العراق: لن تحول عمليات الإعدام دون وقوع المزيد من الهجمات المميتة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم أن قيام العراق بإعدام خمسة سجناء يُعد بمثابة ردة فعل بغيضة وغير محسوبة على التفجيرات المروعة التي هزت بغداد خلا عطلة نهاية الأسبوع، وهي إشارة تظهر أن البلد بصدد التصعيد من تطبيق عقوبة الإعدام فيه.

وقالت وزارة العدل العراقية أنه قد تم يوم الثلاثاء تنفيذ حكم الإعدام بخمسة سجناء، وتعهدت السلطات بتنفيذ المزيد من الإعدامات عقب التفجير الذي وقع مساء يوم السبت في بغداد وأوقع 213 قتيلاً، على الأقل، إلى جانب 200 جريحاً وفق التقارير الإعلامية.

وبهذه المناسبة، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: “يشكل تفجير بغداد الذي استهدف مدنيين في منطقة تسوق مزدحمة اعتداء عديم الضمير على الحق الأساسي في الحياة وجريمة حرب، وما من تبرير يُلتمس لارتكاب هذا العنف البغيض”.

يشكل تفجير بغداد الذي استهدف مدنيين في منطقة تسوق مزدحمة اعتداء عديم الضمير على الحق الأساسي في الحياة وجريمة حرب، وما من تبرير يُلتمس لارتكاب هذا العنف البغيض

فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية

وأعلن التنظيم الذي يُطلق على نفسه اسم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن الهجوم.

ودعت منظمة العفو الدولية إلى جلب المسؤولين عن الهجوم للمثول أمام القضاء في سياق محاكمات عادلة، دون اللجوء إلى تطبيق عقوبة الإعدام بحقهم.

وقال فيليب لوثر: “ليست الإعدامات هي الحل لأنها لا تتصدى للأسباب الجذرية للجريمة.  ولقد ثبت مرة تلو أخرى أن عقوبة الإعدام التي تشكل انتهاكا للحق في الحياة وأقسى أشكال العقوبة وأكثرها لاإنسانية وإهانة ليست رادعاً أقوى من عقوبة الحبس”.

ليست الإعدامات هي الحل لأنها لا تتصدى للأسباب الجذرية للجريمة.

فيليب لوثر

ولا زال نظام العدالة الجنائية المطبق في العراق يعاني من الكثير من العيوب الخطيرة، وغالباً ما تكون محاكمات المتهمين وفق أحكام قانون مكافحة الإرهاب على قدر عظيم من الجور، كما تقبل المحاكم في أغلب الأحيان بالاسترشاد بالأدلة المنتزعة تحت التعذيب، حتى في الحالات التي يقوم المتهمون فيها بسحب اعترافاتهم في المحكمة.

وقالت وزارة العدل في بيان صدر ييوم الاثنين أنها “ترفض رفضا قاطعاً” أي تدخل دولي في تنفيذ الإعدامات، وأضافت أنها لن تقبل سماع أي حديث من منظور حقوق الإنسان يناهض عقوبة الإعدام.  وقالت الوزارة أنه ثمة 3000 سجين تحت طائلة الإعدام مع استمرار الحكم بالإعدام على عدد متزايد من المتهمين.

واقترحت الحكومة العراقية العام الماضي إدخال تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية بغية تسريع إجراءات تنفيذ أحكام الإعدام.

ولا بد من أن يصادق الرئيس العراقي على حكم الإعدام قبل أن يتم تنفيذه، ويهدف التعديل على القانون إلى إتاحة تنفيذ حكم الإعدام دون موافقة الرئيس، في حال مرور شهر عقب رفعه للمصادقة عليه.  ويهدف مقترح الحكومة إلى زيادة صعوبة مسألة إعادة محاكمة المحكومين بالإعدام.

وقال فيليب لوثر: “يشي رد الحكومة باحتمال حصول زيادة مقلقة في تطبييق عقوبة الإعدام على هامش الجهود التي يبذلها البلد في مجال مكافحة الإرهاب”.

يشي رد الحكومة باحتمال حصول زيادة مقلقة في تطبييق عقوبة الإعدام على هامش الجهود التي يبذلها البلد في مجال مكافحة الإرهاب

فيليب لوثر

واختتم لوثر تعليقه قائلاً: “نناشد العراق أن يوقف فوراً تنفيذ جميع الإعدامات، ويعلن وقفاً اختيارياً لتطبيق عقوبة الإعدام.  ولا يجوز أن يستمر العراق بالتذرع بمكافحة الإرهاب كمبرر لإساءة تطبيق أحكام العدالة وفرض عقوبة الإعدام”.

خلفية:

أصدرت المحاكم العراقية أكثر من 123 حكماً بالإعدام خلال عام 2015 وحده، وصدر معظم تلك الأحكام بحق رجال متهمين بارتكاب أعمال إرهابية.  وتم تنفيذ الحكم بما لا يقل عن 105 أشخاص خلال العام الحالي.

وقد رفض الرئيس السابق جلال طالباني المصادقة على أي حكم بالإعدام، الأمر الذي أدى إلى تراكم الأحكام غير المنفذة.  ومارس أعضاء مجلس النواب والرأي العام ضغوطاً كبيرة، في العام الماضي، على الرئيس الجديد فؤاد معصوم كي يصادق على أحكام الإعدام الصادرة بحق المتهمين في مذبحة سبايكر التي شهدت مقتل نحو 1700 مرشح طالب عسكري في معسكر سبايكر القريب من تكريت عقب أسرهم على أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو/ حزيران 2014.  وتم تشكيل لجنة خاصة في رئاسة الجمهورية من أجل حل مشكلة تراكم الأحكام بانتظار المصادقة عليها.

وأرسلت منظمة العفو الدولية بخطاب رسمي إلى السلطات العراقية تطلب منها فيه وقف تنفيذ جميع أحكام الإعدام، والإعلان عن وقف اختياري على تطبيق العقوبة وتخفيف جميع أحكام الإعدام الصادرة، وضمان إعادة المحاكمات بما يتسق والمعايير الدولية المرعية في مجال المحاكمات العادلة.