إيران: يجب القيام بتحرك دولي وازن لإنهاء دوامة إراقة دماء المتظاهرين

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على المجتمع الدولي أن يُحاسب السلطات الإيرانية على سيل العنف المنفلت الذي أطلقته قوات الأمن التابعة لها ضد المحتجين في جنوب غرب إيران في مايو/أيار 2022، وسط إفلات تام من العقاب.

ويوثق التقرير الجديد للمنظمة، “يطلقون النار من دون رادع”: رد إيران العسكري على احتجاجات مايو/أيار 2022، كيف استخدمت قوات الأمن الإيرانية الذخيرة الحية وطلقات الخرطوش بشكل غير قانوني في مايو/أيار 2022 لسحق الاحتجاجات السلمية في أغلبها والتي اعترضت على ارتفاع أسعار المواد الغذائية وحادثة انهيار أحد المباني التي أفضت إلى موت العديد من الضحايا.

وتحققت منظمة العفو الدولية من مقتل أربعة أشخاص على صلة بالاحتجاجات، ووثقت نمطًا من الإصابات بطلقات الخرطوش يرقى إلى مستوى التعذيب بين المحتجين والمارة، بمن فيهم أطفال، بينما افتعلت السلطات قطع الإنترنت وتعطيل شبكات الهاتف المحمول لمنع الناس من التواصل مع بعضهم البعض ومحاولة إخفاء جرائمها.

وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “في مايو/أيار، خرج الناس إلى الشوارع في مدن في جميع أنحاء جنوب غرب إيران للاحتجاج على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمطالبة بالعدالة لضحايا حادثة انهيار أحد المباني التي أفضت إلى موت العديد من الضحايا. وقد كشف رد السلطات بأساليب عسكرية مرة أخرى تجاهلها التام لقدسية الحياة البشرية والمعايير القانونية الدولية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية”.

“من المرجح أنّ يؤدي الغضب المشروع بين الناس في إيران بشأن فساد الدولة، والتضخم، والبطالة، والأجور المنخفضة أو غير المدفوعة، وانعدام الأمن الغذائي، فضلًا عن القمع السياسي، إلى مزيد من الاحتجاجات، وستظل قوات الأمن الإيرانية تتشجّع على قتل وإصابة المتظاهرين إذا لم تتم محاسبتها. ومع إغلاق سُبل العدالة محليًا بشكل تام، تُكرر منظمة العفو الدولية التأكيد على الحاجة الملحة إلى أن ينشئ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة آلية مستقلة للتحقيق والمساءلة لجمع وحفظ وتحليل الأدلة على أخطر الجرائم المرتكبة في إيران بموجب القانون الدولي لتسهيل الإجراءات الجنائية المستقبلية”.

وللتحقيق في استخدام السلطات غير القانوني للقوة، راجعت منظمة العفو الدولية وحللت فيضًا من مقاطع الفيديو، وبيانات رسمية، وتقارير إعلامية حكومية، وتحدثت إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين على اتصال بالأفراد والمجتمعات المتضررة.

الاستخدام غير القانوني للقوة والوفيات الموثّقة

خلصت منظمة العفو الدولية إلى أنَّ قوات الأمن الإيرانية أظهرت تجاهلًا تامًا لمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب في سحقها احتجاجات واسعة النطاق المندّدة بارتفاع أسعار المواد الغذائية في محافظة خوزستان في أوائل مايو/أيار، ثم امتدت إلى محافظة تشهار محال وبختياري، في جنوب غرب إيران، بين 12 و17 مايو/أيار.

وتشير الأدلة السمعية البصرية التي فحصها مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة إلى أنَّ قوات الأمن أطلقت النار من أسلحة ملقمة بالذخيرة الحية وطلقات الخرطوش في مناسبات متعددة أثناء الاحتجاجات.

وقُتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، هم بهروز إسلامي وجمشيد مختاري وسعدات هادي بور في محافظة تشهار محال وبختياري بالارتباط بالمظاهرات التي اندلعت بين 14 و17 مايو/أيار. وفي 13 مايو/أيار، أصيب شخص آخر، هو حامد قاسمي بور، بجروح خطيرة، وأفاد أحد السكان المحليين بأنه توفي بعد ذلك بوقت قصير، ولكن منظمة العفو الدولية لم تتمكن من الحصول على معلومات تدعم هذه الإفادة. كما أفاد نائب في البرلمان في 14 مايو/أيار بوفاة شخص لم يُذكر اسمه في محافظة خوزستان، فيما يتصل بالاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وبينما انخرطت أقليّة من المتظاهرين في إلقاء الحجارة وإشعال الحرائق عمدًا والتخريب، ردت قوات الأمن باستخدام القوة غير الضرورية أو المفرطة، مما منع الغالبية العظمى من المتظاهرين الذين ظلوا سلميين من ممارسة حقهم في حرية التجمع السلمي والتعبير. وفي جميع مقاطع الفيديو التي راجعتها منظمة العفو الدولية، لم يشكل المحتجون أي تهديد وشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة على قوات الأمن أو غيرها، وهو الحدّ المطلوب لاستخدام القوة المميتة بموجب المعايير الدولية.

في احتجاجات منفصلة واسعة النطاق بين 23 و31 مايو/أيار 2022 في مدينة عبادان بمحافظة خوزستان، في أعقاب الانهيار المميت لمبنى غير مكتمل البناء أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، أطلقت السلطات العنان لقواتها، بشكل غير قانوني على الإطلاق لأن الاحتجاجات كانت سلمية بطبيعتها. وشمل ذلك قيام قوات الأمن بإطلاق النار من بنادق الخرطوش على حشود المتظاهرين المستائين. وفي مقطع فيديو واحد على الأقل عاينته منظمة العفو الدولية، يُرجح أن تكون الطلقات المسموعة ناجمة عن إطلاق الذخيرة الحية.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

أطلقت قوات الأمن الخرطوش بشكل غير قانوني في المظاهرتَيْن، مما أدى إلى إصابة متظاهرين وعدد من المارة. وتُظهر مقاطع الفيديو التي عاينتها منظمة العفو الدولية أنماطًا كلاسيكية من الإصابات بجروح طلقات الخرطوش في ظهر المصابين و/أو أردافهم و/أو أرجلهم و/أو رؤوسهم.

الخرطوش عشوائي بطبيعته وهو مصمم للتسبب بمستوى من الأذى واسع النطاق والمفرط الذي لا لزوم له مطلقًا لتحقيق أهداف مشروعة وينتهك استخدامه الحظر المفروض على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

كما تُظهر اللقطات التي تمت مراجعتها قوات الأمن وهي تضرب امرأة ورجلا مقيدًا، وتسيء استخدام الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين السلميين.

ضرورة القيام بتحرك دولي وازن لإنهاء دوّامة إراقة دماء المتظاهرين

يعكس استخدام السلطات الإيرانية غير القانوني للقوة خلال حملة قمع تظاهرات مايو/أيار 2022 تزايد عسكرة أعمال الشرطة في قمع الاحتجاجات في السنوات الأخيرة، مما أسفر عن مقتل مئات المتظاهرين والمارة، بمن فيهم أطفال، وإصابة الآلاف منذ ديسمبر/كانون الأول 2017.

ومما يزيد من حالة التوتر أزمة الإفلات المنهجي من العقاب في البلاد، حيث لم يتمّ التحقيق في جرائم بموجب القانون الدولي وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما فيها عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير المشروع على أيدي قوات الأمن، كما لم يُعاقب الجناة. وتردّد منظمة العفو الدولية مخاوف مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بإيران من أنه نظرًا إلى غياب شروط للمساءلة على المستوى المحلي، يجب على المجتمع الدولي أن يستجيب “للأعداد الكبيرة المقلقة من الإصابات والوفيات” وأن يؤدي “دوره الهام في ضمان المساءلة”.