وسعت جماعات الشباب المسلحة نطاق هجماتها على المدنيين من كابو دلغادو إلى إقليمي نياسا ونامبولا. وفي مايو/أيار، قطعت رؤوس 10 مدنيين خلال هجوم على ثلاث قرى في كابو دلغادو، حيث اختطفت أيضًا النساء والفتيات ونهبت المنازل وأحرقتها. وفي نيجيريا، امتدت هجمات بوكو حرام – التي كانت تنشط سابقًا بصورة رئيسية في شمال شرقي البلاد – إلى بعض الولايات في المنطقتين الشمالية – الوسطى والشمالية الغربية. وقد قتلت بوكو حرام، وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، ورجال مسلحون مجهولون ما لا يقل عن 6,907 أشخاص. وفي الصومال، كانت حركة الشباب مسؤولة عن نسبة 76% من 167 حالة وفاة و261 إصابة ناجمة عن هجمات شُنت على المدنيين بين فبراير/شباط ومايو/أيار. وفي الهجوم الأكثر دموية الذي شنته، قتلت ما يزيد على 100 شخص، في أكتوبر/تشرين الأول، في تفجيرين استهدفا مبنى وزارة التعليم وتقاطع سوق مزدحم في العاصمة مقديشو.

كذلك تحمل المدنيون الوزر الأكبر للهجمات العشوائية؛ ففي بوركينا فاسو قتلت القوات الفرنسية التي تساند الجيش الوطني أربعة مدنيين، في فبراير/شباط، خلال غارة جوية على الجماعة المسلحة المعروفة باسم أنصار الإسلام. وقُتل عشرات المدنيين في هجمات جوية مشابهة شنتها القوات المسلحة البوركينية في أبريل/نيسان وأغسطس/آب. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، قُتل 11 شخصًا وأُصيب 42 بجروح في 40 حادثًا يتعلق بتفجير عبوات ناسفة محلية الصنع بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول. وأودت غارات جوية متعددة شنتها القوات الحكومية في إثيوبيا – من ضمنها غارة على روضة أطفال – بحياة مئات المدنيين في بلدات التيغراي ديدبيت ومكيلي وعدي دايرو. وفي النيجر، أدت غارة جوية شنها الجيش النيجيري، في فبراير/شباط، إلى مصرع سبعة أطفال في منطقة مارادي. واتُهم أيضًا جيش النيجر بالقتل غير المشروع لعمال منجم ذهب حرفيين في تامو في غارات جوية شنها في أكتوبر/تشرين الأول.

ظل العنف الجنسي المرتبط بالنزاع متفشيًا، تاركًا الضحايا ليواجهوا التعقيدات النفسية وغيرها من التعقيدات الصحية. وفي جنوب السودان، تعرضت أكثر من 130 امرأة وفتاة للاغتصاب الفردي أو الجماعي، بين فبراير/شباط ومايو/أيار، في الجزء الجنوبي من ولاية الوحدة، في سياق الاشتباكات التي وقعت بين القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها وبين الجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة. ووثّقت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى 47 حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، بين يونيو/حزيران وأكتوبر/تشرين الأول. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، اغتُصبت ست نساء، على الأقل، في مايو/أيار عندما هاجمت الجماعة المسلحة المسماة التعاونية من أجل تنمية الكونغو قرية بها منجم ذهب في إقليم إيتوري. وأشارت الأمم المتحدة إلى وقوع أربعة حوادث عنف جنسي مرتبط بالنزاع في الصومال، بين فبراير/شباط ومايو/أيار. وفي إثيوبيا، قالت أربع ضحايا في إقليم عفار إنهن تعرضن للاغتصاب وإساءة المعاملة من جانب أفراد في قوات التيغراي.

استمر استخدام أشكال الحصار والقيود على دخول المساعدات الإنسانية كوسيلة حربية. ففي بوركينا فاسو، لم تكتفِ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بمنع الدخول وإدخال التوريدات التجارية إلى عدة مدن في شمال البلاد وشرقها فحسب، بل هاجمت أيضًا قوافل المؤن المدنية، حتى تلك التي رافقها الجيش. وفي شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تسببت الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة بلا هوادة، والعمليات العسكرية، والقيود المتعمدة على حرية التنقل التي فرضتها كل من القوات الحكومية والجماعات المسلحة بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية بشكل أكبر، ومنعت المجتمعات المحلية من الحصول على المعونات الحيوية. وفي إثيوبيا – حيث فُرضت قيود على تسليم المساعدات الإنسانية إلى تيغراي عندما بدأ النزاع في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 – أعلنت الحكومة هدنة إنسانية، في مارس/آذار، سمحت بحدوث زيادة ملموسة في عدد قوافل المساعدات التي دخلت المنطقة، لكن تسليمها توقف تمامًا، في أغسطس/آب، عندما استؤنف القتال. وفي نوفمبر/تشرين الثاني – وفي أعقاب التوقيع على اتفاق (بريتوريا) لوقف الأعمال العدائية – استؤنفت عملية تسليم المساعدات.

وفي مالي، سد مقاتلو كتيبة سيرما محور الطرق الذي يربط بلدات بوني ودوينتزا، وهومبوري، وغوسي بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول، ما اضطر التجار إلى الاعتماد على المرافقة العسكرية. وفي أغسطس/آب، هاجمت الجماعة المسلحة 19 شاحنة بضائع في هومبوري وأحرقتها.

ينبغي على أطراف النزاعات المسلحة حماية المدنيين بوضع حد للهجمات المتعمدة التي تُشن على المدنيين وعلى البنية التحتية المدنية، والهجمات العشوائية. ويجب عليهم أيضًا تيسير حصول السكان المعرّضين للخطر على المساعدات الإنسانية بأمان وبدون أي عراقيل.

الحق في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، والحصول على التعويض

كان هناك تقدم محدود في المنطقة ككل في مكافحة الإفلات من العقاب، وضمان الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض لضحايا الجرائم التي يُعاقَب عليها بموجب القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات والإساءات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي مارس/آذار، سلّمت السلطات التشادية مكسيم جفروي إيلي موكوم غواكا – وهو أحد زعماء الجماعة المسلحة أنتي بالاكا – إلى المحكمة الجنائية الدولية ليواجه تهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي زُعم أنها ارتُكبت في 2013 و2014 في جمهورية أفريقيا الوسطى. وفي مايو/أيار، ألقت السلطات الهولندية القبض على ضابط سابق في الجيش، يُشتبه بتورطه في مجزرة التوتسي في مدينة موغينا في رواندا خلال الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994. وافتُتحت محاكمتا علي محمد علي المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور بالسودان، ومحمد سعيد القائد المزعوم لجماعة سيليكا المسلحة في جمهورية أفريقيا الوسطى في المحكمة الجنائية الدولية في أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول على التوالي. وافتُتحت محاكمات أخرى متعلقة بجرائم ارتُكبت على أيدي أعضاء في جماعات مسلحة في جمهورية أفريقيا الوسطى، في محكمة الجنايات في العاصمة بانغي وفي المحكمة الجنائية الخاصة. وفي جنوب السودان، أدانت محكمة عسكرية في بلدة ياي ثمانية جنود بتهمة الاغتصاب الذي ارتُكب في سياق النزاع. بيد أنه لم يُحرز أي تقدم في إنشاء المحكمة المختلطة لجنوب السودان.

ينبغي على الحكومات أن تعزز الجهود لمكافحة الإفلات من العقاب بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة وفعالة وشفافة في الجرائم التي يُعاقَب عليها بموجب القانون الدولي، وتقديم الجناة المشتبه بهم إلى العدالة في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الحق في الغذاء

عطّل الغزو الروسي لأوكرانيا تسليم إمدادات القمح التي اعتمدت عليها العديد من البلدان الأفريقية. وفي هذه الأثناء، تسببت تكاليف الوقود الآخذة في الارتفاع – وهي نتيجة أخرى ترتبت على الحرب في أوروبا – بارتفاعات كبيرة في أسعار المواد الغذائية أثّرت بصورة غير متناسبة، على الأشخاص المهمشين والأكثر عرضة للتمييز المجحف. وازداد انعدام الأمن الغذائي سوءًا مع وصول الجفاف في عدة بلدان أفريقية إلى مستويات غير مسبوقة.

وواجهت شرائح واسعة من السكان جوعًا حادًا ومستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك في أنغولا، وبوركينا فاسو، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، والسودان، والصومال، وكينيا، ومدغشقر، والنيجر. وفي أنغولا، كان انعدام الأمن الغذائي في أقاليم كونيني، وهويلا، وناميبي من ضمن الأسوأ في العالم، وفي بعض هذه المناطق لجأ الكبار والصغار إلى أكل جذوع الأعشاب للبقاء على قيد الحياة. وفي بوركينا فاسو، أشارت تقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه، بحلول سبتمبر/أيلول، كان 4.9 مليون نسمة يواجهون انعدام الأمن الغذائي، ومن ضمنهم العديد من الأشخاص النازحين داخليًا الذين فروا من ديارهم بسبب النزاع.

كذلك فاقم النزاع والنزوح الناجم عنه انعدام الأمن الغذائي في النيجر، وأثّر على 4.4 مليون شخص (حوالي 20% من تعداد السكان). وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، كانت نسبة 50% من السكان تعاني انعدام الأمن الغذائي، وفي بعض المناطق ارتفعت لتصل إلى 75%. وبالمثل، واجه نصف سكان الصومال انعدام أمن غذائي حاد، ونفق ما يزيد على 3 ملايين من الماشية – وهي ضرورية لمعيشة الرعاة – بسبب الجفاف إلى حد كبير. كذلك سُجلت في أنغولا خسائر هائلة في قطعان الماشية نتيجة الجفاف.

الحق في الصحة

في حين انحسر تأثير فيروس كوفيد-19، واجهت عدة بلدان انتشار أمراض أو أوبئة جديدة، من بينها وباء إيبولا في أوغندا الذي أُعلن تفشيه في سبتمبر/أيلول. وأسفر عن 56 وفاة.

حصد وباء الحصبة في محافظة بوانت – نوار في الكونغو أرواح 112 طفلًا. وفي زيمبابوي توفي أكثر من 750 طفلًا تقل أعمارهم عن الخمسة أعوام عندما انتشر داء الحصبة الذي ظهر بمقاطعة موتاسا في مناطق أخرى. وفي الكاميرون، أثّر وباء الكوليرا في سبع مناطق، وأدى إلى حدوث 298 وفاة. وفي سجن نيوبل في دوالا، توفي 16 سجينًا على الأقل خلال تفشي الكوليرا في السجن مرتين، من بينهم رودريغ نداغويهو كوفيت الذي ظل محتجزًا تعسفيًا منذ سبتمبر/أيلول 2020 لمشاركته في احتجاج سلمي. وفي ملاوي، أثّر وباء الكوليرا في 26 مقاطعة من أصل مقاطعاتها الـ 28، وبحلول 31 ديسمبر/كانون الأول، حدثت 576 حالة وفاة كما ورد.

وفي عدة بلدان، تسببت الأحوال الجوية بالغة القسوة بانتشار الأمراض؛ ففي نيجيريا، تسببت الفيضانات بتفشي أمراض تنتقل بواسطة المياه، ومن ضمنها الكوليرا التي أودت بحياة ما يفوق 320 شخصًا في ولايات يوبي، وبورنو، وأداماوا. وأدى الجفاف الشديد الذي ضرب الصومال إلى طفرة في حالات سوء التغذية، في حين شهدت حالات الكوليرا والحصبة المشتبه بها زيادة حادة، قياسًا بالأعوام السابقة بحسب منظمة الصحة العالمية.

الحق في السكن

ظلت عمليات الإخلاء القسرية مبعث قلق خطير في المنطقة.

وفي جنوب أنغولا، استمرت مصادرة أراضي الرعي الجماعية لتحويلها إلى مزارع تجارية. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أحرقت الشرطة 16 منزلًا وأمتعة شخصية في مداهمة لطرد جماعة موكوباي من أرضهم، في منطقة ندامبا على مشارف موساميديس في إقليم ناميبي، لتسهيل نقل ملكية أرض إلى صاحب مزارع تجارية.

وفي تنزانيا، أخلت السلطات قسرًا أفراد جماعة الماساي من السكان الأصليين من أرض أجدادهم في قسم لوليوندو بمنطقة أروشا، لإفساح المجال لمشروع سياحي. وقبل القيام بعمليات الإخلاء، تقاعست السلطات عن إجراء مشاورات حقيقية مع السكان أو إعطائهم إشعارًا وتعويضًا كافيين.

وفي المراكز الحضرية والمدن، تركزت عمليات الإخلاء القسرية في العشوائيات. فعلى سبيل المثال، هدم مجلس الأمن الإقليمي لمدينة أكرا الكبرى في غانا، في يونيو/حزيران، مئات المنازل المقامة على أراضٍ تعود ملكيتها لمجلس البحوث العلمية والصناعية في فرافراها بالعاصمة أكرا. وأعطي السكان إشعارًا بالإخلاء مدته 48 ساعة فقط. وفي نيجيريا، هدمت الوكالات الإدارية والأمنية للأراضي في العاصمة الاتحادية زهاء 100 من الإنشاءات في قرية دبيدنا دورومي 3، في أغسطس/آب. واستخدم أفراد الأمن الغاز المسيل للدموع، الذي تسبّب التعرض له بالإغماء لطفلين، واعتدوا جسديًا على السكان خلال عملية الهدم. وفي زامبيا، هدم مجلس بلدية تشينغولا ما يزيد على 300 من المنازل التي بُنيت على الأرض المحيطة بمهبط كاسومبي للطائرات في مقاطعة تشينغولا.

ينبغي على الحكومات أن تتخذ إجراءات فورية لضمان أن تكون الحقوق في الغذاء، والصحة، والسكن، مكفولة بما في ذلك من خلال التعاون والمساعدة الدوليين عند الضرورة. ويتعين عليها أيضًا ضمان مساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان.

قمع الأصوات المعارضة

حرية التجمع

اشتدت حدة حملات قمع الحق في حرية التجمع مع استخدام السلطات للأمن الوطني أو وباء فيروس كوفيد-19 كذريعتين لحظر الاحتجاجات أو قمعها أو تفريقها بواسطة العنف. ومع ذلك، بالكاد رُدع الناس المصممون على المطالبة بحقهم في الاحتجاج. وقد جرت مظاهرات ضخمة تتعلق بقضايا مختلفة – من ضمنها ارتفاع أسعار المواد الغذائية – في مدن وبلدات تقع في شتى أنحاء المنطقة.

ووردت أنباء حول وفاة العشرات من المحتجين وعزيت إلى الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن في تشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسنغال، والسودان، وسيراليون، والصومال، وغينيا، وكينيا، ونيجيريا، من جملة دول أخرى. وفي تشاد وسيراليون – حيث توفي ما لا يقل عن 50 و27 محتجًا في أكتوبر/تشرين وأغسطس/آب على التوالي – لم تتوفر نتائج التحقيقات الرسمية التي أُجريت في عمليات القتل، بحلول نهاية السنة.

ظل اعتقال واحتجاز المحتجين واسع الانتشار في كافة أنحاء المنطقة، ومن ضمنهم العشرات في جنوب السودان، وسيراليون، وكينيا الذين احتجوا على ارتفاع تكلفة المعيشة. وقد احتجزت قوات الأمن السودانية مئات المحتجين وعرّضت العديد غيرهم للاختفاء القسري في إطار حملة قمع أوسع نطاقًا شنتها ضد معارضي الانقلاب العسكري الذي وقع عام 2021. وفي أوغندا، والسنغال، وغينيا استهدفت السلطات قادة المعارضة أو منظمي الاحتجاجات. وأُلقي القبض على الزعيم الأوغندي المعارض كيزا بسيغيي، واحتُجز ثلاث مرات لاحتجاجه ضد التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة. واحتُجزت أيضًا ست نساء احتججن على احتجازه، واتُهمن بالتحريض على العنف والقيام باحتجاج غير مشروع. وفي يوليو/تموز، جرت مقاضاة المنظمين والمشاركين في مسيرة محظورة في غينيا.

وفي عدة بلدان – من ضمنها تشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسنغال وغينيا، وليسوتو، والنيجر – قيّد الحظر المفروض على المظاهرات فعليًا الحق في الاحتجاج.

وفي بادرة إيجابية، قضت محكمة العدل التابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، في مارس/آذار، بأن الأمر الوزاري الصادر عام 2011 في السنغال والذي حظر المظاهرات ذات الطبيعة السياسية في وسط مدينة دكار (العاصمة) ينتهك الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. وطلبت المحكمة من السلطات السنغالية إلغاءه.

حرية التعبير

واجه المدافعون عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والصحفيون، وأعضاء المعارضة المضايقة، والترهيب، والتهديدات لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير؛ ففي نيجيريا، حكمت إحدى محاكم مدينة كانو على شخصيتين مشهورتين على وسائل التواصل الاجتماعي بالحجز لمدة أسبوع، والجلد، وبغرامة بزعم أنهما شهّرا بحاكم ولاية كانو في مقطع كوميدي. وفي السنغال، كان زعيم معارض وناشطان من جملة الذين اعتُقلوا واتُهموا بالتشهير ونشر أنباء كاذبة. وفي السودان، اتُّهمت امرأة في جنوب كردفان بارتكاب جرائم متعددة بموجب قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، بما في ذلك نشر معلومات كابة تتعلق بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي حول تجنيد الأطفال في القوات المسلحة السودانية. وقد فرّ الناشط والمؤلف كاكوينزا روكيرابا شايجا من أوغندا عقب احتجازه بشأن ما يتصل بتغريدات على تويتر زعمت الشرطة أنها كانت تهدف إلى الإخلال بأمن الجنرال موهوزي كينيروغابا ابن الرئيس. وفي زامبيا، حُكم على رجلين بالسجن لمدة 24 شهرًا مع الأشغال الشاقة بسبب إهانتهما الرئيس على تطبيق تيك توك.

ظلت الهجمات على حرية الإعلام واسعة الانتشار. وقد داهمت قوات الأمن مقرات وسائل الإعلام في أوغندا والسودان، في حين أن السلطات أوقفت عمل وسائل إعلامية أو أغلقتها في تنزانيا، والصومال، غانا، ومالي، ونيجيريا بسبب نشرها محتوى عُد انتقاديًا للحكومة أو غير مواتٍ لها. كذلك قُبض على العديد من الصحفيين الأفراد في شتى أنحاء المنطقة واحتُجزوا – هذا إذا لم يكونوا قد تعرضوا للمضايقة والترهيب بصورة روتينية. وفي إثيوبيا، قبضت السلطات على ما لا يقل عن 29 صحفيًا وإعلاميًا، لم تُوجّه تهم رسمية إلى العديد منهم. وفي إسواتيني، أُعلن أن زويلي مارتن دلاميني رئيس تحرير أخبار سوازيلاند إرهابي بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وفي غانا حُكم على مقدم برامج إذاعية بالسجن لمدة أسبوعين، وغُرّم 3000 سيدي غاني (حوالي 377 دولارًا أمريكيًا) بتهمة تحقير المحكمة بعد أن نشر مقطع فيديو زعم فيه أن الرئيس أكوفو – أدو تآمر مع القضاة للتأثير في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2020.

قُمعت حقوق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في بوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا، وزيمبابوي، والصومال، ومدغشقر، وملاوي، وموزمبيق، والنيجر. وفي مدغشقر، طُعن المدافع عن البيئة هنري راكوتواريسوا البالغ من العمر 70 عامًا حتى الموت، في يونيو/حزيران. وفي موزمبيق، اقتحم أشخاص يُشتبه بأنهم موظفون رسميون مكتب محامي حقوق الإنسان جواو نهامبوسا وسرقوا جهاز الحاسوب، ومحركات أقراص فلاش، وهواتف خليوية، ووثائق مختلفة، وتلقى المدافع عن حقوق الإنسان أدريانو نوفونغا تهديدات بالقتل.

حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

شددت السلطات في المنطقة قبضتها على الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أثر على منظمات المجتمع المدني. فعلى سبيل المثال، منعت الشرطة قبل الانتخابات العامة في أنغولا أومونغا وجمعية تنمية الثقافة وحقوق الإنسان من عقد مؤتمر حول بناء السلام. في حين أن السلطات في بوروندي أوقفت عقد مؤتمر صحفي في مارس/آذار. وفي غينيا، حلّت السلطات الانتقالية الجبهة الوطنية للدفاع عن الدستور – وهي ائتلاف لمنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية يطالب بالعودة إلى النظام الدستوري.

وسُنت أيضًا قوانين للتضييق على عمل هذه المنظمات والسيطرة عليه؛ ففي النيجر صدر مرسوم، في فبراير/شباط، يقتضي الحصول على الموافقة الحكومية على جميع البرامج والمشروعات التي تباشرها المنظمات غير الحكومية. وطُرحت في البرلمان مسودة تعديل قانون المنظمات التطوعية الخاصة في زيمبابوي التي تتضمن نصوصًا تهدد وجود منظمات المجتمع المدني وعملياتها من أساسه.

يجب على الحكومات وضع حد لمضايقة وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والنشطاء، وإسقاط كافة التهم الموجهة إلى الذين يواجهون المقاضاة، والإفراج فورًا وبدون قيد أو شرط عن أي شخص احتُجز تعسفيًا، وضمان احترام حرية الإعلام، بما في ذلك عبر السماح لوسائل الإعلام بالعمل على نحو مستقل.

حقوق النازحين داخليًا، واللاجئين، والمهاجرين

فرّت أعداد متزايدة من الأشخاص من ديارهم بسبب النزاع أو أزمات المناخ. ونزح600,000  شخص إضافي داخليًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ما رفع المجموع إلى قرابة 6 ملايين، وهذا أعلى رقم في أفريقيا. ومع توسع النزاع في موزمبيق، ارتفع عدد الأشخاص النازحين إلى 1.5 مليون. واتسمت أوضاعهم المعيشية بانعدام أمن الغذاء والماء، وسوء التغذية، والحالات الصحية المحفوفة بالمخاطر، والسكن غير الملائم. وفي الصومال، نزح ما يفوق 1.8 مليون شخص بسبب الجفاف والنزاع.

واصلت أوغندا استضافة أكبر عدد من اللاجئين في أفريقيا بوجود ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ فيها، وصل زهاء الـ100,000 منهم في 2022. ومع ذلك، لم تُلبَّ إلا نسبة 45% فقط من الاحتياجات التمويلية لأوغندا اعتبارًا من نوفمبر/تشرين الثاني، ما جعل السلطات غير قادرة على تلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين على نحو واف، مثل الرعاية الصحية، والماء، والصرف الصحي، والتعليم. وظل السودان يستقبل لاجئين جدد من الدول المجاورة – حوالي 20,000 من جنوب السودان، و59,800 من إثيوبيا. لكن النقص الشديد في التمويل الدولي أرغم برنامج الأغذية العالمي على خفض الحصص التموينية للاجئين.

واجه المهاجرون مجموعة فريدة من الانتهاكات والإساءات؛ إذ طُرد الآلاف – من ضمنهم 14,000 بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار – بطريقة عنيفة من الجزائر إلى “نقطة الصفر” على الحدود مع النيجر. وفي يونيو/حزيران، عُثر على 10 مهاجرين موتى بالقرب من الحدود مع ليبيا. وفي غينيا الاستوائية، رُحّل العشرات من المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية بدون أن تُتبع الإجراءات الواجبة، وبدون أن يستعينوا بمحام.

يجب على الحكومات اتخاذ خطوات لضمان حماية اللاجئين، والمهاجرين، والنازحين داخليًا، وحصولهم الكامل على المساعدات الإنسانية، ومن ضمنها الطعام، والماء، والمأوى، والوقف الفوري لعمليات الترحيل والاحتجاز غير القانونية للمهاجرين واللاجئين، وضمان تلبية احتياجاتهم للحماية. وينبغي على المجتمع الدولي أن يعالج مسألة النقص في التمويل الدولي بتقديم تمويل مستدام ومتوقع على المدى الطويل لتمكين الدول المضيفة من مواجهة الاحتياجات العاجلة للاجئين على نحو وافٍ.

التمييز المجحف والتهميش

حقوق النساء والفتيات

استمر إقصاء الفتيات الحوامل من الالتحاق بالمدارس في تنزانيا وغينيا الاستوائية. ومن الناحية الإيجابية، تبين في سبتمبر/أيلول للجنة الخبراء الأفريقية المعنية بحقوق الطفل ورفاهيته أن سياسة الإقصاء التي تنتهجها تنزانيا انتهكت الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، وأوصت بإعادة النظر في السياسة. وإضافة إلى ذلك، أعيد دمج 800 طفل – بينهم فتيات حوامل وفتيات تركن المدرسة بسبب الحمل – في المدارس بسيراليون.

ظل العنف القائم على النوع الاجتماعي متفشيًا في شتى أنحاء المنطقة؛ ففي جنوب أفريقيا، ازدادت جرائم قتل النساء بنسبة 10.3% مع مقتل 989 امرأة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول، في حين أن الجرائم الجنسية والاغتصاب ازدادت بنسبة 11% و10.8% على التوالي. وفي إسواتيني، دفع القتل الوحشي لامرأة على يد شريكها السابق المنظمات المعنية بحقوق النساء إلى تكثيف الدعوات لإعلان حالة طوارئ وطنية لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وفي غينيا، ظلت ضحايا الاغتصاب يواجهن التقاعس في منع وقوع هذه الجرائم والافتقار إلى الحماية منها، فضلًا عن عدم إتاحة أو توفّر الرعاية الطبية، وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية والرعاية، والدعم النفسي، والمساندة القانونية والاجتماعية على نحو وافٍ.

سنت عدة بلدان قوانين تقدمية بشأن المساواة بين فئات النوع الاجتماعي؛ فقد أصدر برلمان الكونغو “قانون مويبارا” بشأن مكافحة العنف الأسري وغيره من أشكال العنف ضد النساء. وفي سيراليون، أعطى قانون حقوق الأراضي العرفي النساء حقوقًا متساوية لامتلاك واستخدام أراضي العائلة، وتضمن قانون متعلق بالمساواة نصًا يشترط تخصيص 30% من كافة المناصب في الحكومة للنساء. وفي زيمبابوي، صدر قانون يمنع الزواج المبكر وزواج الأطفال.

ومن الناحية السلبية، رفض رئيس المفوضية الدائمة للجمعية الوطنية في مدغشقر قانونًا مقترحًا سعى إلى تعديل قانون العقوبات لنزع صفة الجرمية عن الإجهاض. وفي نيجيريا، صوّتت الجمعية الوطنية ضد خمسة مشاريع قوانين استهدفت تعزيز المساواة بين فئات النوع الاجتماعي، والتزمت فقط بإعادة النظر في ثلاثة من مشاريع القوانين عقب احتجاج المجموعات النسائية، ومنظمات المجتمع المدني. وفي رواندا، رفض البرلمان مشروع قانون يسمح بتقديم موانع الحمل للأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 15 عامًا.

حقوق أفراد مجتمع الميم

كانت مضايقة أفراد مجتمع الميم واعتقالهم ومقاضاتهم شائعة في بلدان عديدة. وعقب اعتداء الجيران وسائقي الأجرة الذين يقودون الدراجات النارية على امرأة عابرة جنسيًا في بنين، تعرضت لمزيد من الضرب في مركز الشرطة، وجُرّدت من ملابسها والتُقطت صور لها. وقد أُفرج عنها بدون تهمة، بعد أن أمضت ثلاثة أيام في الحجز وهي عارية ومحرومة من الطعام. وفي زامبيا، نظّم أعضاء في حركة BanNdevupaNdevu# #BanHomosexuality (أي: امنعوا المثلية) المعادية للمثليين احتجاجًا واستخدموا تطبيق واتساب للدعوة إلى قتل الأشخاص الذين يُشتبه في أنهم مثليون، وممارسة ضروب العنف الأخرى ضدهم. وفي أوغندا أمر المكتب الرسمي للمنظمات غير الحكومية بإغلاق منظمة الأقليات الجنسية في أوغندا، وهي منظمة شاملة تعمل على حماية حقوق أفراد مجتمع الميم.

بدأت عدة بلدان العمل بتدابير جديدة أو درست اتخاذها لتجريم العلاقات المثلية بالتراضي؛ ففي غانا، ظلت مسودة قانون لزيادة تجريم أفراد مجتمع الميم معلّقة في البرلمان. وفي غينيا الاستوائية، كانت مسودة قانون لتنظيم حقوق أفراد مجتمع الميم قيد الإعداد. بيد أنه في السنغال، رفضت الجمعية الوطنية مشروع قانون مقترحًا يمكن أن يُجرّم أفراد مجتمع الميم.

وبالكاد كان يوفّر أي قدر من الحماية لأفراد مجتمع الميم في المحاكم الوطنية؛ ففي نيجيريا، حُكم على ثلاثة رجال مثليين بالإعدام من جانب محكمة للشريعة في نينجي بولاية باوتشي. وفي إسواتيني، أيدت المحكمة العليا رفض أمين سجل الشركات تسجيل المجموعة الإسواتينية لمناصرة الأٌقليات الجنسية وأقليات النوع الاجتماعي كمنظمة. وفي ناميبيا، رفضت المحكمة العليا طلبات أزواج المواطنين الناميبيين الذين سعوا إلى جعل وضعهم على صعيد الهجرة نظاميًا بناءً على زيجات مثلية عُقدت خارج البلاد. وعلى الصعيد الإقليمي، رفضت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب طلبات ثلاث منظمات للحصول على وضع مراقب، بسبب عملها، كما يبدو، في مجال حقوق أفراد مجتمع الميم.

الأشخاص المصابون بالمهق

استمرت الهجمات الرامية إلى تشويه الأشخاص المصابين بالمهق وغيرها من الهجمات العنيفة ضدهم في أجزاء من شرق أفريقيا وجنوبها، بدافع تصورات خاطئة قائمة على الخرافات حول المهق؛ ففي مدغشقر، تضاعف عدد الهجمات العنيفة مع ورود أنباء حول اختطاف أطفال مصابين بالمهق في فبراير/شباط وأغسطس/آب، في حين عُثر على الجثة المشوهة لصبي عمره ست سنوات في موطن طائفة البيرانو بمقاطعة أمبواساري أتيسمو، في مارس/آذار. وفي زامبيا، اكتُشف في يناير/كانون الثاني القبر المخّرب لصبي عمره 12 عامًا قُطعت يده وذلك في قرية مونغوالالا في مقاطعة تشاما بالإقليم الشرقي. وفي يونيو/حزيران، قطع ثلاثة رجال سبابة صبي عمره 10 سنوات في مقاطعة مكوشي بالإقليم الأوسط.

ينبغي على الحكومات اتخاذ إجراءات فورية لحماية الأشخاص من التمييز المجحف والعنف، بما في ذلك خطوات لحماية حقوق النساء والفتيات في المساواة وعدم التمييز، والسماح لهن بالعيش متحررات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومن بين ذلك عبر ضمان الحصول الشامل للضحايا على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية وغيرها من أشكال الرعاية الصحية، والدعم النفسي، والمساندة القانونية والاجتماعية.

أزمة المناخ والتدهور البيئي

ظلت المنطقة تتحمل الوزر الأكبر للأحوال الجوية بالغة القسوة التي فاقمها تغيّر المناخ. وقد عانى القرن الأفريقي أسوأ جفاف منذ 40 سنة في حين أن أجزاءً من جنوب أفريقيا شهدت هطول أمطار غزيرة للغاية. وفي مدغشقر، ضربت ست عواصف وأعاصير استوائية اليابسة بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، فقتلت ما يزيد على 200 شخص. وفي إقليم كوازولو – ناتال بجنوب أفريقيا، زاد التخطيط المساحي وصيانة البنية التحتية الرديئان من جانب الحكومة المحلية من سوء تأثير الفيضانات التي دمرت آلاف المنازل. وفي غرب أفريقيا تقاعست السلطات النيجيرية عن اتخاذ إجراءات كافية للتخفيف من وطأة الفيضانات التي أودت بحياة 500 شخص على الأقل وأثرت في ما يزيد على 1.9 مليون نسمة عبر 25 ولاية. وفي السنغال، استمر ارتفاع مستوى مياه البحر في التسبب بجرف التربة والتعرية في قرى صيد الأسماك، بما في ذلك في غويت – ندار في سانت – لويس، وهو ما هدد معيشة المجتمعات المحلية، وأرغمها على الانتقال إلى مناطق داخلية بعيدة عن البحر.

استمر في عدة بلدان الخطر الشديد للتدهور البيئي أو نزوح المجتمعات المحلية نتيجة لمشروعات التعدين أو البنية التحتية المخطط لها أو القائمة؛ ففي ناميبيا، رفضت المحكمة العليا طلبًا عاجلًا قدمته عدة منظمات لمنع شركة تعدين كندية من مواصلة عملية التنقيب في مناطق كافانغو. وواصلت أوغندا وتنزانيا المشاركة في خطط لبناء خط أنابيب النفط الخام في شرق أفريقيا البالغ طوله 1443 كيلومترًا، والذي سيمر عبر تجمعات بشرية، والبراري، والأراضي الزراعية، ومصادر المياه.

باشرت عدة بلدان اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة أزمة المناخ أو معالجة التدهور البيئي. وقد أصدر رئيس وزراء غينيا تعليماته لإحدى شركات تعدين البوكسيت المتهمة بإحداث تلوث خطير للتقيد بالمعايير الدولية لمكافحة التلوث. وفي الصومال، استحدثت الحكومة الاتحادية وزارة البيئة وتغيّر المناخ، وعينت مبعوثًا رئاسيًا خاصًا لمواجهة الجفاف. وقد طُرحت مسودة قانون التغير المناخي في جنوب أفريقيا في البرلمان، لكن أثيرت بواعث قلق إزاء عدم قطعها شوطًا بعيدًا كافيًا في معالجة أزمة المناخ. وفي جنوب السودان، ورد أن الرئيس كير أمر بوقف كافة الأنشطة المتعلقة بالتجريف في البلاد، بانتظار استكمال عمليات تقييم التأثير على المجتمعات المحلية والأنظمة البيئية المحيطة.

يتعين على الحكومات اتخاذ تدابير فورية لحماية الأشخاص والمجتمعات من المخاطر والآثار المترتبة على تغيّر المناخ والأحوال الجوية بالغة القسوة، بما في ذلك من خلال طلب المساعدة والتعاون الدوليين لاتخاذ تدابير كافية للتكيُّف مع المناخ والتخفيف من وطأته.