فلسطين: العدالة لا تزال بعيدة المنال بعد عامين على مقتل نزار بنات

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه بعد مرور عامين على مقتل المعارض الفلسطيني نزار بنات أثناء احتجازه في عهدة قوات الأمن الفلسطينية، تقاعست السلطات الفلسطينية عن إجراء تحقيق فعَّال في وفاته وضمان محاسبة المسؤولين عنها. ومثّلت المحاكمة الجارية لـ 14 ضابطًا متهمين فيما يتعلق باعتقاله والمقرر عقد جلستها المقبلة في 26 يونيو/حزيران أمام محكمة عسكرية في رام الله، استهزاءً بالنزاهة والإنصاف.

وكان نزار بنات ناشطًا بارزًا وناقدًا صريحًا للسلطات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك اتهامه لها بالفساد. وفي 24 حزيران/يونيو 2021، اقتحمت وحدة مشتركة من الأمن الوقائي الفلسطيني والمخابرات العامة المنزل الذي كان يقيم فيه، وانهال عناصرها عليه ضربًا بالهراوات، واقتادوه في مركبة عسكرية. وتوفي بعد حوالي ساعة أثناء نقله إلى المستشفى.

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “قبل عامين، اعتُقل نزار بنات وضُرب حتى الموت أثناء احتجازه في عهدة قوات الأمن الفلسطينية. ومنذ ذلك الحين، تقاعست السلطات عن محاسبة المسؤولين عن اعتقاله والاعتداء عليه”.

“إنَّ التأخيرات المتكررة وغير المبررة، والتقاعس عن التحقيق مع كبار الضباط، وحملة الترهيب والمضايقة المستمرة ضد أفراد عائلة نزار بنات، كلها تشير إلى مخطط منظم من قبل السلطات الفلسطينية للتستر على الجريمة والتهرب من المساءلة”.

واتهمت السلطات الفلسطينية 14 ضابطًا من ذوي الرتب الدنيا بالمسؤولية عن مقتله، لكنها لم تستجوب أو تحقق مع أي من كبار الضباط. وقد جرت محاكمة هؤلاء الضباط أمام محاكم عسكرية معروفة بافتقارها إلى الحياد والاستقلالية. بموجب معايير قانون حقوق الإنسان، على المحاكم العسكرية أن تحصر اختصاصها في الجرائم العسكرية التي يرتكبها أفراد عسكريون. ولضمان الشفافية والحياد، يجب إحالة قضية نزار بنات على وجه السرعة إلى محكمة مدنية.

عائلة نزار بنات تتعرض للمضايقة بسبب سعيها لتحقيق العدالة

واجهت عائلة نزار بنات مضايقات انتقامًا منها لاستمرارها في السعي لتحقيق العدالة. فقد تعرض العديد من أفراد الأسرة الذين تحدثوا عن قضيته بشكل صريح للاعتقال التعسفي مرارًا وتكرارًا لأسباب زائفة أو فُصلوا تعسفيًا من الوظائف الحكومية.

لا يجوز التغاضي عن الإفلات من العقاب أكثر من ذلك

هبة مرايف، منظمة العفو الدولية

وأبلغ أفراد آخرون من العائلة منظمة العفو الدولية أن طلبات الحصول على المعاملات الروتينية في المكاتب الحكومية قد تم تأخيرها بشكل غير معقول لعدة أشهر. ومنذ الإدلاء بشهادته أمام المحكمة، احتجز مسؤولو الأمن أحد أبناء عمومة نزار بنات في ست مناسبات مختلفة بتهم ملفقة، حيث أمضى ما بين أربعة أيام و28 يومًا رهن الاحتجاز في كل مرة.

وأضافت هبة مرايف: “يقع على عاتق السلطات الفلسطينية التزام قانوني بضمان الحماية الكاملة لجميع الشهود والضحايا، بمن فيهم أفراد عائلة نزار بنات. وبتقاعس السلطات الفلسطينية عن إجراء تحقيقات فعالة في شكاوى التعذيب، تكون قد أثبتت أن تعهداتها بدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون ما هي إلا وعود فارغة”.

بصفتها طرفًا في المعاهدات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وبروتوكولها الاختياري، فإن دولة فلسطين ملزمة قانونًا بضمان إجراء تحقيق سريع ونزيه ومستقل في اعتقال نزار بنات ومقتله.

وختمت هبة مرايف حديثها بالقول: “يجب إجراء تحقيق مستقل ومحايد مع جميع المشتبه في مسؤوليتهم عن هذا القتل غير المشروع، بمن فيهم أولئك الذين أمروا باعتقاله. وينبغي محاكمة أي شخص يُشتبه بشكل معقول في مسؤوليته عن ارتكاب هذه الجريمة في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية من دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام. ويجب عدم التغاضي عن الإفلات من العقاب أكثر من ذلك”.

خلفية

قبل عامين، أثارت وفاة نزار بنات في الحجز احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء الضفة الغربية، وردت عليها قوات الأمن الفلسطينية باستخدام القوة المفرطة. كما تناولت الاحتجاجات انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقًا وذات الطبيعة المنهجية التي ترتكبها السلطات الفلسطينية، مثل الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، وتفشي التعذيب في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء الضفة الغربية، وعدم التحقيق في شكاوى التعذيب، ومضايقة المعتقلين لمنعهم من الإبلاغ عن التعذيب وسوء المعاملة. ومما يشجع على وقوع مثل هذه الانتهاكات الإفلات المتفشي من العقاب الذي يتحصن به ضباط الأمن والاستخبارات والافتقار إلى الرد الدولي.

وتثبت الاعتقالات الأخيرة للنشطاء الطلابيين والمعارضين، إلى جانب شهادات التعذيب التي شاركوها مع منظمة العفو الدولية، أنه لا يمكن النظر إلى قضية نزار بنات بمعزل عن غيرها، بل بوصفها جزء من نمط أوسع من انتهاكات حقوق الإنسان التي تهدف إلى إسكات المعارضة والانتقادات الموجهة للسلطات الفلسطينية.