المملكة العربية السعودية: أرباح أرامكو – وهي الأكبر التي تحققها أي شركة – ينبغي أن تدعم تمويل التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة

قالت منظمة العفو الدولية إن الأرباح السنوية البالغة 161,1 مليار دولار أمريكي والتي أعلنتها اليوم شركة أرامكو النفطية المدعومة من المملكة العربية السعودية – وهي الأكبر التي تكشفها أي شركة في سنة واحدة – يجب أن تُستخدم لتمويل انتقال إلى الطاقة المتجددة قائم على حقوق الإنسان.

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “يثير الصدمة تحقيق شركة ربحًا يتجاوز 161 مليار دولار في سنة واحدة عبر بيع وقود أُحفوري، وهو المحرك الأكبر لأزمة المناخ. وما يدعو لصدمة أكبر هو أن هذا الفائض قد تراكم خلال أزمة عالمية لتكاليف المعيشة وتعزز بفعل الزيادة في أسعار الطاقة الناجمة عن الحرب العدوانية التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا”.

إن الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة – وهو صندوق الثروة السيادية التابع لها –  يملكان أكثر من 98% من أرامكو السعودية، ما يجعل الشركة مصدرًا رئيسيًا لدخل المملكة وثروتها ونفوذها وذلك من خلال الأرباح التي توزعها والضرائب التي تدفعها.

“آن الأوان للسعودية للتحرّك في اتجاه يخدم مصلحة الإنسانية ويساند الاستغناء التدريجي عن قطاع الوقود الأحفوري، وهذا ضروري لمنع إلحاق المزيد من الضرر بالمناخ

أنياس كالامار، منظمة العفو الدولية

وأضافت أنياس كالامار: “آن الأوان للسعودية للتحرّك في اتجاه يخدم مصلحة الإنسانية ويساند الاستغناء التدريجي عن قطاع الوقود الأحفوري، وهذا ضروري لمنع إلحاق المزيد من الضرر بالمناخ”.

وتؤيد منظمة العفو الدولية دولتي فانواتو وتوفالو، والبرلمان الأوروبي، ومنظمة الصحة العالمية، والآلاف من منظمات المجتمع المدني التي تحض على إعداد معاهدة ملزمة قانونًا للحد من انتشار الوقود الأحفوري. ويجب على الحكومات أن توافق أيضًا على الاستغناء التدريجي عن استخدام وإنتاج كافة أنواع الوقود الأحفوري في محادثات المناخ في المؤتمر الـ28 حول تغيّر المناخ الذي يُعقد برعاية الأمم المتحدة في فترة لاحقة من هذه السنة. ولم يكن قطّ الانتقال السريع والعادل في مجال الطاقة إلى البدائل المتجددة أكثر إلحاحًا مما هو عليه الآن.

ثراء فاحش وسجل حقوقي معيب 

لدى حكومة المملكة العربية السعودية سجل حافل ومريع على صعيد انتهاكات حقوق الإنسان، ومن ضمنها الإعدامات، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز بدون محاكمة، والتعذيب، وقمع حرية التجمع، وحرية التعبير، والتمييز القائم على النوع الاجتماعي (التمييز ضد المرأة)، وتجريم أفراد مجتمع الميم. وتقاتل قواتها في جارتها اليمن، حيث ارتكبت جرائم حرب وانتهاكات ممكنة للقانون الإنساني.

وقد أنفقت المملكة – عبر صندوق الاستثمارات العامة أساسًا – المليارات في الآونة الأخيرة على تحسين سمعتها عبر الرياضة بشراء المباريات، والمناسبات، وأندية كرة القدم لصرف الانتباه عن هذا المسلسل الفظيع من الانتهاكات.

وأردفت أنياس كالامار قائلة: “إننا نحث الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة على اغتنام هذه الفرصة لتغيير المسار؛ فلا يجوز استخدام هذه الأرباح الهائلة وأي دخل مستقبلي مستمد من أرامكو لتمويل انتهاكات حقوق الإنسان، أو التستر عليها، أو محاولة تلميعها من خلال تحسين صورتها عبر الرياضة”.

ينبغي استخدام أرباح أرامكو لما فيه فائدة كوكبنا وشعوبه

أنياس كالامار

“وينبغي استخدام أرباح أرامكو لما فيه فائدة كوكبنا وشعوبه؛ فالأرباح يمكن أن تموّل انتقالًا عادلًا وحقوقيًا إلى الطاقة المتجددة وأن ترفع مستوى معيشة المواطن السعودي العادي”.

خلفية

تنتج أرامكو السعودية حاليًا ما يزيد على 12 مليون برميل من النفط يوميًا. وتهدف إلى زيادة إنتاجها  بحوالي مليون برميل في اليوم بحلول 2027 وزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي بنسبة 50% بحلول 2030.

وتشير التقديرات إلى أن النفط والغاز اللذين تنتجهما أرامكو مسؤولان عن أكثر من 4% من انبعاثات غاز الدفيئة في العالم منذ عام 1965، وبحسب إحدى الدراسات، استأثرا بنسبة تقارب 4,8% من كافة انبعاثات غازات الدفيئة العالمية في 2018 – وهذه أعلى نسبة تخلّفها أي شركة نفط وغاز.

وغالبًا ما تزعم أرامكو أن انبعاثاتها التشغيلية متدنية قياسًا بالشركات الكبيرة الأخرى المنتجة للنفط، لكن هذه النسبة تصبح رمزية عندما يستمر استهلاك ملايين البراميل التي تضخّها يوميًا.

ويُعرض جزء صغير من أسهمها في بورصة الأسهم السعودية، وبحسب ما ورد، يجري التخطيط لإدراجها أيضًا في سوق أسهم أخرى لجذب الاستثمار الدولي.

وفي فبراير/شباط 2022 نقل محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء حوالي نسبة 4% من أسهم أرامكو تساوي قيمتها نحو 80 مليار دولار أمريكي إلى صندوق الاستثمارات العامة الذي يرأسه.

وقد تورطت مشروعات وشركات مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة أو مرتبطة به في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك خلال تطوير نيوم – وهي مدينة مستقبلية – حيث جرت مواجهات عنيفة مع قبائل تقيم في المنطقة، وارتُكبت انتهاكات لحقوق الإنسان بشأن حيازة الأراضي في موقع البناء.

وفي المملكة العربية السعودية تعرّض تقريبًا جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، ونشطاء حقوق المرأة، والصحفيون المستقلون، والكتاب، والمنتقدون للاحتجاز التعسفي و/أو محاكمات جائرة مطولة. وفي الأشهر الأخيرة تصاعدت حملة قمع وحشية لحرية التعبير مع صدور أحكام بالسجن على أشخاص تراوحت من 10 سنوات إلى 45 سنة بسبب تعبيرهم السلمي على الإنترنت.

ويُحظَّر التشكيك العلني بالإدارة الاقتصادية للبلاد؛ فقد أُلقي القبض في 2017 على عصام الزامل – وهو رجل أعمال وخبير اقتصادي – طرح علامات استفهام حول الإدراج العام المقترح لأسهم أرامكو – وحُكم عليه بالسجن 15 عامًا في أكتوبر/تشرين الأول 2020.